مناجاة - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي يَشْهَدُ لِسانُ سِرِّي وَجَهْرِي وَأَعْضائِي

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (٦٩) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ٦٩، الصفحة ٨٠

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي يَشْهَدُ لِسانُ سِرِّي وَجَهْرِي وَأَعْضائِي وَجَوارِحِي وَعُرُوقِي وَأَشْعارِي بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقَدَّسًا عَنِ الأَمْثالِ وَالأَشْباهِ وَمُنَزَّهًا عَمَّا فِي الإِبْداعِ وَالاخْتِراعِ، كُنْتَ فِي أَزَلِ الآزالِ مُتَوَحِّدًا بِسُلْطانِ تَفْرِيدِكَ وَمُتَعالِيًا مِنْ شُئُوناتِ خَلْقِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتَ إِظْهارَ سَلْطَنَتِكَ وَإِعْلاءَ كَلِمَتِكَ وَهِدايَةَ بِرِيَّتِكَ اصْطَفَيْتَ أَحَدًا مِنْ عِبادِكَ وَأَرْسَلْتَهُ بِآياتِ سَلْطَنَتِكَ وَبَيِّناتِ أَحَدِيَّتِكَ لِتَتِمَّ حُجَّتُكَ عَلَى الإِمْكانِ وَيَكْمُلَ بُرْهانُكَ عَلَى مَنْ فِي الأَكْوانِ، فَلَمَّا ظَهَرَ بِأَمْرِكَ وَنادَى العِبادَ إِلى شَطْرِ مَواهِبِكَ وَأُفُقِ عِرْفانِكَ اخْتَلَفُوا، مِنْهُمْ مَنْ سَمِعَ النِّدآءَ وَأَجَابَكَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَتَوَقَّفَ فِي أَقَلِّ مِنْ آنٍ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَعْرَضَ وَاتَّبَعَ هَويهُ، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ بِأَنْ تَجْتَذِبَ الأُمَمَ بِالكَلِمَةِ الَّتِيْ جَعَلْتَها سُلْطانَ الكلِماتِ فِي أَيَّامِكَ وَبِها ظَهَرَتْ لَئَالِئُ عِلْمِكَ المَكْنُونُ وَجَواهِرُ أَسْرارِكَ المَخْزُونُ بِأَنْ لا تَجْعَلَهُمْ مَحْرُومًا عَمَّا أَرَدْتَ لَهُمْ بِجُودِكَ وَإِحْسانِكَ وَلا تَجْعَلَهُمْ بَعِيدًا عَنْ شاطئِ بَحْرِ قُرْبِكَ، أَيْ رَبِّ يَشْهَدُ كُلُّ الوُجُودِ مِنَ الغَيْبِ وَالشُّهُودِ بِأَنَّ رَحْمَتَكَ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ وَعِنايَتَكَ أَحَاطَتِ المَوْجُوداتِ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ تَنْظُرَ إِلَيْهِمْ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ رَحْمانِيَّتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ وَإِنَّكَ أَنْتَ العَطُوفُ، فَاعْمَلْ بِهِمْ ما يَنْبَغِي لِجَلالِكَ وَشَأْنِكَ وَعَظَمَتِكَ وَجُودِكَ وَكَرَمِكَ لا بِما هُمْ عَلَيْهِ مِنْ حُدُوداتِ البَشَرِيَّةِ وَالشُّئُوناتِ العَرَضِيَّةِ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّي أَحَدٌ مِنْ عِبادِكَ ذُقْتُ حَلاوَةَ بَيَانِكَ وَاعْتَرَفْتُ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَفَرْدانِيَّتِكَ وَتَوَجَّهْتُ إِلى مَصْدَرِ أَسْمائِكَ الحُسْنى وَمَطْلَعِ صِفاتِكَ العُلْيا، وَأَرَدْتَ أَنْ تُدْخِلَنِيْ فِي لُجَّةِ بَحْرِ أَحَدِيَّتِكَ وَطَمْطامِ يَمِّ وَحْدانِيَّتِكَ، أَيْ رَبِّ أَيِّدْنِي عَلَى ما أَرَدْتَ وَلا تَجْعَلْنِي مَحْرُومًا عَمَّا عِنْدَكَ وَاجْذِبْنِي بِبَدائِعِ آياتِكَ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُنِي شُئُوناتُ الدُّنْيا وَما فِيها عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ وَالاسْتِقامَةِ عَلَى أَمْرِكَ وَالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ، ثُمَّ وَفِّقْنِي يا إِلهِي عَلَى ما تُحِبُّ وَتَرْضى وَاكْتُبْ لِي خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَقَدِّرْ لِي مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ وَالحاكِمُ عَلَى ما تُرِيدُ، لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُتَعالِ العَزِيْزُ العَظِيمُ وَالحَمْدُ لَكَ يا إِلهَ العالَمِينَ ومَعْبُودَ العالَمِينَ.

المصادر
المحتوى
OV