بسمه الغفور الكريم يا إلهي قد حضر من عبدك كتاب...

حضرت بهاءالله
أصلي عربي

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (48)

بسمه الغفور الكريم

يا إِلهِيْ قَدْ حَضَرَ مِنْ عَبْدِكَ كِتابٌ فِيْهِ أَقَرَّ بِوَحْدانِيَّتِكَ وَاعْتَرَفَ بِفَرْادنِيَّتِكَ وَأَرادَ الْعَفْوَ مِنْ بَحْرِ جُوْدِكَ وَأَلْطافِكَ لِنَفْسِهِ وَلِغَيْرِها مِنْ أَحِبَّتِكَ، أَيْرَبِّ رَشِّحْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَبْحُرِ جُوْدِكَ وَمَواهِبِكَ ما يُطَهِّرُهُمْ عَنْ ذِكْرِ دُوْنِكَ وَيُقَدِّسُهُمْ عَنِ النَّظَرِ إِلى ما سِواكَ، وَنَوِّرْهُمْ بِأَنْوارِ شَمْسِ وَجْهِكَ الَّتِيْ أَشْرَقَتْ مِنْ أُفُقِكَ الأَعْلى وَأَضائَتْ بِها الأَرْضُ وَالسَّمآءُ، ثُمَّ أَشْرِبْهُمْ كَوْثَرَ الْبَقاءِ بِأَيادِي الْفَضْلِ وَالْعَطاءِ فِيْهذا الْفَجْرِ الَّذِيْ بِهِ أَنارَ أُفُقُ الْعِرْفانِ وَلاحَ نَيِّرُ الإِيْقانِ لِيَرَوْا تَقْدِيْسَ نَفْسِكَ عَنِ الأَشْباهِ وَتَنْزِيْهَ ذاتِكَ عَنِ الأَمْثالِ، أَيْرَبِّ فَأَلْبِسْهُمْ خِلَعَ غُفْرانِكَ وَزَيِّنْهُمْ بِما أَرَدْتَهُ فِيْ أَيّامِكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ عَلى ما تَشآءُ تُعْطِيْ وَتَمْنَعُ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الْمُهَيْمِنُ الْقَيُّوْمُ، أَسْئَلُكَ اللّهُمَّ يا إِلهِيْ بِاسْمِكَ الَّذِيْ بِهِ سَخَّرْتَ الأَرْضَ وَالسَّمآءَ وَفُكَّ بِهِ رَحِيْقُكَ الْمَخْتُوْمُ لأَهْلِ الإِنْشاءِ بِأَنْ تُؤَيِّدَ عَبْدَكَ الْجَوادَ عَلى إِعْلآءِ كَلِمَتِكَ فِيْ مَمْلَكَتِكَ لِتَنْجَذِبَ بِها الْقُلُوْبُ إِلى مَشْرِقِ وَحْيِكَ وَمَطْلِعِ إِلْهامِكَ وَتُسْرِعَ بِها أَهْلُ الْقُبُوْرِ إِلى مَظْهَرِ ظُهُوْرِ نُوْرِ كَيْنُوْنَتِكَ وَمَصْدَرِ بُرُوْزِ نارِ سِدْرَةِ أُلُوْهِيَّتِكَ، ثُمَّ اخْرُقْ بِهِ حُجُباتِ التَّقْلِيْدِ لِتَظْهَرَ شَمْسُ التَّوْحِيْدِ لِمَنْ فِيْ أَرْضِكَ وَسَمائِكَ، أَيْرَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنِّيْ ما أَرَدْتُ إِلاّ ما أَرَدْتَهُ وَما تَكَلَّمْتُ إِلاّ بِما أَلْهَمْتَنِيْ بِجُوْدِكَ وَأَلْطافِكَ، قَدْ قُمْتُ بِحَوْلِكَ عَلى أَمْرِكَ وَدَعَوْتُ الْكُلَّ إِلى سَمآءِ عِرْفانِكَ وَبَحْرِ إِفْضالِكَ بِحَيْثُ ما مَنَعَتْنِيْ سَطْوَةُ الْمُلُوْكِ عَنْ ذِكْرِكَ وَثَنآئِكَ وَلا ضَوْضآءُ الْمَمْلُوْكِ عَنْ وَصْفِكَ وَإِظْهارِ أَمْرِكَ وَبَلَّغْتُهُمْ جَهْرَةً ما أُمِرْتُ بِهِ مِنْ عِنْدِكَ، لَكَ الْحَمْدُ بِما جَعَلْتَنِيْ قَيُّوْماً عَلى خَلْقِكَ وَبَرِيَّتِكَ بِحَيْثُ لَمْ تُضْعِفْنِيْ قُوَّةُ الْجَبابِرَةِ وَلا قُدْرَةُ الْقَياصِرَةِ، أَظْهَرْتُ مَشِيَّتَكَ الْمُهَيْمِنَةَ وَإِرادَتَكَ الْمُحِيْطَةَ وَبَيَّنْتُ ما هُوَ الْمُسْتُوْرُ فِيْ صُحُفِكَ الْمَسْطُوْرَةِ وَأَلْواحِكَ الْمُنْزَلَةِ، لَكَ الْحَمْدُ حَمْداً يَطِيْرُ بِهِ الْمُخْلِصُوْنَ إِلى الذِّرْوَةِ الْعُلْيا وَالْمُقَرَّبُوْنَ إِلى السِّدْرَةِ الْمُنْتَهى، وَلَكَ الحَمْدُ حَمْداً بِهِ بُيِّنَتْ آثارُكَ وَيَظْهَرُ أَحْكامُك، وَلَكَ الْحَمْدُ فِيْما تُحِبُّ وَتَرْضى إِنَّكَ أَنْتَ الْحاكِمُ عَلى ما تَشآءُ، ثُمَّ أَسْئَلُكَ يا إِلهِيْ بِأَنْ تُوَفِّقَ أَحِبَّتِيْ عَلى الْقِيامِ عَلى خِدْمَتِكَ وَنُصْرَةِ أَمْرِكَ، إِنَّكَ أَنْتَ الَّذِيْ شَهِدَتِ الْكائِناتُ بِقُوَّتِكَ وَاقْتِدارِكَ وَالْمُمْكِناتُ بِعَظَمَتِكَ وَسُلْطانِكَ تَفْعَلُ ما تَشآءُ وَتَحْكُمُ ما تُرِيْدُ بِأَمْرِكَ الْمُهَيْمِنِ عَلى الْعالَمِيْنَ لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ الْعَلِيْمُ الْحَكِيْمُ. ﴿بِسْمِهِ النّاطِقِ فِيمَلَكُوتِ الْبَيَانِ﴾ ج وإِنّا أَرَدْنا أَنْ نُصَرِّفَ لَكَ الآياتِ عَلى تَصْرِيْفٍ آخَرَ إِنَّهُ لَهُوَ الْمُقْتَدِرُ الْمُخْتارُ، لِتَجْذُبَكَ نَفَحاتُ الْوَحْيِ عَلى شَأْنٍ تَقُوْمُ بَيْنَ الإِبْداعِ بِاسْمِ رَبِّكِ مالِكِ الاخْتِراعِ، وَتُشِيْرُ بِيَدِكَ الْيُمْنى إِلى جِهَةِ الشَّرْقِ وَتَقُوْلُ تَاللهِ قَدْ أَنارَ مَشْرِقُ الْعِرْفانِ، وَبِيَدِكَ الْيُسْرى تَخْرُقُ حُجُباتِ أَهْلِ الْغَرْبِ بِهذا الاسْمِ الَّذِيْ بِهِ انْصَعَقَتِ الأَصْنامُ وَتَزَلْزَلَتِ الأَدْيانُ، قَدْ حَضَرَ لَدى الْمَظْلُوْمِ كِتابُكَ وَوَجَدْنا مِنْهُ عَرْفَ حُبِّكَ للهِ نَزَّلْنا لَكَ هذا اللَّوْحَ الَّذِيْ بِهِ سَرَتْ نَسَماتُ الْعِرْفانِ وَفاحَتْ نَفَحاتُ الْغُفْرانِ فِي الإِمْكانِ، نَسْئَلُ اللهَ بِأَنْ يُؤَيِّدَكَ عَلى خِدْمَتِهِ عَلى شَأْنٍ تَخْرُقُ أَحْجابَ النَّاسِ وَتَدْعُوْهُمْ بِالتَّقْدِيْسِ وَالتَّنْزِيْهِ وَالْعَمَلِ الَّذِيْ يَنْبَغِيْ لأَيّامِ رَبِّهِمُ الْغَنِيِّ الْمُتَعالِ، إِنّا لَمّا وَرَدْنا السِّجْنَ الأَعْظَمَ دَعَوْنا مَظاهِرَ الاقْتِدارِ مَرَّةً أُخْرى إِلى اللهِ مُنْزِلِ الآياتِ، غَرَّتْهُمُ الدُّنْيا عَلى شَأْنٍ نَبَذُوا ما أُمِرُوا بِهِ مِنْ لَدى اللهِ مالِكِ الأَسْمآءِ وَأَخَذُوا ما يُرْجِعُهُمْ إِلى النِّيْرانِ، سَوْفَ يَعْرِفُوْنَ ما فاتَ عَنْهُمْ فِيْ أَمْرِ اللهِ وَيَنُوْحُوْنَ عَلى أَنْفُسِهِمْ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيْزُ الْعَلاّمُ، كُنْ طائِراً فِيْهَوآءِ الْمَحَبَّةِ وَالْعِرْفانِ وَطالِعاً مِنْ أُفُقِ الْبَيانِ بِذِكْرٍ تَنْجَذِبُ بِهِ الْعُقُوْلُ وَتَطِيْرُ بِهِ الأَبْدانُ، قُلْ يا قَوْمِ قَدْ جَرى السَّلْسَبِيْلُ وَفُكَّ خَتْمُ الرَّحِيْقِ تَوَجَّهُوا ثُمَّ اشْرَبُوا بِاسْمِهِ الْمُهَيْمِنِ عَلى الأَكْوانِ، إِيّاكَ أَنْ يَمْنَعَكَ ضَوْضآءُ الْمُشْرِكِيْنَ أَوْ تُخَوِّفَكَ سَطْوَةُ الْفُجّارِ، أَنِ اذْكُرِ اللهَ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحانِ وَبِالْحِكْمَةِ الَّتِيْ نَزَّلْناها مِنْ سَمآءِ الْوَحْيِ وَالإِلْهامِ لِيَقُوْمَ بِذِكْرِكَ كُلُّ راقِدٍ وَيَتَوَجَّهَ بِهِ كُلُّ غافِلٍ وَيُسْرِعَ بِهِ كُلُّ مُتَوَقِّفٍ مُرْتابٍ، كَذلِكَ غَنَّتِ الْوَرْقآءُ وَدَلَعَ دِيْكُ الْبَقآءِ لِيَفْرَحَ بِهِ قَلْبُكَ وَتَنْصُرَ رَبَّكَ مالِكَ الأَنامِ، قَدْ نَزَّلْنا لَكَ لَوْحاً مِنْ قَبْلُ بِلِسانٍ عَجَمِيٍّ أَحْلى وَبَعْدَ حُضُوْرِ كِتابِكَ هذا اللَّوْحَ الَّذِيْ نُزِّلَ بِاللُّغَةِ الْفُصْحى لِتَشْكُرَ رَبَّكَ الْعَزِيْزَ الْوَهّابَ، إِنَّما الْبَهآءُ عَلَيْكَ وَعَلى الَّذِيْنَ فازُوا بِهذا الْيَوْمِ الَّذِيْ فِيْهِ نَطَقَتِ الأَشْيآءُ الْمُلْكُ للّهِ فالِقِ الإِصْباحِ.

المصادر
المحتوى