مناجاة - سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَشْهَدُ أَلْسُنُ المُمْكِناتِ عَلَى سَلْطَنَتِكَ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة (١٧٩) – من آثار حضرة بهاءالله – مناجاة، ١٣٨ بديع، رقم ١٧٩، الصفحة ٢٠١

سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي تَشْهَدُ أَلْسُنُ المُمْكِناتِ عَلَى سَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَعَلَى فَقْرِيْ وَافْتِقارِيْ عِنْدَ ظُهُوراتِ غَنائِكَ، اِذًا يا إِلهِي فَانْظُرْ هذا الْعاصِيَ الَّذِيْ طَرْفُهُ لَمْ يَزَلْ كانَ ناظِرًا إِلى شَطْرِ غُفْرانِكَ وَقَلْبُهُ مُتَوَجِّهًا إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَمَواهِبِكَ، وَإِنِّيْ يا إِلهِي مِنْ أَوَّلِ الْيَوْمِ الَّذِيْ خَلَقْتَنِيْ بِأَمْرِكَ وَأَحْيَيْتَنِيْ مِنْ نَسَماتِ جُودِ رَحْمانِيَّتِكَ ما تَوَجَّهْتُ إِلى أَحَدٍ دُونَكَ، وَقُمْتُ فِي مُقابَلَةِ الأَعْدآءِ بِسَلْطَنَتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَدَعَوْتُ الكُلَّ إِلى شَاطِئِ بَحْرِ توحِيْدِكَ وَسَمآءِ عِزِّ تَفْرِيْدِكَ، وَما أَرَدْتُ فِي أَيَّامِيْ حِفْظَ نَفْسِيْ مِنْ طُغاةِ خَلْقِكَ بَلْ إِعْلآءِ ذِكْرِكَ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ، وَبِذلِكَ وَرَدَ عَلَيَّ ما لا حَمَلَهُ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ، وَكَمْ مِنْ أَيَّامٍ يا إِلهِي كُنْتُ فَرِيْدًا بَيْنَ المُذْنِبِينَ مِنْ عِبادِكَ، وَكَمْ مِنْ لَيالٍ يا مَحْبُوبِي كُنْتُ أَسِيرًا بَيْنَ الغافِلِينَ مِنْ خَلْقِكَ، وَفِي مَوارِدِ البَأْسآءِ وَالضَّرَّاءِ كُنْتُ ناطِقًا بِثَناءِ نَفْسِكَ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ وذاكرًا بِبَدائِعِ ذِكْرِكَ فِي مَلَكُوتِ أَمْرِكَ وَخَلْقِكَ، وَلَوْ أَنَّ كُلَّ ما ظَهَرَ مِنِّيْ لا يَنْبَغِيْ لِسُلْطانِ عِزِّ وَحْدانِيَّتِكَ وَلا يَلِيْقُ لِشَأْنِكَ وَاقْتِدارِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لَمْ أَجِدْ لِنَفْسِيْ وُجُودًا تِلْقآءَ مَدْيَنِ عِزِّكَ وَكُلَّما أُرِيْدُ أَنْ أُثْنِيَ نَفْسَكَ بِثَنآءٍ يَمْنَعُنِي فُؤادِيْ لأَنَّ دُونَكَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَطِيرَ فِي هَوآءِ مَلَكُوتِ قُرْبِكَ أَوْ أَنْ يَصْعَدَ إِلى سَمآءِ جَبَرُوْتِ لِقائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ أُشاهِدُ بِأَنِّيْ لَوْ أَسْجُدُ لِكَفٍّ مِنَ التُّرابِ إِلى الآخِرِ الَّذِيْ لا آخِرَ لَهُ لِنِسْبَتِهِ إِلى اسْمِكَ الصَّانِعِ لأَجِدُ نَفْسِيْ بَعِيْدًا عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَيْهِ وَأُشاهِدُ بِأَنَّ عَمَلِي لا يَنْبَغِيْ لَهُ بَلْ كانَ مَحْدُودًا بِحُدُوداتِ نَفْسِيْ، وَلَوْ أَخْدِمُ أَحَدًا مِنْ عِبادِكَ بِحَيْثُ أَقُومُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِدَوامِ مَلَكُوتِكَ وَبَقاءِ جَبَرُوتِكَ لِنِسْبَتِهِ إِلى اسْمِكَ الخالِقِ فَوَعِزَّتِكَ لأَجِدُ نَفْسِي مُقَصِّرًا عَنْ أَدآءِ خِدْمَتِهِ وَمَحْرُوْمًا عَمَّا يَلِيْقُ لَهُ، لأنَّ فِي هذا المَقامِ لا يُرى إِلاَّ نِسْبَتُهُمْ إِلى أَسْمائِكَ وَصِفاتِك، إِنَّ الَّذِيْ كانَ شَأْنُهُ ذلِكَ كَيْفَ يَقْدِرُ أَنْ يَذْكُرَ الَّذِيْ بِإِشارَةٍ مِنْ إِصْبَعِهِ خُلِقَتِ الأَسْماءُ وَمَلَكُوتُها وَالصِّفاتُ وَجَبَرُوتُها، وَبِإِشارَةٍ أُخْرى رُكِّبَتِ الكافُ بِالنُّونِ وَظَهَرَ مِنْها ما عَجِزَ عَنْ عِرفانِهِ أَعْلى أَفْئِدَةِ المُقَرَّبِينَ مِنْ أَصْفِيائِكَ وَأَبْهى مَشاعِرِ المُخْلِصِينَ مِنْ أَوِدّائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِيْ صِرْتُ مُتَحَيِّرًا فِي مَظاهِرِ صُنْعِكَ وَمَطالِعِ قُدْرَتِكَ وَأُشاهِدُ نَفْسِي عاجِزًا عَنْ عِرْفانِ أَدْنى آيَتِكَ وَكَيْفَ عِرْفانِ نَفْسِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ طَيَّرْتَ العاشِقِينَ فِي هَواءِ إِرادَتِكَ وَهَدَيْتَ بِهِ المُشْتاقِينَ إِلى رِضْوانِ قُرْبِكَ وَوِصَالِكَ، بِأَنْ تُهِبَّ مِنْ رِضْوانِ عِنايَتِكَ رَوائِحَ الاطْمِئْنانِ عَلَى المُضْطَرِّيْنَ مِنْ أَحِبَّائِكَ فِي هذِهِ الأَيَّامِ الَّتِيْ أَحاطَتْهُمْ أَرْياحُ الافْتِتانِ مِنْ كُلِّ الجِهاتِ، بِحَيْثُ اضْطَرَبَتِ النُّفُوسُ مِنْ سَطْوَةِ قَضائِكَ وَتَزَلْزَلَتْ أَرْكانُ الوُجُودِ عَمَّا نُزِّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ سَمآءِ تَقْدِيْرِكَ، وَبَلَغَ اضْطِرابُهُمْ إِلى مَقامٍ يَكادُ أَنْ يَخْمُدَ فِي مِشْكاةِ قُلُوبِهِمْ سِراجُ حُبِّكَ وَذِكْرِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ عَلَى ما تَشاءُ وَإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الكَرِيْمُ، فَيا إِلهِي وَسَيِّدِيْ تَسْمَعُ ضَجِيْجَ مُحِبِّيْكَ وَصَرِيخَهُمْ مِنْ كُلِّ الأَقْطارِ بِما وَرَدَ عَلَيْهِمْ مِنْ الَّذِيْنَ كانَتْ قُلُوبُهُمْ مَحْرُومَةً عَنْ نَفَحاتِ حُبِّكَ وَلَيْسَ لَهُمْ مِنْ مُعِينٍ لِيُعِيْنَهُم وَلا مِنْ ناصِرٍ لِيَنْصُرَهُمْ. وَكذلِكَ لَيْسَ لأَعْدائِهِمْ مِنْ مانِعٍ لِيَمْنَعَهُمْ عَنْ ضُرِّ هؤُلآءِ لِذا يَفْعَلُونَ ما يُرِيْدونَ وَيَعْمَلُونَ ما يَشاؤُونَ، إِذًا فانْصُرْ يا إِلهِي بِبَدائِعِ نَصْرِكَ أَحِبّائَكَ الَّذِيْنَ ما اسْتَنْصَرُوا مِنْ غَيْرِكَ وَما تَوَجَّهُوا إِلى دُونِكَ وَكانَتْ عُيُونُهُمْ مُنْتَظِرَةً لِبَدائِعِ مَواهِبِكَ وَأَلْطافِكَ، ثُمَّ ارْحَمْهُمْ يا إِلهِي بِبَدائِعِ رَحْمَتِكَ ثُمَّ أَدْخِلْهُمْ فِي حِصْنِ حِمايَتِكَ وَعِنايَتِكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ يا إِلهِي لَمْ تَزَلْ كُنْتَ مَأْمَنَ الْخائِفِينَ وَمَلْجَأَ المُضْطَرِّيْنَ، أَسْئَلُكَ بِأَنْ لا تَحْرِمَ هؤُلاءِ الضُّعَفآءِ عَنْ بَدائِعِ جُودِكَ وَإِفْضالِكَ، وَلا تَدَعَهُمْ بَيْنَ أَيْدِيْ الَّذِيْنَ ما خُلِقَتْ كَيْنوناتُهمْ إِلاَّ مِنْ نارِ غَضَبِكَ وَقَهْرِكَ وَما وَجَدُوا رَوائِحَ الرَّحْمِ وَالإِنْصافِ وَغَرَّتْهُمُ الدُّنْيا بِغُرُورِها عَلَى شَأْنٍ أَنْكَرُوا بُرْهانَكَ وَأَشْرَكُوا بِنَفْسِكَ وَكَفَروا بِآياتِكَ وَسَفَكُوا دَمَ أَحِبَّائِكَ وَأُمَنائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِيْ ارْتَكبُوا ما لَمْ يَرْتَكبْهُ أَحَدٌ مِنْ قَبْلُ، وَبِذلِكَ اسْتَحَقُّوا غَضَبَكَ وَسِياطَ قَهْرِكَ خُذْهُمْ بِسُلْطانِكَ ثُمَّ سَلِّطْ عَلَيْهِمْ مَنْ لا يَرْحَمُهُمْ إِلاَّ بِأَنْ يَرْجِعُوا إِلَيْكَ وَيَدْخُلُوا فِي ظِلِّ عِنايَتِكَ وَيَتُوبُوا إِلَيْكَ، وَإِنَّكَ أَنْتَ لَمْ تَزَلْ كُنْتَ قادِرًا وَلا تَزالُ تَكُونُ مُقْتَدِرًا وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ المُتَعالِ العادِلُ الحَكِيمُ، سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ يا إِلهِي فَانْظُرْ هذا المَظْلُومَ الَّذِيْ ابْتُلِيَ بَيْنَ الظَّالِمِينَ مِنْ خَلْقِكَ وَالمُشْرِكينَ مِنْ أَعْدائِكَ بَعْدَ الَّذِيْ ما تَنَفَّسَ إِلاَّ بِإِذْنِكَ وَأَمْرِكَ، قَدْ كُنْتُ يا إِلهِي راقِدًا عَلَى المِهادِ وَمَرَّتْ عَلَيَّ أَرْياحُ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ وَأَيْقَظْتَنِيْ بِها بِسُلْطانِكَ وَمَواهِبِكَ وَأَقَمْتَنِيْ بَيْنَ عِبادِكَ بِثَنآءِ نَفْسِكَ وَإِعْلآءِ كَلِمَتِكَ، إِذًا اعْتَرَضَ عَلَيَّ أَكثَرُ بَرِيَّتِكَ فَوَعِزَّتِكَ يا إِلهِي ما ظَنَنْتُ فِي حَقِّهِمْ ما ظَهَرَ مِنْهُمْ بَعْدَ الَّذِيْ إِنَّكَ بَشَّرْتَهُمْ بِهذا الظُّهُورِ فِي صَحائِفِ أَمْرِكَ وَأَلْواحِ قَضائِكَ وَما نَزَّلْتَ مِنْ عِنْدِكَ كَلِمَةً إِلاَّ وَقَدْ أَخَذْتَ بِها عَهْدَ هذا الغُلامِ مِنْ خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ، إِذًا صِرْتُ مُتَحَيِّرًا يا إِلهِي وَلَمْ أَدْرِ ما أَفْعَلُ بَيْنَ هؤُلآءِ وَكُلَّما أَصْمُتُ عَنْ بَدائِعِ ذِكْرِكَ يُنْطِقُنِي الرُّوحُ بَيْنَ سَمائِكَ وَأَرْضِكَ، وَكُلَّما أَسْكُنُ يُهَزِّزُنِي ما تَهُبُّ عَنْ يَمِينِ مَشِيَّتِكَ وَإِرادَتِكَ وَأَجِدُ نَفْسِيْ كَالْوَرَقَةِ الَّتِيْ تُحَرِّكُها أَرْياحُ قَضائِكَ وَتَذْهَبُ بِها كَيْفَ تَشاءُ بِأَمْرِكَ وَإِذْنِكَ وَبِما ظَهَرَ مِنِّي يُوقِنُ كُلُّ بَصِيرٍ بِأَنَّ الأَمْرَ لَيْسَ بِيَدِيْ بَلْ بِيَدِكَ وَلَمْ يَكُنْ زِمامُ الاخْتِيارِ فِي قَبْضَتِيْ بَلْ فِي قَبْضَتِكَ وَاقْتِدارِكَ، مَعَ ذلِكَ يا إِلهِي اجْتَمَعُوا عَلَيَّ أَهْلُ مَمْلَكَتِكَ وَيُنَزِّلُنَّ فِي كُلِّ حِينٍ ما تَفْزَعُ بِهِ حَقائِقُ أَصْفِيائِكَ وَأُمَنائِكَ، إِذًا أَسْئَلُكَ يا إِلهِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ هَدَيْتَ العاشِقِينَ إِلى كَوْثَرِ فَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ وَاجْتَذَبْتَ المُشْتاقِينَ إِلى رِضْوانِ قُرْبِكَ وَلِقائِكَ، بِأَنْ تَفْتَحَ أَبْصارَ بَرِيَّتِكَ لِيَشْهَدُنَّ فِي هذا الظُّهُورِ ظُهُورَ عِزِّ فَرْدانِيَّتِكَ وَطُلُوعَ أَنْوارِ وَجْهِكَ وَجَمالِكَ، ثُمَّ طَهِّرْهُمْ يا إِلهِي مِنَ الظُّنُونِ وَالأَوْهامِ لِيَجِدُنَّ رَوائِحَ التَّقْدِيسِ مِنْ قَمِيْصِ ظُهُورِكَ وَأَمْرِكَ لَعَلَّ لا يَرِدُ مِنْهُمْ عَلَيَّ ما تَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَهُمْ مِنْ نَفَحاتِ شُئُونِ رَحْمانِيَّتِكَ فِي أَيَّامِ ظُهُورِ مَظْهَرِ نَفْسِكَ وَمَطْلَعِ أَمْرِكَ، وَلا يَرْتَكِبُنَّ ما تَجْعَلُ بِهِ ذَواتَهُمْ مُسْتَحِقَّةً لِظُهُوراتِ قَهْرِكَ وَغَضَبِكَ، وَأَنْتَ تَعْلَمُ يا إِلهِي بِأَنِّي كُنْتُ بَيْنَ مَلإِ البَيَانِ كَأَحَدٍ مِنْهُمْ وَعاشَرْتُ مَعَهُمْ بِالشَّوْقِ وَالاشْتِياقِ وَدَعَوْتُهُمْ إِلى نَفْسِكَ فِي العَشِيِّ وَالإِشْراقِ بِبَدائِعِ وَحْيِكَ وَإِلهامِكَ، وَوَرَدَ عَلَيَّ مِنْهُمْ ما عَجِزَتْ عَنْ ذِكْرِهِ سُكَّانُ مَدائِنِ إِنْشائِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي ما أَصْبَحْتُ إِلاَّ وَقَدْ صِرْتُ هَدَفًا لِسِهامِ غِلِّهِمْ، وَما أَمْسَيْتُ إِلاَّ وَقَدْ وَرَدَ عَلَيَّ رِماحُ بُغْضِهِمْ، وَمَعَ ما جَعَلْتَنِي عالِمًا بِما فِي أَنْفُسِهِمْ وَقادِرًا عَلَيْهِمْ سَتَرْتُ وَصَبَرْتُ ناظِرًا إِلى مِيقاتِكَ، فَلَمَّا جاءَ الوَعْدُ وَتَمَّ المِيْقاتُ حَرَّكْتَ ذَيْلَ السِّتْرِ أَقَلَّ مِنْ أَنْ يُحْصَى إِذًا فَزَعَ مَنْ فِي جَبَرُوتِ الأَمْرِ وَالخَلْقِ إِلاَّ الَّذِيْنَ خَلَقْتَهُمْ مِنْ نارِ حُبِّكَ وَهَوآءِ شَوْقِكَ وَماءِ عِنايَتِكَ وَتُرابِ فَضْلِكَ، أُولئِكَ يُصَلِّيَنَّ عَلَيْهِمُ المَلأُ الأَعْلى وَسُكَّانُ مَدائِنِ البَقاءِ، فَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي بِما عَصَمْتَ المُوَحِّدِينَ وَأَهْلَكتَ المُشْرِكينَ وَفَصَّلْتَ بَيْنَ الكُلِّ بِكَلِمَةٍ أُخْرى الَّتِيْ خَرَجَتْ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ وَظَهَرَتْ مِنْ قَلَمِ إِرادَتِكَ، وَبِذلِكَ اعْتَرَضَ عَلَيَّ العِبادُ الَّذِيْنَ هُمْ خُلِقُوا بِكَلِمَةِ أَمْرِكَ وَبُعِثُوا بِإِرادَتِكَ وَبَلَغُوا فِي الإِعْراضِ إِلى مَقامٍ كَفَرُوا بِكَ وَبِآياتِكَ وَحارَبُوا بِنَفْسِكَ، فَوَعِزَّتِكَ يا مَحْبُوبِي لَنْ يَقْدِرَ القَلَمُ أَنْ يَذْكُرَ ما وَرَدَ مِنْهُمْ عَلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ وَمَطْلَعِ وَحْيِكَ وَمَشْرِقِ إِلْهامِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ فِي كُلِّ ذلِكَ وَإِنِّي وَعِزَّتِكَ يا إِلهِي قَدْ كُنْتُ مُشْتاقًا لِما قُدِّرَ فِي سَمآءِ قَضائِكَ وَمَلَكُوتِ تَقْدِيْرِكَ لأنَّ ما يَرِدُ عَلَيَّ فِي سَبِيْلِكَ هُو مَحبوبُ ذاتِي وَمَقْصُودُ نَفْسِيْ، وَهذا لَمْ يَكنْ إِلاَّ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ، أَنَا الَّذِيْ يا إِلهِي بِحُبِّكَ اسْتَغْنَيْتُ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ وَبِهِ لَنْ أَجْزَعَ وَلَوْ يَرِدُ عَلَيَّ ضُرُّ العالَمِينَ، فَيا لَيْتَ كانَ الحِينُ حِينًا فِيهِ يُسْفَكَ دَمِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ بَيْنَ يَدَيْكَ، وَتَشْهَدُنِي عَلَى الحالَةِ الَّتِيْ بِها شَهِدْتَ المُقَرَّبِينَ مِنْ عِبادِكَ وَالمُصْطَفِينَ مِنْ خِيرَةِ خَلْقِكَ، فَلَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي عَلَى ما قَضَيْتَ بِسُلْطانِ قَضائِكَ وَتَقْضِي بِتَقْدِيرِكَ وَإِمْضائِكَ، أَسْئَلُكَ يا مَحْبُوبِي بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ رُفِعَتْ أَعْلامُ أَمْرِكَ وَأَشْرَقَتْ أَنْوارُ وَجْهِكَ بِأَنْ تُنْزِلَ عَلَيَّ وَعَلَى المُخْلِصِينَ مِنْ عِبادِكَ كُلَّ خَيرٍ قَدَّرْتَهُ فِي الأَلْواحِ، ثُمَّ اجْعَلْ لَنا مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ يا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ العَزِيْزُ الرَّحْمنُ.

المصادر
المحتوى
OV