أَنْ يا حَرْفَ الْمِيْمِ اسْمَعْ نِدائِيْ وَلا تَكُنْ مِنَ الصّابِرِيْنَ، ثُمَّ اشْهَدْ فِيْ نَفْسِكَ بِأَنَّهُ هُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ الْعَزِيْزُ الْقَدِيْرُ، يَفْعَلُ ما يَشآءُ بِأَمْرِهِ وَيحْكُمُ ما يُرِيْدُ، لا يُسْئَلُ عَمّا يَفْعَلُ وَإِنَّهُ لَهُوَ الْقَوِيُّ الْخَبِيْرُ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنْ حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْنا كِتابُكَ وَاطَّلَعْنا بِما فِيْهِ وَكُنّا مِنَ الشّاهِدِيْنَ، وَنَسْئَلُ اللهَ بِأَنْ يُثَبِّتَكَ عَلی أَمْرِهِ وَهذا لَخَيْرٌ لَكَ عَنْ مَلَكُوْتِ مُلْكِ السَّمواتِ والأَرَضِيْنَ، ثُمَّ أُوْصِيكَ حِيْنَئِذٍ حِيْنَ الَّذِيْ طارَتْ طَيْرُ الْبَقا عَنْ غُصْنِ الْعِراقِ وَأَرادَتْ غُصْنٍ أُخْری بِما اكْتَسَبَتْ أَيْدِي الظّالِمِيْنَ، قُلْ تَاللهِ الْحَقِّ إِنَّ هذا لَفَتیً أَنْفَقَ رُوْحَهُ للهِ رَبِّكَ وَرَبِّ الْعالَمِيْنَ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ناظِرًا إِلی حُكْمِ الْكِتابِ لَيُقَبِّلُ أَيْدِيْ مَنْ يَقْتُلُهُ فِيْ سُبُلِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، قُلْ إِنَّ الَّذِيْنَهُمُ اطَّلَعُوا بِمَواقِعِ الأَمْرِ مِنْ لَدُنْ سُلْطانِ عِزٍّ مَكِيْنٍ لَنْ يَخافُوا مِنْ أَحَدٍ وَلَوْ يَجْتَمِعُ عَلَيْهِمْ كُلُّ الْمُنافِقِيْنَ، وَفِيكُلِّ حِيْنٍ يَنْتَظِرُوْنَ الْبَلايا حُبًّا لِمَوْلاهُمُ الْقَدِيْمِ، وَيَشْتاقُوْنَ الرَّزايا كَاشْتِياقِ الرَّضِيْعِ إِلی ثَدْيِ أُمِّهِ وَكَفى بِاللهِ عَلى ما أَقُوْلُ شَهِيْدَ، وَأَنْتُمْ يا مَلأَ الْبَيانِ لا تَخافُوا مِنْ أَحَدٍ لأَنَّ اللهَ هُوَ قادِرٌ عَلَيْكُمْ وَيُجْرِيْ عَلَيْكُمْ ما يُرِيْدُ وَمَنْ دُوْنَهُ لَنْ يَقْدِرَ عَلی شَيْءٍ وَإِنَّ هذا لَحَقٌّ يَقِيْنٌ، فَوَاللهِ لَوْ يَعْرِفُوْنَ أَحِبّآءُ اللهِ ما قُدِّرَ لَهُمْ فِيْ رِضْوانِ قُرْبٍ مَنِيْعٍ لَيَفْدُوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ فِيْكُلِّ آنٍ وَحِيْنٍ، وَلكِنِ احْتَجَبُوا عَنْ ذلِكَ بِما الْتَفَتُوا إِلى زَخارِفِ الْمُلْكِ وَلِذا يَصْعُبُ عَلَيْهِمُ الْبَلايا فِيْ سُبُلِ بارِئِهِمْ وَإِنَّ هذا لَغَفْلَةٌ مُبِيْنٌ، إذًا يا إِلهِيْ فَارْزُقْهُمْ مِنْ خَمْرِ فَضْلِكَ وَإِفْضالِكَ حَتّى لا يَشْتَغِلُوا بِغَيْرِكَ وَلا يَرْغَبُوا إِلى دُوْنِكَ وَإِنَّ هذا لَفَضْلٌ عَظِيْمٌ، ثُمَّ ثَبِّتْهُمْ عَلى حُبِّكَ بِحَيْثُ لا يَلْتَفِتُوْنَ إِلی الَّذِيْنَهُمْ يَتَحَرَّكُوْنَ فِيْهَوآءِ الْغَفْلَةِ وَيَدَّعُوْنَ فِيْ أَنْفُسِهِمْ ما لا قُدِّرَ لَهُمْ مِنْ لَدُنْ حَكِيْمٍ خَبِيْرٍ، وَالرَّوْحُ علَيْكَ وَعَلى الَّذِيْنَهُمْ كانُوا عَلى الأَمْرِ وَالْحُبِّ لَمُسْتَقِيْمَ.