مناجاة - لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي أَأَنْطِقُ بِبَدائِعِ ذِكْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَأُعَرِّفُهُمْ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (١١٠) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ١١٠، الصفحة ١٢٥

لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي أَأَنْطِقُ بِبَدائِعِ ذِكْرِكَ بَيْنَ عِبادِكَ وَأُعَرِّفُهُمْ خَفِيَّاتِ رَحْمَتِكَ وَأَسْرَارِ أَمْرِكَ أَوْ أَجْعَلُ قَلْبِي وِعَاءَها، وَلَوْ أَنَّ المُحِبَّ لا يُحِبُّ أَنْ يَسْمَعَ أَحَدٌ حَدِيثَ مَحْبُوبِهِ، وَلكِنْ لَمَّا جَاءَ أَمْرُكَ المُبْرَمُ بِإِظْهارِ أَمْرِكَ لا أَتَوَقَّفُ أَبَدًا وَأَذْكُرُكَ وَلَوْ تَنْزِلُ عَلَيَّ مِنْ سَحَابِ القَضَآءِ سِهَامُ البَلآءِ، فَوَعِزَّتِكَ لا يَمْنَعُنِي عَنْ ذِكْرِ ما أُمِرْتُ بِهِ جُنُودُ السَّمَواتِ وَالأَرَضِينَ، مَعَ إِرَادَتِكَ لَيْسَ لِي إِرادَةٌ وَعِنْدَ مَشِيَّتِكَ لَيْسَ لِي مَشِيَّةٌ، أَكُونُ بِفَضْلِكَ فِي كُلِّ الأَحْوالِ حاضِرًا لِخِدْمَتِكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِواكَ، وَلكِنْ يا إِلهِي أُحِبُّ أَنْ تَأْمُرَنِي بِإِظْهارِ ما هُوَ المَكْنُونُ فِي عِلْمِكَ لِيَطِيرُنَّ المُخْلِصُونَ مِن الاشْتِياقِ إِلى هَوآءِ أَحَدِيَّتِكَ وَيَضْطَرِبُنَّ المُشْرِكُونَ وَيَرْجِعُنَّ إِلى أَسْفَلِ الجَحِيمِ المَقَامِ الَّذيْ قَدَّرْتَ لَهُمْ بِسُلْطَانِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَى أَحِبَّائَكَ بَيْنَ أَيْدِيْ أَعْدائِكَ وَتَسْمَعُ ضَجِيجَهُمْ مِن كُلِّ الأَشْطَارِ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ فِي سَبِيلِكَ، أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ ما أَرادُوا إِلاَّ وَجْهَكَ وَما أَقْبَلُوا إِلاَّ إِلى حَضْرَتِكَ، وَالَّذِينَ ظَلَمُوهُمْ ما أَرَادُوا بِذلِكَ إِلاَّ الإِعْراضَ عَنْكَ وَإِخْمادَ نَارِ الَّتِيْ أَوْقَدْتَها بِأَيْدِي قُدْرَتِكَ، أَيْ رَبِّ فَأَخْرِجْ مِنْ شَفَتَيْ مَشِيَّتِكَ كَلِمَةً وَسَخِّرْ بِها مَنْ عَلَى الأَرْضِ كُلِّها، إِلى مَتَى يا إِلهِي تَنْظُرُ وَتَصْبِرُ قَدْ أَخَذَتِ الظُّلْمَةُ كُلَّ الجِهاتِ وَكادَ أَنْ تَنْعَدِمَ آثارُكَ فِي بِلادِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي عَمَّا ذَكرْتُ لأَنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ وَعِنْدَكَ مِنْ خَفِيَّاتِ الأُمُورِ ما لا عِنْدَ غَيْرِكَ، إِذَا أَتَى الوَعْدُ تُظْهِرُ ما تُرِيْدُ وَتُسَخِّرُ كَيْفَ تُحِبُّ، لَيْسَ لَنا أَنْ نُرِيدَ إِلاَّ ما أَنْتَ أَرَدْتَ لَنا، عِنْدَكَ عِلْمُ كُلِّ شَيْءٍ تَعْلَمُ عاقِبَةَ الأُمُورِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الحَقُّ عَلاَّمُ الغُيُوبِ، فَاغْفِرْ لِي وَلأَحِبَّتِي، ثُمَّ ارْزُقْهُمْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.

المصادر
المحتوى
OV