باسم العلي الأعلى هذا كتاب من العبد إلى الذي آمن بالله...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (7)، الصفحة 23 - 26

باسم العلي الأعلى

هذا كِتابٌ مِنَ الْعَبْدِ إِلی الَّذِيْ آمَنَ بِاللهِ وَسافَرَ إِلَيْهِ حَتّى دَخَلَ فِيْ شاطِیءِ الْقُدْسِ فِيْ جِوارِ رَحْمَةِ رَبِّهِ الْعَزِيْزِ الْكَرِيْمِ، وَسَمِعَ نَغَماتِ اللهِ وَشَرِبَ عَنْ بُحُوْر الْقُرْبِ ثُمَّ اهْتَدى بِهذا الرُّوْحِ وَفازَ بِأَنْوارِ وَجْهٍ مُبِيْنٍ، أَنْ يا عَبْدُ قَدْ سَمِعْنا نِدائَكَ وَأَجَبْناكَ بِجَوابٍ تَعْجَزُ عَنْهُ عُقُوْلُ الْعارِفِيْنَ لِتَسْتَبْشِرَ فِيْ نَفْسِكَ وَتَطِيْرَ مِنْ شَوْقِكَ وَتَكُوْنَ مِنَ الَّذِيْنَ هُمْ كانُوا بِأَنْوارِ الْجَمالِ لَفائِزِيْنَ، وَتَنْقَطِعَ عَنِ الدُّنْيا وَزُخْرُفِها بِحَيْثُ لا يُحْزِنُكَ شَيْءٌ فِي الْمُلْكِ وَتَكُوْنُ نارًا فِيْ حُبِّكَ لِيَحْتَرِقَ عَنْها حُجُباتُ الَّذِيْنَ هُمُ احْتَجَبُوا فِيْ أَيّامِ اللهِ وَكانُوا مِنَ الْخاسِرِيْنَ، لَعَلَّ يَقُوْمُوْنَ عَنْ مَراقِدِ غَفْلَتِهِمْ وَيَسْتَغْفِرُوْنَ اللهَ فِيْ أَنْفُسِهِمْ وَيَكُوْنُنَّ إِلی رِضْوانِ الْقُرْبِ لَراجِعِيْنَ، قُلْ يا قَوْمِ اتَّقُوا اللهَ وَآمِنُوا بِهِ وَلا تَخْتَلِفُوا فِيْ أَمْرِهِ وَلا تَكُوْنُنَّ مِنَ الْمُفْسِدِيْنَ، فَاتَّبِعُوا أَمْرَ اللهِ وَهاجِرُوا إِلَيْهِ بِقُلُوْبِكُمْ وَإِذا سَمِعْتُمْ آياتِ الرُّوْحِ خُرُّوا لَها ساجِدِيْنَ، وَلا تَتَّبِعُوا الَّذِيْنَ نَبَذُوا كِتابَ اللهِ وَراءَ ظُهُوْرِهِمْ كَأَنَّهُمْ ما سَمِعُوْهُ وَهُمْ فِيْ وادِي الشِّرْكِ لَسائِرِيْنَ، قُلْ يا قَوْمِ قَدْ أَتى أَمْرُ اللهِ عَلى غَمامٍ مِنَ الرُّوْحِ وَالْمَلائِكَةُ فِيْ حَوْلِهِ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ الْجَمالِ وَطَلَعَ الْوَجْهُ عَنْ خَلْفِ الْحِجابِ بِسُلْطانٍ مُبِيْنٍ، وَالْمُؤْمِنُوْنَ حِيْنَئِذٍ يَفْرَحُوْنَ بِفَرَحِ اللهِ وَيُسْتَجْذَبُوْنَ مِنْ نَغَماتِ الرُّوْحِ وَأَنْتُمْ عَلى فِراشِ الْغَفْلَةِ لَراقِدِيْنَ، قُلْ يا قَوْمِ فَاعْرِفُوا قَدْرَ تِلْكَ الأَيّامِ وَلا تَحْرِمُوا أَنْفُسَكُمْ عَنْ ثَمَراتِ الْفِرْدَوْسِ وَلا تَكُوْنُنَّ مِنَ الْغافِلِيْنَ، هذا ما يَنْصَحُكُمُ الْعَبْدُ فِيْكِتابِهِ وَيُؤَيِّدُكُمْ بِالرُّوْحِ وَيُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّهِ وَيُذَكِّرُكُمْ بِذِكْرِ اللهِ الْعَزِيْزِ الْمُنِيْرِ، وَإِنَّكَ أَنْتَ لا تَخَفْ مِنْ أَحَدٍ وَلا تَحْزَنْ فِيْ شَيْءٍ فَتَوَكَّلْ عَلى اللهِ إِنَّهُ يَحْفَظُكَ عَنْ جُنُوْدِ الشَّيْطانِ وَيُؤَيِّدُكَ بِأَمْرِهِ وَيَرْزُقُكَ مِنْ نَعْمآءِ الْباقِيَةِ وَيُبَشِّرُكَ بِأَنْوارِ عِزٍّ قَدِيْمٍ، لِتَكُوْنَ باقِيًا فِيْ مَلإِ الأَعْلى وَتَطِيْرَ بِجَناحَيْنِ الشَّوْقِ إِلى رَفْرَفِ قُرْبٍ مَكِيْنٍ، أَنْ يا عَبْدُ إِنَّ الْمُشْرِكِيْنَ يَقُوْلُوْنَ لَمْ تَكُنْ فِيْ تِلْكَ الْكَلِماتِ مِنْ رُوْحٍ قُلْ وَيْلٌ لَكُمْ إِنَّ رُوْحَ الْحَيَوان مِنْ هذا الْفِرْدَوْسِ تَهُبُّ عَلى الْعالَمِيْنَ، وَبِذلِكَ أَعْرَضُوا وَاسْتَكْبَرُوا عَلى اللهِ وَمَظاهِرِ أَمْرِهِ وَكانُوا فِيْ حُجُباتِ أَنْفُسِهِمْ مَيِّتِيْنَ، كَذلِكَ زَيَّنَ الشَّيْطانُ لَهُمْ أَعْمالَهُمْ وَقَسَتْ قُلُوْبُهُمْ كَأَنَّهُمْ فِيْ حِجابٍ غَلِيْظٍ بَعْدَ الَّذِيْ أَمَرَهُمُ اللهُ فِيْ كُلِّ الأَلْواحِ بِأَنْ لا يَتَّبِعُوا هَواهُمْ وَإِذا سَمِعُوا آياتِ الرُّوْحِ يَسْتَبْشِرُوْنَ فِيْ أَنْفُسِهِمْ وَيُسْرِعُوْنَ إِلى مَقْعَدِ قُدْسٍ كَرِيْمٍ، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ فِيْ رَيْبٍ مِمّا نُزِّلَ فِيْ هذا اللَّوْحِ فَأْتُوا بِبُرْهانٍ مِنَ اللهِ أَوْ حُجَّةٍ مِنْ عِنْدِهِ ثُمَّ ادْعُوا شُهَدائَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فِيْ أَقْوالِكُمْ لَراسِخِيْنَ، وَإِنْ لَنْ تَقْدِرُوا خافُوا عَنِ اللهِ وَلا تُشْرِكُوا فِيْ أَمْرِهِ ثُمَّ اتَّبِعُوا ما نُزِّلَ عَلَيْكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا كُلَّ هَمَجٍ رُعاعٍ وَلا تَكُوْنُنَّ مِنَ الْمُعْرِضِيْنَ، كَذلِكَ نَذْكُرُ لَكَ مِنْ نَبَإِ الَّذِيْنَ هُمْ كَفَرُوا وَأَعْرَضُوا بَعْدَ الَّذِيْ ما أَرَدْتُ إِلاّ الْعُبُوْدِيَّةَ للهِ الْحَقِّ وَأَنْتَ شَهِيْدٌ عَلى ذلِكَ وَكانَ اللهُ مِنْ وَرائِكَ عَالِمٌ وَشَهِيْدٌ، قُلْ أَما يَكْفِيْكُمُ ابْتِلائِيْ بَيْنَ يَدَيِّ الْعِبادِ بِحَيْثُ كُنّا ظاهِرًا بَيْنَهُمْ بِمِثْلِ الشَّمْسِ فِيْ وَسَطِ السَّماءِ وَجَری عَلَيْنا ما لا جَرى عَلى أَحَدٍ مِنْ قَبْلُ مَعَذلِكَ ما أَرَدْنا النَّصْرَ مِنْكُمْ وَكُنّا مُتَوَكِّلاً عَلى اللهِ الْعَزِيْزِ الرَّفِيْعِ، هذا مَبْلَغُهُمْ فِي الْحَيوةِ الْباطِلَةِ وَفِي الآخِرَةِ لَيْسَ لَهُمْ مِنْ مُعِيْنٍ وَلا نَصِيْرٍ، وَبَلِّغِ الرَّوْحَ مِنْ لَدُنّا إِلى الَّذِيْ وَجَدْنا كِتابَكَ عَلى خَطِّهِ وَبَشِّرْهُ بِأَنْوارِ فَجْرٍ بَدِيْعٍ، ثُمَّ ذَكِّرْهُ بِأنْ لا يُشِيْرَ إِلَيْنا بِإِشارَةٍ لِيُقَدِّسَهُ اللهُ عَنْ حُجُباتِ الْغَفْلَةِ وَيَجْعَلَهُ مِنْ مَلائِكَةِ الْعالِيْنَ، وَالنُّوْرُ عَلَيْكَ وَعَلى اللَّواتِيْهُنَّ فِيْ بَيْتِكَ وَعَلى الَّذِيْنَ يَذْكُرُوْنَ اللهَ فِيْ أَرْضِكَ وَيَكُوْنُنَّ عَلى صِراطِ حَقٍّ يَقِيْنٍ.

المصادر
المحتوى