لوح اشرف

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

لوح اشرف – حضرة بهاءالله – مجموعة الواح مباركة ، طبعة مصر، الصفحات ٢١١ – ٢١٩

﴿ هو العزيز البديع ﴾

أن يا أشرف اسمع ما يلقيك لسان القِدم ولا تكن من الغافلين * وإنّ استماع نغمة من نغمات ربّك ليجذب العالمين لو يتوجّهنّ إليها بسمع طاهر بديع * وإنّ الأسماء لو يخلّصنّ أنفسهم عن حدودات الإنشاء ليصيرنّ كلّها الأسم الأعظم لو أنت من العارفين * لأنّ جمال القِدم قد تجلّى على كلّ الأشياء بكلّ الأسماء في هذه الأيّام المقدّس العزيز المنيع * وإنّك فاسع في نفسك بأن تكون محسنا في أمر ربّك وخالصا لحبّه ليجعلك من أسمائه الحسنى في ملكوت الإنشاء * وإنّ هذا لفضل كبير * فو عمري لو يرفع اليوم أيادي كلّ الممكنات خالصا عن الإشارات إلى شطر الرّجاء من مليك الأسماء ويسألنّه خزائن السّموات والأرض ليعطينّهم بفضله العميم قبل أن يرجعنّ أياديهم إليهم وكذلك كان رحمته على العالمين محيطا * قل يا قوم لا تمنعوا أنفسكم عن فضل اللّه ورحمته ومن يمنع إنّه على خسران عظيم *

قل يا قوم أتعبدون التّراب وتدعون ربّكم العزيز الوهّاب * اتّقوا اللّه ولا تكوننّ من الخاسرين * قل قد ظهر كتاب اللّه على هيكل الغلام فتبارك اللّه أحسن المبدعين * أنتم يا ملأ الأرض لا تهربوا عنه أن اسرعوا إليه وكونوا من الرّاجعين * توبوا يا قوم عمّا فرّطتم في جنب اللّه وما أسرفتم في أمره ولا تكوننّ من الجاهلين * هو الّذي خلقكم ورزقكم بأمره وعرّفكم نفسه العزيز العليّ العليم * وأظهر لكم كنوز العرفان وعرّجكم إلى سماء الإيقان في أمره المحكم العزيز الرّفيع * إيّاكم أن تمنعوا فضل اللّه عن أنفسكم ولا تبطلوا أعمالكم ولا تنكروه في هذا الظّهور الأظهر الأمنع المشرق المنير * فأنصفوا في أمر اللّه بارئكم ثمّ انظروا إلى ما نزّل عن جهة العرش وتفكّروا فيه بقلوب طاهر سليم * إذا يظهر لكم الأمر كظهور الشّمس في وسط السّماء وتكوننّ من الموقنين *

قل إنّ دليله نفسه ثمّ ظهوره ومن يعجز عن عرفانهما جعل الدّليل له آياته وهذا من فضله على العالمين * وأودع في كلّ نفس ما يعرف به آثار اللّه ومن دون ذلك لن يتمّ حجّته على عباده إن أنتم في أمره من المتفكّرين * إنّه لا يظلم نفسا ولا يأمر العباد فوق طاقتهم وإنّه لهو الرّحمن الرّحيم * قل قد ظهر أمر اللّه على شأن يعرفه أكمه الأرض فكيف ذو بصر طاهر منير * وإنّ الأَكْمَه لن يدرك الشّمس ببصرها ولكنّ يدرك الحرارة الّتي تظهر منها في كلّ شهور وسنين * ولكن أَكْمَه البيان تاللّه لن يعرف الشّمس ولا أثرها وضياءها ولو تطلع في مقابلة عينه في كلّ حين *

قل يا ملأ البيان إنّا اختصصناكم لعرفان نفسنا بين العالمين * وقرّبناكم إلى شاطئ الأيمن عن يمين بقعة الفردوس المقام الّذي فيه تنطق النّار على كلّ الألحان بأنّه لا إله إلّا أنا العليّ العظيم * إيّاكم أن تحجبوا أنفسكم عن هذه الشّمس الّتي استضاءت عن أفق مشيّة ربكم الرّحمن بالضّياء الّذي أحاط كلّ صغير وكبير * أن افتحوا أبصاركم لتشهدوها بعيونكم ولا تعلّقوا أبصاركم بذي بصر لأنّ اللّه ما كلّف نفسا إلّا وسعها وكذلك نزّل في كلّ الألواح على النّبيّين والمرسلين * أن ادخلوا يا قوم في هذا الفضاء الّذي ما قدّر له من أوّل ولا من آخر وفيه ارتفع نداء اللّه وتهبّ روائح قدسه المنيع * ولا تجعلوا أجسادكم عرية عن رداء العزّ ولا قلوبكم عن ذكر ربّكم ولا سمعكم عن استماع نغماته الأبدع الأمنع العزيز الأفصح البليغ *

أن يا أشرف فاشكر اللّه بما شرّفك بلقائه وأدخلك تلقاء العرش مقعد عزّ عظيم * فطوبى لعينك بما رأت جمال اللّه ربّك وربّ الخلائق أجمعين * فطوبى لأذنك بما سمعت نغمة اللّه المقتدر العليم الحكيم * ثمّ اعلم بأنّ تمّ ميقات وقوفك لدى العرش * قم ثمّ اذهب بلوح اللّه إلى عباده المريدين الّذين أحرقوا الأحجاب بنار الانجذاب وصعدوا إلى اللّه الملك العزيز الحميد * ثمّ ذكّرهم بما ورد علينا من الّذين هم خلقوا بأمر من لدنّا ثمّ بشّرهم برضوان اللّه ليكوننّ من المستبشرين * أن أقصص لهم من قصص الغلام ليطلعنّ بها ويكوننّ من الذّاكرين *

قل يا أحبّاء اللّه قوموا على النّصر ولا تتّبعوا الّذين هم جادلوا بنفس اللّه وأنكروا الحجّة الّتي جعلها اللّه برهان أمره بين السّموات والأرضين * وبغوا على اللّه على شأن قاموا على الإعراض في مقابلة الوجه وما استحيوا من اللّه الّذي خلقهم بأمر من عنده * وكذلك ورد على جمال القِدَم من هؤلاء الظّالمين * وبلغ الإعراض إلى مقام قاموا على قتلي بما ألقى الشّيطان في صدورهم وكان اللّه على ذلك لعليم وشهيد * ولمّا شهدوا أنفسهم عجزاء عند سلطنة اللّه وقدرته إذا قاموا على مكر جديد كذلك ورد علينا من الّذين هم خلقوا بأمر من عندنا وإنّا كنّا قادرين * أنتم يا أحبّاء اللّه كونوا سحاب الفضل لمن آمن باللّه وآياته وعذاب المحتوم لمن كفر باللّه وأمره وكان من المشركين *

قل يا قوم لا تسمعوا قول المشركين في اللّه ومظهر نفسه اتّقوا من يوم كلّ يسألون عمّا فعلوا في محضر ربّهم العليّ العظيم * ويجزون بما كسبوا في الحياة الباطلة وهذا ما قدر على ألواح عزّ حفيظ * ولا تكونوا من الّذين يتّخذون في كلّ حين لأنفسهم أمرا ويكفرون به في حين آخر اتّقوا اللّه يا ملأ المؤمنين * أن اتّخذوا ما نزّل عليكم من جهة العرش ودعوا ما دونه وكونوا على الأمر لمن الرّاسخين *

وإن رأيت الّذي سمّي بمحمّد قبل عَلِيٍّ ذكّره من لدنّا وبلّغه ما أمرت به ليقوم على الأمر ويكون مستقيما بحيث لا تزلّ قدماه عن صراط اللّه العزيز الحميد * قل يا عبد تاللّه كلّما سمعت وعرفت قد ظهر من لدنّا وما دوني قد خلق بأمري إن أنت من العارفين * وكلّما أشرنا به إلى دوني هذا لحكمة من لدنّا وما اطّلع بذلك أحد إلّا الّذين عرّفناهم مواقع الأمر وأيّدنا‏هم بروح الأمين * وإنّك شقّ حجبات الأوهام ليستشرق عليك شمس الإيقان عن مشرق اسمي الرّحمن ويجعلك من المخلصين * قم على خدمة ربّك ولا تلتفت إلى الّذين هم كفروا باللّه وكانوا من المنكرين * أن اذكر النّاس بالحكمة والموعظة ولا تجادل مع أحد في أمر ربّك ليتمّ حجّة ربّك على العالمين * كن متّحدا مع أحبّاء اللّه ثمّ اجمعهم على مقرّ الآمن في ظلّ اسم ربّك العزيز العليم * أن احفظ العباد بأن لا تزلّهم همزات الشّيطان حين الّذي يرد على أرضكم بمكر عظيم * ومعه ما يمنعكم عن حبّ الغلام كذلك نبّأناك من نبأ الغيب لتطّلع به وتكون من الثّابتين * أن انقطع عن كلّ الأشطار ثمّ وَلِّ وجهك شطر الحرام مقرّ عرش ربّك الغفور الرّحيم * ثمّ اعلم بأنّا أذكرناك في الألواح من قبلُ ومن بعدُ وما وجدنا منك ما ينبغي لك إيّاك أن تمنع نفسك عمّا قدّرناه لك على ألواح قدس حفيظ * خلّص نفسك عن كلّ ما يمنعك عن اللّه ثمّ اذكره بقلب خاشع منير * فينبغي لك بأن تكون مستقيما على الأمر على شأن لو يجادلنّ معك كلّ من في السّموات والأرضين لن يقدرنّ أن ينزلنّك عن الأمر ويشهدنّ أنفسهم عجزاء كذلك ينبغي لمن ينسب نفسه إلى اللّه في تلك الأيّام الّتي غرق فيها أكثر العباد في غمرات الظّنون والأوهام وكانوا من الهالكين *

وإذا رأيت أبا بصير فأحضر هذا اللّوح تلقاء وجهه ليقرأه ويكون من العارفين * وكبّر من لدنّا على وجهه ليستبشر ببشارات الرّوح من لدن عزيز حكيم * قل يا عبد إنّا أنزلنا عليك الآيات وأرسلناها إليك رحمة من لدنّا لتذكّر الّذين هم كانوا في أرضك ليقومنّ عن رقدهم ويقبلنّ بقلوبهم إلى قبلة الّتي عند ظهورها خرّت وجوه أهل ملأ العالين * ثمّ ذكر من لدنّا أحبّاء اللّه الّذين ما منعهم الأحجاب عن الدّخول في لُجَّةِ بحر رحمة ربّك المعطي الكريم * كذلك أمرناك وألقيناك وألهمناك لتشكر اللّه ربّك في كلّ الأحيان وتكون من الشّاكرين *

والرّوحُ والعِزُّ والبَهَاءُ عليكم يا أهل البهاء وعلى الّذين أرادوا الوجه وكانوا من المقبلين *

المصادر
المحتوى
OV