باسم ربّنا العلي الأعلى ك ر ي ذكر رحمة ربك عبده...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (8)، الصفحة 26 – 29

باسم ربّنا العليّ الأعلى

ك ر ي ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدِهِ فِي اللَّوْحِ مَذْكُوْرًا، وَهذا كِتابٌ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ وَيَذْكُرُ فِيْهِ مِنْ نَبَإِ الْبَقا وَقُدِّرَ فِيْهِ مَقادِيْرُ كُلِّ شَيْءٍ الَّتِيْ كانَتْ فِيْ أُمِّ الْكِتابِ مَسْطُوْرًا، أَنْ يا عَبْدُ أَنِ اشْهَدْ فِيْ نَفْسِكَ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ قَدْ خَلَقَ الْخَلْقَ جُوْدًا مِنْ عِنْدِهِ وَفَضْلاً مِنْ لَدُنْهُ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ عَلَيْهِمْ لِيَدْعُوَنَّهُمْ إِلى شاطِئِ الْقُدْسِ وَيُدْخِلَنَّهُمْ فِيْ قِبابٍ كانَ خَلْفَ سُرادِقِ الرُّوْحِ بِقُدْرَةِ اللهِ مَرْفُوْعًا، ثُمَّ أَنْزَلَ الْكُتُبَ وَشَرَّعَ فِيْها الشَّرايعَ وَفَصَّلَ فِيْها مَناهِجَ الْحَقِّ كُلُّ ذلِكَ مِنْ فَضْلِ الَّذِيْ كانَ عَلى الْعالَمِيْنَ مَسْبُوْقًا لِيَسْلُكُنَّ كُلٌّ فِيْ سُبُلِ الْهِدايَةِ وَيُسْرِعُنَّ إِلى رِضْوانِ الْخُلْدِ وَيَقْعُدُنَّ فِيْ مَقْعَدِ قُدْسٍ مَحْبُوْبًا، قُلْ يا قَوْمِ لا تَتَّبِعُوا الَّذِيْنَ هُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَآياتِهِ وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ كَلِماتُ رَبِّهِمْ يُنْكِسُوْنَ رُؤُسَهُمْ وَيَنْقَلِبُوْنَ إِلى عَقِبَيْهِمْ وَيَسْتَهْزِؤُنَ بِاللهِ وَمَظاهِرِهِ وَيَكُوْنُنَّ فِيْ حُجُباتِ أَنْفُسِهِمْ مَحْجُوْبًا، أُوْلئِكَ هُمُ الَّذِيْنَ ضَرَبَ اللهُ عَلى قُلُوْبِهِمْ حُجُباتِ النّارِ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غَشاوَةَ الْكُفْرِ وَعَلى أَفْئِدَتِهِمْ أَكِنَّةَ الَّتِيْ كانَتْ بِقَهْرِ اللهِ مَخْلُوْقًا، قُلْ يا قَوْمِ فَوَاللهِ هذا ما نَصَحَكُمُ الْعَبْدُ فِيْ هذا اللَّوْحِ وَكَذلِكَ فِيْكُلِّ ما سَبَقْنا فِي الْقَوْلِ إِذاً فَاسْتَنْصِحُوا وَلا تَكُوْنُنَّ مِنَ الَّذِيْنَهُمْ جَعَلُوا أَنْفُسَهُمْ عَنْ فَضْلِ هذا الْيَوْمِ مَحْرُوْمًا، سَيَفْنى كُلُّ ما أَنْتُمْ تَعْمَلُوْنَ وَتَفْعَلُوْنَ وَتَقُوْلُوْنَ وَسَتَرْجِعُنَّ إِلى مَقَرٍّ كانَ فِيْ أَلْواحِ الْياقُوْتِ مِنْ إِصْبَعِ الْقُدْسِ مَكْتُوْبًا، وَتَجِدُوْنَ كُلَّ أَعْمالِكُمْ فِيْ كِتابِ الَّذِيْ لَنْ يُغادِرَ عَنْهُ قَدْرُ خَرْدَلٍ وَكانَ ذلِكَ مِنْ قَضايايَ الَّتِيْ كانَتْ عَلى اللهِ مَحْتُوْمًا، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنّا قَرَئْنا كِتابَكَ وَأَجَبْناكَ مِنْ قَبْلُ بِجَوابٍ يَعْجَزُ عَنْهُ أَفْئِدَةُ الْعارِفِيْنَ مَجْمُوْعًا، وَحِيْنَئِذٍ نُجِيْبُنَّكَ بِهذا الْجَوابِ لِتَعْرِفَ حُبَّنا عَلَيْكَ وَتَكُوْنَ مِنَ الَّذِيْنَهُمْ كانُوا عَلی صِراطِ الْحُبِّ فِيْ مَشْهَدِ الْبَقا بِإِذْن اللهِ مَوْقُوْفًا، ثُمَّ أَبْلِغِ النّاسَ مِنْ كَلِماتِ رَبِّكَ ثُمَّ ذَكِّرْهُمْ بِمَقامٍ كانَ بَيْنَ يَدَيِّ اللهِ مَبْسُوْطًا، لِيُسْرِعُنَّ كُلٌّ بِقُلُوْبِهِمْ إِلى شاطِیءِ الرُّوْحِ وَيَنْصُرُوْنَ اللهَ بِحُبِّهِمْ لِيَكُوْنُنَّ بِنُصْرَةِ اللهِ فِيْ أَرْضِ الْعِرْفانِ مَنْصُوْرًا، وَهذا قَوْلُ الْحَقِّ وَما بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ الَّذِيْ كانَ فِيْ أَنْفُسِ الْمُفْتَرِيْنَ مَوْقُوْدًا، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ الَّذِيْنَهُمْ ذَكَرُوا فِيْ أَرْضِكَ ما ذَكَرُوا ما كانَ ذلِكَ إِلاَّ مِنْ أَلْسِنَتِهِمُ الْكَذِبَةِ وَإِنّا ما اسْتَنْصَرْنا مِنْ أَحَدٍ إِلاّ اللهِ وَيَشْهَدُ بِذلِكَ مَلائِكَةُ الْمُقَرَّبِيْنَ فِيْ غُرُفاتِ عِزٍّ مَحْمُوْدًا، وَبَلِّغِ الْقَوْلَ إِلى الَّذِيْنَهُمْ آمَنُوا ثُمَّ عَلِّمْهُمْ بِنَصْرِ الَّذِيْ كانَ عِنْدَ اللهِ مَحْبُوْبًا، وَهُوَ انْقِطاعُهُمْ عَنْ كُلِّ مَنْ فِي الْمُلْكِ وَعَنْ كُلِّ ما كانَ فِي الأَرْضِ مَشْهُوْدًا، وَهذا مِنْ نَصْرِ اللهِ وَبِذلِكَ تَهُبُّ نَسائِمُ الْحُبِّ عَلی كُلِّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَكَذلِكَ نُلْقِيْ عَلَيْكَ ما كانَ النّاسُ عَنْهُ مَحْرُوْمًا، قُلْ يا مَلأَ الأَرْضِ فَانْصُرُوا اللهَ بِقُلُوْبِكُمْ وَأَعْمالِكُمْ لِيَنْصُرَكُمُ اللهُ فِيْ هَوآءٍ كانَ فِيْهِ نَسَماتُ الرُّوْحِ مَرْسُوْلاً، ثُمَّ اعْلَمُوا بِأَنَّ نَصْرَ اللهِ هُوَ نُصْرَتُكُمْ أَنْفُسَكُمْ بِحَيْثُ تَكُوْنُنَّ مُمْتازًا عَنْ كُلِّ مَنْ فِي الْمُلْكِ فِيْما ظَهَرَ مِنْكُمْ وَهذا مِنْ نَصْرٍ كانَ فِي اللَّوْحِ مَشْرُوْعًا، وَبِذلِكَ يُنْزِلُ عَلَيْكُمْ سَكِيْنَةً مِنْ فَضْلِهِ وَيُبْلِغُكُمْ إِلى رَحْمَةٍ كانَتْ مِنْ سَحائِبِ الْقُدْسِ مَنْزُوْلاً، وَالتَّكْبِيْرُ عَلَيْكَ وَعَلى الَّذِيْنَهُمْ فِيْ حَوْلِ الْمِصْباحِ بِجَناحَيْنِ النَّصْرِ مَطْيُوْرًا.

المصادر
المحتوى