سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَرَى مَقَرِّي فِي السِّجْنِ الَّذِيْ كانَ خَلْفَ البُحُورِ وَالجِبالِ وَتَعْلَمُ ما وَرَدَ عَلَيَّ فِي حُبِّكَ وَأَمْرِكَ، أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي بَعَثْتَنِي بِأَمْرِكَ وَأَقَمْتَنِي عَلَى مَقَامِ نَفْسِكَ وَأَمَرْتَنِي بِأَنْ أَدْعُوَ الكُلَّ إِلى شَطْرِ رَحْمانِيَّتِكَ وَأُحَدِّثَهُمْ بِما قَدَّرْتَ لَهُمْ فِي لَوْحِ قَضائِكَ مِنْ قَلَمِ وَحْيِكَ وَأُشْعِلَ قُلُوبَ العِبادِ بِنارِ حُبِّكَ وَأُقَرِّبَ مَنْ فِي البِلادِ إِلى مَقَرِّ عَرْشِكَ، وَلَمَّا قُمْتُ بِأَمْرِكَ وَنادَيْتُ الكُلَّ بِإِذْنِكَ اعْتَرَضَ عَلَيَّ عِبادُكَ الغافِلُونَ، مِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَحَيَّرَ بَعْدَ الَّذِيْ ظَهَرَ بُرْهانُكَ عَلَى أَهْلِ الأَدْيانِ وَلاحَتْ حُجَّتُكَ بَيْنَ مَلإِ الأَكْوانِ وَظَهَرَتْ آياتُ قُدْرَتِكَ عَلَى شَأْنٍ أَحَاطَتْ مَنْ فِي العالَمينَ، وَعَنْ وَرآءِ هؤلآءِ اعْتَرَضَ عَلَيَّ ذَوُو قَرابَتِي بَعْدَ الَّذِيْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَحْبَبْتُهُمْ وَاخْتَرْتُ لَهُمْ ما اخْتَرْتُ لِنَفْسِيْ، وَلَمَّا وَجَدُونِي فِي السِّجْنِ ارْتَكبُوا فِي حَقِّي ما لا ارْتَكبَ أَحَدٌ فِي أَرْضِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ فَصَّلْتَ بَيْنَ النَّفْيِ وَالإِثْباتِ بِأَنْ تُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ مِنَ الإِشاراتِ وَتُقَرِّبَهُمْ إِلى مَطْلَعِ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، فَيا إِلهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي قَطَعْتُ حَبْلَ نِسْبَتِي مِنْ كُلِّ ذِي نِسْبَةٍ إِلاَّ مَنْ تَمَسَّكَ بِنِسْبَتِكَ الكُبْرى فِي أَيَّامِ ظُهُورِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ العُلْيا بِاسْمِكَ الأَبْهى وَعَنْ كُلِّ ذِيْ قَرابَةٍ إِلاَّ مَنْ تَقَرَّبَ إِلى طَلْعَتِكَ النّورآءِ، أَيْ رَبِّ لَيْسَ لِي مِنْ إِرادَةٍ إِلاَّ بِإِرادَتِكَ وَلا لِي مِنْ مَشِيَّةٍ إِلاَّ بِمَشِيَّتِكَ وَلا يَجْرِيْ مِنْ قَلَمِي إِلاَّ ما يُنادِي بِهِ قَلَمُكَ الأَعْلَى وَما تَكَلَّمَ بِهِ لِسانِي إِلاَّ بِما نَطَقَ بِهِ الرُّوحُ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ البَقاءِ وَما تَحَرَّكْتُ إِلاَّ بِأَرْياحِ مَشِيَّتِكَ وَما تَفَوَّهْتُ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَإِلْهامِكَ، لَكَ الحَمْدُ يا مَحْبُوبَ قُلُوبِ العارِفِينَ وَمَقْصُودَ أَفْئِدَةِ المُخْلِصِينَ بِما جَعَلْتَنِي هَدَفَ البَلايا فِي حُبِّكَ وَمَرْجِعَ القَضايا فِي سَبِيلِكَ، فَوَعِزَّتِكَ إِنِّي لا أَجْزَعُ عَمَّا وَرَدَ عَلَيَّ فِي حُبِّكَ، وَفِي أَوَّلِ الْيَوْمِ الَّذِي عَرَّفْتَنِي نَفْسَكَ قَبِلْتُ كُلَّ البَلايا لِنَفْسِي، وَفِي كُلِّ حِينٍ يُنادِيكَ رَأْسِي وَيَقُولُ أَيْ رَبِّ أُحِبُّ أَنْ أَرْتَفِعَ عَلَى القَناةِ فِي سَبِيلِكَ، وَدَمِي يَقُولُ يا إِلهِي فَاجْعَلِ الأَرْضَ مُحْمَرَّةً بِي فِي حُبِّكَ وَرِضائِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي ما حَفَظْتُ نَفْسِي مِنَ البَلايا وَفِي كُلِّ حِينٍ كُنْتُ مُنْتَظِرًا لِما قَضَيْتَهُ فِي لَوْحِ قَضائِكَ، إِذًا فَانْظُرْنِي يا إِلهِي فَرِيدًا بَيْنَ عِبادِكَ وَبَعِيدًا مِنْ أَحِبَّائِكَ وَأَصْفِيائِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَمْطارِ سَحابِ رَحْمَتِكَ الَّتِيْ بِها أَنْبَتْتَ فِي قُلُوبِ المُوَحِّدِينَ أَوْرادَ الذِّكْرِ وَالبَيانِ وَأَزْهارَ الحِكْمَةِ وَالتِّبْيانِ بِأَنْ تَرْزُقَ عِبادَكَ وَذَوِي قَرابَتِي أَثْمارَ سِدْرَةِ فَردانِيَّتِكَ فِي هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ فِيها اسْتَوَيْتَ عَلَى عَرْشِ رَحْمانِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْهُمْ عَمَّا عِنْدَكَ ثْمَّ اكْتُبْ لَهُمْ ما يُصْعِدُهُمْ إِلى مَعارِجِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ كَوْثَرَ عِرْفانِكَ وَقَدِّرْ لَهُمْ خَيْرَ الآخِرَةِ وَالأُولی، وَإِنَّكَ أَنْتَ رَبُّ البَهآءِ وَمَحْبُوبُ البَهآءِ وَالمَذْكورُ فِي قَلْبِ البَهآءِ وَالنَّاطِقُ بِلِسانِ البَهآءِ وَالمُسْتَوِي عَلَى قَلْبِ البَهآءِ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيُّ الأَعْلى وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.