مناجاة - سُبْحَانَكَ يا مَنْ تَسْمَعُ ضَجيْجَ المُنْقَطِعينَ وَصَرِيخَ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (٨١) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ٨١، الصفحة ٩٤

سُبْحَانَكَ يا مَنْ تَسْمَعُ ضَجيْجَ المُنْقَطِعينَ وَصَرِيخَ المُخْلِصِينَ وَتَرَى ما وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ وَعُصاةِ بَرِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا سُلْطانَ مَمالِكَ العَدْلِ وَمَلِيكَ مَدائِنِ الفَضْلِ إِنَّ البَلايا قَدْ وَرَدَ عَلَيْهِمْ عَلَى شَأْنٍ لا يُحْصِيها قَلَمُ الإِنْشآءِ، وَلَوْ يُرِيدُ أَنْ يَذْكُرَ لا يَدْرِي ما يَذْكُرُ وَلكِنْ لَمَّا وَرَدَ فِي سَبِيلِكَ وَحُبِّكَ لَيَشْكُرونَكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ وَيَقُولُونَ يا مَحْبُوبَ قُلُوبِنا وَالمَذْكُورُ فِي صُدُورِنا لَوْ يَمْطُرُ عَلَينا مِنْ سَحابِ القَضآءِ سِهَامُ البَلآءِ ما نَجْزَعُ فِي حُبِّكَ وَنَشْكرُكَ فِي ذلِكَ لأنَّا عَرَفْنا وَأَيْقَنَّا بِأَنَّكَ ما قَدَّرْتَ لَنا إِلاَّ ما هُو خَيْرٌ لَنا، وَلَوْ تَجْزَعُ بِها فِي بَعْضِ الأَحْيانِ أَجْسامُنا تَسْتَبْشِرُ بِها أَرْواحُنا، فَوَعِزَّتِكَ يا مُنْيَةَ قُلُوبِنا وَفَرَحَ صُدُورِنا، كُلُّ نِقْمَةٍ فِي حُبِّكَ رَحْمَةٌ وَكُلُّ نارٍ نُورٌ وَكُلُّ عَذابٍ عَذْبٌ وَكُلُّ تَعَبٍ راحَةٌ وَكُلُّ حُزْنٍ فَرَحٌ، أَيْ رَبِّ مَنْ يَجْزَعُ مِنَ البَلايا فِي سَبِيلِكَ إِنَّهُ ما شَرِبَ كَأْسَ حُبِّكَ وَما ذاقَ حَلاوَةَ ذِكْرِكَ، أَسْئَلُكَ بِسُلْطانِ الأَسْمآءِ وَمَلِيكِها وَمَظْهَرِ الصِّفاتِ وَمُوجِدِها وَبِالَّذِينَ طارُوا فِي هَوآءِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ وَذاقُوا حَدَّ الحَدِيدِ فِي سَبِيلِكَ بِأَنْ تُؤَيِّدَ بَرِيَّتَكَ كُلَّهُمْ عَلَى عِرْفانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ الَّذِيْ سُجِنَ فِي الغُرْبَةِ بِما دَعَا الخَلْقَ إِلَيْكَ، أَيْ رَبِّ سَبَقَتْ رَحْمَتُكَ غَضَبَكَ وَلُطْفُكَ قَهْرَكَ وَفَضْلُكَ عَدْلَكَ، خُذْ أَيَادِيَ خَلْقِكَ بِبَدائِعِ عِناياتِكَ وَمَواهِبِكَ وَلا تَقْطَعْ عَنْهُمُ الأَسْبابَ الَّتِيْ جَعَلْتَها وَسِيلَةً لِعِرْفانِ نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ عِنْدَ قَطْعِها يَضْطَرِبُ كُلُّ نَفْسٍ وَيَتَحَيَّرُ كُلُّ عاقِلٍ وَيَتَوَقَّفُ كُلُّ عارِفٍ إِلاَّ مَنْ أَخَذَتْهُ أَيادِي أَمْرِكَ وَظُهُوراتُ فَضْلِكَ وَشُئُوناتُ أَلْطافِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي لَوْ تَنْظُرُ إِلى عِبادِكَ بِما اكتَسَبُوا فِي أَيَّامِكَ لا يَسْتَحِقُّونَ إِلاَّ نِقْمَتَكَ وَعَذابَكَ وَلكِنْ أَنْتَ الْكَرِيمُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ، لا تَنْظُرْ يا إِلهِي إِلَيْهِمْ بِلَحَظاتِ عَدْلِكَ بَلْ بِلَحَظاتِ أَعْيُنِ فَضْلِكَ وَعِنايَتِكَ، ثُمَّ اعْمَلْ بِهِمْ ما يَنْبَغِي بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ، وَحْدَكَ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ رَبُّ العَرْشِ وَالثَّرَى وَمالِكَ الآخِرَةِ وَالأُولى وَإِنَّكَ أَنْتَ العَطُوفُ الغَفُورُ الجَوادُ الوَهَّابُ، صَلِّ اللَّهُمَّ يا إِلهِي عَلَى الَّذِيْ بِهِ ظَهَرَتْ أَسْرارُ رُبُوبِيَّتِكَ، ثُمَّ اسْتَعْلَتْ ظُهُوراتُ أُلُوهِيَّتِكَ وَبَرَزَتْ لَئالِئُ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ وَنُشِرَتْ آثارُكَ وَفُصِّلَتْ كَلِمَتُكَ وَلاحَ وَجْهُكَ وَحُقِّقَ سُلْطانُكَ وَعَلَى الَّذِينَ أَقْبَلُوا إِلَيْهِ خالِصِينَ لِوَجْهِكَ، ثُمَّ أَنْزِلْ يا إِلهِي عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ مِنْ بَدائِعِ رَحْمَتِكَ ما يَلِيقُ لِحَضْرَتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ القَيُّومُ.

المصادر
المحتوى
OV