سُبْحَانَكَ يا إِلهِي تَرَى ضَعْفَ أَحِبَّائِكَ وَقُدْرَةَ أَعْدائِكَ وَذِلَّةَ أَصْفِيائِكَ وَعِزَّةَ الَّذِينَ جَحَدُوا أَمْرَكَ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ، إِنَّهُمْ يُنْكِرُونَ آياتِكَ بِمَا أَعْطَيْتَهُمْ مِنَ النِّعَمِ الفَانِيَةِ وَهؤُلآءِ يَشْكُرُونَكَ بِمَا وَرَدَ عَلَيْهِمْ ابْتِغآءَ ما عِنْدَكَ مِنَ النِّعَمِ البَاقِيَةِ وَما أَحْلى ذِكْرَكَ فِي الشِّدَّةِ وَالبَلآءِ وَثَنَائَكَ عِنْدَ هُبُوبِ أَرْياحِ القَضآءِ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنَّ البَهآءَ لا يَجْزَعُ عَمَّا وَرَدَ عَلَيْهِ فِي سَبِيلِكَ بَلْ أَجِدُ كُلَّ أَعْضَائِي وَجَوارِحِي يَشْتاقُ البَلآءَ لإِظْهارِ أَمْرِكَ يا مالِكَ الأَسْماءِ، مِنْ ماءِ حُبِّكَ اسْتَبْقَى البَهآءُ فِي مَلَكُوتِ الإِنْشآءِ، وَمِنْ نَارِ ذِكْرِكَ اشْتَعَلَ البَهآءُ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، طُوبى لِي وَلِهذِهِ النَّارِ الَّتِيْ تُسْمَعُ مِنْ زَفِيرِها لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ المَحْبُوبُ فِي صَدْرِ البَهآءِ وَالمَذْكُورُ فِي قَلْبِ البَهآءِ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَجْتَمِعُنَّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ عَلَى أَنْ يَمْنَعُنَّ البَهآءَ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ لا يَسْتَطِيعُنَّ وَلا يَقْدِرُنَّ، لَوْ يَقْتُلُونَنِي المُشْرِكُونَ إِذًا دَمِي يَنْطِقُ بِإِذْنِكَ وَيَقُولُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ يا مَقْصُودَ البَهاءِ، وَلَوْ يَطْبَخُونَنِي فِي قِدْرِ البَغْضآءِ قُتَارُ الَّذِيْ يَفُوحُ مِنْ لَحْمِي يَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ وَيُنادِي أَيْنَ أَنْتَ يا مَولَى العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ، وَلَوْ يُحْرِقُونَنِي بِالنَّارِ فَوَعِزَّتِكَ رَمَادِيْ يَنْطِقُ وَيَقُولُ قَدْ فازَ الغُلامُ بِمَا أَرادَ مِنْ رَبِّهِ العَزِيزِ العَلاَّمِ، وَالَّذِيْ كانَ كذلِكَ هَلْ يُخَوِّفُهُ اجْتِمَاعُ المُلُوكَ عَلَى ضُرِّهِ فِي أَمْرِكَ، لا فَوَنَفْسِكَ يا مالِكَ المُلُوكَ لا يُجْزِعُنِي سَطْوَةُ العالَمِينَ فِي حُبِّكَ وَقُمْتُ بِنَفْسِي عَلَى أَمْرِكَ بِحَوْلِكَ وَلا يَضْطَرِبُنِي جُنُودُ الظَّالِمِينَ، وَأُنادِي مَنْ فِي الأَرْضِ يا عِبَادَ اللَّهِ اتَّقُوا اللَّهَ وَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ هذا الرَّحِيقِ الَّذِيْ جَرَى عَنْ يَمِينِ عَرْشِ رَحْمَةِ رَبِّكُمُ الرَّحْمنِ، تَاللَّهِ ما عِنْدَهُ خَيْرٌ لَكُمْ عَمَّا عِنْدَكُمْ وَعَمَّا أَرَدْتُمْ وَتُرِيدُونَهُ فِي الحَيوةِ البَاطِلَةِ، دَعُوا الدُّنْيا وَتَوَجَّهُوا إِلى الأُفُقِ الأَعْلَی، إِنَّ الَّذِيْ شَرِبَ خَمْرَ ذِكْرِهِ يَغْفُلُ عَنْ ذِكْرِ ما سِواهُ وَالَّذِيْ عَرَفَهُ يَنْقَطِعُ عَنِ الدُّنْيا وَما فِيها، يا إِلهِي وَسَيِّدِي أَسْئَلُكَ بِالكَلِمَةِ الَّتِيْ بِها طَارَ المُوَحِّدُونَ فِي هَوآءِ عِرفانِكَ وَعَرَجَ المُخْلِصُونَ إِلى سَمآءِ أَحَدِيَّتِكَ بِأَنْ تُلْهِمَ أَحِبَّتَكَ ما تَطْمَئِنُّ بِهِ قُلُوبُهُمْ عَلَى أَمْرِكَ، ثُمَّ اسْتَقِمْهُمْ عَلَى شَأْنٍ لا يَمْنَعُهُمْ شَيْءٌ عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَيْكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ البَاذِلُ الغَفُورُ الرَّحيمُ.