سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَانِي مَحْبُوسًا فِي هذا السِّجْنِ وَتَعْلَمُ بِأَنِّي ما وَرَدْتُ فِيه إِلاَّ فِي سَبِيلِكَ وَإِعلآءِ كَلِمَتِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ، أُنادِيكَ يا إِلهَ العالَمِينَ فِي هذا الحِينِ بِاسْمِكَ المُبِيْنِ بِأَنْ تَجْذِبَ قُلُوبَ عِبادِكَ إِلى مَطْلَعِ أَسْمائِكَ الحُسْنى وَمَشْرِقِ آياتِكَ الكبْری، فَيا إِلهِي لَوْ لَمْ تَكنِ البَلايا فِي سَبِيلِكَ بِأَيِّ شَيْءٍ يُسَرُّ قَلْبِي فِي أَيَّامِكَ وَلَوْلا سَفْكَ الدِّمآءِ فِي حُبِّكَ بِأَيِّ شَيْءٍ تَحْمَرُّ وُجُوهُ أَصْفِيائِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، فَوَعِزَّتِكَ طِرازُ وُجُوهِ مُحِبِّيكَ دَمُ الَّذِيْ يَجْرِي مِنْ جِباهِهِمْ عَلَى وُجُوهِهِمْ فِي حُبِّكَ، فَيا إِلهِي تَرَى بِأَنَّ كُلَّ عَظْمٍ مِنْ عِظامِي جُعِلَ مِزْمارَ وَحْيِكَ وَمِنْهُ ظَهَرَتْ آياتُ وَحْدانِيَّتِكَ وَبَيِّناتُ فَرْدانِيَّتِكَ، يا إِلهِي أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ المُجَلِّي عَلَى الأَشْيآءِ بِأَنْ تَخْلُقَ عِبادًا يَسْمَعُنَّ نَغَماتِ الَّتِيْ ارْتَفَعَتْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ رَاحَ رَحْمَتِكَ مِنْ راحَةِ فَضْلِكَ لِيَسْتَرِيحُوا بِها فِي أَنْفُسِهِمْ وَيَتَوَجَّهُوا مِنْ شِمالِ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ إِلى يَمِيْنِ اليَقِينِ وَالاطْمِينانِ، أَيْ رَبِّ لَمَّا هَدَيْتَهُمْ إِلى بابِ فَضْلِكَ لا تَطْرُدْهُمْ بِعِنايَتِكَ، وَلَمَّا دَعَوْتَهُمْ إِلى أُفُقِ أَمْرِكَ لا تَمْنَعْهُمْ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الخَبِيرُ.