مناجات - بسم اللّه الأعظم الأمنع الأقدس العليّ الابهی - سبحانك اللّهم يا إلهي تسمع حنيني كحنين الثّكلی...

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

مناجاة – من آثار حضرة بهاءالله – أدعيه حضرت محبوب، الصفحة ٢

﴿ دعاءٌ يدعوه محيی الانام فی الايّام ﴾

﴿ بسم اللّه الأعظم الأمنع الأقدس العليّ الابهی ﴾

سبحانك اللّهم يا الهی تسمع حنينی كحنين الثّكلی وطرفی الی الافق الأعلی تری ولا تُری * الی متی يا إلهی تركتنی بين هؤلآء الّذين كفروا بنعمتك وجاحدوا بآياتك وأنكروا حقّك واعترضوا عليك وأعرضوا عنك * خلّصنی يا الهی بفضلك ورحمتك ثمّ اظهر ما وعدتنی به قبل خلق السّموات والأرض * فوعزّتك كلّما دعوت عبادك زادت شقوتهم وكلّما تلوت عليهم آياتك الكبری اعترضوا وقالوا افتريت علی اللّه. كذلك سوّلت لهم أنفسهم وأهواؤهم بعد الّذی يا إلهی ما أظهرت لهم الّا ما أتی به عليّ من قبل وما بيّنت لهم الّا ما نزّل فی البيان* وأنت تری وتعلم يا اله العالمين ومقصود العارفين بانّهم ما قصدوا حرم أمرك وما توجّهوا الی وجهك ولا يسمعون منّی ما أمرتنی باظهاره* فرّق بينی وبينهم يا من بيدك جبروت الامر والخلق وملكوت السّموات والارض تفعل ما تشاء بقدرتك وتحكم ما تريد بمشيئتك * يا محبوب البهاء ومقصود البهاء كلّما سترت نفسی أظهرتها بامرك وكلّما فررت منهم أرجعتنی اليهم بقدرتك وسلطانك* وكلّما سكنت فی البيت صامتا عن ذكرك أنطقتنی بمشيئتك واشتعلتنی فی حبّك علی شأن أخذ زمام الاصطبار عن كفّی وخرجت عن البيت منجذبا اليك وناديت باعلی النّداء بين ملأ الانشاء ودعوتهم الی ذكر نفسك العليّ الاعلی من هذا الافق الابهی ارتفع ضجيج المشركين وصريخ المنكرين وقاموا علی قتلی وتضييع أمرك * وإنّك بعلمك المكنون أحصيت وعلمت ما عملوا ويعملون * وقد قضی يا الهی ما قضيته بمشيئتك وظهر ما أردته بارادتك وقدرتك * واذا تراهم يا الهی اتّخذوا العجل لانفسهم ربّا سواك ويعبدونه في العشيّ والاشراق من دون بيّنة ولا كتاب وبلغوا فی الغفلة الی مقام تمسّكوا بالموهوم وأعرضوا عن سلطان المعلوم يأمرون بما أنزلته في ألواح أمرك وينسون أنفسهم ويعترضون علی الّذی به نزّل أمرك وظهر برهانك وثبتت آياتك وأشرق وجهك * أولئك من الّذين وصفتهم فی محكم كتابك الّذی نزّلته علی نبيّك وخاتم اصفيائك * قلت وقولك الحقّ: ( أتأمرون النّاس بالبرّ وتنسون أنفسكم؟ ). واذا قيل لهم يا قوم بايّ برهان آمنتم بربّكم الرّحمن وبمظهر نفسه الّذی نزّل عليه البيان وبايّ حجّة اعترضتم علَی الّذی جاءكم عن مشرق الأمر بآيات اللّه وبرهانه وعظمته وسلطانه، يقولون ما قاله الاوّلون الّذين اعترضوا علی مظاهر نفسك ومطالع وحيك ومشارق الهامك ومخازن علمك ومكامن حكمتك ومصابيح هدايتك وسبل ارادتك ومناهج قربك وشرايع مواهبك وأسرار توحيدك وظهورات تفريدك وتجلّيات جمالك * واذا قيل لهم يا قوم أما أظهرت نفسی بآيات بيّنات وأما جئتكم عن مطلع الاسماء والصّفات وأما تلوت عليكم آيات اللّه الكبری وأما زيّنّا سماء البيان بزيّنة المعاني والتّبيان وأما دعوناكم باللّه ربّكم الرّحمن وأما بيّنّا لكم أسرار العرفان ببيّنة وبرهان وأما أظهرت أمر اللّه بين عباده وأما اشتهرت آثار اللّه بين بريّته؟ فلم اعرضتم عنّی وكفرتم بآياتی؟ يقولون ما لا أقدر أن أذكره تلقاء وجهك يا محبوب سّری والمذكور فی قلبی * يا الهی وسيّدی الی متی تركتنی بين عبادك؟ فوعزّتك لو لم يظهر منك حجّة بين بريّتك يكفي صبرك بعد قدرتك وحلمك بعد اقتدارك فی اثبات عظمتك وسلطنتك * أی ربّ لماذا أودعتنی بين الّذين هم كفروا بنفسك والی متی لا تستجيب دعائي؟ كلّما أقول أی ربّ فاصعدنی اليك وخلّصنی من طغاة خلقك بعد الّذی تشهد ضرّی وبلائی، تقول إي فو نفسی أشهد وأری كلّما ورد عليك ورد علی نفسی * وانّی أنفقتك فی سبيلی، أتحبّ ما لا أحبّ أتريد ما لا أريد؟ أقول نفسی فداك مرادی ما أنت أردته ومحبوبی ما أنت أحببته * فوعزّتك أحبّ أن يكون لی فی كلّ حين ألف روح وأفديها فی سبيلك ولكن عزيز عليّ بان أكون باقيا وأری الّذين هتكوا حرمتك وظلّموا علی مظهر نفسك بعد علمی بانّهم خلقوا من كلمة أمرك لذا تضطرب نفسی وتذرف عينی وينوح سرّی وتقشعرّ جلدی. أنت تقول إی فونفسي أعلم ما فی نفسك وأری ما تری أصبر كما صبرت * إنّی كتبت لك ما لم أكتب لدونك ورضيت لك ما لم أرض لغيرك وانّی قد فديتك لحياة العالم ومن فيه. أقول لك الحمد يا محبوب العالمين احمدك فيما كتبت لي وأشكرك فيما أردت وانّك أنت مولی العالمين * فيا الهی فألهمنی بدايع ذكرك وانّی ونفسك لا أجد لنفسی سرورا إلّا به ولا بهجة إلّا به بحيث لو تمنعنی عنه لتضطرب نفسی وتنعدم ذاتی وكينونتي * لا حياة لاحد الّا بذكرك وحبّك ولا وجود لنفس الّا بثنائك ووصفك مع علمی بانّ ذكری إيّاك لم يكن الّا كذكر العدم نفس القدم واستغفرك من ذلك بل ليس لاحد تلقاء آية من آياتك وجود وذكر فكيف نفسك * تعالی تعالی ذكرك من أن يصعد اليه ذكر خلقك * تعالی تعالی ثناؤك من أن يرجع اليه وصف بريّتك وانّ أعلی ذكر الممكنات لا يتجاوز عن حدّ الامكان فكيف يرتقی اليك يا من تحيّرت فی عرفانك أفئدة المقرّبين من أصفيائك والمخلصين من أوليائك * ذكرك نفسك يدلّ بانّ ذكر دونك لا يليق لك ولا ينبغی لحضرتك * كلّما أذكرك يا الهی باسمك الباقی أشاهد بانّ مظهر هذا الاسم يكون قائما تلقاء الوجه ويقول أنا الّذی كنت باقيا وأكون بمثل ما قد كنت ليس لبقائی فناء ولا نفاد * تعالی تعالی الّذی خلقنی بكلمة من عنده بان يذكر باسمی ولو ادعوك باسمك الاوّل يخاطبنی مظهر هذا الاسم ويقول ما أنت تذكره إنّه يرجع الی نفسی أن افتح بصرك لترانی أوّلا قبل كلّ أوّل وآخرا بعد كلّ آخر وظاهرا فوق كلّ شیءٍ * تعالی تعالی ربّی الّذی خلقنی بارادة من قلمه الأعلی * تعالی تعالی الّذی خلقنی بذكره العليّ الأعلی بان يذكر بما ركب في ملكوت الإنشاء * ولو أدعوك يا الهی باسمك القادر اشاهد مظهر هذا الاسم ينظر اليّ ويقول أما تنظرني لترانی قائما قادرا مقتدرا مهيمنا علی كلّ الاشياء * تعالی تعالی الّذی بعثني وفطرنی بكلمته العليا * تعالی تعالی الّذی فطرنی وأظهرنی فی ملكوت الانشاء * ولو ادعوك باسمك العليم اشاهد بانّ مظهر هذا الاسم يبكي وينوح ويقول أنا الّذی كنت عالما قبل كلّ شیء وأكون عالما بعد فناء كلّ شیء وهذا قميصی الّذی به احتجب مظاهری عن عرفان مالكي وسلطاني وأنا الّذی لم يزل كنت خائفا وأكون مضطربا أنا الّذی جعلنی ربي من أعلی الاسماء وأدناها وأعظمها وأحقرها. طوبی لمظاهری لو لم يجعل العلوم حجبا بينهم وبين مالك الاسماء والصّفات إنّهم من أعلی الخلق * فويل لمن منعته العلوم عن سلطان المعلوم إنّه من أدنی الخلق * تعالی تعالی موجدی من أن يذكر بذكر دونه أو يوصف بوصف ما سواه * ولو أصفك يا الهی وأقول ليس كمثلك شیء ينادی مظهر هذا الاسم ويقول أمام وجهی أنا الّذی ليس كمثلی شیء * ولو يری لنفسی مثل أو شبه لا تثبت آيات التّوحيد وظهورات التّفريد * أشهد بأن في كلّ شیء رقم القلم الاعلی من الخطّ الأخفی هذه لآية التّوحيد وظهور التّفريد * عميت عين لا تراني قائما علی كلّ شیء وظاهرا فوق كلّ شیء ومهيمنا علی كلّ شیء * تعالی تعالی ربّی من أن يذكر بذكر خلقه أو يوصف بوصف سواه * كلّ عبده وفي قبضة قدرته وخلق بكلمة أمره * تعالی تعالی من أن يقترن بخلقه أو يصعد الی هواء عرفانه طيور افئدة عباده * تعالی تعالی من أن ينزل من علوّ ذاته وسموّ نفسه لم يزل كان مقدّسا عن الصّعود والنّزول ولا يزال يكون متعاليا من أن تدركه الافئدة والعقول * كلّ ما ذكر أو يذكر هذا فی حدّ الامكان ويرجع الی الامكان دام الملك فی الملك وانتهی المخلوق الی شكله ومثله* يا ليت يا الهی وجدت اذنا واعية وقلوبا مطهّرة وانفسا زكيّة وصدورا منيرة وأبصارا حديدة وألقيت عليهم ما ألهمتنی بجودك وعلّمتنی بفضلك وألطافك. وأنت يا الهی أيقظتنی بجودك وأقمتنی علی مقام نفسك وأنطقتنی بثنائك وأمرتنی بخرق الاحجاب * فلمّا كشفتها أقلّ من أن يحصی فزع من في جبروت الامر والخلق وانصعق من فی السّموات والارض الّا عدة معدودات من الّذين وفوا بميثاقهم وأقبلوا اليك منقطعين عن دونك وخالصين لوجهك وأخذهم سكر خمر معارفك فی هذا الظّهور علی شأن سرعوا الی مقرّ الفداء ومشهد الفناء ناطقين بثناء نفسك وذاكرين باسمك وأنفقوا أرواحهم شوقا للقائك وطلبا لقربك واعلاء لكلمتك واظهارا لسلطنتك وانتشارا لآثارك وذكرك. أشهد بانّهم من أحرف كلمة توحيدك ومظاهر أحديّتك ومطالع ظهورات أمرك ومشارق آيات قدرتك * وبهم ملأ اسمك بين سمائك وأرضك واستعلت كلمتك علی من في جبروت أمرك وخلقك * ومن دمائهم حملت الارض ببدايع ظهورات قدرتك وجواهر آيات عزّ سلطنتك وسوف تحدّث أخبارها اذا أتت ميقاتها * أسئلك يا الهی بنفسك وبهم وبمظاهر أسمائك الحسنی ومطالع صفاتك العليا بان تجعلهم في كلّ عالم من عوالمك من الّذين يحكون عنك ويطوفون حول خباء عظمتك ثمّ ابتعثهم بانوار وجهك فی عوالمك ولا تفرّق يا الهی بينك وبينهم * ثمّ أظهرهم يا الهی بظهورات قوّتك وشئونات قدرتك وآيات عظمتك وآثار جلالك. ثمّ أظهر بهم أمرك ليدخلنّ كلّ فی جوار رحمتك الّتي سبقت الاشياء * ثمّ أنزل عليهم فی كلّ حين من بدايع رحمتك المكنونة ونعمك المخزونة * وانّهم يا الهی وفوا بعهودهم اذا أوف بعهدك وأشهد بانّك خير الموفين وارحم الرّاحمين ومعطی أجور المحسنين * طوبی لهم ثمّ طوبی لهم بما وردوا عليك وأنت راض منهم * أی ربّ فاخرق الاحجاب عن أبصار بريّتك ليشهدنّ ما ستر عنهم من ظهورات فضلك فی أيّامك ثمّ عرّفهم يا الهی قبايح أعمالهم وأفعالهم لعلّ الی شطرك يسرعون وفی جوار رحمتك يدخلون ويوقننّ بانّك ما أردت لهم الّا ما هو خير لهم عن ملكوت ملك السّموات والارض * أی ربّ نوّر أبصار قلوبهم ليعرفنّ ما قدّرت لهم بجودك واحسانك ويعلمنّ بانّك ما أردت ضرّ أحبّائك الّا لبلوغ عبادك الی ذروة العرفان يا من بيدك جبروت الامر وملكوت الخلق لا إله إلّا أنت العزيز المقتدر المنّان. أی ربّ طهّر آذان العباد عن قصص القبل كلّها ليستمعنّ نغمات الّتی تتغنّی بها ورقاء أمرك فی سرّ كلّ الاشياء لئلّا يقاسوا أمرك بما عندهم من توهّمات الّذين كفروا بك وبآياتك ويلقون الشّبهة في افئدة بريّتك. لأنّی أجد أكثر عبادك منعوا عنك بما تمسّكوا بالتّماثيل الّتي كانت بينهم والقصص الّتي سمعوا من آبائهم * أی ربّ فاجعلهم خلقا بديعا ثمّ أسمعهم ما أردت وانّك أنت المقتدر علی ما تشاء لا آله الّا أنت العزيز الكريم * فيا الهی وسيّدی تری ابتلائی بين بريّتك وما ورد عليّ من طغاة خلقك مع انّك وعدت الكلّ بظهوری وبشّرت الكلّ بنفسی وما اردت من البيان الّا جمالی وما نزّلت فيه الّا ذكری وثنائی * وفی كل شأن ما اراد مظهر نفسك الّا سروری وبهجتي وفرحی * فلمّا اخذت به عهد نفسی عمّن فی ارضك وسمائك امرتهم بان لا يسئلنی احد فی شیء لئلّا يمسّنی من تعب قلت وقولك الحقّ من اراد ان يسئله حين ظهوره فليسئل منّي لئلّا يرد عليّ ما يحزننی ويكدر به فؤادی وشرعت شرائع امرك وقدرت مقادير اوامرك واحكامك بحيث ما ترك من شیء الّا وقدّرت له ما ينبغی له لئلّا يرد علی قلبي ما يمنعه عن غلبات شوقه اليك والاستغراق فی لجّة بحر احديّتك والاشتعال بظهورات آيات عزّ عظمتك * واخبرتهم بلسان مظهر نفسك ومطلع احديّتك انّه ينطق فی كلّ شیء بانّنی انا اللّه لا اله الّا انا ان يا خلقي ايّای فانظرون وجعلت هذه الكلمة ذكری بين عبادك وآية عزّی فی مملكتك وقدّست ساحتي عن كل شیء وعن ذكر دونك * وما بيّنت ذلك الّا بعد علمك برقّة قلبي ولطافة نفسی وساذجيّة سرّي * اذا يا محبوب قلبي ومقصود سرّی ومعبود ذاتی مع هذه الرّقّة الّتی لا يعرفها احد الّا أنت تری ما ورد عليّ من اعدائك الّذين يقرءون كتابك ويستدلّون بآياتك وجعلوا كتابك حافظا لرياساتهم وحصنا لما يأمرهم به اهواؤهم * فيا ليت قالوا فی حقّي ما قاله المشركون في مخازن علمك ومظاهر نفسك * وقد ورد عليّ منهم ما ظهر عنه الفزع الاكبر بين اهل ملأ الاعلی وسكان مدائن الاسماء * وهم يفرحون فی مقاعدهم ويستبشرون في بيوتهم * فيا ليت ينظرون اليّ كما ينظرون احقر عبادك وبريّتك * كلّ ذلك ورد علي محبوبك الّذي لو كنت في تلك الايّام لجعلت نفسك حائلا بينه وبين سهام المشركين من خلقك * انّ الّذي ما مرّ علی شیء من الاشياء عمّا خلق فی ملكوت الانشاء الّا وقد سمع منه انّ هذا لمحبوب العالمين يستهزئون به عبادك المشركون. فوعزّتك يحبّ ان يعرّی جسده وينقطع عن الكلّ ويتوجّه الی العراء ويؤآنس مع الوحوش * لم ادر يا الهي ايّ جرم يثبتونه علی نفسی؟ إن يقولوا ادّعی ما هو فوق مقامه انّك يا الهي ادّعيت هذا لنفسی وكتبت لي قبل ظهوری واخبرت الكلّ بذلك ولو يقولون لم ينطق بالآيات لست انا منزلها بل أنت نزّلت وتنزّل كيف تشاء كما نزّلتها من قبلی علی سفرائك واصفيائك * وأنت تعلم يا الهي لو كان الامر بيدی ما اظهرت نفسی وما تكلّمت بينهم بكلمة * كلّما اردت ان استر نفسی من ذئاب الارض أنت اظهرتني بقدرتك وسلطانك * وكلّما اردت الغيبة أنت اردت ظهوری وكشفي * غلبت ارادتك ارادتی ومشيئتك مشيئتي الی ان اقمتني مقام نفسك وانطقتني باعلی النّداء بين خلقك ولا اجد لنفسی حركة الّا بارياح مشيئتك ولا سكونا الّا بعد امرك * طوبی لمن يری فی ظهوری ظهورات مشيئتك ومن اشتعالی نار حبّك * ان افتح يا الهي أبصار عبادك ليروك ظاهرا بظهورك . عميت عين لا تراك قيّوما فوق كلّ الاسماء ومهيمنا علی الاشياء. انّك يا الهي ما جعلت الاسماء الّا قمصا لاصفيائك *فلمّا بدّل القميص باسم آخر فزع من في السّموات والارض الّا من كان طرفه الي الافق الاعلی وشرب رحيق المعانی من كأس البقاء باسمك الاعظم الّذي به كسرت أصنام الهوی وخرقت حجبات الاسماء انّه ممّن عرفك وعبدك * والّذين احتجبوا عنك بالاسماء انّهم من العاكفين عليها ليس لهم ذكر تلقاء عرش عظمتك ولا لهم نصيب من هذا البحر الّذی تموّج فی أيّامك. وقد بلغت فی الذّلة إلی مقام قال المشركون في حقّی انّه أتی بكلمة أو كلمتين وسرقهما من البيان بعد الّذی فصّلت من عندی كتب الاوّلين والآخرين وما هو الموجود عند احبّائك يعادل ما نزّل علی عليّ قبل نبيل الّذی جعلته مظهر احديّتك ومطلع سلطنتك ومنزل آياتك ومبشّر غيب هويّتك الّذي جعلته قيّوما علی من فی السّموات والارض وسلطانا علی من في جبروت الامر والخلق بعد الّذی نزّلت فی البيان بان لا يعادل بكلمة من عنده كتب العالمين لانّ حين ظهوره لو يقرأ أحد كلّ الكتب ولا يؤمن به لا ينفعه ابدا ولو يقرأ آية من آياته ليكفيه * اذا أقول لا حول ولا قوّة الّا بك وفوّضت أمري اليك وتوكلت عليك * أنت معيني وناصری ومؤنسي في الدّنيا والآخرة * وأشهد بانّك فصّلت بهذه الكلمة كلّ الذّرّات وأخذت منها جواهرها وسوف يظهر بها التّفصيل بين الّذين يطوفون فی حولی ويخرج منهم الّذين تمرّ علی شطر قلوبهم روائح النّفس والهوی * وهذا ما أخبرتنی به فی ألواحك وأخبرت به العباد قبل خروجی عن العراق فی اللّوح الّذی فيه نزّلت أسرار قضائك ومقادير تقديرك * فيا الهی ارحم عبادك واحبّائك ثمّ احفظهم بحفظك لئلّا يرد عليهم سهام الاشارات من الّذين كفروا بك يا منزل الآيات ومالك الاسماء والصّفات * ثمّ أصعدهم الی مقام لو تمنعهم من أعمالهم المردودة لا يعترضون عليك ولا يرون في أمرك ونهيك الّا ظهورات عواطفك وبروزات مواهبك * وانّی أشهد بانّك ما أردت فی أمرك الّا ورودهم في لجّة بحر رحمتك * فو نفسك يا محبوب العالمين ومعبود من فی السّموات والارضين قد أخذتني الاحزان علی شأن منع القلم الاعلی عن الجريان ولسان الابهی عن الذّكر والبيان * وقد رأيت يا الهی فی حبّك ما لا رأت عيون الاوّلين وسمعت ما لا سمعت آذان العالمين. وقد أری يا الهی عبادك الّذين نزّلت عليهم البيان وخلقتهم لنفسی أحجب من ملل القبل كلّها بحيث يفتخرون بخاتمك ويضربونه علی الالواح لاثبات رياساتهم بعد الّذی انّی أرسلته اليهم لعلّ يستشعرون. لا وعزّتك لم يكن خاتمك الّا فی أصبعی ولا يفارق منّي ابدا ولن يقدر أحد أن يأخذه منّی * طوبی لمن يقرأ ما نقش فيه من اسرارك المستورة وآياتك الاحديّة وسجاياك المستودعة. اذا لم أدر يا الهي أنت تذكرنی أو أنا أذكرك * قد ارتفع الفصل وحقّق الوصل * ذكری ايّاك ذكرك نفسي وذكرك ايّای ذكري نفسك * قد نسخ البعد من آية القرب وحكم الظّنّ من آية اليقين وأشرق جمالك المبين من هذا الافق المنير * ان كان يا الهي ذنبي اظهار قدرتك ونعمتك أحبّ أن أكون مذنبا بين العالمين وان كان تقصيری اعلاء أمرك أحبّ أن أكون مقصّرا عند الثّقلين. وأنت تعلم بانّي لمّا رأيت ذلّة أمرك بين خلقك قمت علی ارتفاعه في مملكتك وما كان فی ذلك الايّام أحد ان يذكرك بين عبادك بسلطنتك واقتدارك والّذين اعترضوا عليّ انّهم ستروا وجوههم خوفا من أنفسهم. وأنت لمّا أردت اظهار كلمتك واعزاز أمرك أقمتني وأنطقتني وأظهرتني الی ان استضائت الآفاق من أنوار هذا الاشراق ومرّت نفحات العزّة والاطمئنان علی الاكوان * فلمّا علت كلمتك وظهرت عظمتك ولاح أمرك وسلطانك خرجوا عن خلف السّتر بغيا علی نفسك واعراضا عنك الی ان ارادوا قتلی بعد الّذی جعلتني حصنا لهم ومهربا لانفسهم * فيا الهي اذا أكون جالسا بين يديك وأكون منتظرا ما أردت لي من قضائك الّذی كان مستورا عن أنظر بريّتك* فونفسك كلّ جوارحی واركانی تحبّ ان يصير اربا اربا فی سبيلك * يا ليت كنت هذا الحين فی تلك الحالة يا خالق البريّة والمذكور فی الافئدة فما أحلی ذكرك فی مذاقي وما ألذّ عبوديّتي لنفسك * وقد بلغت فيها الی مقام كلّما اشاهد ارضا احبّ ان اكبّ بوجهی عليها خاضعا لوجهك وساجدا لنفسك. فوعزّتك لو لم اكن ناظرا الی قضاءك المحتوم ما اظهرت نفسی الّا بالعبوديّة الصّرفة بين بريّتك ولكن أنت قضيت بقدرتك ما اردت وامضيت ما شئت ليثبت ما نزّل فی البيان والّا انّی أحببت بان اخضع لكلّ وجه كان خاضعا لوجهك* انّ الّذين تجاوزوا عن عبوديّتك أولئك ما وجدوا لذّتها. اسألك يا مالك ممالك البقاء بان توفّقني وأحبّتي علی خدمتك والعبوديّة فی كلّ شأن لنفسك * ثمّ اقبل يا الهی منّا ما عملنا وما ترك منّا عمّا كتبته لنا * أی ربّ فاستقمنا علی حبّك والسّلوك فی مناهج رضائك ثمّ اجعلنا ناصرين لأمرك بحيث لا يمنعنا شیء عن نصرتك واعلاء كلمتك * أی ربّ فاشتعلنا بنار محبّتك علی شأن يشتعل بها نار حبّك بين خلقك وننصرك فی كلّ شأن بحيث لا يمنعنا انكار أحد واعراض نفس * وانّك أنت المقتدر علی ما تشاء لا إله إلّا أنت العزيز الكريم * صلّ اللّهمّ يا الهی علی النّقطة الّتي منها فصّلت علومك المكنونة وأسرارك المخزونة وبه أخذت عهد مطلع ذاتك ومظهر غيب أحديّتك وعلی الّذين مسّتهم البأساء والضّرّاء في حبّك الی أن استشهدوا فی سبيلك وعلی الّذين هم آمنوا بك خالصا لوجهك وخرجوا عن الأوطان لاعلاء كلمتك واظهار أمرك وما حملوا فی السّبيل الّا حبّك وآياتك * ولو حملوا ما حملوا لانّهم ما كان همّهم الّا انتشار آثارك واثبات حقّك وما كان طرفهم الّا متوجّها اليك * أی ربّ صلّ عليهم بلسان عظمتك ثمّ انزل عليهم فی كلّ حين من بدايع رحمتك يا أرحم الرّاحمين * وكبّر اللّهمّ يا إلهی علی مظاهر الشّهادة الّذين أنفقوا أرواحهم وأجسادهم فی هذا الامر الّذی به ظهر الفزع الاكبر وناح سكان مدائن الاسماء وبهم ظهر أمرك وانتشر ذكرك ولاح ظهورك * أی ربّ فانزل عليهم ما ينبغی لشأنك ويليق لحضرتك لانّهم عملوا ما كان عليهم وبقی ما كتبته علی نفسك لهم * أسألك يا إلهی بك وبهم وبهؤلاء الخمس بان ترسل علينا روائح الغفران ليطهّرنا عن العصيان ثمّ اغفر يا الهی آبائنا وذوي قرابتنا من الّذين أقبلوا الی حرم أمرك وتوجّهوا الی شطر رضائك * وانّك أنت المقتدر علی ما تشاء لا إله إلّا أنت العزيز المتعالی المستعان.

هذا ما دعيت اللّه به بلسان الرّمز والألغاز ويقرؤه من يريد أن يشرب ماء الحيوان من أيادی الفيّاض وبذلك يكشف جمال الحقيقة ويحترق حجبات المجاز*

المصادر
المحتوى
OV