سُبْحانِكَ يا مَنْ بِكَ أَشْرَقَ نَيِّرُ المَعانِي مِنْ أُفُقِ سَماءِ البَيانِ وَتَزَيَّنَتْ عَوالِمُ العِلْمِ وَالحِكْمَةِ بِأنْوارِ الحُجَّةِ والبُرْهانِ أَسْأَلُكَ بِبِحارِ رَحْمَتِكَ وَسَماءِ عِنَايَتِكَ وَبِأَمْرِ الَّذي بِهِ هَدَيْتَ المُخْلِصِينَ إِلَى بَحْرِ عِرْفَانِكَ وَالمُوَحِّدِينَ إِلَى شَمْسِ عَطَائِكَ بِأَنْ تُؤيِّدَ عِبَادَكَ عَلَى ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ. ثُمَّ قَدِّرْ لَهُم ما قَدَّرْتَهُ للَّذينَ أَقَرُّوا بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَفَرَدَانِيَّتِكَ وَما بَدَّلُوا نِعْمَتَكَ وَما أَنْكَرُوا حَقَّكَ وَما جَادَلُوا بِآياتِكَ وَما نَقَضُوا عَهْدَكَ وَمِيثاقَكَ وأَنْفَقُوا أَرْواحَهُم لإِعْلاءِ كَلِمَتِكَ العُلْيا وَإِظْهارِ أَمْرِكَ يا مَولَى الوَرَى فِي ناسُوتِ الإِنْشَاءِ. أَيْ رَبِّ أَنْزِلْ عَلَيْهِم مِنْ سَمَاءِ فَضْلِكَ أَمْطَارَ رَحْمَتِكَ وقَدِّرْ لَهُم ما تَقَرُّ بِهِ العُيُونُ وتَفْرَحُ بِهِ القُلُوبُ وتَطْمَئِنُ بِهِ النُّفُوسُ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ على ما تَشَاءُ وَفِي قَبْضَتِكَ مَنْ في مَلَكُوتِ الأَمْرِ والخَلْقِ تَفْعَلُ ما تَشَاءُ وتَحْكُمُ ما تُرِيدُ، إنَّكَ أَنْتَ اللهُ الفَرْدُ الوَاحِدُ العَزِيزُ الحَمِيدُ، أَيْ رَبِّ تَرَاني مُقبِلاً إِلَيكَ وآمِلاً بَدَائِعَ فَضْلِكَ وكَرَمِكَ. أَسْأَلُكَ يا إِلهي بِالمَشْعَرِ وَالمَقَامِ وَالزَّمْزَمِ وَالصَّفَاءِ وَبِالمَسْجِدِ الأَقْصَى وَبِبِيتِكَ الَّذي جَعَلْتَهُ مَطَافَ المَلإِ الأَعْلَى وَمَقبِلَ الوَرَى وَبِالَّذي بِهِ أَظْهَرْتَ أَمْرَكَ وسُلْطَانَكَ وَأَنْزَلْتَ آياتِكَ وَرَفَعْتَ أَعْلامَ نُصْرَتِكَ فِي بِلادِكَ وزَيَّنْتَهُ بِطِرازِ الخَتْمِ وَانْقَطَعَتْ بِهِ نَفَحَاتُ الوَحْي بِأَنْ لا تُخيِّبَنِي عَمَّا قَدَّرْتَهُ لِلْمُقَرَّبِينَ مِنْ عِبَادِكَ وَالمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الَّذي شَهِدَتْ بِقُدْرَتِكَ الكَائِنَاتِ وَبِعَظَمَتِكَ المُمْكِنَاتِ لا يَمْنَعُكَ مانِعٌ وَلا يَحْجُبُكَ شَيْءٌ إِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ. لَكَ الحَمْدُ يا إِلهِي وَلَكَ الشُّكْرُ يا مَقْصُودِي أَشْهَدُ أَنِّي كُنْتُ غَافِلاً هَدَيْتَنِي إِلَى صِرَاطِكَ وكُنْتُ جاهِلاً عَلَّمْتَنِي طُرُقَ مَرْضَاتِكَ وَكُنْتُ راقِداً أَيْقَظْتَنِي لِذِكْرِكَ وثَنَائِكَ. يا إِلهِي وَبُغْيَتِي وَرَجَائِي وَعِزَّتِكَ عَبْدُك هذا اعْتَرَفَ بِعَجْزِهِ وفَقْرِهِ وَجَرِيراتِهِ وَخَطِيئَاتِهِ وَغَفْلَتِهِ وَجَهْلِهِ، أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ المُهَيْمِنِ عَلَى الأَسْماءِ وَبِأَمْواجِ بَحْرِ رَحْمَتِكَ يَا فَاطِرَ السَّماءِ وَبِكِتَابِكَ الأَعْظَمِ الَّذِي هَدَيْتَ بِهِ الأُمَمَ وَأَخْبَرْتَ فِيهِ عِبَادَكَ بِالقِيامَةِ وظُهُوراتِها، وَبِالسَّاعَةِ وَأَشْراطِها، وَجَعَلتَهُ مُبَشِّراً لأَوْلِيائِكَ وَمُنْذِراً لأَعْدَائِكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِي فِي كُلِّ الأَحْوالِ صَابِراً فِي بَلائِكَ وَناظِراً إِلى أُفُقِ فَضْلِكَ وَمُتَمَسِّكاً بِحَبْلِ طَاعَتِكَ وَعامِلاً بِمَا أَمَرْتَنِي بِهِ فِي كِتَابِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الكَرِيمُ. وإِنَّكَ أَنْتَ اللهُ رَبُّ العَالَمِينَ.