يا إِلهِي يَحْتَرِقُ قَلبُ المُشْتاقِ مِنْ نَارِ الاشْتِياقِ، وَتَبْكِي عُيُونُ العُشَّاقِ مِنْ سَطْوَةِ الفِراقِ، وَارْتَفَعَ ضَجِيجُ الآمِلِينَ مِنْ كُلِّ الآفاقِ، إِنَّكَ يا إِلهِي حَفَظْتَهُمْ بِسُلْطَانِ قُدْرَتِكَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ، لَوْلا احْتِراقُ أَكْبَادِهِمْ وَزَفَراتُ قُلُوبِهِمْ لَيَغْرَقُونَ فِي دُمُوعِهِمْ، وَلَوْلا دُمُوعُهُمْ لَتُحْرِقُهُمْ نارُ قُلُوبِهِمْ وَحَرَارَةُ نُفُوسِهِمْ، كَأَنَّهُمْ مَلائِكَةُ الَّتِيْ خَلَقْتَهُمْ مِنَ النَّارِ وَالثَّلْجِ، أَتَرَى يا إِلهِي بِأَنْ تَمْنَعَهُمْ بَعْدَ هذا الاشْتِياقِ عَنْ لِقائِكَ أَوْ تَطْرُدَهُمْ بَعْدَ هذا الاشْتِعالِ عَنْ بابِ رَحْمَتِكَ يا إِلهِي يَكادُ أَنْ يَنْقَطِعَ الرَّجاءُ عَنْ قُلُوبِ الأَصْْفِيآءِ أَيْنَ نَسَائِمُ فَضْلِكَ، قَدْ أَحَاطَتْهُمْ الأَعْدآءُ مِنْ كُلِّ الأَطْرافِ أَيْنَ رَاياتُ نَصْرِكَ الَّتِيْ وَعَدْتَها فِي أَلْواحِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا يُصْبِحُونَ أَحِبَّائُكَ إِلاَّ وَيَرَوْنَ كَأْسَ البَلآءِ فِي مُقابَلَةِ وُجُوهِهِمْ بِمَا آمَنُوا بِكَ وَبِآياتِكَ، وَلَوْ إِنِّي أَعْلَمُ بِأَنَّكَ أَرْحَمُ بِهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَما ابْتَلَيْتَهُمْ إِلاَّ لإِظْهارِ أَمْرِكَ وَارْتِقائِهِمْ إِلى جَبَرُوتِ البَقآءِ فِي جِوارِكَ وَلَكنْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّ بَيْنَهُمْ ضُعَفآءُ يَجْزَعُونَ مِنَ البَلايا، أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِأَنْ تُوَفِّقَهُمْ عَلَى الاصْطِبارِ فِي حُبِّكَ ثُمَّ أَشْهِدْهُمْ ما قَدَّرْتَ لَهُمْ خَلْفَ سُرادِقِ عِصْمَتِكَ لِيُسْرِعُنَّ إِلى القَضآءِ فِي سَبِيلِكَ وَيَسْتَبِقُنَّ البَلآءَ فِي حُبِّكَ، أَوْ فَأَظْهِرْ رايَاتِ نُصْرَتِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ مُقْتَدِرًا عَلَى أَعْدائِكَ لِيَظْهَرَ سُلْطانُكَ عَلَى مَنْ فِي مَمْلَكَتِكَ وَاقْتِدارُكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ، أَنْ أَثْبِتْ يا إِلهِي عَبْدَكَ الَّذِيْ آمَنَ بِكَ عَلَى نُصْرَةِ أَمْرِكَ، ثُمَّ احْفَظْهُ فِي كَنَفِ حِفْظِكَ وَحِمايَتِكَ فِي الآخِرَةِ وَالأُولى وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَاكِمُ عَلَى ما تَشآءُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ الغَفُورُ الْكَرِيمُ.