مناجاة - سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَالنَّابِضُ فِيْ قَلْبِيْ تَعْلَمُ وَتَرَى أَنَّ خَجْلَةَ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (٤٤) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ٤٤، الصفحة ٤٦

سُبْحانَكَ يا إِلهِي وَالنَّابِضُ فِيْ قَلْبِيْ تَعْلَمُ وَتَرَى أَنَّ خَجْلَةَ أَحِبَّتِكَ تَرْجِعُ إِلى مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ أَمْرِكَ بَلْ إِنَّهُ يَرَى نَفْسَهُ أَخْجَلَ مِنْهُمْ عِنْدَ اعْتِرافِهِمْ بِما فاتَ عَنْهُمْ فِيْ أَيَّامِكَ، أَيْ رَبِّ هؤلآءِ عِبادُكَ الَّذِينَ هاجَرُوا فِيْ حُبِّكَ وَحَمَلُوا القَضايا فِيْ سَبِيلِكَ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما يُقِرُّ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِجَرِيراتِهِ بَيْنَ يَدَيْكَ يُغَطِّي الحَياءُ وَجْهَ البَهَاءِ لأَنَّهُمْ عِبادُكَ الَّذِينَ ذاقُوا كَأْسَ البَلآءِ فِيْ أَمْرِكَ وَشَرِبُوا أَكْوابَ البَأْسآءِ عِنْدَ ظُهُورِ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَأَخَذَتْهُمُ الشَّدائِدُ عَلَى شَأْنٍ ما اسْتَراحُوا فِيْ جِوارِكَ، وَعِزَّتِكَ قَدْ ذابَ البَهآءُ حُبًّا لأَحِبَّتِكَ وَتَبَلْبَلَ بِما اعْتَرَتْهُمُ الأَحْزانُ عِنْدَ ظُهُورِ أَمْرِكَ وَتَمَوُّجِ أَبْحُرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، أَيْ رَبِّ مِنْ زَفَراتِ قُلُوبِهِمْ ارْتَفَعَتْ زَفْرَتِي وَمِنْ احْتِراقِ قُلُوبِهِمْ احْتَرَقَ قَلْبِيْ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الوُجُودِ وَمُرَبِّيَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَمَ هِدَايَتِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَإِشْراقَ أَنْوارِ شَمْسِ عِنايَتِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، قَدِ اخْتَصَصْتَهُمْ يا إِلهِي لِمَحَبَّتِكَ وَالحُضُورِ لَدَى عَرْشِ عَظَمَتِكَ هذا مَقامٌ ما سَبَقَهُمْ أَحَدٌ فِيْ ذلِكَ، كَمْ مِنْ لَيالٍ يا إِلهِي ما نامُوا لِذِكْرِكَ وَكَمْ مِنْ أَيَّامٍ ناحُوا بِما وَرَدَ عَلَيْكَ مِنْ أَعْدائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ المُلُوكِ وَرافِعَ المَمْلُوكِ بِأَنْ تُؤَيِّدَهُمْ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ عَلَى شَأْنٍ يَنْتَشِرُ بِهِمْ ذِكْرُكَ بَيْنَ خَلْقِكَ وَثَنائُكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ المُتَعالِ الْغَفُورُ الْكَرِيمُ، سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي هذا عَبْدُكَ الَّذِيْ سَمَّيْتَهُ بِاسْمِكَ فِيْ مَلَكُوتِ أَسْمائِكَ وَرَبَّيْتَهُ تَحْتَ جَناحِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، إِذًا تَراهُ مُسْرِعًا إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَراكِضًا إِلَيكَ طَلَبًا لِعَطائِكَ، زَيِّنْهُ يا إِلهِي بِرِدآءِ مَكْرُمَتِكَ وَثَوْبِ جُودِكَ وَكَرَمِكَ لِيَجِدَنَّ مِنْهُ الأَشْيآءُ تَضَوُّعاتِ قَمِيصِ حُبِّكَ، ثُمَّ زَيِّنْ رَأْسَهُ بِإِكْلِيلِ ذِكْرِكَ عَلَى شَأْنٍ يَكُونُ مَعْرُوفًا بَيْنَ العِبادِ بِحُبِّكَ وَالاسْتِقامَةِ فِيْ أَمْرِكَ، ثُمَّ أَيِّدْهُ فِيْ كُلِّ الأَحْوالِ عَلَى نُصْرَتِكَ وَذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي كُلَّما أَتَفَكرُ فِيْ عَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ أَجِدُ نَفْسِي أَعْصَی العُصاةِ فِيْ مَمْلَكَتِكَ، وَكُلَّما أَنْظُرُ مَقاماتِكَ الَّتِيْ جَعَلْتَها مَخْصُوصَةً لِنَفْسِكَ أَرى وُجُودِي أَذْنَبَ مَنْ فِيْ أَرْضِكَ، لَوْلا سَتْرُ اسْمِكَ السَتَّارِ وَعَفْو اسْمِكَ الغَفَّارِ وَعَرْفُ اسْمِكَ الرَّحْمنِ لَتَرَى الأَصْفِيآءَ فِيْ مَواقِفِ الذُّنُوبِ وَالعِصْيانِ، لَكَ الحَمْدُ بِما سَبَقَتْهُمْ رَحْمَتُكَ وَأَحاطَهُمْ فَضْلُكَ وَأَلْطافُكَ، وَبَعْدَ اعْتِرافِي بِما أَجْرَيْتُهُ مِنْ قَلَمِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِي جَعَلْتَهُ قَيُّومًا عَلَى الأَسْمآءِ وَمُهَيْمِنًا عَلَى مَنْ فِيْ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ بِأَنْ لا تَطْرُدَ الَّذِيْ تَوَجَّهَ إِلَيْكَ وَلا تَمْنَعَهُ عَنْ بَدائِعِ فَضْلِكَ وَخَفِيَّاتِ رَحْمَتِكَ، أَوْقِدْ بِأَيادِي قُدْرَتِكَ فِيْ قَلْبِهِ سِراجًا لِيَكُونَ مُشْتَعِلاً فِيْ أَيَّامِكَ وَمُنادِيًا بِاسْمِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُهُ الحَيآءُ عَنِ الطَّيَرانِ فِيْ هَوآءِ حُبِّكَ وَالصُّعُودِ إِلى أُفُقِ جَذْبِكَ وَاشْتِياقِكَ وَلا يُشْغِلُهُ شُئُوناتُ الخَلْقِ عَنْ إِعْلاءِ كَلِمَتِكَ لِتَريهُ مُقَدَّسًا كما تُرِيدُ وَيَنْبَغِي لِعَظَمَتِكَ وَجَلالِكَ، وَلَوْ أَنَّ يا إِلهِي هذا شَأْنٌ كَبِيرٌ وَمَقامٌ عَظِيمٌ، لأنَّ غَيْرَكَ كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِما يَكُونُ لائِقًا لِحَضْرَتِكَ وَمُسْتَحِقًّا لِجَلالِكَ وَلكِنْ أَنْتَ الْكَرِيمُ وَأَنْتَ الرَّحِيمُ يَشْهَدُ كُلُّ الذَّرَّاتِ بِأَنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ العَطُوفُ المُعْطِ العَزِيزُ الحَكِيمُ، يا إِلهِي فَانْظُرْ إِلَيْهِ بِطَرْفِ عِنايَتِكَ وَلِحاظِ مَكْرُمَتِكَ، ثُمَّ اجْذِبْهُ بِنَغَماتِ مَصْدَرِ وَحْيِكَ عَلَى مَقامٍ يَكُونُ بِكُلِّهِ فانِيًا فِيْ رِضائِكَ وَآمِلاً بِما قَدَّرْتَهُ فِيْ أَلْواحِكَ، ثُمَّ اجْعَلْ قَلْبَهُ قَوِيًّا بِاسْمِكَ القَوِيِّ الأَمِينِ لِيُخْرِجَ يَدَ الْقُوَّةِ وَيَنْصُرَ بِها أَمْرَكَ عِنْدَ ظُهُورِ نُورِ جَمالِكَ وَطُلُوعِ شَمْسِ إِجْلالِكَ، أَيْ رَبِّ لَمَّا سَمَّيْتَهُ بِاسْمِكَ اجْعَلْهُ مَخْصُوصًا بَيْنَ العِبادِ لِخِدْمَتِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي ما أَرَدْتُ فِيْ أَمْرٍ نَفْسِي بَل أَمْرَكَ وَما تَوَجَّهْتُ إِلى أَحَدٍ إِلاَّ لأَمْرِكَ وَإِظْهارِ عِنايَتِكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ المَحْزُونِ الَّذِيْ يَنْطِقُ الحِينَ بِأَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَحِبَّتِكَ ما هُو المَخْزُونُ فِيْ سَمآءِ عَطائِكَ وَمَواهِبِكَ لِيَأْخُذَهُمُ الشَّوْقُ وَالانْجِذابُ فِيْ عَهْدِكَ يا رَبَّ الأَرْبابِ، ثُمَّ اقْضِ لَهُ وَلَهُمْ ما يَقْتَضِي لاسْمِكَ الوَهَّابِ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ القَوِيُّ العَزِيزُ العَظِيمُ.

المصادر
المحتوى
OV