تَرَى يا إِلهِي عِبادَكَ تَمَسَّكُوا بِأَسْمائِكَ وَيَدْعُونَها فِي اللَّيالِي وَالأَيَّامِ، وَإِذا ظَهَرَ مَنْ خُلِقَ بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِهِ مَلَكُوتُ الأَسْمآءِ وَجَبَرُوتُ البَقآءِ انْفَضُّوا مِنْ حَوْلِهِ وَكَفَرُوا بِآياتِكَ الْكُبْرى إِلى أَنْ أَخْرَجُوهُ مِنْ دِيارِهِ وَأَدْخَلُوهُ إِلى أَخْرَبِ بِلادِكَ بَعْدَ الَّذِيْ عُمِّرَتِ الدُّنْيا لِنَفْسِهِ وَيَكُونُ جالِسًا فِي هذا السِّجْنِ الأَعْظَمِ، وَمَعَ هذَا البَلآءِ الَّذِيْ ما رَأَتْ شِبْهَهُ عَيْنُ الإِبْداع يَدْعُو النَّاسَ إِلَيْكَ يا مالِكَ الاخْتِراعِ، أَسْئَلُكَ يا خالِقَ الأُمَمِ وَمُحْيِيَ الرِّمَمِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ عِبادَكَ عَلَى عِرفانِ مَظْهَرِ ذاتِكَ وَمَطْلَعِ قَيُّومِيَّتِكَ لِيُكَسِّرُوا بِقُدْرَتِكَ أَصْنامَ الهَوى وَيَدْخُلُوا فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ الكُبْرى الَّتِيْ سَبَقَتِ الأَشْيآءَ بِاسْمِكَ العَلِيِّ الأَبْهی، لَمْ أَدْرِ يا إِلهِي إِلى مَتى يَرْقُدُونَ بَرِيَّتُكَ عَلَى فِراشِ الغَفْلَةِ وَالهَوی، وَإِلى مَتى يَنامُونَ عَلَى بِساطِ البُعْدِ وَالنَّوی، قَرِّبْهُمْ يا إِلهِي إِلى المَنْظَرِ الأَعْلى وَاجْتَذِبْهُمْ مِنْ نَفَحاتِ وَحْيِكَ الَّتِيْ بِها طارَ المُوَحِّدُونَ إِلى هَوآءِ الاشْتِياقِ وَالْمُخْلِصُونَ إِلى مَطْلَعِ نَيِّرِ الآفاقِ، أَيْ رَبِّ فَاخْرُقْ حُجُباتِهِمْ لِيَرَوْكَ مُشْرِقًا عَنْ أُفُقِ أَحَدِيَّتِكَ وَطالِعًا عَنْ فَجْرِ رُبوبِيَّتِكَ، فَوَعِزَّتِكَ لَوْ وَجَدُوا حَلاوَةَ ذِكْرِكَ وَما يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ عَنْ يَمِينِ عَرْشِ عَظَمَتِكَ لَيَضَعُونَ ما عِنْدَهُمْ وَيُسْرِعُونَ فِي بَيدآءِ الاشْتِياقِ لِيَرْتَدَّ إِلَيْهِمْ لَحَظاتُ أَعْيُنِ مَرْحَمَتِكَ وَيَتَجَلَّى عَلَيْهِمْ شَمْسُ جَمالِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْذِبْ أَفْئِدَتَهُمْ بِذِكْرِكَ ثُمَّ اجْعَلْهُمْ غَنِيًّا بِغَنائِكَ وَمُؤَيَّدًا عَلَى إِظْهارِ أَمْرِكَ بَيْنَ خَلْقِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ الغَفُورُ الرَّحيْمُ.