هو البديع في الأفق الأبهى سبحان الذي نزّل الآيات بالحق...

حضرت بهاءالله
النسخة العربية الأصلية

من آثار حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، المجلد 3، لوح رقم (57)

هو البديع في الأفق الأبهى

سُبْحانَ الَّذِيْ نَزَّلَ الآياتِ بِالْحَقِّ وَجَعَلَها هُدىً وَذِكْرى لِلْعالَمِيْنَ، وَبِها عَرَّفَ الْعِبادَ نَفْسَهُ الْعَلِيَّ الْعَظِيْمَ، وَبِها أَنْطَقَ الْمُمْكِناتِ عَلى ما شَهِدَ لِنَفْسِهِ بِنَفْسِهِ بِأَنَّهُ لا إِلهَ إِلاّ أَنا الْمُقْتَدِرُ الْعَزِيْزُ الْقَدِيْرُ، وَالَّذِيْ جَعَلَ اللهُ بَصَرَهُ حَدِيْدًا يَعْرِفُهُ بِنَفْسِهِ وَبِظُهُوْرِهِ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِيْنَ، وَالَّذِيْ عَجِزَ عَنْ عِرْفانِ نَفْسِهِ بِنَفْسِهِ جَعَلَ الآياتِ لَهُ دَلِيْلاً لِئَلاّ يُجْعَلَ مَحْرُوْمًا عَنْ شَمْسِ الْعِرْفانِ فِيْ أَيّامِ رَبِّهِ وَيُتِمَّ حُجَّتَهُ عَلى الْعِبادِ وَهذا مِنْ فَضْلِهِ عَلَيْهِمْ لِيَشْكُرُوْهُ وَيَكُوْنُنَّ مِنَ الشّاكِرِيْنَ، أَنِ اثْبُتْ يا أَيُّها النّاظِرُ إِلى اللهِ فِيْ أَمْرِ مَوْلاكَ تَاللهِ الْحَقِّ قَدْ ظَهَرَتْ فِتْنَةٌ انْصَعَقَتْ عَنْها كُلُّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ إِلاّ الَّذِيْنَ أَخَذَ اللهُ أَيادِيْهِمْ بِأَيادِي الْفَضْلِ وَنَجّاهُمْ مِنَ الْقَوْمِ الظّالِمِيْنَ، وَنَصَرَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَنْزَلَ عَلى قُلُوْبِهِمْ سَكِيْنَةً مِنْ عِنْدِهِ وَانْقَطَعَهُمْ عَنْ المُشْرِكِيْنَ، وَلكِنَّ الْفِتْنَةَ فِتْنَةٌ لِلَّذِيْنَ ما اسْتَقَرُّوا عَلى الأَمْرِ وَمَنِ اسْتَقَرَّ عَلى سَرِيْرِ الإِيْقانِ وَعَرَفَ اللهَ بِنَفْسِهِ لَنْ يُحَرِّكَهُ عَواصِفُ الامْتِحانِ وَلا قَواصِفُ الافْتِتانِ وَإِنَّهُمْ لَنْ يُحَوِّلُوا أَبْصارَهُمْ عَنْ مَنْظَرِ قُدْسٍ كَرِيْمٍ، أُوْلئِكَ مَرُّوا عَنِ الدُّنْيا وَما فِيْها وَلَوْ يَشْتَغِلُنَّ فِي الظّاهِرِ بِآلائِها لأَنَّ اللهَ جَعَلَ قُلُوْبَهُمْ مُطَهَّرًا عَنْ ذِكْرِ دُوْنِهِ وَاختَصَّهُمْ لِذِكْرِهِ الأَبْدَعِ الْبَدِيْعِ، أَنِ اسْتَقِمْ عَلى الأَمْرِ بِشَأْنٍ لَوْ يَعْتَرِضُ عَلَيْكَ كُلُّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرْضِ لَنْ تَضْطَرِبَ فِيْ نَفْسِكَ وَتَكُوْنُ مِنَ الرّاسِخِيْنَ، كَذلِكَ الْقَيْناكَ قَوْلَ الْحَقِّ لِيَنْشَرِحَ بِهِ قَلْبُكَ وَتَذْكُرَ رَبَّكَ بَيْنَ عِبادِهِ الْمُشْرِكِيْنَ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنْ حَضَرَ بَيْنَ يَدَيْنا كِتابُكَ وَشَهِدْنا ما نادَيْتَ بِهِ اللهَ رَبَّكَ وَرَبَّ الْعالَمِيْنَ، فَطُوْبى لَكَ يا عَبْدُ بِما فُزْتَ بِعِرْفانِ رَبِّكَ وَلكِنْ فَاسْعَ فِيْ نَفْسِكَ بِأَنْ تَكُوْنَ مِنَ الثّابِتِيْنَ الَّذِيْنَ لَنْ يَمْنَعَهُمْ مَنْعُ مانِعٍ وَلا شَماتَتُ مُشْمِتٍ وَلا إِعْراضُ الْخَلائِقِ أَجْمَعِيْنَ، انِ اخْرُقِ الأَحْجابَ ثُمَّ انْظُرْ رَبَّكَ بِبَصَرِكَ ثُمَّ انْقَطِعْ عَنْ أَبْصارِ الْعالَمِيْنَ، لأَنَّ مَنْ يَنْظُرْ إِلَيْهِ بِعَيْنِ سِواهُ لَنْ يَعْرِفَهُ وَإِنَّ هذا لَحَقٌ يَقِيْنٌ، ثُمَّ اعْلَمْ بِأَنَّ اللهَ قَبِلَ عَنْكَ ما عَمِلْتَهُ وَمالا عَمِلْتَهُ فَضْلاً مِنْ عِنْدِهِ وَإِنَّهُ لَهُوَ الْفَضّالُ الْكَرِيْمُ، وَقَدَّرَ لَكَ فِيْ سَمآءِ الأَمْرِ ما أَرادَ لِنَفْسِكَ فَسَوْفَ يُنْزِلُ عَلَيْكَ لا تَخَفْ وَلا تَحْزَنْ وَإِنَّهُ وَلِيُّ الْمُحْسِنِيْنَ، وَيَرْزُقُكَ خَيْرَ الدُّنْيا وَالآخِرَةِ إِنْ لَنْ يَزَلَّ قَدَماكَ عَنْ هذا الصِّراط الَّذِي ارْتَفَعَ بِالْحَقِّ مِنْ لَدُنْ عَزِيْزٍ حَكِيْمٍ، وَإِنَّهُ يَعْلَمُ ما فِيْ قَلْبِكَ وَفِيْ قَبْضَتِهِ مَلَكُوْتُ كُلِّ شَيْءٍ يُعْطِيْ ما يَشآءُ وَيَأْخُذُ ما يُرِيْدُ إِيّاكَ أَنْ لا تَحْزَنْ عَنْ شَيْءٍ إِلاّ بِما وَرَدَ عَلى نَفْسِيْ مِنَ الَّذِيْ خُلِقَ بِقَوْلِيْ وَكانَ اللهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيْدَ، وَلَقَدْ زَلَّتِ الْيَوْمَ أَقْدامُ الَّذِيْنَهُمُ اتَّخَذُوا الْوَهْمَ لأَنْفُسِهِمْ رَبًّا مِنْ دُوْنِ اللهِ وَكانُوا فِيْ حِجابٍ عَظِيْمٍ، إِيّاكَ أَنْ لا تُعاشِرْ مَعَ الَّذِيْنَ تَجِدُ مِنْ شَطْرِ قُلُوْبِهِمْ بُغْضَ اللهِ رَبِّكَ وَرَبِّ ما خُلِقَ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرَضِيْنَ، كَذلِكَ أَلْقَيْناكَ وَأَذْكَرْناكَ فِيْهذا الْحِيْنِ الَّذِيْ أَخَذَتْنِي الأَحْزانُ مِنْ كُلِّ الأَقْطارِ مِنَ الَّذِيْنَ غَفَلُوا عَنْ ذِكْرِ اللهِ الْعَزِيْزِ الْحَكِيْمِ، وَالرَّوْحُ وَالْبَهاءُ عَلَيْكَ وَعَلى مَنْ مَعَكَ مِنَ الَّذِيْنَهُمْ أَخَذَتْهُمْ نَفَحاتُ الأَمْرِ مِنْ هذا الرِّضْوانِ الرَّفِيْعِ.

المصادر
المحتوى