(لوح حكمت) كتاب أنزله الرحمن من ملكوت البيان...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من اثار حضرت بهاءالله - آثار قلم اعلى – جلد 2، لوح رقم (6)، 159 بديع، لوح حکمت، صفحه 127 – 138

بسمه ‌المُبدع ‌العليم ‌الحکيم

کتاب انزله الرّحمن من ملکوت البيان و انّه لروح الحَيَوان لاهل الامکان تعالی اللّه ربّ العالمين يذکر فيه من يذکر اللّه ربّه انّه لهو الّنبيل فى لوح عظيم يا محمّد اسمع النّدآء من شطر الکبريآء من السّدرة المرتفعة علی الارض الزّعفران انّه لا اله الّا انا العليم الحکيم کن هبوب الرّحمن لاشجار الامکان و مربّيها باسم ربّک العادل الخبير انّا اردنا ان نذکر لک ما يتذکّر به النّاس ليدعنّ ما عندهم و يتوجّهنّ الی اللّه مولی المخلصين انّا ننصح العباد فى هذه الايّام الّتى فيها تغبّر وجه العدل و انارت و جنة الجهل و هتک ستر العقل و غاض الرّاحة و الوفآء و فاض المحنة و البلآء و فيها نقضت العهود و نکثت العقود لا يدرى نفس ما يبصره و يعميه و ما يضلّه و يهديه قل يا قوم دعوا الرذآئل و خذوا الفضآئل کونوا قدوة حسنة بين النّاس و صحيفة يتذکّر بها الاناس من قام لخدمة الامر له ان يصدع بالحکمة و‌ يسعى فى ازالة الجهل عن بين البرّية قل ان اتّحدوا فى کلمتکم و اتّفقوا فى رأيکم و اجعلوا اشراقکم افضل من عشيّکم و غدکم احسن من امسکم فضل الانسان فى الخدمة و الکمال لا فى الزّينة و الّثروة و المال اجعلوا اقوالکم مقدسة عن الزّيع و الهوى و اعمالکم منزّهة عن الرّيب و الرّيا قل لا تصرفوا نقود‌اعمارکم النّفيسة فى المشتهيات النّفسيّة و لا تقتصروا الامور علی منافعکم الشّخصيّة انفقوا اذا وجدتم و اصبروا اذا فقدتم انّ بعد کلّ شدّة رخآء و‌ مع کلّ کدر صفآء اجتنبوا الّتکاهل و الّتکاسل و‌ تمسّکوا بما ينتفع به العالم من الصّغير و الکبير و الشّيوخ و الارامل قل ايّاکم ان تزرعوا زؤان الخصومة بين البريّة و شوک الشّکوک فى القلوب الصّافية المنيرة قل يا احبّآء اللّه لا تعملوا ما يتکدّر به صافى سلسبيل المحبّة و ينقطع به عرف المودّة لعمرى قد خلقتم للوداد لا‌للضّغينة و العناد ليس الفخر لحبّکم انفسکم بل لحبّ ابنآء جنسکم و ليس الفضل لمن يحبّ الوطن بل لمن يحبّ العالم کونوا فى الطّرف عفيفا و فى اليد امينا و فى اللّسان صادقا و‌ فى القلب متذکرا لا‌تسقطوا منزلة العلمآء فى البهاء و لا تصغّروا قدر من يعدل بينکم من الامرآء اجعلوا جندکم العدل و سلاحکم العقل و شيمکم العفو و الفضل و ما تفرح به افئدة المقرّبين لعمرى قد احزننى ما ذکرت من الاحزان لا تنظر الی الخلق و اعمالهم بل الی الحقّ و‌ سلطانه انّه يذکرک بما کان مبدء فرح العالمين اشرب کوثر السّرور من قدح بيان مطلع الظّهور الّذى يذکرک فى هذا الحصن المتين و افرغ جهدک فى احقاق الحقّ بالحکمة و البيان و ازهاق الباطل عن بين الامکان کذلک يأمرک مشرق العرفان من هذا الافق المنير يا ايّها الناطّق باسمى انظر النّاس و ما عملوا فى ايّامى انّا نزّلنا لاحد من الامرآء ما عجز عنه من علی الارض و سئلناه ان يجمعنا مع علمآء العصر ليظهر له حجّة اللّه و برهانه و عظمته و سلطانه و ما اردنا بذلک الّا الخير المحض انّه ارتکب ما ناح به سکّان مدآئن العدل و الانصاف و بذلک قضى بينى و بينه انّ ربّک لهو الحاکم الخبير و مع ما تراه کيف يقدر ان يطير الطّير الالهى فى هوآء المعانى بعد ما انکسرت قوادمه باحجار الظّنون و البغضآء و حبس فى سجن بنى من الصّخرة الملسآء لعمر اللّه ان القوم فى ظلم عظيم و امّا ما ذکرت فى بدء‌الخلق هذا مقام يختلف باختلاف الافئدة و الانظار لو تقول انّه کان و يکون هذا حقّ و لو تقول کما ذکر فى الکتب المقدّسة انّه لا‌ريب فيه نزّل من لدى اللّه ربّ العالمين انّه کان کنزا مخفيا و هذا مقام لا يعبّر بعبارة و لا يشار باشارة و فى مقام احببت ان اعرف کان الحقّ و الخلق فى ظلّه من الاوّل الّذى لا اوّل له الّا انّه مسبوق بالاولّية الّتى لا تعرف بالاوّلية و بالعلةّ الّتى لم يعرفها کلّ عالم عليم‌ قد کان ما کان و‌ لم يکن مثل ما تراه اليوم و ما کان تکّون من الحرارة المحدثة من امتزاج الفاعل و المنفعل الّذى هو عينه و‌غيره کذلک ينبئک النّبأ الاعظم من هذا النّآ العظيم انّ الفاعلين و المنفعلين قد خلقت من کلمة اللّه المطاعة و انّها هى علّة الخلق و ما سواها مخلوق معلول انّ ربّک لهو المبيّن الحکيم ثمّ اعلم انّ کلام اللّه عزّ و جلّ اعلی و‌ اجلّ من ان يکون ممّا تدرکه الحواسّ لانّه ليس بطبيعة و لا بجوهر قد کان مقدّسا عن العناصر المعروفة و الاسطقسّات العوالی المذکورة و انّه ظهر من غير لفظ و‌ صوت و هو امر ‌الله المهيمن علی العالمين انّه ما انقطع عن العالم و هو الفيض الاعظم الّذى کان علّة الفيوضات و هو الکون المقدّس عمّا کان و‌ ما يکون انّا لا نحبّ ان نفصّل هذا المقام لانّ اذان المعرضين ممدودة الينا ليستمعوا ما يعترضون به علی اللّه المهيمن القيّوم لانّهم لا‌ينالون بسرّ العلم و الحکمة عمّا ظهر من مطلع نور الاحديّة لذا يعترضون و يصيحون و الحقّ ان يقال انّهم يعترضون علی ما عرفوه لا علی ما بيّنه المبيّن و انبأه الحقّ علّام الغيوب ترجع اعتراضاتهم کلّها علی انفسهم و‌ هم لعمرک لا يفقهون لا‌بدّ لکلّ امر من مبدءٍ و لکلّ بناءٍ من بان و انّه هذه العلّة الّّتى سبقت الکون المزّين بالطّراز القديم مع تجدده و‌ حدوثه فى کلّ حين تعالی الحکيم الّذى خلق هذا النّآ الکريم فانظر العالم و‌ تفکّر فيه انّه يريک کتاب نفسه و ما سطر فيه من قلم ربّک الصّانع الخبير و يخبرک بما فيه و عليه و يفصح لک علی شأن يغنيک عن کلّ مبيّن فصيح قل انّ الطّبيعة بکينونتها مظهر اسمى المبتعث و المکوّن و قد تختلف ظهوراتها بسبب من الاسباب و فى اختلافها لآيات للمتفرّسين و هى الارادة و‌ ظهورها فى رتبة الامکان بنفس الامکان و‌ انّها لتقدير من مقدّر عليم و‌ لو قيل انّها لهى المشيّة الامکانيّة ليس لاحد ان يعترض عليه و قدّر فيها قدرة عجز عن ادراک کنهها العالمون انّ البصير لا يرى فيها الّا تجلّى اسمنا المکّون قل هذا کون لا‌يدرکه الفساد و‌ تحيّرت الطّبيعة من ظهوره و برهانه و اشراقه الّذى احاط العالمين ليس لجنابک ان تلتفت الی قبل و بعد اذکر اليوم و‌ ما ظهر فيه انّه ليکفى العالمين انّ البيانات و الاشارات فى ذکر هذه المقامات تخمد حرارة الوجود لک ان تنطق اليوم بما تشتعل به الافئدة و‌ تطير اجساد المقبلين من يوقن اليوم بالخلق البديع و‌ يرى الحقّ المنيع مهيمنا قيّوما عليه انّه من اهل البصر فى هذا المنظر الاکبر يشهد بذلک کلّ موقن بصير امش بقوّة الاسم الاعظم فوق العالم لترى اسرار القدم و‌ تطّلع بما لا اطّلع به احد انّ ربّک لهو المؤيّد العليم الخبير کن نبّاضا کالشّريان فى جسد الامکان ليحدث من الحرارة المحدثة من الحرکة ما تسرع به افئدة المتوقّفين انّک عاشرت معى و رايت شموس سمآء حکمتى و‌ امواج بحر بيانى اذ کنّا خلف سبعين الف حجاب من الّنور انّ ربّک لهو الصّادق الامين طوبى لمن فاز بفيضان هذا البحر فى ايّام ربّه الفيّاض الحکيم انّا بينّا لک اذ کنّا فى العراق فى بيت من سمّى بالمجيد اسرار الخليقة و‌ مبدئها و‌ منتهاها و‌ علّتها فلمّا خرجنا اقتصرنا البيان بانّه لا اله الّا انا الغفور الکريم کن مبلّغ امر ‌الله ببيان تحدث به النّار فى الاشجار و تنطق انّه لا اله الّا انا العزيز المختار قل انّ البيان جوهر يطلب النفّوذ و الاعتدال امّا النفّوذ معلّق باللّطافة و اللّطافة منوطة بالقلوب الفارغة الصّافية و‌ امّا الاعتدال امتزاجه بالحکمة الّتى نزلّناها فى الزّبر و الالواح تفکّر فيما نزّل من سماء مشيّة ربّک الفيّاض لتعرف ما اردناه فى غياهب الآيات انّ الّذين انکروا اللّه و تمسّکوا بالطبيّعة من حيث هى هى ليس عندهم من علم و لا من حکمةٍ اَلا انّهم من الهآئمين اولئک ما بلغوا الذّروة العليا و الغاية القصوى لذا سکّرت ابصارهم و‌ اختلفت افکارهم و الّا رؤسآء القوم اعترفوا باللّه و‌ سلطانه يشهد بذلک ربّک المهيمن القيّوم و‌ لمّا ملئت عيون اهل الشّرق من صنآئع اهل الغرب لذا هاموا فى الاسباب و‌غفلوا عن مسببّها و ممدّها مع انّ الّذين کانوا مطالع الحکمة و‌ معادنها ما انکروا علّتها و‌ مبدعها و‌ مبدئها انّ ربّک يعلم و النّاس اکثرهم لا يعلمون و‌ لنا ان نذکر فى هذا اللّوح بعض مقالات الحکمآء لوجه اللّه مالک الاسمآء ليفتح بها ابصار العباد و‌ يوقنّن انّه هو الصّانع القادر المُبدع المنشىء العليم الحکيم و‌ لو يرى اليوم لحکمآء العصر يد طولی فى الحکمة و الصّنآئع و لکنّ لو ينظر احد بعين البصيرة ليعلم انّهم اخذوا اکثرها من حکمآء القبل و‌ هم الّذين اسّسوا اساس الحکمة و مهّدوا بنيانها‌‌و‌شيّدوا ارکانها کذلک ينبئک ربّک القديم و القدمآء اخذوا العلوم من الانبيآء لانّهم کانوا مطالع الحکمة الالهيّة و مظاهر الاسرار الرّبانيّة من النّاس من فاز بزلال سلسال بياناتهم و منهم من شرب ثمالة الکأس لکلّ نصيب علی مقداره انّه لهو العادل الحکيم انّ ابيدقليس الّذى اشتهر فى الحکمة کان فى زمن داود و‌ فيثاغورس فى زمن سليمان بن داود و‌ اخذا الحکمة من معدن النّبوة و هو الّذى ظنّ انّه سمع حفيف الفلک و بلغ مقام الملک انّ ربّک يفصّل کلّ امر اذا شآء انّه لهو العليم المحيط انّ اسّ الحکمة و اصلها من الانبيآء و‌ اختلفت معانيها و اسرارها بين القوم باختلافات الانظار و العقول انّا نذکر لک نبأ يوم تکلّم فيه احد من الانبيآء بين الورى بما علّمه شديد القوى انّ ربّک لهو الملهم العزيز المنيع فلمّا انفجرت ينابيع الحکمة و البيان من منبع بيانه و اخذ سکر خمر العرفان من فى فنآئه قال الان قد ملأ الرّوح من النّاس من اخذ هذا القول و وجد منه علی زعمه رآئحة الحلول و الدّخول و‌ استدلّ فى ذلک ببيانات شتّى و اتّبعه حزب من النّاس لو‌انّا نذکر اسمآئهم فى هذا المقام و‌ نفصّل لک ليطول الکلام و‌ نبعد عن المرام انّ ربّک لهو الحکيم العّلام و‌ منهم من فاز بالرّحيق المختوم الّذى فکّ بمفتاح لسان مطلع آيات ربّک العزيز الوهّاب، قل انّ الفلاسفة ما انکروا القديم بل مات اکثرهم فى حسرة عرفانه کما شهد بذلک بعضهم انّ ربّک لهو المخبر الخبير انّ بقراط الطّبيب کان من کبار الفلاسفة و‌ اعترف باللّه و‌ سلطانه و بعده سقراط انّه کان حکيما فاضلا زاهدا اشتغل بالرّياضة و نهى النّفس عن الهوى و اعرض عن ملاذّ الدّنيا و اعتزل الی الجبل و اقام فى غار و منع النّاس عن عبادة الاوثان و علّمهم سبيل الرّحمن الی ان ثارت عليه الجهّال و‌ اخذوه و‌ قتلوه فى السّجن کذلک يقصّ لک هذا القلم السريع ما احدّ بصر هذا الرّجل فى الفلسفة انّه سيّد الفلاسفة کلّها قد کان علی جانب عظيم من الحکمة نشهد انّه من فوارس مضمارها و اخصّ القآئمين لخدمتها و‌ له يد طولی فى العلوم المشهودة بين القوم و‌ ما هو المستور عنهم کانّه فاز بجرعة اذ فاض البحر الأعظم بهذا الکوثر المنير هو الّذى اطّلع علی الطّبيعة المخصوصة المعتدلة الموصوفة بالغلبة و انّها اشبه الاشيآء بالرّوح الأنسانى قد اخرجها من الجَسَدِ الجوّانى و‌ له بيان مخصوص فى هذا البنيان المرصوص لو تسئل اليوم حکمآء العصر عمّا ذکره لترى عجزهم عن ادراکه انّ ربّک يقول الحقّ و لکنّ النّاس اکثرهم لا يفقهون و بعده افلاطون الألهى انّه کان تلميذا لسقراط المذکور و جلس علی کرسىّ الحکمة بعده و اقرّ باللّه و ‌آياته المهيمنة علی ما کان و ما يکون و بعده من سمّى بارسطوطاليس الحکيم المشهور و هو الّذى استنبط القوّة البخاريّة و هؤلآء من صناديد القوم و کبرآئهم کلّهم اقرّوا و‌ اعترفوا بالقديم الّذى فى قبضته زمام العلوم ثمّ اذکر لک ما تکلّم به بلينوس الّذى عرف ما ذکره ابوالحکمة من اسرار الخليقة فى الواحه الزبرجديّة ليوقن الکلّ بما بيّناه لک فى هذا اللّوح المشهود الّذى لو يُعصَرُ بايادى العدل و العرفان ليجرى منه روح الحيوان لاحيآء من فى الامکان طوبى لمن يسبح فى هذا البحر و يسبّح ربّه العريز المحبوب قد تضوّعت نفحات الوحى من آيات ربّک علی شأن لا ينکرها الّا من کان محروما عن السّمع و البصر و الفؤاد و‌ عن کلّ الشّؤنات الانسانيّة انّ ربّک يشهد و لکنّ النّاس لا يعرفون و هو الّذى يقول انا بلينوس الحکيم صاحب العجآئب و الطّلسمات و انتشر منه من الفنون و العلوم ما لا انتشر من غيره و‌ قد ارتقى اعلى مراقى الخضوع و الابتهال اسمع ما قال فى مناجاته مع الغنىّ المتعال اقوم بين يدى ربّى فاذکر الآئه و نعمآئه و‌ اصفه بما وصف به نفسه لان اکون رحمة و هدى لمن يقبل قولی الی ان قال يا ربّ انت الاله و لا اله غيرک و انت الخالق و لا خالق غيرک ايّدنى و قوّنى فقد رجف قلبى و‌ اضطربت مفاصلی و ذهب عقلی و‌ انقطعت فکرتى فاعطنى القوّة و‌ انطق لسانى حتّى اتکلّم بالحکمة الی ان قال انّک انت العليم الحکيم القديم الرّحيم انّه لهو الحکيم الّذى اطّلع باسرار الخليقة و الرّموز المکنونة فى الالواح الهرمسيّة انّا لا نحبّ ان نذکر ازيد عمّا ذکرناه و نذکر ما القى الرّوح علی قلبى انّه لا اله الّا هو العالم المقتدر المهيمن العزيز الحميد لعمرى هذا يوم لا تحبّ السدّرة الّا ان تنطق فى العالم انّه لا اله الّا انا الفرد الخبير لولاحبىّ ايّاک ما تکلّمت بکلمة عمّا ذکرناه اعرف هذا المقام ثمّ احفظه کما تحفظ عينيک و‌ کن من الشّاکرين و ‌انّک تعلم انّا ما قرئنا کتب القوم و‌ ما اطّلعنا بما عندهم من العلوم کلّما اردنا ان نذکر بيانات العلمآء و الحکمآء يظهر ما ظهر فى العالم و‌ ما فى الکتب و الزّبر فى لوح اَمام وجه ربّک نرى و‌ نکتب انّه احاط علمه السّموات و الارضين هذا لوح رقم فيه من القلم المکنون علم ما کان و‌ ما يکون و‌ لم يکن له مترجم الّا لسانى البديع انّ قلبى من حيث هو هو قد جعله اللّه ممرّدا عن اشارات العلمآء و بيانات الحکمآء انّه لا يحکى الّا عن اللّه وحده يشهد بذلک لسان العظمة فى هذا الکتاب المبين قل يا ملأ الارض ايّاکم ان يمنعکم ذکر الحکمة عن مطلعها و‌ مشرقها تمسّکوا بربّکم المعلّم الحکيم انّا قدّرنا لکلّ ارض نصيبا و لکلّ ساعة قسمة و لکلّ بيان زمانا و‌ لکلّ حالٍ مقالا فانظروا اليونان انّا جعلناها کرسّى الحکمة فى برهةٍ طويلة فلمّا جآء اجلها ثلّ عرشها و‌ کلّ لسانها و خبت مصابيحها و نکست اعلامها کذلک ناخذ و نعطى انّ ربّک لهو الاخذ المعطى المقتدر القدير قد اودعنا شمس المعارف فى کلّ ارضٍ اذا جآء الميقات تشرق من افقها امرا من لدى ‌الله العليم الحکيم انّا لو نريد ان نذکر لک کلّ قطعةٍ من قطعات الارض و‌ ما و لج فيها و‌ ظهر منها لنقدر انّ ربّک احاط علمه السّموات و الارضين ثمّ اعلم قد‌ظهر من القدمآء ما‌لم يظهر من الحکمآء المعاصرين انّا نذکر لک نبأ مورطس انّه کان من الحکمآء و صنع آلة تسمع علی ستّين ميلا و کذلک ظهر من غيره ما لا‌تراه فى هذا الزّمان انّ ربّک يظهر فى کلّ قرن ما اراد حکمة من عنده انّه لهو المدّبر الحکيم من کان فيلسوفا حقيقّيا ما انکر اللّه و برهانه و‌ اقرّ بعظمته و‌ سلطانه المهيمن علی العالمين انّا نحبّ الحکمآء الّذين ظهر منهم ما انتفع به النّاس و‌ ايّدناهم بامرٍ من عندنا انّا کنّا قادرين ايّاکم يا احبّآئى ان تنکروا فضل عبادى الحکمآء الّذين جعلهم اللّه مطالع اسمه الصّانع بين العالمين افرغوا جهدکم ليظهر منکم الصّنآئع و الامور الّتى بها ينتفع کلّ صغيرٍ و کبيرٍ انّا نتبرّء عن کلّ جاهل ظنّ بانّ الحکمة هو التّکلّم بالهوى و الاعراض عن اللّه مولی الورى کما تسمع اليوم من بعض الغافلين قل اوّل الحکمة و اصلها هو الاقرار بما بيّنه اللّه لّان به استحکم بنيان السّياسة الّتى کانت درع الحفظ لبدن العالم تفکّروا لتعرفوا ما نطق به قلمى الاعلی فى هذا اللّوح البديع قل کلّ امرٍ سياسىّ انتم تتکلّمون به کان تحت کلمة من الکلمات الّتى نزّلت من جبروت بيانه العزيز المنيع کذلک قصصنا لک ما يفرح به قلبک و‌ تقّر عينک و‌ تقوم علی خدمة الامر بين العالمين نبيلی لا تحزن من شىء افرح بذکرى ايّاک و اقبالی و‌ توجّهى اليک و‌ تکلّمى معک بهذا الخطاب المبرم المتين تفکّر فى بلآئى و سجنى و‌غربتى و‌ ما ورد علىّ و‌ ما ينسب الىّ النّاس اَلا انّهم فى حجاب غليظ لما بلغ الکلام هذا المقام طلع فجر المعانى و‌طفىء سراج البيان البهاء لاهل الحکمة و العرفان من لدن عزيز حميد قل سبحانک اللّهمّ يا الهى اسئلک باسمک الّذى به سطع نور الحکمة اذ تحرّکت افلاک بيانه بين البرّية بان تجعلنى مؤيّدا بتأييداتک و‌ ذاکرا باسمک بين عبادک اى ربّ توجّهت اليک منقطعا عن سوآئک و‌ متشبّثا بذيل الطافک فانطقنى بما تنجذب به العقول و‌ تطير به الارواح و الّنفوس ثمّ قوّنى فى امرک علی شأن لا‌تمنعنى سطوة الظّالمين من خلقک و لا قدرة المنکرين من اهل مملکتک فاجعلنى کالسّراج فى ديارک ليهتدى به من کان فى قلبه نور معرفتک و شغف محبّتک انّک انت المقتدر علی ما تشآء و‌ فى قبضتک ملکوت الانشآء لا اله الّا انت العزيز الحکيم

المصادر
المحتوى