مناجاة - يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما أَخَذَنِيْ عَرْفُ عِنايَتِكَ وَقَلَّبَتْنِيْ نَفَحاتُ

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

مناجاة (١٥٠) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ١٥٠، الصفحة ١٦١

يا إِلهِي لَكَ الحَمْدُ بِما أَخَذَنِيْ عَرْفُ عِنايَتِكَ وَقَلَّبَتْنِيْ نَفَحاتُ رَحْمَتِكَ إِلى شَطْرِ أَلْطافِكَ، أَيْ رَبِّ أَشْرِبْنِي مِنْ أَنامِلِ عَطائِكَ الكَوْثَرَ الَّذِيْ مَنْ شَرِبَ مِنْهُ انْقَطَعَ عَمَّا سِواكَ طائِرًا فِي هَوآءِ انْقِطاعِكَ وَناظِرًا إِلى شَطْرِ رَأْفَتِكَ وَمَواهِبِكَ، أَيْ رَبِّ فَاجْعَلْنِيْ فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُسْتَعِدًّا لِلْقِيامِ عَلَى خِدْمَتِكَ وَالإِقْبالِ إِلى كَعْبَةِ أَمْرِكَ وَجَمالِكَ، لَوْ تُرِيدُ فَاجْعَلْنِيْ نَباتَ رِياضِ فَضْلِكَ لِتُحَرِّكَنِيْ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ كَيْفَ تَشآءُ بِحَيْثُ لا يَبْقى فِي قَبْضَتِيْ اخْتِيارُ الحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ بِاسْمِكَ ظَهَرَ السِّرُّ المَكْنُونُ وَالاسْمُ المَخْزُونُ وَفُكَّ الإِناءُ المَخْتُومُ وَتَعَطَّرَ بِهِ ما كانَ وَما يَكُونُ، أَيْ رَبِّ قَدْ سَرُعَ الظَّمآنُ إِلى كَوْثَرِ إِفْضالِكَ وَأَرادَ المِسْكِينُ الانْغِماسَ فِي بَحْرِ غَنائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبَ العالَمِينَ وَمَقْصُودَ العارِفِينَ قَدْ أَخَذَنِيْ حُزْنُ الفِراقِ فِي الأَيَّامِ الَّتِي فِيها أَشْرَقَتْ شَمْسُ الوِصالِ لِبَرِيَّتِكَ، فَاكْتُبْ لِي أَجْرَ مَنْ فازَ بِحُضُورِكَ وَدَخَلَ ساحَةَ العَرْشِ بِإِذْنِكَ وَحَضَرَ لَدَى الوَجْهِ بِأَمْرِكَ، أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ أَنارَتِ الأَرَضُونَ وَالسَّمَواتُ بِأَنْ تَجْعَلَنِي راضِيًا بِما قَدَّرْتَهُ فِي أَلْواحِكَ بِحَيْثُ لَنْ أَجِدَ فِي نَفْسِي مُرَادًا إِلاَّ ما أَنْتَ أَرَدْتَهُ بِسُلْطانِكَ وَمَشِيَّةً إِلاَّ ما أَنْتَ قَضَيْتَهُ بِمَشِيَّتِكَ، إِلى مَنْ أَتَوَجَّهُ يا إِلهِي بَعْدَ ما لَمْ أَجِدْ سَبِيلاً إِلاَّ ما بَيَّنْتَهُ لأَصْفِيائِكَ؟ يَشْهَدُ كُلُّ الذَّرَّاتِ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مُقْتَدِرًا عَلَى ما تَشآءُ وَحاكِمًا عَلَى ما تُرِيْدُ، قَدِّرْ لِي يا إِلهِي ما يَجْعَلُنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ مُتَوَجِّهًا إِلى شَطْرِكَ وَمُتَمَسِّكًا بِحَبْلِ فَضْلِكَ وَمُنادِيًا بِاسْمِكَ وَمُنْتَظِرًا ما يَجْرِيْ مِنْ قَلَمِكَ، أَيْ رَبِّ أَنَا الفَقِيرُ وَأَنْتَ الغَنِيُّ المُتَعالِ، فَارْحَمْنِيْ بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ، ثُمَّ أَرْسِلْ عَلَيَّ فِي كُلِّ آنٍ ما أَحْيَيْتَ بِهِ قُلُوبَ المُوَحِّدِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العَلِيمُ الحَكيْمُ.

المصادر
المحتوى
OV