سُبْحَانَكَ يا مَنْ سَخَّرْتَ مَلأَ الإِنْشاءِ مِنْ حَرَكَةِ قَلَمِكَ الأَعْلَى وَأَظْهَرْتَ لَئالِئَ بَحْرِ العِرْفانِ إِذْ نَطَقَ لِسانُكَ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، أَشْهَدُ أَنَّ قُدْرَتَكَ أَحَاطَتِ الكائِناتِ وَرَحْمَتَكَ سَبَقَتِ المُمْكِناتِ، ما عَجَّزَكَ سَطْوَةُ أَهْلِ العالَمِ وَما مَنَعَكَ ضَوْضآءُ الأُمَمِ، أَظْهَرْتَ فِي المُلْكَ ما أَرَدْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَحَكَمْتَ بِما تَعَلَّقَ بِهِ مَشِيَّتُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ لَمْ تَزَلْ فِي عُلُوِّ القُدْرَةِ وَالاسْتِقْلالِ وَلا تَزالُ فِي سُمُوِّ العَظَمَةِ وَالإِجْلالِ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ تَضَوَّعَتْ نَفَحاتُ قَمِيصِ وَصْلِكَ وَمَرَّتْ عَلَى هَياكلِ الوُجُودِ أَرْياحُ جُودِكَ وَفَضْلِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُؤَيَّدًا لِخِدْمَةِ أَمْرِكَ وَمُوَفَّقًا عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنائِكَ، ثُمَّ احْفَظْنِي يا إِلهِي بِذِراعَيْ قُدْرَتِكَ وَقَدِّرْ لِي ما يَنْبَغِي لِجُودِكَ فِي كُلِّ عَالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ، أَيْ رَبِّ تَرَانِي مُقْبِلاً إِلى بَحْرِ فَضْلِكَ وَكَعْبَةِ عَطائِكَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَجْعَلَنِي مَحْرُومًا عَنْ تَرَشُّحَاتِ بَحْرِ جُودِكَ وَلا مَمْنُوعًا عَنْ أَمْطارِ سَحابِ مَرْحَمَتِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي تَشَبَّثْتُ بِذَيْلِكَ المُنِيرِ وَتَمَسَّكْتُ بِحَبْلِكَ المُحْكَمِ المَتِينِ، أَشْهَدُ أَنَّكَ خَلَقْتَنِي وَرَزَقْتَنِي وَرَبَّيْتَنِي وَأَطْعَمْتَنِي وَأَغْذَيْتَنِي لِعِرْفانِ مَطْلَعِ آياتِكَ وَمَظْهَرِ بَيِّناتِكَ، فَأَحْمَدُكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي بِما جَعَلْتَنِي فائِزًا بِهذا المَقامِ الأَعْلَى وَهَذِهِ الرُّتْبَةِ العُلْيا، إِنَّكَ أَنْتَ المُعْطِ المُقْتَدِرُ الباذِلُ الغَفُورُ الْكَرِيمُ، أَيْ رَبِّ نَوِّرْ بَصَرِيْ بِأَنْوارِ أُفُقِ ظُهُورِكَ وَقَلْبِي بِتَشَعْشُعاتِ شَمْسِ عِلْمِكَ وَحِكْمَتِكَ لأَكُونَ بِكُلِّي مُتَوَجِّهًا إِلى وَجْهِكَ وَمُنْقَطِعًا عَنْ دُونِكَ بِحَيْثُ لا تَمْنَعُنِي الشُّئُوناتُ عَنْ عِرْفانِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ آياتِكَ وَمَشْرِقِ وَحْيِكَ وَمَصْدَرِ أَمْرِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ المُهَيْمِنُ العَزِيزُ الحَكِيمُ.