هو الباقي العليم - شهد الله لنفسه بنفسه بأنّني أنا حيٌ...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (5)، الصفحة 14 – 19

هو الباقي العليم

شَهِدَ اللهُ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ بِأَنَّنِيْ أَنا حَيٌّ فِيْ أُفُقِ الأَبهی، إِذًا يَشْهَدُ نَفْسِيْ وَذاتِيْ وَكَيْنُوْنَتِيْ بِما شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَإِنَّهُ هُوَ حَيٌّ حِيْنَئِذٍ فِيْ هذا الأُفُقِ يَسْمَعُ وَيَری، وَمَنْ أَعْرَضَ عَمّا شَهِدَ اللهُ بِهِ فَهُوَ مِمَّنْ ضَلَّ وَغَوى، وَكَفَرَ بِنَفْسِهِ وَحارَبَ بِآياتِهِ وَكانَ مِنَ الَّذِيْنَ هُمْ أَشْرَكُوا بِجَمالِهِ حِيْنَ الَّذِيْ أَتی عَلى ظُلَلِ الْقُدْسِ بِسُلْطانِ اسْمِهِ الْعَلِيِّ الأَعْلى، قُلْ يا قَوْمِ لا تَكْفُرُوا بِحُجَّةِ الَّتِيْ بِها آمَنْتُمْ بِرُسُلِ اللهِ مِنْ قَبْلُ وَكُنْتُمْ مِمَّنْ آمَنَ وَهَدى، أَنْ يا اسْمِيْ أَنْتَ تَعْلَمُ بِما وَرَدَ عَلَيَّ ِلأَنَّكَ كُنْتَ مَعَنا فِي الْعِراقِ وَأَحْصَيْتَ ضَرِّيْ بَعْدَ الَّذِيْ لا يُحَدُّ وَلا يُحْصى، َوتَعْلَمُ أَنَّنِيْ فَرَرْتُ عَنْ بَيْنِ هؤُلاءِ وَحْدَةً وَهاجَرْتُ إِلى اللهِ رَبِّ الآخِرَةِ وَالأُوْلى، فَوَاللهِ يا اسْمِيْ لَمّا أَرْفَعْتُ ذِكْرَ أَخِيْ بَيْنَ النّاسِ وَاشْتُهِرَ أَمْرُهُ هُوَ قامَ فِي السِّرِّ عَلى ضَرِّيْ بِحَيْثُ ما جالَسَ مَعَهُ أَحَدٌ إِلاّ وَقَدْ أَلْقى فِيْ صَدْرِهِ بُغْضِيْ وَإِنِّيْ لَمّا اطَّلَعْتُ بِسِرِّهِ وَما فِيْ قَلْبِهِ خَرَجْتُ عَنِ الْعِراقِ لِئَلاّ يَحْدُثَ بَيْنَ الْعِبادِ ما يَضِيْعُ بِهِ حُرْمَةُ الأَمْرِ وَتَرَكْناهُمْ بِأَنْفُسِهِمْ لَعَلَّ يَسْكُنُ نارُ النَّفْيِ وَالشَّقى، وَكُنْتُ سائِرًا فِي الْبِلادِ سَنَتَيْنِ مُتَتابِعَتَيْنِ وَما اطَّلَعَ بِنَفْسِيْ أَحَدٌ إِلاّ اللهُ الَّذِيْ خَلَقَها فَسَوَّى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّنِيْ ما أَرْسَلْتُ إِلى أَهْلِيْ خَبَرًا وَلا أَثَرًا مِنْ قَلَمِيْ لِئَلاّ يَطَّلِعُنَّ أَرْضَ الَّتِيْ كُنْتُ عَلَيْها وَهُمْ كانُوا فِي اضْطِرابٍ وَزَلْزالٍ وَحَنِيْنٍ وَمَعَذلِكَ سَتَرُوا الأَمْرَ لِئَلاّ يَظْهَرَ بِالْحَقِّ إِنْ يَخْفى، تَاللهِ يا اسْمِيْ قَدْ وَرَدَ عَلَيَّ فِيْ هِجْرَتِي الأُوْلی ما يَحْتَرِقُ بِذِكْرِهِ أَكْبادُ كُلِّ مَنْ آمَنَ وَيَخْشی، وَكَمْ مِنْ لَيالِيْ كُنْتُ وَحْدَةً فِي الْعَراءِ وَما كانَ مَعِيْ مِنْ مُونِسٍ ِلأَسْتَأْنِسَ بِهِ وَكَمْ مِنْ أَيّامٍ مَشَيْتُ بِرِجْلِيْ وَحَمَلْتُ كُلَّ ذلِكَ بَعْدَ قُدْرَتِيْ عَلى الَّذِيْنَ كانَ فِيْ قُلُوْبِهِمْ بُغْضُ الْغُلامِ وَالَّذِيْ خَلَقَ الْعَرْشَ ثُمَّ اسْتَوى، إِلى أَنْ أَرْجَعُوْنا فَلَمّا رَجَعْنا شَهِدْنا بِأَنَّ أَخِيْ أَلْقى الْعِبادَ غِلِّيْ بِما كَذَّبَ فِيْ حَقِّيْ ثُمَّ افْتَرى، وَشَهِدْنا الصُّدُوْرَ مُلِئَتْ مِنْ غِلِّ هذا الْغُلامِ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ كُلُّ مَنْ شَهِدَ وَرَأى، وَوَجَدْتُ أَخِيْ ثُمَّ الَّذِيْنَ اشْتُهِرُوا بِهذا الاسْمِ فِيْ ذِلَّةٍ عُظْمى، وَكانَ أَنْ يَخْرُجَ أَخِيْ فِيْ كُلِّ شَهْرٍ عَنِ الْمَدِيْنَةِ خَوْفًا مِنْ نَفْسِهِ وَما اسْتَقَرَّ فِيْ أَرْضٍ فَلَمّا أَشْهَدْناهُمْ فِيْ تِلْكَ الْحالَةِ قُمْنا بَيْنَ الْعِبادِ وَعاشَرْنا مَعَ عُلَماءِ الْمَدِيْنَةِ فِيْكُلِّ عَشِيٍّ وَضُحى، وَكُنْتُ صائِحًا بَيْنَ الْعِبادِ بِذِكْرِ اللهِ إِلى أَنِ اشْتُهِرَ الأَمْرُ فِيْ كُلِّ الدِّيارِ وَتَوَجَّهَ إِلى اللهِ كُلُّ قَلْبٍ طَهَّرَهُ اللهُ ثُمَّ أَصْفى، وَأَنْتَ تَعْلَمُ كَيْفَ قُمْتُ فِيْ مُقابَلَةِ الأَعْدا بِسُلْطانٍ كانَ أَظْهَرَ مِنَ الشَّمْسِ فِيْ مَرْكَزِ الْعُلى، وَإِنَّكَ ما كُنْتَ فِي الْعِراقِ فِيْ أَيّامِ الَّتِيْ قامَتْ عَلَيَّ الْمِلَلُ وَالدُّوَلُ وَمِنْهُمْ مَنْ قالَ بِأَنْ نَأْخُذَهُ وَنُرْسِلَهُ عِنْدَ مَلِكِ الْعَجَمِ وَمِنْهُمْ مَنْ قالَ سَوْفَ يُؤْخَذُ وَيُنْفى، وَإِنِّيْ وَحْدَةً جادَلْتُ مَعَهُمْ بِحِكْمَةِ اللهِ وَبَيانِهِ تَاللهِ الْحَقِّ قَدْ قُمْتُ عَلى الأَمْرِ بِشَأْنٍ تَحَيَّرَ عَنْهُ أَهْلُ مَلإِ الأَرْفَعِ الأَقْدَسِ الأَعْلى، إِلى أَنْ ذَلَّتِ الأَعْناقُ لِسَلْطَنَةِ رَبِّكَ وَخَضَعَتْ رِقابُ كُلِّ مَنِ اسْتَكْبَرَ وَطَغى، إِلى أَنْ جاءَ حُكْمُ الْخُرُوْجِ وَخَرَجْنا عَنِ الْمَدِيْنَةِ بِاقْتِدارٍ كُبْرى، إِلى أَنْ دَخَلْنا فِيْ هذِهِ الأَرْضِ هذا السِّجْنِ الْعُظْمى، فَلَمّا شَهِدَ أَخِيْ بِأَنِ اشْتُهِرَ اسْمِيْ بَيْنَ الْعِبادِ وَما أَصابَتْنِيْ الْبَأْسا فِيْ ظُهُوْرِيْ بَيْنَ النّاسِ نَدِمَ عَنْ سَتْرِهِ وَخَرَجَ عَنْ خَلْفِ الْحِجَابِ بِما لا يُذْكَرُ مِنَ اللِّسانِ وَأَوَّلُ فِعْلٍ فَعَلَ أَفْتى عَلى قَتْلِيْ فِيْ سِرِّ السِّرِّ بِما أَمَرَهُ النَّفْسُ وَالْهَوى، فَلَمّا نَزَلَتْ جُنُوْدُ سَلْطَنَةِ اللهِ وَحَفِظَنِيْ بِسُلْطانِهِ وَمَنَعَهُ عَمّا أَرادَ إِذًا قامَ عَلى الافْتِرى، وَكَتَبَ إِلى كُلِّ نَفْسٍ بِأَنَّ أَخِيْ أَرادَ قَتْلِيْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّيْ لَوْ أَرَدْتُ ذلِكَ لَكُنْتُ قادِرًا عَلَيْهِ وَمَعَ عِلْمِيْ بِنَفْسِهِ وَبِما فِيْ صَدْرِهِ حَفِظْناهُ عَنْ ضَرِّ كُلِّ ذِيْ ضَرٍّ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ أُوْلِي النُّهى، فَوَاللهِ يا اسْمِيْ كُلُّما سَمِعْتَ فِيْ أَمْرِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ إِنَّهُ كانَ مِنْ عِنْدِيْ وَما اطَّلَعَ بِذلِكَ أَحَدٌ إِلاّ اللهُ الَّذِيْ خَلَقَ السَّمواتِ وَما تَحْتَ الثَّرى، فَوَاللهِ ما كانَ أَنْ يَعْرِفَ حَرْفًا عَلَّمْناهُ فِيْ هذا اللَّيالِيْ وَالأَيّامِ لِيَنْصُرَ رَبَّهُ فَلَمّا هَبَّتْ رَوايحُ الاطْمِيْنانِ وَعَلى الأَمْرُ أَخَذَتْهُ حُبُّ الرِّياسَةِ عَلى شَأْنٍ تَاللهِ الْحَقِّ يَعْجَزُ عَنْ ذِكْرِهِ كُلُّ مَنْ فِيْ سَمواتِ الْعُلى، وَإِنِّيْ لا زالَ كُنْتُ أَحْفَظُهُ وَأَرْفَعُ ذِكْرَهُ وَهُوَ فِيْ ضَرِّيْ وَذِلَّتِيْ وَلكِنْ حَفَظَنِي اللهُ عَنْهُ بِقُوَّتِهِ الأَقْوى، إِذًا يَبْكِيْ قَلَمِيْ عَلى حالِيْ وَيَنُوْحُ قَلْبِيْ عَلى ضَرِّيْ وَصَبَرْتُ وَأَصْبِرُ وَلا أَشْكُوْ مِنْ أَحَدٍ وَإِلى اللهِ الْمُشْتَكى، وَإِنَّكَ قُمْ عَلى أَمْرِ اللهِ ثُمَّ اذْكُرْهُ ثُمَّ انْصُرْهُ بِما كُنْتَ مُسْتَطِيْعًا عَلَيْهِ وَإِنَّهُ يَحْفَظُكَ عَنْ كُلِّ مَنْ أَعْرَضَ وَتَوَلّى، قُلْ يا قَوْمِ أَتُمارُوْنَ الرُّوْحَ عَمّا شَهِدَ وَرَأَى فِيْ أُفُقِ الأَبْهى مِنْ آياتِ اللهِ الْعَلِيِّ الأَعْلى، تَاللهِ إِنَّهُ ما نَطَقَ عَنِ الْهَوى بَلْ بِما نَطَقَ الرُّوْحُ فِيْ صَدْرِهِ الْمُقَدَّسِ الأَصْفى، قُلْ يَشْهَدُ كُلُّ الذَّرَّاتِ بِسَلْطَنَتِهِ الْكُبْرى، وَإِنَّكَ دَعْ كُلَّ ما عِنْدَ النَّاسِ عَنْ وَرائِكَ ثُمَّ اصْعَدْ بِجَناحَيْنِ الْقُدْسِ إِلى سِدْرَةِ الْمُنْتَهى، لِتَشْهَدَ كُلَّ الْمُمْكِناتِ فِيْ ظِلِّ شَجَرَةِ الْقُصْوى، كَذلِكَ أَمَرْناكَ فِيْهذا اللَّوْحِ أَنِ اعْمَلْ بِما أُمِرْتَ بِرَوْحٍ وَرَيْحانٍ وَقُوَّةٍ وَعَظَمَةٍ مِنْ لَدى اللهِ الْعَلِيِّ الأَعْلى، ثُمَّ ذَكِّرْ مِنْ لَدُنّا كُلَّ مَنْ كانَ عِنْدَكَ مِنَ الَّذِيْنَ تَجِدُ مِنْ وُجُوْهِهِمْ نَضْرَةَ الأَبْهى، ثُمَّ اذْكُرْ أَهْلَكَ مِنْ لِسانِ اللهِ ثُمَّ أَجْرِ عَلی بِنْتِكَ ما يَرْضى بِهِ فُؤادُكَ وَكَذلِكَ أَذِنّاكَ فِيْهذا اللَّوْحِ رَحْمَةً مِنْ لَدُنّا عَلَيْكَ وَعَلى أَهْلِ التُّقى، فَيا لَيْتَ كُنْتَ مَعَنا فِيْ هذِهِ الأَرْضِ لِتَشْهَدَ ما لا شَهِدَ إِلاّ اللهُ الَّذِيْ مِنْهُ بِدْءُ كُلِّ شَيْءٍ وَإِنَّ إِلَيْهِ الرُّجْعى، وَالْبَهآءُ عَلَيْكَ وَعَلى مَنْ مَعَكَ عَلى صِراطِ اللهِ فِيْهذِهِ الأَيّامِ الَّتِيْ زَلَّتْ فِيْها أَقْدامُ أُوْلِي الْعِلْمِ وَالْحِجى.

المصادر
المحتوى