أَلْحَمْدُ للهِ الَّذِي أَظْهَرَ مَا كَانَ مَكْنُونًا فِي أَزَلِ الآزَالِ وَمَسْتُورًا عَنِ العُيُونِ وَالأَبْصَارِ، فَلَمَّا أَرَادَ إِظْهَارَ فَضْلِهِ الَّذِي أَحَاطَ الكْاَئِنَاتِ وإِبْرَازَ رَحْمَتِهِ الَّتِي سَبَقتِ المُمْكِنَاتِ نَطَقَ بِالكَلِمِةِ العُلْيَا وبِهَا نَادَى المُنَادِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ المُلْكُ للهِ مَالِكِ الأَسْمَاءِ وَالصِّفاتِ، الحَمْدُ لله الَّذِي تَجَلَّى باسْمِهِ العَزِيزِ عَلَى العَالَمِ، إِذًا أَقْبَلَتِ المَوْجُودَاتُ إِلى الْبَحْرِ الأَعْظَمِ الَّذيِ كُلُّ قَطْرَةٍ مِنْهُ تُبَشِّرُ العِبَادَ بظُهورِ مُكَلِّمِ الطُّورِ وَمُشْرِقِ النُّورِ الَّذِي سَطَعَ وَلاحَ مِنْ أفُقِ إِرَادَةِ اللهِ مُنْزِلِ الآيَاتِ، ألْحَمْدُ للهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَوتَ بَابًا لِلِقَائِهِ وَسَبَبًا لِوِصَالِهِ وَعِلَّةً لِحَيَوةِ عِبَادِهِ وَبِهِ أَظْهَرَ أَسْرَارَ كِتَابِهِ وَمَا كَانَ مَخْزُونًا فِي عِلْمِهِ إِنَّهُ هُوَ الْمُقْتَدرُ الَّذِي لَمْ يُعْجِزْهُ ظُلْمُ الظَّالِمِينَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ مَطَالِعُ الظُّنُونِ والأَوْهَامِ. شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُو وَالَّذِي أَتَى بِالحَقِّ إِنَّهُ هُوَ مَشْرِقُ جَلالِهِ وَمَطْلِعُ جَمَالِهِ وَمَظْهَرُ أَسْرَارِهِ وَمُنَزِّلُ آيَاتِهِ وَمُعْلِنُ بَيِّناتِهِ، هُوَ الَّذي بِقيَامِهِ أَمَامَ وُجُوْهِ العَالَمِ ارْتَعَدَتْ فَرَاِئصُ الأُمَمِ وَمَاجَ بَحْرُ اسْمِهِ الأَعْظَمِ وَبِهِ تَحَرَّكَ الْقَلَمُ الأَعْلَى وأَظْهَرَ لَئالِيَهُ الْمَكْنُونَةِ وَجَوَاهِرَهُ المَخْزُونَةِ وَبِهِ خُرِقَتِ الأَحْجَابُ وَاشْتَعَلَتْ أَفِئدَةُ أُولِي الأَلْبَابِ فِي الْمَآبِ وَنَطَقَتِ الأَشْيَاءُ المُلْكُ وَالمَلَكُوتُ، ثُمَّ العِزَّةُ وَالجَبرُوتُ للهِ رَبِّ الأَرْبَابِ وَالآمِرِ فِي يَوْمِ الْحِسَابِ.