مناجاة - يا إِلهِي قَرَّتْ عَيْنُ البَهآءِ بِالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ البَلآءِ

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

مناجاة (١١٤) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ١١٤، الصفحة ١٣٠

يا إِلهِي قَرَّتْ عَيْنُ البَهآءِ بِالنَّظَرِ إِلى أُفُقِ البَلآءِ الَّذِيْ أَتَى مِنْ سَمآءِ قَضَائِكَ وَأَخَذَهُ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ بِما رُقِمَ مِنْ قَلَمِ تَقْدِيْرِكَ، فَوَنَفْسِكَ ما يُنْسَبُ إِلَيْكَ إِنَّهُ لَمَحْبُوب البَهآءِ وَلَوْ يَكُونُ سَمُّ الرَّدِی، يا إِلهِي إِنَّ الرُّوحَ فِي لَيلَةِ الَّتِيْ انْتَهَتْ إِلَيْها أَيَّامُهُ قَدْ خَرَجَ فِي ظُلْمَتِها إِلى العَرآءِ وَحْدَهُ أَكَبَّ بِوَجْهِهِ عَلَى التُّرابِ وَقالَ يا رَبِّي وَمَحْبُوبِي إِنْ تُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ هذِهِ الكَأْسَ فَأَرْجِعْها عَنِّي بِفَضْلِكَ وَإِحْسانِكَ، فَوَجَمالِكَ يا مالِكَ الأَسْمآءِ وَفاطِرَ السَّمآءِ إِنَّ البَهآءَ يَجِدُ نَفَحَاتِ كَلِماتِهِ الَّتِيْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِهِ فِي حُبِّكَ وَيَجِدُ الالْتِهابَ الَّذِيْ أَخَذَهُ فِي شَوْقِهِ إِلى لِقائِكَ وَاشْتِياقِهِ إِلى مَطْلَعِ نُورِ فَرْدَانِيَّتِكَ وَمَشْرِقِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ، وَإِنِّي وَنَفْسِكَ أَقُولُ يا رَبِّي وَسَيِّدِي وَمَوْلائِي لَيْسَ لِي إِرادَةٌ تِلْقاءَ ظُهُورِ إِرادَتِكَ وَلا لِيْ مَشِيَّةٌ عِنْدَ طُلُوعِ مَشِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لا أُريْدُ إِلاَّ ما أَنْتَ تُرِيْدُ وَلا أُحِبُّ إِلاَّ ما أَنْتَ تُحِبُّ، إِنَّ مُخْتَارَ البَهآءِ ما اختَرْتَهُ لِنَفْسِ البَهآءِ يا مالِكَ البَهآءِ بَلْ لا أَجِدُ لِنَفْسِيْ ذِكْرًا تِلْقآءَ ظُهُوراتِ أَسْمَائِكَ كَيْفَ لَدَى تَجَلِّي أَنْوارِ ذاتِكَ، فَآهٍ آهٍ لَوْ أَذْكُرُكَ نَفْسَ الذِّكْرِ يَدُلُّ عَلَى شِرْكِي وَيَشْهَدُ عَلَى غَفْلَتِي عِندَ ظُهُورِ نُورِ تَوْحِيدِكَ، هَلْ يَكُونُ لِدُونِكَ مِنْ ظُهُورٍ لَدى ظُهُورِكَ أَوْ لِغَيْرِكَ مِنْ وُجُودٍ لِيَذْكُرَكَ أَوْ يُباهِيَ بِثَنائِهِ إِيَّاكَ؟ لا فَوَنَفْسِكَ قَدْ ثَبَتَ بِالبُرْهانِ بِأَنَّكَ أَنْتَ الواحِدُ الفَرْدُ المُسْتَعَانُ، لَمْ تَزَلْ كُنْتَ بِلا ذِكْرِ شَيْءٍ مَعَكَ وَلا تَزالُ تَكُونُ بِلا وُجُودِ شيْءٍ عِنْدَكَ لَوْ يُثْبَتُ غَيْرُكَ كَيْفَ يُثْبَتُ تَقْدِيسُ ذاتِكَ عَنِ الأَمْثالِ وَتَنْزِيهُ نَفْسِكَ عَنِ الأَشْباهِ، وَإِنَّ أَعْلى أَفْئِدَةِ المُوَحِّدِينَ لا يَرْتَقِي إِلى هَوآءِ العِلْمِ الَّذِيْ خَلَقْتَهُ بِكَلِمَةِ أَمْرِكَ وَكَيْفَ إِلى العِلْمِ الَّذِيْ يُنْسَبُ إِلى ذاتِكَ، كُلُّ الأَذْكارِ وَالأَفْكارِ مُنْقَطِعَةٌ عَنْ هذا المَقامِ الَّذِيْ خُلِقَ مِنْ قَلَمِكَ الأَعْلى فَكَيْفَ المَقامُ الَّذِيْ قَدَّسْتَهُ عَنِ الذِّكْرِ وَالبَيَانِ، وَإِنَّ ذِكْرَ العَدَمِ آياتِ القِدَمِ كَحَرَكَةِ القَطْرَةِ عِنْدَ تَمَوُّجاتِ أَبْحُرِ أَحَدِيَّتِكَ، أَسْتَغْفِرُكَ يا إِلهِي مِنْ هذا التَّشْبِيهِ لأنَّ التَّشْبِيهَ وَالتَّمْثِيلَ مِنْ شُئُوناتِ خَلْقِكَ كَيْفَ يَتَقَرَّبُ إِلَيْكَ وَيَصْعَدُ إِلى نَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي مَعَ عِلْمِيْ وَإِيقانِي بِأَنَّ ذِكْرَ دُونِكَ لَنْ يَصِلَ إِلَيْكَ وَثَناءَ غَيْرِكَ لا يَتَعارَجُ إِلى سَمآءِ قُرْبِكَ، لَوْ أَصْمُتُ مِنْ ثَنائِكَ وَبَدائِعِ ذِكْرِكَ لَيَحْتَرِقُ كَبِدِيْ وَتَذُوبُ نَفْسِيْ، بِذِكْرِكَ يا إِلهِي يَسْكُنُ عَطَشِيْ وَيَسْتَرِيحُ فُؤادِيْ وَبِهِ آنَسَ البَهآءُ كأُنْسِ الرَّضِيعِ إِلى ثَدْيِ رَحْمَتِكَ وَبِهِ اشْتاقَ البَهآءُ كاشْتِياقِ الظَّمْآنِ إِلى كَوْثَرِ عَطائِكَ يا رَحْمنُ يا مَنْ بِيَدِكَ جَبَرُوتُ الإِمكانِ، لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما أَذِنْتَنِي بِذِكْرِكَ لَوْلاهُ بِما يَسْتأْنِسُ البَهآءُ وَيَفْرَحُ قَلْبُ البَهآءِ، بِذِكْرِكَ جُعِلْتُ غَنِيًّا مِنْ ذِكْرِ العالَمِينَ وَبِحُبِّكَ لا أَجْزَعُ عَنْ ضُرِّ الظَّالِمِينَ، فَأَرْسِلْ يا إِلهِي عَلَى أَحِبَّتِي ما تَفْرَحُ بِهِ قُلُوبُهُمْ وَتَسْتَنِيرُ بِهِ وُجُوهُهُمْ وَتُسَرُّ بِهِ ذَواتُهُمْ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي أَنَّ فَرَحَهُمْ فِي اسْتِعْلآءِ أَمْرِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ فَأَظْهِرْ يا إِلهِي ما تَقَرُّ بِهِ عُيُونُهُمْ وَقَدِّرْ لَهُمْ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ المُقْتَدِرُ الوَهَّابُ.

المصادر
المحتوى
OV