قَدْ حَضَرَ كِتابُكَ تِلْقآءَ الْوَجْهِ فِي السِّجْنِ وَكانَ مُزَيَّنًا صَدْرُهُ بِالْكَلِمَةِ الَّتِيْ أَحْبَبْناها فِيْ سَبِيْلِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْقَيُّوْمِ، وَأَرَدْناها لِنَفْسِيْ وَلِمَنْ مَعِيْ وَرَبُّكَ الرَّحْمنُ هُوَ الْعَلِيْمُ عَلى ما أَقُوْلُ وَهِيَ هذِهِ: يا لَيْتَنِيْ كُنْتُ مِنَ الْمُسْتَشْهَدِيْنَ فِيْ سَبِيْلِكَ، لَعَمْرِيْ بِهذا الرَّجا تَوَجَّهَ إِلَيْكَ طَرْفُ اللهِ وَأَقْبَلَ إِلَيْكَ أَهْلُ مَلإِ الأَعْلى وَلكِنَّ النّاسَ هُمْ لا يَفْقَهُوْنَ، إِنَّا بِرَجائِكَ هذا الْمَقامَ كَتَبْنا لَكَ أَجْرَ مَنِ اسْتُشْهِدَ فِيْ سَبِيْليْ إِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْغَفُوْرُ الْوَدُوْدُ، فَاعْلَمْ بِأَنَّ فِيْ مِثْلِ تِلْكَ الأَيّامِ مَنْ يَقُوْمُ عَلى ذِكْرِ اللهِ مُوْجِدِ الأَسْمآءِ بَيْنَ عِبادِهِ الْجُهَلا إِنَّهُ مِمَّنْ فازَ بِخَيْرِ ما كانَ وَما يَكُوْنُ، فَكِّرْ فِيْ تِلْكَ الأَيّامِ لِيَظْهَرَ لَكَ عَظَمَتُها وَالَّذِيْ ظَهَرَ فِيْها بِسُلْطانِ رَبِّكَ الْعَزِيْزِ الْمَحْمُوْدِ، إِنَّ أَعْظَمَ الأَعْمالِ هُوَ ذِكْرُ رَبِّكَ بَيْنَ الْعِبادِ كَذلِكَ نُزِّلَ فِيْ لَوْحٍ مَحْفُوْظٍ، مَنْ فازَ بِهِ فازَ بِما أَرادَ اللهُ لَهُ عِنْدَ رَبِّكَ عِلْمُ كُلِّشَيْءٍ وَلكِنَّ النّاسَ عَنْهُ مُحْتَجِبُوْنَ، أَنِ اطْلُعْ عَنْ أُفُقِ الْيَقِيْنِ بِقُدْرَةِ رَبِّكَ الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ ثُمَّ ادْخُلْ مَقَرَّ الْمُشْرِكِيْنَ مِنْ مَلإِ الْبَيانِ الَّذِيْنَ كَفَرُوا بِاللهِ فاطِرِ الأَرْضِ وَالسَّمآءِ قُلْ يا قَوْمِ دَعُوا الْمَوْهُومَ قَدْ أَتى الْقَيُّوْمُ عَلى ظُلَلِ الْبُرْهانِ، إِنَّهُ لَرَبُّكُمُ الرَّحْمنُ الَّذِيْ عُلِّقَ بِهِ الْبَيانُ اتَّقُوا اللهَ وَلا تَتَّبِعُوا الَّذِيْنَ لا يَشْعُرُوْنَ، كَذلِكَ أَلْقَيْناكَ ما يَحْيى بِهِ أَفْئِدَةُ الَّذِيْنَ أَقْبَلُوا إِلى الْوَجْهِ بِخُضُوْعٍ وَخُشُوْعٍ وَقَدْ قَدَّرْنا لَكَ أَجْرًا غَيْرَ مَمْنُوْنٍ، أَنِ افْرَحْ بِذلِكَ وَتَمَسَّكْ بِعُرْوَةِ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْقَيُّوْمِ.