البشارات (معرب)

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

البِشَارَاتُ

(معرّب عن الفارسية)

هَذَا نِدَاءُ الأَبْهَى الَّذِي ارْتَفَعَ مِنَ الأُفُقِ الأَعْلَى فِي سِجْنِ عَكَّا

هُوَ الْمُبَيِّنُ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ

شَهِدَ الْحَقُّ وَمَظَاهِرُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ارْتِفَاعِ النِّدَاءِ وَالْكَلِمَةِ الْعُلْيَا أَنْ تَطَّهَّرَ آذَانُ الإِمْكَانِ بِكَوْثَرِ الْبَيَانِ عَنِ الْقِصَصِ الْكَاذِبَةِ وَتَسْتَعِدَّ لإِصْغَاءِ الْكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ الْمُبَارَكَةِ الْعُلْيَا الَّتِي ظَهَرَتْ مِنْ خِزَانَةِ عِلْمِ فَاطِرِ السَّمَاءِ وَخَالِقِ الأَسْمَاءِ طُوبَى لِلْمُنْصِفِينَ. يَا أَهْلَ الأَرْضِ:

الْبِشَارَةُ الأُولَى

الَّتِي مُنِحَتْ مِنْ أُمِّ الْكِتَابِ فِي هَذَا الظُّهُورِ الأَعْظَمِ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْعَالَمِ مَحْوُ حُكْمِ الْجِهَادِ مِنَ الْكِتَابِ. تَعَالَى الْكَرِيمُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ الَّذِي بِهِ فُتِحَ بَابُ الْفَضْلِ عَلَى مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرَضِينَ.

الْبِشَارَةُ الثَّانِيَةُ

صُدُورُ الإِذْنِ لأَحْزَابِ الْعَالَمِ بِأَنْ يَتَعَاشَرُوا بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ. عَاشِرُوا يَا قَوْمِ مَعَ الأَدْيَانِ كُلِّهَا بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ. كَذَلِكَ أَشْرَقَ نَيِّرُ الإِذْنِ وَالإِرَادَةِ مِنْ أُفُقِ سَمَاءِ أَمْرِ اللهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

البِشَارَةُ الثَّالِثَةُ

تَعْلِيمُ الأَلْسُنِ الْمُخْتَلِفَةِ وَقَدْ صَدَرَ هَذَا الْحُكْمُ مِنْ قَبْلُ مِنَ الْقَلَمِ الأَعْلَى. فَلْيَتَشَاوَرْ حَضَرَاتُ الْمُلُوكِ أَيَّدَهُمُ اللهُ أَوْ وُزَرَاءُ الْعَالَمِ وَيَخْتَارُوا لُغَةً مِنَ اللُّغَاتِ الْمُتَدَاوَلَةِ أَوْ يُقَرِّرُوا لُغَةً جَدِيدَةً وَيُعَلِّمُوا بِهَا الأَطْفَالَ فِي مَدَارِسِ الْعَالَمِ وَكَذَلِكَ الْخَطَّ. فَحِينَئِذٍ تُشَاهَدُ الأَرْضُ قِطْعَةً وَاحِدَةً. طُوبَى لِمَنْ سَمِعَ النِّدَاءَ وَعَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ لَدَى اللهِ رَبِّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ.

الْبِشَارَةُ الرَّابِعَةُ

إِذَا قَامَ أَيُّ مَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ وَفَّقَهُم اللهُ عَلَى حِفْظِ هَذَا الْحِزْبِ الْمَظْلُومِ وَإِعَانَتِهِ يَجِبُ عَلَى الْكُلِّ أَنْ يَتَسَابَقُوا فِي مَحَبَّتِهِ وَخِدْمَتِهِ. وَهَذَا فَرْضٌ عَلَى الْكُلِّ. طُوبَى لِلْعَامِلِينَ.

البِشَارَةُ الْخَامِسَةُ

إِنَّ هَذَا الْحِزْبَ إِذَا أَقَامَ فِي بِلادِ أَيِّ دَوْلَةٍ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَسْلُكَ مَعَ تِلْكَ الدَّوْلَةِ بِالأَمَانَةِ وَالصِّدْقِ وَالصَّفَاءِ. هَذَا مَا نُزِّلَ مِنْ لَدُنْ آمِرٍ قَدِيمٍ. وَيَجِبُ عَلَى أَهْلِ الْعَالَمِ طُرَّاً إِعَانَةُ هَذَا الأَمْرِ الأَعْظَمِ الَّذِي نُزِّلَ مِنْ سَمَاءِ إِرَادَةِ مَالِكِ الْقِدَمِ. عَسَى أَنْ تَخْمُدَ نَارُ الْبَغْضَاءِ الْمُشْتَعِلَةُ فِي صُدُورِ بَعْضِ الأَحْزَابِ بِمَاءِ الْحِكْمَةِ الإِلَهِيَّةِ وَالنَّصَائِحِ وَالْمَوَاعِظِ الرَّبَّانِيَّةِ وَتَسْتَضِيءَ الآفَاقُ بِنُورِ الاتِّحَادِ وَالاتِّفَاقِ. نَرْجُو مِنْ عِنَايَةِ مَظَاهِرِ قُدْرَةِ الْحَقِّ جَلَّ جَلاَلُهُ أَنْ يَتَبَدَّلَ سِلاَحُ الْعَالَمِ بِالصَّلاَحِ وَأَنْ يَرْتَفِعَ الْفَسَادُ وَالْجِدَالُ مِنْ بَيْنِ الْعِبَادِ.

الْبِشَارَةُ السَّادِسَةُ

الصُّلْحُ الأَكْبَرُ الَّذِي نُزِّلَ شَرْحُهُ سَابِقَاً مِنَ الْقَلَمِ الأَعْلَى. نَعِيمَاً لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ وَعَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ مِنْ لَدَى اللهِ الْعَلِيمِ الْحَكِيمِ.

الْبِشَارَةُ السَّابِعَةُ

فُوِّضَ زِمَامُ الأَلْبِسَةِ وَتَرْتِيبُ اللِّحَى وَإِصْلاَحُهَا إِلَى اخْتِيَارِ الْعِبَادِ. وَلَكِن إِيَّاكُمْ يَا قَوْمِ أَنْ تَجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ مَلْعَبَ الْجَاهِلِينَ.

الْبِشَارَةُ الثَّامِنَةُ

إِنَّهُ وَلَوْ كَانَتْ أَعْمَالُ حَضَرَاتِ الرُّهْبَانِ وَالْقِسِّيسِينَ مِنْ مِلَّةِ حَضْرَةِ الرُّوحِ عَلَيْهِ سَلاَمُ اللهِ وَبَهَاؤُهُ مَقْبُولَةً عِنْدَ اللهِ إِلاَّ أَنَّهُ يَجِبُ الْيَوْمَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ الإِنْزِوَاءِ إِلَى سِعَةِ الْفَضَاءِ وَيَشْتَغِلُوا بِمَا يَنْفَعُهُم وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْعِبَادُ وَأَذِنَّا الْكُلَّ بِالتَّزَوُّجِ. لِيَظْهَرَ مِنْهُمْ مَنْ يَذْكُرُ اللهَ رَبَّ مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى وَرَبَّ الْكُرْسِيِّ الرَّفِيعِ.

الْبِشَارَةُ التَّاسِعَةُ

يَجِبُ عَلَى العَاصِي أَنْ يَطْلُبَ الْعَفْوَ وَالْمَغْفِرَةَ حِينَمَا يَجِدُ نَفْسَهُ مُنْقَطِعَاً عَمَّا سِوَى اللهِ. وَلاَ يَجُوزُ الاعْتِرَافُ بِالْخَطَايَا وَالْمَعَاصِي عِنْدَ الْعِبَادِ لأَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ وَلَنْ يَكُونَ سَبَبَاً لِلْغُفْرَانِ أَوْ الْعَفْوِ الإِلَهِيِّ بَلْ الاعْتِرَافُ لَدَى الْخَلْقِ سَبَبٌ لِلذِّلَّةِ وَالْهَوَانِ. وَلاَ يُحِبُّ الْحَقُّ جَلَّ جَلاَلُهُ ذِلَّةَ عِبَادِهِ. إِنَّهُ هُوَ الْمُشْفِقُ الْكَرِيمُ. يَنْبَغِي لِلْعَاصِي أَنْ يَطْلُبَ الرَّحْمَةَ مِنْ بَحْرِ الرَّحْمَةِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ وَيَسْأَلَ الْمَغْفِرَةَ مِنْ سَمَاءِ الْكَرَمِ وَيَقُولَ:

إِلَهِي إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِدِمَاءِ عَاشِقِيكَ الَّذِينَ اجْتَذَبَهُم بَيَانُكَ الأَحْلَى بِحَيْثُ قَصَدُوا الذُّرْوَةَ الْعُلْيَا مَقَرَّ الشَّهَادَةِ الْكُبْرَى وَبِالأَسْرَارِ الْمَكْنُونَةِ فِي عِلْمِكَ وَبِاللَّئَالِئِ الْمَخْزُونَةِ فِي بَحْرِ عَطَائِكَ أَنْ تَغْفِرَ لِي وَلأَبِي وَأُمِّي. وَإِنَّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ. لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْغَفُورُ الْكَرِيمُ. أَيْ رَبِّ تَرَى جَوْهَرَ الْخَطَاءِ أَقْبَلَ إِلَى بَحْرِ عَطَائِكَ وَالضَّعِيفَ مَلَكُوتِ اقْتِدَارِكَ وَالْفَقِيرَ شَمْسِ غَنَائِكَ. أَيْ رَبِّ لاَ تُخَيِّبْهُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ وَلاَ تَمْنَعْهُ عَنْ فُيُوضَاتِ أَيَّامِكَ. وَلاَ تَطْرُدْهُ عَنْ بَابِكَ الَّذِي فَتَحْتَهُ عَلَى مَنْ فِي أَرْضِكَ وَسَمَائِكَ. آهٍ آهٍ خَطِيئَاتِي مَنَعَتْنِي عَنِ التَّقَرُّبِ إِلَى بِسَاطِ قُدْسِكَ وَجَرِيرَاتِي أَبْعَدَتْنِي عَنِ التَّوَجُّهِ إِلَى خِبَاءِ مَجْدِكَ. قَدْ عَمِلْتُ مَا نَهَيْتَنِي عَنْهُ وَتَرَكْتُ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ. أَسْأَلُكَ بِسُلْطَانِ الأَسْمَاءِ أَنْ تَكْتُبَ لِي مِنْ قَلَمِ الْفَضْلِ وَالْعَطَاءِ مَا يُقَرِّبُنِي إِلَيْكَ وَيُطَهِّرُنِي عَنْ جَرِيرَاتِي الَّتِي حَالَتْ بَيْنِي وَبَيْنَ عَفْوِكَ وَغُفْرَانِكَ. إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْفَيَّاضُ. لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْفَضَّالُ.

الْبِشَارَةُ الْعَاشِرَةُ

قَدْ رَفَعْنَا حُكْمَ مَحْوِ الْكُتُبِ مِنَ الزُّبُرِ وَالأَلْوَاحِ فَضْلاً مِنْ لَدَى اللهِ مُبْعِثِ هَذَا النَّبَأِ الْعَظِيمِ.

الْبِشَارَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ

تَحْصِيلُ الْعُلُومِ وَالْفُنُونِ مِنْ كُلِّ الأَنْوَاعِ جَائِزٌ وَلَكِنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا الْعُلُومُ النَّافِعَةُ الَّتِي هِيَ الْعِلَّةُ وَالسَّبَبُ فِي رُقِيِّ الْعِبَادِ. كَذَلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ مِنْ لَدُنْ آمِرٍ حَكِيمٍ.

الْبِشَارَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ

قَدْ وَجَبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْكُمُ الاشْتِغَالُ بِأَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ مِنَ الصَّنَائِعِ وَالاقْتِرَافِ وَأَمْثَالِهَا. وَجَعَلْنَا اشْتِغَالَكُمْ بِهَا نَفْسَ الْعِبَادَةِ للهِ الْحَقِّ. تَفَكَّرُوا يَا قَوْمِ فِي رَحْمَةِ اللهِ وَأَلْطَافِهِ ثُمَّ اشْكُرُوهُ فِي الْعَشِيِّ وَالإِشْرَاقِ. لاَ تُضَيِّعُوا أَوْقَاتَكُمْ بِالْبِطَالَةِ وَالْكَسَالَةِ وَاشْتَغِلُوا بِمَا تَنْتَفِعُ بِهِ أَنْفُسُكُمْ وَأَنْفُسُ غَيْرِكُمْ كَذَلِكَ قُضِيَ الأَمْرُ فِي هَذَا اللَّوْحِ الَّذِي لاَحَتْ مِنْ أُفُقِهِ شَمْسُ الْحِكْمَةِ وَالْبَيَانِ. أَبْغَضُ النَّاسِ عِنْدَ اللهِ مَنْ يَقْعُدُ وَيَطْلُبُ تَمَسَّكُوا بِحَبْلِ الأَسْبَابِ مُتَوَكِّلِينَ عَلَى اللهِ مُسَبِّبِ الأَسْبَابِ. فَكُلُّ مَنْ يَشْتَغِلُ بِصَنْعَةِ أَوِ احْتِرَافٍ وَيَعْمَلُ بِهَا يُعَدُّ عَمَلُهُ عِنْدَ اللهِ نَفْسَ الْعِبَادَةِ. إِنْ هَذَا إِلاَّ مِنْ فَضْلِهِ الْعَظِيمِ الْعَمِيمِ.

الْبِشَارَةُ الثَّالِثَةَ عَشْرَةَ

إِنَّ أُمُورَ الْمِلَّةِ مَنُوطَةٌ بِرِجَالِ بَيْتِ الْعَدْلِ الإِلَهِيِّ أُولَئِكَ أُمَنَاءُ اللهِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَمَطَالِعُ الأَمْرِ فِي بِلاَدِهِ.

يَا حِزْبَ اللهِ إِنَّ مُرَبِّي الْعَالَمِ هُوَ الْعَدْلُ لأَنَّهُ حَائِزٌ لِلرُّكْنَيْنِ الْمُجَازَاةِ وَالْمُكَافَاةِ. وَهَذَانِ الرُّكْنَانِ هُمَا الْيَنْبُوعَانِ لِحَيَاةِ أَهْلِ الْعَالَمِ. وَحَيْثُ إِنَّ كُلَّ يَوْمٍ يَقْتَضِي أَمْرَاً وَكُلَّ حِينٍ يَسْتَدْعِي حُكْمَاً فَلِذَلِكَ تَرْجِعُ الأُمُورُ إِلَى وُزَرَاءِ بَيْتِ الْعَدْلِ لِيُقَرِّرُوا مَا يَرَوْنَهُ مُوافِقَاً لِمُقْتَضَى الْوَقْتِ. وَالَّذِينَ يَقُومُونَ عَلَى خِدْمَةِ الأَمْرِ لِوَجْهِ اللهِ أُولَئِكَ مُلْهَمُونَ بِالإِلْهَامَاتِ الْغَيْبِيَّةِ الإِلَهِيَّةِ وَيَجِبُ عَلَى الْكُلِّ إِطَاعَتُهُمْ. وَالأُمُورُ السِّيَاسِيَّةُ كُلُّهَا تَرْجِعُ إِلَى بَيْتِ الْعَدْلِ. وَأَمَّا الْعِبَادَاتُ فَتَرْجِعُ إِلَى مَا أَنْزَلَهُ اللهُ فِي الْكِتَابِ.

يَا أَهْلَ الْبَهَاءِ كُنْتُمْ وَلاَ زِلْتُمْ مَشَارِقَ مَحَبَّةِ اللهِ وَمَطَالِعَ عِنَايَتِهِ. فَلاَ تُدَنِّسُوا اللِّسَانَ بِسَبِّ أَحَدٍ وَلَعْنِهِ. غُضُّوا أَبْصَارَكُمْ عَمَّا لاَ يَلِيقُ بِهَا أَظْهِرُوا لِلنَّاسِ مَا عِنْدَكُمْ فَإِنْ قُبِلَ فَبِهَا وَإِلاَّ فَالتَّعَرُّضُ غَيْرُ جَائِزٍ. ذَرُوهُ بِنَفْسِهِ مُقْبِلِينَ إِلَى اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْقَيُّومِ. وَلاَ تَكُونُوا سَبَبَاً لِحُزْنِ أَحَدٍ فَضْلاً عَنِ الْفَسَادِ وَالنِّزَاعِ. عَسَى أَنْ تَتَرَبُّوا فِي ظِلِّ سِدْرَةِ الْعِنَايَةِ الإِلَهِيَّةِ وَتَعْمَلُوا بِمَا أَرَادَهُ اللهُ. كُلُّكُمْ أَوْرَاقُ شَجَرَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَطَرَاتُ بَحْرٍ وَاحِدٍ.

الْبِشَارَةُ الرَّابِعَةَ عَشْرَةَ

لاَ تَشُدُّوا الرِّحَالَ خَاصَّةً لِزَيارَةِ أَهْلِ الْقُبُورِ فَإِنْ دَفَعَ أُولُوا السَّعَةِ وَالْقُدْرَةِ مَصَارِيفَ ذَلِكَ إِلَى بَيْتِ الْعَدْلِ فَهُوَ مَقْبُولٌ وَمَحْبُوبٌ عِنْدَ اللهِ نَعِيمَاً لِلْعَامِلِينَ.

الْبِشَارَةُ الْخَامِسَةَ عَشْرَةَ

إِنَّ الْجُمْهُورِيَّةَ وَإِنْ كَانَ نَفْعُهَا رَاجِعَاً إِلَى عُمُومِ أَهْلِ الْعَالَمِ وَلَكِنَّ شَوْكَةَ السَّلْطَنَةِ آيَةٌ مِنْ آيَاتِ اللهِ لاَ نُحِبُّ أَنْ يُحْرَمَ مِنْهَا مُدُنُ الْعَالَمِ فَإِنْ جَمَعَ أَهْلُ التَّدْبِيرِ بَيْنَ الاثْنَيْنِ فَأَجْرُهُمْ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ.

وَلَمَّا كَانَ مِنَ الْمُحَقَّقِ الثَّابِتِ فِي الْمَذَاهِبِ السَّابِقَةِ حُكْمُ الْجِهَادِ وَمَحْوُ الْكُتُبِ وَالنَّهْيُ عَنِ مُعَاشَرَةِ الْمِلَلِ وَمُصَاحَبَتِهِمْ وَالنَّهْيُ عَنْ قِرَاءَةِ بَعْضِ الْكُتُبِ نَظَرَاً لِمُقْتَضَيَاتِ ذَلِكَ الْوَقْتِ لِذَا أَحَاطَتْ مَوَاهِبُ اللهِ وَأَلْطَافُهُ فِي هَذَا الظُّهُورِ الأَعْظَمِ وَالنَّبَأِ الْعَظِيمِ وَنُزِّلَ الأَمْرُ الْمُبْرَمُ مِنْ أُفُقِ إِرَادَةِ مَالِكِ الْقِدَمِ بِنَسْخِ مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ مِنْ هَذِهِ الأَحْكَامِ. نَحْمَدُ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى مَا أَنْزَلَهُ فِي هَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ الْعَزِيزِ الْبَدِيعِ.

فَلَوْ كَانَ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ جَمِيعِ الْبَشَرِ مَائَةُ أَلْفِ لِسَانٍ وَيَنْطِقُ بِالشُّكْرِ وَالْحَمْدِ إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي لاَ آخِرَ لَهُ لاَ يُعَادِلُ جَمِيعُ ذَلِكَ بِحَقِّ عِنَايَةٍ مِنَ الْعِنَايَاتِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الْوَرَقَةِ. يَشْهَدُ بِذَلِكَ كُلُّ عَارِفٍ بَصِيرٍ وَكُلُّ عَالِمٍ خَبِيرٍ. أَسْأَلُ الْحَقَّ جَلَّ جَلاَلُهُ أَنْ يُؤَيِّدَ حَضَرَاتِ الْمُلُوكِ وَالسَّلاَطِينِ الَّذِينَ هُمْ مَظَاهِرُ الْقُدْرَةِ وَمَطَالِعُ الْعِزَّةِ عَلَى إِجْرَاءِ أَوَامِرِهِ وَأَحْكَامِهِ. إِنَّهُ هُوَ الْمُقْتَدِرُ الْقَدِيرُ وَبِالإِجَابَةِ جَدِيرٌ.

المصادر
المحتوى
OV