باسم محبوبي العلي الأعلى - هذا كتاب من هذا المفتقر...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (4)، الصفحة 8 -14

باسم محبوبي العليّ الأعلى

هذا كِتابٌ مِنْ هذا الْمُفْتَقِرِ الَّذِيْ يَدْعُو كُلَّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ إِلى رَبِّهِ الْعَزِيْزِ الْجَبّارِ، قُلْ إِنَّ فِيْ تَسَجُّرِ الأَبْحارِ وَتَجَرِّي الأَنْهارِ وَتَقَلُّبِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَظُهُوْراتِ الأَحَدِيَّةِ فِيْ قُمُصِ الأَنْوارِ وَآثارِ الصُّنْعِ فِي الأَثْمارِ لآياتٍ لأُوْلِي الأَبْصارِ، قُلْ يا مَلأَ الأَرْضِ فَانْظُرُوا إِلى آثارِ قُدْرَةِ اللهِ كَيْفَ خَلَقَ كُلَّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِحَرْفٍ مِنْ قَلَمِهِ وَنَفَخَ فِيْهِمْ رُوْحَ الْحَيَوانِ بِحَرْفٍ أُخْری كَذلِكَ نُلْقِيْ عَلَيْكُمْ ما سُتِرَ فِيْ طَمْطامِ يَمِّ الأَسْرارِ، وَأَرْسَلَ عَلَيْكُمْ عَلِيًّا قَبْلَ مُحَمَّدٍ وَأَنْزَلَ مَعَهُ آياتٍ بَيِّناتٍ يَعْجَزُ عَنْ عِرْفانِها كُلُّ ذِيْ عِلْمٍ وَاقْتِدارٍ، وَبِذلِكَ شُقَّتْ أَرْضُ الْمَعْرِفَةِ وَانْفَطَرَتْ سَمواتُ الْحِكْمَةِ وَرُفِعَتْ غَمامُ الْفَضْلِ وَتُنْزِلُ عَلَيْكُمُ الأَمْطارَ، كُلُّ ذلِكَ تَذْكِرَةٌ لَكُمْ بِالْحَقِّ وعِبْرَةٌ لأُوْلِي الأَلْبابِ وَيَهْدِي الْمُنْقَطِعِيْنَ إِلی رَفْرَفِ الْقُدْسِ وَما يَزِيْدُ الظّالِمِيْنَ إِلاّ خِسارَ، قُلْ يا قَوْمِ هذا ما وَعَدَكُمُ اللهُ فِي الأَلْواحِ قَدْ جائَكُمْ عَلى غَمامٍ مِنَ النّارِ، وَفِيْ حَوْلِهِ مَلائِكَةُ الرُّوْحِ وَيُبَشِّرُكُمْ بِرِضْوانِ الأَحَدِيَّةِ فِيْ مَقْعَدِ الَّذِيْ فِيْهِ تُشْرِقُ الأَنْوارُ، وَأَقْبَلَ إِلَيْهِ الَّذِيْنَ أُوْتُوا بَصائِرَ الْعَدْلِ مِنْ لَدُنْ عَزِيْزٍ مُخْتارٍ، وَأَعْرَضَ الَّذِيْنَ تَجِدُ فِيْ صُدُوْرِهِمْ غِلاًّ مِنَ اللهِ وَكانُوا مِنَ الَّذِيْنَهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ فِيْ كُلِّ عَهْدٍ وَأَعْصارٍ، وَهذا ما رُقِمَ مِنْ قَلَمِ الأَعْلى عَلى أَلْواحِ الَّذِيْ سُطِرَتْ مِنْ إِصْبَعِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْجَبّارِ، قُلْ يا قَوْمِ فَأَنْصِفُوا فِيْ أَنْفُسِكُمْ أَقَلَّ مِنْ آنٍ وَتَفَكَّرُوا فِيْهِ يا أُوْلُوا الأَفكارِ، إِنْ لَنْ تُؤْمِنُوا بِالَّذِيْ جَائَكُمْ بِآياتٍ بَيِّناتٍ فَبِأَيِّ وَجْهٍ تُوَجِّهُونَ الْيَوْمَ يا أُوْلُوا الإِنْصافِ أَما سَمِعْتُمْ مِنْ قَبْلُ ( يَوْمَ يَأْتِيْ آياتُ رَبِّكَ أَوْ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ ) وَهذا هُوَ الَّذِيْ قَدْ أَتى فِيْ ظُلَلٍ مِنَ الأَنْوارِ بِآياتٍ يَعْجَزُ عَنْها كُلُّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَتُذْهَلُ عَنْها عُقُوْلُ الْعارِفِيْنَ ثُمَّ أَفْئِدَةُ أُوْلِي الأَخْيارِ، قُلْ يا قَوْمِ قُوْمُوا عَنْ مَراقِدِ الْغَفْلَةِ ثُمَّ أَقْبِلُوا إِلی اللهِ الْواحِدِ الْفَطّارِ، قُلْ إِنَّ فِيْ خَلْقِ أَنْفُسِكُمْ وَتَكَلُّمِ أَلْسُنِكُمْ وَتَحَرُّكِ أَيْدِيْكُمْ َلآياتٍ ِلأُوْلِي الأَنْظارِ، قُلْ يا قَوْمِ لا يَمْنَعُكُمُ الدُّنْيا وَزُخْرُفُها ولا يَسُدُّكُمْ ما نُزِّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ مُرْتابٍ وَلا تَخافُوا عَنِ الَّذِيْنَ ما سَلَّطَهُمُ اللهُ إِلا عَلى أَبْدانِكُمْ فِيْ أَيّامٍ مَعْدُوْدَةٍ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ كانَ فِي الْمُلْكِ مِنْ مُصْطَبِرٍ صَبّارٍ، وَما نَزَلَ كُلُّ ذلِكَ عَلَيْكُمْ إِلاّ بِما قُدِّرَ فِيْ لَوْحِ الْمَحْفُوْظِ عَلى قَدْرٍوَمِقْدارٍ، وَسَيَمْضِيْ كُلُّما مَسَّتْكُمْ مِنَ الْقَضايا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَرْتَدَّ إِلَيْكُمُ الأَبْصارُ، اتَّقُوا اللهَ وَخافُوا عَنِ الَّذِيْ كانَ مُقْتَدِرًا عَلَيْكُمْ وَعَلى أَرْواحِكُمْ وَأَجْسادِكُمْ وَلا يَمْنَعُهُ أَحَدٌ فِيْ أَمْرِهِ يَفْعَلُ ما يَشآءُ وَلا يُسْئَلُ عَمّا شآءَ وَهُوَ الْعَزِيْزُ الْمُخْتارُ، قُلْ إِنَّ الَّذِيْنَهُمْ صَبَرُوا فِي الأَرْضِ فَسَوْفَ يَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ الْجَزآءِ وَيَرْكَبُوْنَ عَلى بُراقِ الْحَمْرآءِ وَيَمُرُّوْنَ فِيْكُلِّ حِيْنٍ عَنْ كُلِّ أَشْطارٍ وَأَقْطارٍ، قُلْ يا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللهِ تَرْعى ما أَنْبَتَ اللهُ لَها فِيْ أَرْضِ الْفِرْدَوْسِ وَتَسْقِيْكُمْ مِنْ لَبَنِ الَّذِيْ تَحْيى بِهِ الأَرْواحُ وَالأَبْدانُ وَيا قَوْمِ لا تَمَسُّوْها بِسُوْءِ أَنْفُسِكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا هَوَيكُمْ فَاتَّبِعُوا الَّذِيْ يَدْعُوْكُمْ إِلى اللهِ ثُمَّ اذْكُرُوْهُ فِيْ قُلُوْبِكُمْ فِي اللَّيالِيْ وَالأَسْحارِ، قُلْ أَوَلَمْ يَكْفِكُمْ أَنَّهُ أُنْزِلَ عَلَيْكُمُ الْكِتابُ وَفِيْهِ فُصِّلَ كُلُّ أَمْرٍ وَيُتْلى عَلَيْكُمْ فِيْ عَشِيٍّ وَأَبْكارٍ، وَيُبَشِّرُكُمْ لِقآءَ يَوْمٍ تَرْهِقُ فِيْهِ وُجُوْهَ الظّالِمِيْنَ غَبَرَةُ النّارِ، وَتَنْدَكُّ فِيْهِ جِبالُ الْعِلْمِ وَتَنْشَقُّ أَرْضُ الْكُفْرِ وَتَنْفَجِرُ فِيْهِ الأَنْهارُ، قُلْ هذا يَوْمُ الَّذِيْ وُعِدْتُمْ بِهِ فِي الأَلْواحِ إِذا كانَتِ السَّمواتُ مَطْوِيّاتٍ فِيْ يَمِيْنِ الْقُدْرَةِ وَتُقْبَضُ الأَرْضُ بِقَبْضَةِ الإِرادَةِ وَتَشْتَعِلُ فِيْهِ الأَبْخارُ، هذا ما رَقَمَ قَلَمُ الأَمْرِ مِنْ خَفِيّاتِ الأَسْرارِ بِالإِجْهارِ، إِذًا اسْتَبْشَرُوا الْمُقَرَّبُوْنَ بِلِقآءِ رَبِّهِمْ وَيَضْطَرِبُ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ مَكّارٍ، وَيَسُوْقُ الَّذِيْنَ آمَنُوا مَلائِكَةُ النُّوْرِ إِلى جَنَّةِ الْبَقا فِيْ قُطْبِ الْعَما وَيَسُوْقُ الَّذِيْنَ كَفَرُوا مَلائِكَةُ الْعَذابِ إِلى بِئْسِ الْقَرارِ، كَذلِكَ نُلْقِيْ عَلَيْكَ مِنْ أَسْرارِ الأَمْرِ وَنَذْكُرُ لَكَ ما فَعَلُوا الَّذِيْنَهُمْ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ كَما يَكْفُرُوْنَ الْيَوْمَ هؤُلاءِ الْفُجّارُ، لِتَطَّلِعَ بِما قُضِيَ مِنْ قَبْلُ وَلِتَكُوْنَ راسِخًا فِيْ أَمْرِ اللهِ بِحَيْثُ لا يَزِلُّكَ كُلُّ مُتَكَبِّرٍ كَفّارٍ، فَاعْلَمْ بِأَنَّ الَّذِيْنَ أُوْتُوا التَّوْراةَ قَدْ وُعِدُوا بِالَّذِيْ يَأْتِيْ مِنْ بَعْدُ فَلَمّا جائَهُمْ عِيْسى بِآياتِ الرُّوْحِ إِذًا قالُوا إِنْ هذا إِلاَّ رَجُلٌ كَذّابٌ، ثُمَّ أُوْلُوا الإِنْجِيْلِ بُشِّرُوا بِمَنْ يَأْتِيْهِمْ مِنْ بَعْدُ فَلَمّا جآئَهُمْ مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ اسْتَكْبَرَ عَلَيْهِ كُلُّ مُغِلٍّ مَكّارٍ، إِذًا فَاسْئَلْ عَنِ الَّذِيْنَهُمْ أُوْتُوا الْفُرْقانَ إِذْ جآئَهُمُ الرَّسُوْلُ مِنْ عِنْدِ اللهِ قالُوا ما هذا إِلاَّ رَجُلٌ سَحّارٌ، فَلَمّا رَجعَ إِلى مَقاعِدِ الْقُدْسِ فِيْ قِبابِ الْعَظَمَةِ إِذًا يَرْجُوْهُ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ وَيَتَضَرَّعُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ، كَذلِكَ فَعَلُوا مِنْ قَبْلِ الَّذِيْ لا قَبْلَ لَهُ وَيَفْعَلُوْنَ إِلى آخِرِ الَّذِيْ لا آخِرَ لَهُ وَهذا ما قَصَصْنا لَكَ عَنِ الَّذِيْنَهُمْ كَفَرُوا وَأَعْرَضُوا بَعْدَما جائَتْهُمُ الْبَيِّناتُ مِنْ كُلِّ الأَشْطارِ، وَمَكَرُوا عَلى اللهِ عَلى ما هُمْ كانُوا مُقْتَدِرًا عَلَيْهِ وَما مَكْرُ الْكافِرِيْنَ إِلاَّ فِيْ تَبارٍ، كَما تَرى الْيَوْمَ لَمّا جآئَهُمْ عَلِيٌّ بِالْحَقِّ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُراتِ قالُوا ما وُعِدْنا بِهذا فِيْ آبائِنا إِذًا اسْتَكْبَرُوا عَلَيْهِ وَفَرُّوا كَحُمُرٍ فَرّارٍ، وَهذا مِقْدارُهُمْ فِي الْمُلْكِ وَما َزَيَّنَتِ الشّياطِيْنُ لَهُمْ أَعْمالَهُمْ بِحَيْثُ لا يَشْعُرُوْنَ ما يَقُوْلُوْنَ وَكَذلِكَ نَبَّأْناكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ نَبَأً لِتَكُوْنَ مِنْ أُوْلِي البَصارِ، قُلْ وَكَذلِكَ فَانْظُرُوا إِلى الّذِيْنَهُمْ أُوْتُوا الْبَيانَ لَوْ يَأْتِيْهِمْ أَحَدٌ بِآياتٍ بَيِّناتٍ وَحُجَجٍ واضِحاتٍ وَدُلَلٍ باهِراتٍ وَكَلِمٍ جامِعاتٍ وَحُرُفٍ دُرِّيّاتٍ إِذًا يُغْمِضُوْنَ عَيْناهُمْ عَنْ كُلِّ ذلِكَ وَيَنْكُثُوْنَ عَهْدَ اللهِ وَيَنْكُصُوْنَ عَلى أَعْقابِهِمْ وَلا يُقْبِلُوْهُ إِلاّ بِسِهامٍ طَيّارٍ، وَبِذلِكَ أَيْقِنْ بِأَنَّ الْمُؤْمِنَ فِيْكُلِّ الأَعْهادِ لَمْ يَكُنْ إِلاّ كَالْكِبْرِيْتِ الأَحْمَرِ وَهذا ما نُزِّلَ حِيْنَئِذٍ مِنْ سَمآءِ الرُّوْحِ عَلى أَفْئِدَةِ الأَبْرارِ، قُلْ يا قَوْمِ إِنْ تَمْلِكُوا خَزائِنَ الأَرْضِ كُلَّها وَتَحْكُمُوا عَلى ما تَطْلُعُ الشَّمْسُ عَلَيْها وَتَأْكُلُوْنَ كُلَّ ما ظَهَرَ عَنِ الأَشْجارِ مِنَ الأَثْمارِ وَتَلْبِسُوْنَ كُلَّ ما نُسِجَ فِي الأَرْضِ مِنَ الْحُرُرِ وَالأَلْباسِ وَتَصرَّفُوْنَ كُلَّ الأَبْكارِ، فَوَاللهِ لَنْ يَنْفَعَكُمْ فِيْ شَيْءٍ حِيْنَ الَّذِيْ يَأْتِيْكُمْ مَلائِكَةُ الْمَوْتِ مِنْ مُدَبِّرٍ قَهّارٍ، وَيَنْقَطِعُكُمْ عَنْ كُلِّ ذلِكَ أَقَلَّ مِنَ اللَّمْحَةِ كَأَنَّكُمْ ما خُلِقْتُمْ فِي الْمُلْكِ وَهذا مِنْ حَقِّ الَّذِيْ رُقِمَ فِي الأَسْطارِ مِنْ عِنْدِ اللهِ الْمُقْتَدِرِ الْعَزِيْزِ الْجَبّارِ، وَكَذلِكَ شَرَّعْنا لَكُمْ شَرِيْعَةَ النُّصْحِ وَأَشْهَدْناكُمْ مَناهِجَ الْقُدْسِ وَعَلَّمْناكُمْ سُبُلَ الْفِرْدَوْسِ وَأَلْقَيْناكُمْ حِكْمَةَ الأَمْرِ لِيُقَرِّبَكُمْ إِلى الْعَزِيْزِ الْقَدّارِ، قُلْ يا مَلأَ الأَرْضِ فَمَنْ شآءَ فَلْيَتَّخِذْ هذا النُّصْحَ لِنَفْسِهِ سَبِيْلاً إِلى اللهِ فَمَنْ شَآءَ فَلْيُعْرِضْ فَيَرْجَعُ إِلى مَقَرِّهِ فِيْ لَهَبِ النّارِ، وَالتَّكْبِيْرُ عَلَيْكَ وَعَلی الَّذِيْنَهُمْ سَمِعُوا نَغَماتِ الرُّوْحِ وَصَعَدُوا إِلی مَقَرِّ قُدْسٍ نَوّارٍ.

المصادر
المحتوى