مناجاة - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي كُلَّمَا يَخْطُرُ بِقَلْبِي ذِكْرُكَ

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

مناجاة (٧٨) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ٧٨، الصفحة ٨٩

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي كُلَّمَا يَخْطُرُ بِقَلْبِي ذِكْرُكَ وَثَنائُكَ يَأْخُذُنِي الجَذْبُ وَالانْجِذابُ عَلَى شَأْنٍ يَمْنَعُنِي عَنِ الذَّكرِ وَالبَيِانِ وَيُرْجِعُنِي إِلى مَقامٍ أُشاهِدُ هَيْكَلِي نَفْسَ ذِكْرِكَ فِي مَمْلَكَتِكَ وَكَيْنُونَةَ ثَنائِكَ بَيْنَ عِبادِكَ، مَتَى يَكُونُ يَكُونُ ثَنائُكَ مُنْتَشِرًا بَيْنَ خَلْقِكَ وَذِكْرُكَ مَذْكورًا بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، وَكُلُّ ذِي بَصَرٍ مِنْ عِبادِكَ يُوقِنُ بِأَنَّ هَيْكَلِي بَاقٍ لا يَفْنى لأنَّ ذِكْرَكَ باقٍ بِدَوامِ نَفْسِكَ وَثَنائَكَ دائِمٌ بِدَوامِ سَلْطَنَتِكَ وَبِهِ يَذْكُرُكَ الذَّاكِرُونَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَالمُخْلِصُونَ مِنْ عِبادِكَ بَلْ كُلُّ مَنْ يَذْكُرُكَ فِي الإِمْكانِ بُدِءَ ذِكْرُهُ مِنْ هذا المَقَامِ وَيَرْجِعُ إِلَيْهِ، كما أَنَّ الشَّمْسَ إِذا أَشْرَقَتْ تَتَجَلَّى عَلَى كُلِّ مَنْ قابَلَها وَالتَّجَلِّي الَّذِيْ ظَهَرَ فِي كُلِّ شَيءٍ هُو مِنْهَا وَيَرْجِعُ إِلَيْهَا، سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ مِنْ أَنْ يُقاسَ أَمْرُكَ بِأَمْرٍ أَوْ يَرْجِعَ إِلَيْهِ الأَمْثالُ أَوْ يُعْرَفَ بِالمَقالِ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ وَما كانَ مَعَكَ مِنْ شَيْءٍ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِمِثْلِ ما كُنْتَ فِي عُلُوِّ ذاتِكَ وَسُمُوِّ جَلالِكَ، فَلَمَّا أَرَدْتَ عِرْفانَ نَفْسِكَ أَظْهَرْتَ مَظْهَرًا مِنْ مَظاهِرِ أَمْرِكَ وَجَعَلْتَهُ آيَةَ ظُهُورِكَ بَيْنَ بَريَّتِكَ وَمَظْهَرَ غَيْبِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ إِلى أَنِ انْتَهَتِ الظُّهُوراتُ بِالَّذِيْ جَعَلْتَهُ سُلْطَانًا عَلَى مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ وَمُهَيْمِنًا مُقْتَدِرًا عَلَى مَنْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَجَعَلْتَهُ مُبَشِّرًا لِظُهُورِكَ الأَعْظَمِ وَطُلُوعِكَ الأَقْدَمِ، وَما كانَ مَقْصُودُكَ فِي ذلِكَ إِلاَّ بِأَنْ تَمْتَحِنَ مَظاهِرَ أَسْمائِكَ الحُسْنى بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ وَأَمَرْتَهُ بِأَنْ يَأْخُذَ عَهْدَ نَفْسِهِ عَنْ كُلِّ الأَشْيآءِ، فَلَمَّا جاءَ الوَعْدُ وَتَمَّ المِيقاتُ ظَهَرَ مالِكُ الأَسْمآءِ وَالصِّفاتِ، إِذًا فَزَعَ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ الَّذِينَ عَصَمْتَهُمْ بِعِصْمَتِكَ وَحَفَظْتَهُمْ فِي كَنَفِ قُدْرَتِكَ وَعِنايَتِكَ وَوَرَدَ عَلَيْهِ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ ما عَجِزَتْ عَنْ ذِكْرِهِ أَلْسُنُ عِبادِكَ، إِذًا يا إِلهِي فَانْظُرْ إِلَيْهِ بِلَحَظَاتِ رَأْفَتِكَ ثُمَّ أَنْزِلْ عَلَيْهِ وَعَلَى مُحِبِّيهِ كُلَّ خَيْرٍ قَدَّرْتَهُ فِي سَمآءِ مَشيَّتِكَ وَلَوْحِ قَضَائِكَ ثُمَّ انْصُرْهُمْ بِنَصْرِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَزِيزُ الجَبَّارُ.

المصادر
المحتوى
OV