مناجاة - سُبْحَانَكَ يا إِلهِي ما أَعْظَمَ قُدْرَتَكَ وَسُلْطَانَكَ وَما أَكْبَرَ قُوَّتَكَ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (٩١) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ٩١، الصفحة ١٠٤

سُبْحَانَكَ يا إِلهِي ما أَعْظَمَ قُدْرَتَكَ وَسُلْطَانَكَ وَما أَكْبَرَ قُوَّتَكَ وَاقْتِدارَكَ، أَظْهَرْتَ مَنْ يَنْطِقُ بِاسْمِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وَأَمَرْتَهُ بِالنِّدآءِ بَيْنَ خَلْقِكَ، فَلَمَّا نَطَقَ بِكَلِمَةٍ أَعْرَضَ عَنْهُ العُلَمآءُ مِنْ بَرِيَّتِكَ وَاعْتَرَضَ عَلَيْهِ الأُدَبآءُ مِنْ عِبادِكَ، وَبِذلِكَ اشْتَعَلَتْ نارُ الظُّلْمِ فِي مَمْلَكَتِكَ إِلى أَنْ قَامَ المُلُوكُ عَلَى إِطْفآءِ نُورِكَ يا مالِكَ المُلُوكِ وَبَلَغَ الأَمْرُ إِلى مَقَامٍ جَعَلوا أَهْلِيْ وَأَحِبَّتِيْ أُسارَى فِي أَرْضِك ومَنَعُوا أَحِبَّائَكَ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلى وَجْهِكَ وَالإِقْبالِ إِلى شَطْرِ رَحْمَتِكَ وَبِما فَعَلُوا ما سَكنَتْ نارُ أَنْفُسِهِمْ إِلى أَنْ جَعَلُوا مَظْهَرَ جَمَالِكَ وَمُنْزِلَ آياتِكَ أَسِيرًا وَأَدْخَلُوهُ فِي حِصْنِ العَكَّا وَمَنَعُوهُ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، وَلكِنَّ الغُلامَ ما مُنِعَ عَمَّا أُمِرَ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ، وَمِنْ أُفُقِ البَلآءِ يَنْطِقُ وَيُنادِي مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، وَيَدْعُوهُمْ إِلى سَمآءِ رَحْمَتِكَ وَشَطْرِ عِنايَتِكَ، وَيُنَزِّلُ فِي اللَّيالِي وَالأَيَّامِ آياتِ قُدْرَتِكَ وَبَيِّناتِ عَظَمَتِكَ، لِيَنْجَذِبَ بِها أَفْئِدَةُ بَرِيَّتِكَ لِيُقْبِلُنَّ مُنْقَطِعًا عَنْ أَنْفُسِهِم ْ إِلَيْكَ، وَيَهْرُبُنَّ مِنْ افْتِقَارِهِمْ إِلى سُرادِقِ غَنائِكَ، وَيُسْرِعُنَّ مِنْ ذُلِّهِمْ إِلى فِنآءِ عِزِّكَ وَاعْتِزازِكَ، هذا سِراجٌ اشْتَعَلَ مِنْ نُورِ ذاتِكَ لا تُطْفِئُهُ أَرْياحُ النِّفاقِ مِنَ الآفاقِ، وَهذا بَحْرٌ ظَهَرَ بِسُلْطانِكَ، لا تَمْنَعُهُ سَطوَةُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِيَوْمِ الطَّلاقِ، وَهذا شَمْسٌ أَشْرَقَتْ عَنْ أُفُقِ سَمآءِ مَشِيَّتِكَ لا تَمْنَعُها سُبُحاتُ الفُجَّارِ وَلا شُبُهاتُ الأَشْرارِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما فَدَيْتَنِي فِي سَبِيلِكَ وَجَعَلْتَنِيْ هَدَفًا لِسِهامِ البَلايا حُبًّا لِعِبادِكَ وَمَرْجِعَ القَضَايا لإِحْيَاءِ بَريَّتِكَ، وَما أَلَذَّ بَلائَكَ فِي مَذَاقِيْ وَما أَعَزَّ قَضَائَكَ فِي نَفْسِيْ، عُدِمَتْ كيْنُونَةٌ تَفِرُّ مِنْ سَطْوَةِ المُلُوكَ حِفْظًا لِنَفْسِها فِي أَيَّامِكَ، فَوَعِزَّتِكَ مَنْ شَرِبَ كَوْثَرَ عَطاياكَ لا تُجْزِعُهُ البَلايا فِي سَبِيلِكَ وَلا تَمْنَعُهُ الرَّزايا عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مالِكَ البَهآءِ وَمَلِيك الأَسْمآءِ بِأَنْ تَحْفَظَ الأَفْنانَ الَّذِينَ نَسَبْتَهُمْ إِلى نَفْسِكَ وَاخْتَصَصْتَهُمْ فِي هذا الظُّهُورِ بَيْنَ عِبادِكَ وَدَعَوْتَهُمْ إِلى التَّقَرُّبِ إِلَيكَ وَالإِقْبالِ إِلى أُفُقِ وَحْيِكَ، أَيْ رَبِّ لا تَمْنَعْ عَنْهُمْ سَحَابَ رَحْمَتِكَ وَإِشْرَاقَ شَمْسِ فَضْلِكَ، فَاجْعَلْهُمْ مُمْتَازًا بَيْنَ بَرِيَّتِكَ لإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ وَنُصرَةِ أَمْرِكَ، وَفِّقْهُمْ يا إِلهِي عَلَى ما أَنْتَ تُحِبُّ وَتَرْضَى لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَلِيُّ الأَعْلی.

المصادر
المحتوى
OV