سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَشْهَدُ بِأَنَّ مَشِيَّتَكَ غَلَبَتِ الأَشْياءَ كُلَّها وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّماءِ، فَلَمَّا أَرَدْتَ إِظْهارَ سَلْطَنَتِكَ وَإِعْلاءَ كَلِمَتِكَ وَإِبْرازَ جُودِكَ وَرَحْمَتِكَ بَعَثْتَ عَبْدًا مِنْ عِبادِكَ وَاصْطَفَيْتَه بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَاخْتَرْتَهُ لِنَفْسِكَ وَأَلْبَسْتَهُ خِلَعَ هِدايَتِكَ وَأَغْمَسْتَهُ فِي بُحُورِ عَظَمَتِكَ وَكِبْريائِكَ وَطَهَّرْتَهُ عَنْ كُلِّ ما لا يَنْبَغِي لِعَظَمَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، ثُمَّ أَمَرْتَهُ بِالنِّدآءِ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ لِيَدْعُوَ الكُلَّ إِلى مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ آياتِكَ، فَلَمَّا قَامَ عَلَى أَمْرِكَ وَعَلَى ما أَمَرْتَهُ فِي أَلْواحِ قَضائِكَ ظَهَرَ الفَزَعُ الأَكْبَرُ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ مُنْقَطِعًا عَنْ دُوْنِكَ وَمُقَدَّسًا عَمَّنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها وَأَخَذَهُ حَلاوَةُ نِدائِكَ عَلَى شَأْنٍ نَبَذَ عَنْ وَرائِه ما خُلِقَ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَقْبَلَ إِلَيْكَ مَرَّةً وَتَوَقَّفَ مَرَّةً أُخْرى، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَتْهُ الدُّنْيَا عَنْكَ وَحَالَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَكَ، وَمِنْهُمْ مَنِ اسْتَكْبَرَ وَأَعْرَضَ وَأَرادَ أَنْ يَمْنَعَكَ عَمَّا أَرَدْتَ بَعْدَ الَّذِيْ كُلٌّ يَدْعُونَكَ وَيَنْتَظِرُونَ ما وُعِدُوا بِهِ فِي أَلْواحِكَ، فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا بِآياتِكَ وَبَيِّناتِكَ كَفَرُوا وَأَعْرَضُوا إِلى أَنْ قَتَلُوا عِبادَكَ الَّذِينَ اسْتَضائَتْ بِوُجُوهِهِمْ وُجُوهُ أَهْلِ مَلأِ الأَعْلی، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ بِأَنْ تَحْفَظَ أَحِبَّتَكَ مِنْ أَعْدائِكَ ثُمَّ أَثْبِتْهُمْ عَلَى حُبِّكَ وَرِضائِكَ فَاحْفَظْ أَرْجُلَهُمْ عَنِ الزَّلَلِ وَقُلُوبَهُمْ عَنِ الحُجُباتِ وَعُيُونَهُمْ عَنِ الإِغْضاءِ وَاجْتَذِبْهُمْ بِنَغَماتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ عَلَى شَأْنٍ يَنْقَطِعُنَّ عمَّا سِواكَ وَيُقْلَبُنَّ إِلَيكَ وَيَنْطِقُنَّ فِي كُلِّ الأَحْوالِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما عَرَّفْتَنا نَفْسَكَ العَلِيَّ الأَبْهی، نَحْنُ بِفَضْلِكَ نَكُونُ مُتَمَسِّكًا بِكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ وَعَلِمْنا بِأَنَّكَ أَنْتَ مَحْبُوبُ العالَمِينَ وَفاطِرُ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ وَالحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ العالَمينَ.