هو البهيّ الأبهى أَنْ يا جَعْفَرُ فَاخْرُقْ حُجُباتِ الْوَهْمِ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

هو البهيّ الأبهى

أَنْ يا جَعْفَرُ فَاخْرُقْ حُجُباتِ الْوَهْمِ لأَنَّا أَخْرَقْناها بِسُلْطانٍ مِنْ عِنْدِنا وَقُدْرَةٍ مِنْ لَدُنَّا وَأَنا الْمُقْتَدِرُ عَلى ما أَشاءُ وَأَنا الْقادِرُ الْعَلِيْمُ الْحَكِيْمُ، ثُمَّ افْتَحْ عَيْناكَ ثُمَّ انْظُرْ إِلى كَلِماتِ رَبِّكَ تَاللهِ لَنْ يُعادِلَ بِحَرْفٍ مِنْها كُلُّما خُلِقَ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِيْنَ، دَعِ الدُّنْيا وَما عَلَيْها فِيْ ظِلِّكَ ثُمَّ اخْرُجْ عَنْ خَلْفِ السَّحابِ بِإِشْراقٍ مُبِيْنٍ، ثُمَّ فَكِّرْ فِيْ نَفْسِكَ بِأَنَّكَ لَوْ تَكْفُرُ بِتِلْكَ الآياتِ فَبَأَيِّ حَدِيْثٍ يَثْبُتُ إِيْمانُكَ بِاللهِ الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، إِيَّاكَ أَنْ تَحْجُبَكَ الرِّئاسَةُ عَنْ ذِكْرِ رَبِّكَ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ، قُمْ على خِدْمَةِ اللهِ وَضَعْ رِجْلَكَ عَلى رَأْسِ الْمُلْكِ ثُمَّ اسْتَرْفِعْ إِلى شاطِئِ الأَمْرِ فِيْ هَذِهِ الْبُقْعَةِ الْمُبارَكَةِ الَّتِيْ تَنْطِقُ ذَرَّاتُها بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ الْعَزِيْزُ الْجَمِيْلُ، طَيِّرْ بِخَوافِي الْقُدْسِ عَنِ الأَسْماءِ وَمَلَكُوْتِها ثُمَّ عَنِ الصِّفاتِ وَجَبَرُوْتِها ثُمَّ ادْخُلْ مَقْعَدَ الأَمْنِ مَقَرَّ الَّذِيْ تُوْقَدُ فِيْهِ النَّارُ مِنْ سِدْرَةِ رَبِّكَ الْعَزِيْزِ الْمُخْتارِ، وَهَذا ما قَدَّرْناهُ لَكَ إِنْ أَنْتَ مِنَ الْعارِفِيْنَ، هَلْ تَسْتَغْنِيْ بِالْكَأْسِ وَما فِيْها عَنْ غَمَراتِ هَذا الْبَحْرِ الأَعْظَمِ تَاللهِ هَذا لا يَنْبَغِيْ لَكَ لأَنَّا قَدَّرْنا لَكَ مَقامَ قُدْسٍ كَرِيْمٍ، تَاللهِ مَنْ يَتَنَفَّسْ بِنَفَسٍ وَحْدَهُ فِيْ هَذا الأَمْرِ لَيَكُوْنُ خَيْرًا لَهُ عَنْ كَنائِزِ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَهَذا تَنْزِيْلٌ مِنْ لَدُنْ عَزِيْزٍ حَكِيْمٍ، هَلْ بَعْدَ ظُهُوْرِ اللهِ يَنْفَعُ أَحَدًا شَيْءٌ لا فَوَنَفْسِيْ الْعَلِيْمِ الْخَبِيْرِ، كَسِّرْ أَصْنامَ التَّقْلِيْدِ وَإِنْ تَجِدْ فِيْ نَفْسِكَ مِنْ ضُعْفٍ فَاسْتَقْدِرْ بِاسْمِي الْغالِبِ الْقَدِيْرِ، وَإِنْ لَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَآياتِهِ إِيَّاكَ لا تُنْكِرْها ثُمَّ خُذْ يَدَ الضَّرِّ عَنْ أَمْرِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْغالِبِ الْمُحِيْطِ، تَاللهِ إِنَّكَ لَوْ تَلْتَفِتُ إِلى الأَشْياءِ بِسَمْعِ الْفِطْرَةِ لَتَسْمَعُ مِنْ كُلِّ الذَّرَّاتِ ما سَمِعَ أُذُنُ الْكَلِيْمِ وَتَشْهَدُ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ وَإِنَّ هَذا لَسُلْطانُ الْقِدَمِ قَدِ اسْتَقَرَّ عَلى عَرْشٍ عَظِيْمٍ، أَنْ يا اسْمِيْ تَاللهِ ما أَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى بَلِ الرُّوْحُ تَنْطِقُ فِيْ صَدْرِيْ إِنْ هِيَ مِنْ عِنْدِيْ بَلْ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيْرٍ، خَفْ عَنِ اللهِ الَّذِيْ خَلَقَكَ وَسَوَّاكَ وَلا تُنْكِرْ ما يَثْبُتُ بِهِ إِيْمانُكَ بِاللهِ رَبِّكَ وَرَبِّ الْعالَمِيْنَ، اسْمَعْ ما وُصِّيْتَ بِهِ فِي الأَلْواحِ وَلا تَدَعْ حُكْمَ اللهِ عَنْ وَرائِكَ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِيْنَ، ذُقْ مِنْ كَوْثَرِ الْبَقاءِ عَنْ يَدِ الْبَهاءِ وَلا تَحْرِمْ نَفْسَكَ عَنْ حَرَمِ الْخُلْدِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْمُحْتَجِبِيْنَ، قُلْ يا مَعْشَرَ الْعُلَماءِ مِنْ مَلإِ الْبَيانِ أَتَفْعَلُوْنَ كَما فَعَلَ عُلَماءُ الْفُرْقانِ حِيْنَ الَّذِيْ أَشْرَقَ جَمالُ الأَمْرِ بِاسْمِهِ الْعَلِيِّ الْعَلِيْمِ، تَاللهِ هَذا ظُلْمٌ مِنْكُمْ عَلى اللهِ بارِئِكُمْ وَيَشْهَدُ بِذَلِكَ كُلُّ فَطِنٍ بَصِيْرٍ، إِيَّاكَ أَنْ تَلْتَفِتَ إِلى الدُّنْيا وَزُخْرُفِها فَسَوْفَ يَفْنى الْمُلْكُ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ الْعَزِيْزِ الْجَمِيْلِ، كَذَلِكَ أَلْقَى الرُّوْحُ عَلَيْكَ مِنْ آياتِ الأَمْرِ لَعَلَّ تَشْهَدُ قُدْرَةَ رَبِّكَ وَتَكُوْنُ مِنَ الْمُوْقِنِيْنَ، وَإِنْ وَرَدَ عَلَيْكَ الَّذِيْ سُمِّيَ بِأَحْمَدَ ذَكِّرْهُ بِذِكْرٍ مِنْ لَدُنَّا لَعَلَّ يَجْذُبُهُ نَفَحاتُ الْفَضْلِ وَتُقَرِّبُهُ بِاللهِ الْعَزِيْزِ الْكَرِيْمِ، قُلْ يا عَبْدُ إِنَّا وَصَّيْناكَ حِيْنَ خُرُوْجِكَ عَنْ تِلْقاءِ الْعَرْشِ بِأَنْ لا تَتَكَلَّمَ إِلاَّ عَلى الصِّدْقِ الْخالِصِ وَلا تَسْتُرَ جَمالَ التَّوْحِيْدِ بِحُجُباتِ الْوَهْمِ وَالتَّقْلِيْدِ وَإِنَّكَ تَرَكْتَ أَمْرَ اللهِ وَكُنْتَ مِنَ التَّارِكِيْنَ، أَنْ يا عَبْدُ فَاجْعَلْ مَحْضَرَكَ مَحْضَرَ الإِنْصافِ وَالْعَدْلِ ثُمَّ تَفَكَّرْ بِما آمَنْتَ بِهِ باللهِ الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، وَإِنَّكَ إِنْ وَجَدْتَ ما آمَنْتَ بِهِ بَيْنَ يَدِيِّ الْعَبْدِ هَذا إِذًا لا تَكْفُرْ بِآياتِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتِرِيْنَ، وَإِنْ يَقُوْلُ أَحَدٌ هَذِهِ الآياتُ ما نَزَلَتْ عَلى الْفِطْرَةِ كَما قالُوا وَما اسْتَحْيُوا عَنِ اللهِ الَّذِيْ خَلَقَهُمْ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَبِذَلِكَ بَكَتْ عُيُوْنُ الْعَظَمَةِ وَهُمْ ما اسْتَشْعَرُوا فِيْ أَنْفُسِهِمْ وَكانُوا مِنَ الْفَرِحِيْنَ، قُلْ تَاللهِ يا قَوْمِ إِنَّ هَذا لَهُوَ الَّذِيْ بِأَمْرٍ مِنْ قَلَمِهِ قَدْ خُلِقَتْ فِطْرَةُ كُلِّ نَفْسٍ وَفِطْرَةُ السَّمواتِ وَالأَرَضِيْنَ، إِذًا قامَ رُوْحُ الْقُدُسِ تِلْقاءَ الْعَرْشِ وَتَقُوْلُ يا مَلأَ الْبَيانِ خافُوا عَنِ اللهِ وَلا تَقُوْلُوا ما تَحْتَرِقُ عَنْهُ أَفْئِدَةُ الْمُقَرَّبِيْنَ، تَاللهِ إِنِّيْ وَمَنْ فِي الْفِرْدَوْسِ الأَعْظَمِ خُلِقْنا بِإِرادَةٍ مِنْ هَذا الْجَمالِ تَاللهِ حِيْنَئِذٍ يَطُوْفُنَّ فِيْ حَوْلِهِ أَهْلُ مَلأِ الأَعْلى إِنْ أَنْتُمْ مِنَ النَّاظِرِيْنَ، وَمِنْ دُوْنِ ذَلِكَ إِنْ تُرِيدُوا أَنْ تَسْتَشْرِقَ شَمْسُ الْحَقِّ عَنْ أُفُقِ فَجْرٍ مُنِيْرٍ، أَنِ اجْتَمِعُوا مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا الْفُرْقانَ وَمِنْ دُوْنِهِمْ مِنْ كُلِّ مِلَلٍ أُخْرَى ثُمَّ اقْرَءُوا ما عِنْدَكُمْ وَما نَزَلَ مِنْ جَبَرُوْتِ الْبَقاءِ مِنْ لَدُنْ مُنْزِلٍ عَلِيْمٍ، وَإِنْ وَجَدُوا الْفَرْقَ بَيْنَهُما إِذًا أَنْتُمْ عَلى إِمْرٍ مِنَ الأَمْرِ لا فَوَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ لَنْ يَجِدَ الْفَرْقَ إِلاَّ أَنْفُسُ الْمُشْرِكِيْنَ، تَاللهِ إِنَّ رُوْحَ الأَعْظَمَ شَقَّ ثِيابَها بِما وَرَدَ عَلى مَظْهَرِ نَفْسِ اللهِ مِنْ عِبادِهِ الْمُسْتَضْعَفِيْنَ، قُلْ يا قَوْمِ إِلى مَتَى تَكُوْنُنَّ واقِفًا على أَرْضِ الإِشاراتِ فَاصْعَدُوا عَنْ هَذا الْمَقامِ ثُمَّ اسْتَبْلِغُوا بِبُلُوْغِ الأَمْرِ لَعَلَّ تَكُوْنُنَّ مِنَ الْبالِغِيْنَ، وَمَنْ طَهَّرَ شَمَّ الإِنْصافِ عَنْ زُكامِ الْبَغْضاءِ لَيَجِدُ رائِحَةَ الْحَقِّ مِنْ هَذِهِ الْمُرْسَلاتِ كَما يَجِدُ رائِحَةَ فارَةِ الْمِسْكِ وَيَكُوْنُ مِنَ الْمُوْقِنِيْنَ، كَذَلِكَ عَلَّمْناكَ وَأَلْهَمْناكَ حُبًّا لَكَ إِنْ أَقْبَلْتَ فَلِنَفْسِكَ وَإِنْ أَعْرَضْتَ فَإِنَّ رَبَّكَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِيْنَ.

المصادر
المحتوى
OV