لوح الهودج (لوح سامسون)

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

لوح الهودج (لوح سامسون) – حضرة بهاءالله – لئالئ الحكمة، جلد ١، الصفحات ١٢ - ١٦

تِلْكَ آياتٌ ظَهَرَتْ فِيْ خِدْرِ الْبَقاءِ وَهَوْدَجِ الْقُدْسِ حِيْنَ وُرُوْدِ اسْمِ الأَعْظَمِ عَنْ شَطْرِ السُّبْحانِ فِيْ أَرْضِ الصَّامْصُونِ يَمَّ بَحْرٍ عَظِيْمٍ، إِذًا نُزِّلَتْ جُنُوْدُ وَحْيِ اللهِ بِطِرازِ الذِيْ انْصَعَقَتْ عَنْها كُلُّ مَنْ فِي السَّمواتِ وَالأَرَضِيْنَ، وَأَشْرَقَتْ قُدَّامَهُمْ شَمْسُ الْجَمالِ فِيْ هَيْكَلِ قُدْسٍ لَطِيْفٍ، وَخاطَبَ الْفُلْكَ بِما جَرَى مِنْ قَلَمِ اللهِ مِنْ قَبْلُ فِيْ لَوْحِ الَّذِيْ خاطَبْنا فِيْهِ ملاَّح الْقُدْسِ بِنِدآءِ حُزْنٍ خَفِيٍّ، وَبِما نُزِّلَ حِيْنَئِذٍ فِيْ هَذا اللَّوحِ مِنْ قَلَمِ قُدْسٍ مُنِيْر، وَمَنْ يُريْدُ أَنْ يَطَّلِعَ بِأَسْرارِ الأَمْرِ مِنْ لَدُنْ حَكِيْمٍ عَلِيْمٍ فَلْيَنْظُرْ فِي اللَّوْحَيْنِ لِيَعْرِفَ أَسْرارَ اللهِ وَتَقِرَّ بِها عَيْناهُ وَيَكُوْنَ مِنَ الْمُوْقِنِيْنَ.

قَدْ تَمَّ مِيْقاتُ الاسْتِواءِ فِيْ هَوْدَجِ الْقُدْسِ وَخَرَجَ جَمالُ الْهُوِيَّةِ بِمَنْظَرِ عِزٍّ كَرِيْمٍ، قُلْ َقدِ انْتَهَى سَفَرُ التُّرابِ إِلَى سَاحِلِ بَحْرٍ عَظِيْمٍ، إِذًا يَبْكِيْ هَوْدَجُ الْخُلْدِ وَيَسْتَبْشِرُ سَفِيْنَةُ قُدْسٍ مُنِيْرٍ، أَنْ يَا مَلَّاحَ الْقُدْسِ قَدْ جاءَ الوَعْدُ فِيْمَا وَعَدْناكَ بِلِسانِ صِدْقٍ عَلِيْمٍ، فاَسْتعِدَّ فِيْ نَفْسِكَ لِتُحَوِّلَ نَفْسَ اللهِ عَلَى فُلْكٍ مَا سِوَاهُ بِهَذَا الأَمْرِ الْمُحْدَثِ الْقَدِيْمِ، سَيَظْهَرُ عَلَيْكَ كُلُّ مَا وَعَدْناكَ بالْحَقِّ إِنْ أَنْتَ مِنَ الصَّابِرِيْنَ، وَأَخْبَرْناكَ مِنْ قَبْلُ كُلَّ ما يُقْضَى وَمَا الْتَفَتَ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعالَمِيْنَ، وَأَغْفَلْناهُمْ عَنْ ذَلِكَ بِما اكْتَسَبَتْ أَيْداهُمْ وَإِنَّ هذا لَعَدْلٌ مُبِيْنٌ، فَوَاللهِ إِنَّ الَّذِيْنَ يَدْخُلُوْنَ فِيْ ظِلِّكَ سَتَأْخُذُهُمْ عَذابُ فِتْنَةٍ عَظِيْمٍ، قُلْ تَاللهِ هَذا مَحَكُّ اللهِ قَدِ اسْتَقامَ بِالْعَدْلِ وَيَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْباطِلِ وَالشَّكِّ عَنِ الْيَقِيْنِ، وَلَكِنْ أَنْتَ طَهِّرِ النَّظَرَ عَنْ حُدُوْداتِ الْبَشَرِ وَلا تَرْتَدَّ الْبَصَرَ عَنْ هَذا الْمَنْظَرِ الْمُنِيْرِ، وَهُبَّ عَلَيْهِمْ مِنْ رَوائِحِ الْفَضْلِ لَعَلَّ تُخَلِّصُهُمْ عَنْ ظُنُوْنِهِمْ وَتُقَلِّبُهُمْ إِلى اللهِ الْعَزِيْزِ الْحَكِيْمِ، وَتُطَهِّرُ قُلُوْبَهُمْ عَنْ هَوَآهُمْ وَتُبَلِّغُهُمْ إِلى وَطَنِ قُدْسٍ بَدِيْعٍ، وَلَعَلَّ تَحْتَرِقُ بِذَلِكَ حُجُباتُ التَّقْلِيْدِ وَيَسْتَشْرِقُ جَمالُ التَّوْحِيْدِ فِيْ مِشْكَوةِ أَفْئِدَةٍ لَطِيْفٍ، وَلا تَزِنِ الْعِبَادَ بِمِيْزَانِ اللهِ لأَنَّهُمْ يُزَنُوْنَ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ وَيَكُوْنُنَّ مِنَ الزَّانِيْنَ، فَاعْفُ عَنْهُمْ وَتَجَاوَزْ عَنْ جَرِيْرَاتِهِمْ لأَنَّكَ أَنْتَ الْكَرِيْمُ ذُوْ الْفَضْلِ الْعَمِيْمِ، إِذًا لَمَّا أُغْمِضَتْ عَيْنَاكَ عَنِ الْعِصْيَانِ وَفَتَحْتَهَا بِالإِحْسَانِ هُبَّ عَلى أَهْلِ الأَكْوانِ مِنْ نَسَماتِ قُدْسٍ كَرِيْمٍ، لَعَلَّ يَسْتَشْعِرُوْنَ في أَنْفُسِهِمْ بِمَا فَضَّلَهُمُ اللهُ عَلى الْخَلائِقِ أَجْمَعِيْنَ، وَجَعَلَهُمْ مُعاشِرَ نَفْسِهِ وَشَرَّفَهُمْ بِلِقائِهِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ ثَمَراتِ الْوَصْلِ مِنْ شَجَرِ قُدْسٍ مُبِيْنٍ، وَأَقْمَصَهُمْ قَمِيْصَ الاخْتِصاصِ وَفَضَّلَهُمْ عَلى خَلْقِ ما كانَ وَما يَكُوْنُ، وَكَتَبَ أَسْمائَهُمْ فِيْ أَلْواحِ عِزٍّ حَفِيْظٍ، كُلُّ ذَلِكَ يَصْدُقُ عَلَيْهِمْ لَوْ لَنْ يُغَيِّرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَيَعْرِفُوْنَ ما أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَيَشْكُرُوْهُ فِيْ كُلِّ حِيْنٍ، وَإِنَّكَ أَنْتَ يا فُلْك الأَمْرِ فَاحْمِلْ هؤُلاءِ ثُمَّ اجْرِ عَلى الْبَحْرِ بِإِذْنٍ مِنَ اللهِ الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، أَنْ يا سَفِيْنَةَ الْقُدْسِ فَأَبْشِرِيْ فِيْ نَفْسِكِ بِمَا وَرَدَ فِيْكِ جَمَالُ عِزٍّ مَنِيْعٍ، أَنْ يا بَحْرَ الْبَقاءِ قِرَّ عَيْناكَ بِما وَرَدَ عَلَيْكَ بَحْرُ رُوْحٍ لَطِيْفٍ، لِذَا خُلِقْتَ قَبْلَ الْبِحَارِ إِنْ تَكُوْنَ مِنَ الْمُسْتَشْعِرِيْنَ، إِذًا فَأَكْرِمْ ضُيُوْفَ اللهِ عِبَادَ الَّذِيْنَهُمْ رَكِبُوا عَلَيْكَ وَوَرَدُوا فِيْكَ وَلا تَكُنْ مِنَ الْمُضْطَرِبِيْنَ، فَاحْفَظْ أَمَانَاتِ اللهِ وَلا تَخَانُ فِيْ نَفْسِكَ وَلا تَكُنْ مِنَ الْخَائِنِيْنَ، أَنْ يَا حِيْتَانَ الْبَحْرِ فَاسْتَبْشِرُوا فِيْ أَنْفُسِكُمْ ثُمَّ اذْكُرُوا بَارِئَكُمْ بِمَا فُزْتُمْ بِلِقَاءِ اللهِ فِيْ أَيَّامِ الَّتِيْ أَشْرَقَتْ شَمْسُ الْجَمَالِ عَنْ مَطْلِعِ اسْمٍ قَدِيْمٍ، أَنْ يَا هَوَاءَ الْبَحْرِ هُبَّ عَلى أَجْسادِ الطَّيِّبَةِ الْمُنِيْرَةِ الَّتِيْ خَلَقَهُمُ اللهُ مِنْ نُوْرِ ذاتِهِ قَبْلَ خَلْقَ السَّمَواتِ وَالأَرَضِيْنَ، وَسُرَّ فِيْ نَفْسِكَ ثُمَّ أَبْشِرْ فِيْ رُوْحِكَ بِما رَزَقَكَ اللهُ مِنْ هَوآءِ رُوْحٍ خَفِيْفٍ، فَوَاللهِ إِذًا اسْتَبْشَرَتْ سُكَّانُ أَهْلِ الْبَحْرِ وَضَجَّتْ سُكَّاُن الْبَرِّ بِما خَرَجَ جَمالُ الْهُوِيَّةِ عَنْ هَوْدَجِ الْبَقاءِ وَاسْتَقَرَّ عَلى فُلْكِ قُرْبٍ رَفِيْعٍ، قُلْ يا أَهْلَ السِّرِّ وَالشَّهادَةِ وَالْغَيْبِ وَالظُّهُوْرِ لا تَحْزَنُوا عَنْ شَيْءٍ ثُمَّ افْرَحُوا بِفَرَحِ اللهِ الْمُقَدَّسِ الْمُتَعالِي الْعَلِيْمِ، قُلْ إِنَّ هَذا لَفَرَحُ الَّذِيْ أَخَذَ الْمَوْجُوْداتِ كُلَّها وَأَحاطَ كُلَّ مَنْ فِي الْعَالَمِيْنَ، وَلَنْ يَأْخُذَ أَحَدًا دُوْنَ أَحَدٍ إِنْ يَتَوَجَّهُوْنَ إِلى مَنْظَرِ اللهِ الْمُقَدَّسِ الْعَزِيْزِ الْمُنِيْرِ، قُلْ هَذَا لَفَضْلٌ يُقَلِّبُ كُلَّ الذَّرَّاتِ إِلى جَمَالِ الْهُوِيَّةِ أَقْرَبَ مِنْ أَنْ يَذْكُرَ الْمَحْبُوْبُ إِسْمَ الْحَبِيْبِ، وَكَذَلِكَ نُلْقِيْ مِنْ آيَاتِ الرُّوْحِ وَنَبْسُطُ بِساطَ الْفَضْلِ عَلى كُلِّ مَنْ فِيْ الْمُلْكِ أَجْمَعِيْنَ، وَإِنَّكِ أَنْتِ أُنَادِيْكِ يَا لُجَّةَ الْقُدْسِ فِيْ آخِرِ الْقَوْلِ بِمَا وَرَدَ عَلَيْكِ لُجَّةُ اللهِ الْمُهَيْمِنِ الْغَالِبِ الْقَوِيْمِ، أَنْ يَا طَمْطَامَ الأَحَدِيَّةِ فَاسْرُرْ فِيْ ذَاتِكَ بِمَا اسْتَوَى عَلَيْكَ طَمْطامُ السُّرُوْرِ وَإِنَّ هَذا لَفَضْلٌ عَظِيْمٌ، أَنْ يَا قَمْقامَ الْعِزِّ فَابْهَجْ فِيْ رُوْحِكَ بِمَا وَرَدَ فِيْكَ قَمْقامُ اللهِ الْمُتَعالِي الْعَزِيْزِ الْقَدِيْرِ، فَهَنِيْئًا لَكَ بِما اسْتُحْضِرَ فِيْ حَوْلِكَ أَرْواحُ الْمُقَرَّبِيْنَ، وَاسْتَقْبَلُوا حِيْنَئِذٍ كُلَّ الذَّرَّاتِ وَقامُوا فِيْ هَواكَ وَكانُوا مِنَ الْمُنْظَرِيْنَ، لِيَمُرَّ عَلَيْهِمْ نَسائِمُ الْقُدْسِ عَنْ شَطْرِ الأَحَدِيَّةِ مِنْ هَذَا الرِّضْوانِ الْمُقَنَّعِ الْمُقَطَّعِ الْمَسْتُوْرِ الْمَشْهُوْرِ الظَّاهِرِ الْخَفِيِّ، فَطُوْبى لَهُمْ وَلِمَنْ دَخَلَ فِيْ ظِلِّهِ وَشُرِّفَ بِلِقَائِهِ وَشَرِبَ عَنْ كَأْسهِ وَتَمَسَّكَ بِحَبْلِهِ الْمُحْكَمِ الْقَوِيْمِ، وَبِذَلِكَ أَتْمَمْنا الْفَضْلَ عَلى الأَوَّلِيْنَ وَالآخِرِيْنَ، وَأَنْزَلْنا مِنْ سَحَابِ الْقُدْسِ مَا يُطَهَّرُ بِهِ أَفْئِدَةُ العَارِفِيْنَ، وَقَدَّرْنا لِكُلِّ الأَشْيَاءِ قَمِيْصَ الْهِدَايَةِ إِنْ يُقْبِلُوا إِلَيْهِ وَتَكُوْنُ مِنَ الْمُتَّقِيْنَ، وَكَذَلِكَ قَدَّرْنا فِيْ سَمآءِ الأَمْرِ مَا يُغْنِيْ بِهِ العَالَمِيْنَ.

(از يمين أمر صادر) قَدْ ظَهَرَتْ فِتْنَةُ الَّتِيْ نَزَّلْنَاهَا فِيْ هَذَا اللَّوْحِ، قُلْنَا وَهُوَ الْحَقُّ: فَوَ اللهِ إِنَّ الَّذِيْنَ يَدْخُلُونَ فِيْ ظِلِّكَ سَتَأْخُذُهُمْ عَذابُ فِتْنَةٍ عَظِيْمٍ.

المصادر
المحتوى
OV