هذِهِ وَرَقَةٌ مِنْ لَدُنّا إِلى الَّتِيْ أَيْقَنَتْ بِاللهِ وَسَمِعَتْ نِدآئَهُ وَعَرَفَتْ نَفْسَهُ وَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ وَحَضَرَ لَدى الْعَرْشِ كِتابُها لِتَجْذُبَها مَرَّةً أُخْرى إِلى اللهِ الْعَزِيْزِ الْحَكِيْمِ، أَنْ يا وَرَقَةُ الْعُلْيا أَنِ اسْتَمِعِيْ نِدآءَ رَبِّكِ الأَعْلى مِنَ السِّدْرَةِ الْمُنْتَهى عَلى الْبُقْعَةِ النَّوْرآءِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنا الْعَزِيْزُ الْكَرِيْمُ، أَنْ يا وَرَقَةَ الْفِرْدَوْسِ أَنِ اسْتَمعِ النِّدا تارَةً أُخْرى مِنَ الشَّجَرَةِ الْقُصْوى عَلى الْكَثِيْبِ الأَحْمَرِ مِنْ هذِهِ الْمَنْظَرِ الأَكْبَرِ إِنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنا الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ، قَدْ حَضَرَ لَدى الْعَرْشِ كِتابُكِ وَتَوَجَّهَ إِلَيْهِ لِحاظُ رَبِّكِ الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ، طُوْبى لَكِ لِما وَجَدْنا مِنْهُ عَرْفَ حُبِّكِ رَبَّكِ الرَّحْمنَ الرَّحِيْمَ، قَدْ كُنْتِ مَذْكُوْرًا لَدى الْوَجْهِ فِيْ أَكْثَرِ الأَحْيانِ هذا مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْكِ إِنَّهُ لَهُوَ الْحاكِمُ عَلى ما يُرِيْدُ، طُوْبى لَكِ بِما وَفَيْتِ مِيْثاقَ اللهِ وَعَهْدَهُ وَأَعْرَضْتِ عَنِ الْخائِنِيْنَ، إِنَّا وَجَدْنا مِنْكِ رائِحَةَ الْوَفا أَنِ افْتَخِرِيْ بِشَهادَةِ اللهِ بَيْنَ الْعالَمِيْنَ، لا تَحْزَنِيْ مِنْ شَيْءٍ لَعَمْرِيْ إِنَّهُ مَعَكِ فِيْكُلِّ الأَحْيانِ، يَنْبَغِيْ لِكُلٍّ أَنْ يُوَقِّرُوْكِ وَيُعَظِّمُوْكِ وَيُراعُوا فِيْكِ حَقَّ اللهِ وَأَمْرِهِ كَذلِكَ نُزِّلَ الأَمْرُ مِنْ لَدُنْ مُقْتَدِرٍ قَدِيْرٍ، أَنِ اشْكُرِيْ اللهَ ثُمَّ اذْكُرِيْهِ بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحانِ بِما أَنْزَلَ لَكِ مِنْ قَلَمِ الْوَحْيِ فِيْ هذا اللَّوْحِ الْمُبِيْنِ، يا إِلهِيْ وَمَحْبُوْبِيْ أَنا الَّتِيْ أَقْبَلْتُ إِلَيْكَ وَآمَنْتُ بِمَشْرِقِ أَمْرِكَ وَمَطْلِعِ إِلْهامِكَ وَفُزْتُ بِما لا فُزْنَ بِهِ إِمآئُكَ، أَسْئَلُكَ بِاسْمِكَ الأَعْظَمِ الَّذِي ابْتُلِيَ بَيْنَ طُغاةِ خَلْقِكَ وَعُصاةِ بَرِيَّتِكَ وَصارَ كَبْدُهُ مُشَبَّكاً مِنْ سِهامِ أَعْدائِكَ وَقَمِيْصُهُ مُحْمَرًّا بِدَمِ الْبَغْضا بِما وَرَدَ عَلَيْهِ فِيْ حُبِّكَ بِأَنْ تَجْعَلَنِيْ مُسْتَقِيْمًا عَلى أَمْرِكَ وَحُبِّكَ وَناطِقًا بِذِكْرِكَ وَثَنائِكَ وَلائِذًا بِحَضْرَتِكَ فِيْكُلِّ عالَمٍ مِنْ عَوالِمِكَ، أَيْرَبِّ لا تَمْنَعْنِيْ مِنْ نَفَحاتِ قَمِيْصِ وَحْيِكَ وَفَوَحاتِ ثَوْبِ رَحْمَتِكَ وَآياتِكَ الَّتِيْ تَمُرُّ مِنْها أَرْياحُ فَضْلِكَ، أَيْرَبِّ أَنْتَ الَّذِيْ أَحاطَ فَضْلُكَ الأَشْيآءَ وَسَبَقَتْ رَحْمَتُكَ مَنْ فِي الأَرْضِ وَالسَّمآءِ، فَأَنْزِلْ عَلَيَّ فِيْكُلِّ الأَحْوالِ ما يَنْبَغِيْ لِحَضْرَتِكَ وَيَلِيْقُ لِسُلْطانِكَ، أَنا الَّتِيْ يا مَحْبُوْبِيْ كُنْتُ مُقِرًّا بِفَرْدانِيَّتِكَ وَمُعْتَرِفًا بِوَحْدانِيَّتِكَ وَمُؤآنِسًا بِمَظْهَرِ نَفْسِكَ، تَرانِيْ يا إِلهِيْ مُسْتَجِيْرًا بِذِمَّتِكَ وَمُتَشَبِّثًا بِفَضْلِكَ وَأَلْطافِكَ فَأَشْرِبْنِيْ يا مَحْبُوْبَ الْعالَمِيْنَ بِيَدِ أَلْطافِكَ خَمْرَ مَكْرُمَتِكَ لِيَأْخُذَنِيْ سُكْرُ كَوْثَرِ عِنايَتِكَ عَلى شَأْنٍ يَجْعَلُنِيْ مُنْقَطِعًا عَمّا سِواكَ وَبِكُلِّيْ مُقْبِلاً إِلَيْكَ إِنَّكَ أَنْتَ الْمُقْتَدِرُ الْمُتَعالِي الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.