هذا لوح الرّوح قد نزّل بالحقّ وجعله اللّه روحا حيّا حيوانا ليحيى به أفئدة العالمين
لأنّ نفسي نفسه لو أنتم تشعرون
فسبحان الّذي في قبضته ملكوت ملك الآيات يصرّفها كيف يشاء بأمر من عنده وإنّه لهو السّلطان الفرد المقتدر العزيز القدير قل يا قوم هذه آيات اللّه موجدكم قد نزلت عليكم من سحاب القضاء لتشهدنّ صنع بارئكم بين الأرض والسّماء وتستقرّنّ على كرسيّ الاستقلال في ظلال هذا الجمال الّذي استضاء منه شمس العظمة في سماء البقاء ثمّ شمس القدرة عن أفق البَدَاء ثمّ شمس العزّة على سماء الإمضاء ثمّ شموس الأوّلين والآخرين
أن يا قلم القدم ذكر العليّ بما ألقى الشّيطان في صدور الّذينهم اعترضوا على اللّه في يوم الّذي استوى على العرش بسلطان مبين ليكون متذكّرا في نفسه وثابتا في أمر موليٰه بحيث لو يجادله كلّ الأحزاب لن يجد في نفسه الاضطراب ويشهد كلّ الاشياء كيوم الّذي لم يكن منها ذكرا بين يدي اللّه المقتدر العليم الحكيم
ومن المشركين من قال إذا مات الرّوح هل يبقى اسمه في الملك بما تصفه عدّة معدودات من الّذينهم آمنوا وكانوا على يقين مبين قل تاللّه إنّ الرّوح لن يمت أبدا بل يبقى منه كلّ من يدخل في ظلّه وكذلك كان الأمر إن أنتم من العارفين وإنّ حيوٰة كلّ شيء قائم بوجوده وحيوٰته بنفسه لو أنتم من الشّاعرين قل إنّه لن يفتخر بشيء عمّا خلق بين السّموات والأرض لأنّ كلّ ذلك خلق بقوله لو أنتم من المنصفين وإنّه لو يفتخر بشيء ليفتخر بنفسه لا بما سويٰه وبه يفتخر كلّ من في ملكوت السّموات والأرض وما في جبروت الأمر والخلق إن أنتم من العالمين
قل يا جبل الغلّ وطور البغضاء وسفينة الحسد مت بغيظك ثمّ احترق باشتعال الّذي أوقده اللّه في صدرك تاللّه قد ظهر ما لا خطر ببال أحد وما أحاطه علم نفس من العالمين قل إنّ وصفى نفسي وما يظهر من قلمي المقتدر المتعالي العزيز البديع وإنّه يا ملأ المشركين لو تفتخرون بابقاء اسمكم بين الدّواب أو ذكركم بين الأنعام فافتخروا لأنّ شأنكم هذا وشأن الّذينهم يتّبعونكم من دون بيّنة ولا كتاب عزّ عظيم كذلك جعلناكم عبدة الأسماء ومن المعتكفين عليها بحيث تفتخرون بها على مقاعدكم ولا تكوننّ من الشّاعرين إذا فاعبدوا الٰهتكم وهويٰكم فسوف يجعلكم اللّه وإيّاهم هباء بحيث لن يبقى منكم على الأرض من أثر وهذا ما قضى بالحقّ على ألواح عزّ حفيظ قل تاللّه كلّ ما أنتم تفتخرون به في تلك الأيّام يدعونه عن ورائهم عباد الّذينهم ينسبون أنفسهم إلى نفسي وكيف جمالي المشرق اللّائح الكريم إِذًا فاشهدوا كيف جعلنا الوهم عليكم سلطانا في الأرض بما اكتسبت أيديكم يا معشر الغافلين
أن يا عَلِيّ فاسمع ما يقولون المشركون ثمّ تفكّر فيما يخرج من أفواههم بحيث ينكرون الّذي به علت أسمائهم ورفعت مقدارهم وانتشرت آثارهم بين العالمين ومن المشركين من بغى في نفسه على اللّه وقال بأنّ النّاس لن يتّبعوا هذا الغلام الّذي استوى على عرش قدس منير ولن يستقرّ أمره في الأرض وبذلك يتداوون أمراض نفوسهم ويكوننّ من الفرحين قل فواللّه الّذي لا إله إلّا هو فسوف ينزل اللّه من غمام الأمر جنودا بشهاب من القدرة والقوّة وينصرون الغلام بنصر الّذي ما شهدت مثله عيون الخلائق أجمعين ويبعث بسلطانه حقايق النّبيين والمرسلين ويسمعهم أطوار ورقات المعلّقات على غصن هذه الشّجرة الّتي نبتت على سيناء الرّحمٰن في هذا الرّضوان الّذي ظهر باسم السّبحان على هذا المقام المقدّس البديع المنيع وإذا يمرّن الأرياح في خلالهنّ يظهر أحسن النّغمات في وصف هذا الغلام الّذي استقرّ على عرش الأسماء والصّفات بأنّه لا إله إلّا هو وإنّ هذا لغلام يخدمه مظاهر السّبحان الّذين صوّرهم الرّحمٰن على جماله المشعشع المقدّس المنير قل تاللّه هذا الغلام قد وقع في بئر الحسد والبغضاء فياليت يكون سيّارة ليدلي دلوه لعلّ يستشرق بها شمس جماله عن أفق هذا البئر الّذي كان عمقه ما بين السّمٰوات والأرضين
أن يا عليّ دع المشركين وما يخرج من أفواههم ثمّ اصعد بجناح الياقوت إلى هواء قدس الجبروت لتشهد الكائنات في ظلّ ربّك وتكون من الرّاسخين وإذا استشرق عليك أنوار القميص من هذا الهيكل المنير خر بوجهك على التّراب خضعا للّه ليستضيء به وجهك بين العالمين قل يا قوم خافوا عن اللّه ولا تستكبروا عليه بعد الّذي أتى على غمام من النّور وفي حوله شموس مشرقات الّتي بنور واحدة منها استضاء ملكوت الخلق والأمر إن أنتم من العارفين ويا قوم إنّا لو ننكر جمال الأولى في ظهوره الأخرى فبأيّ حجّة يثبت إيماننا برسل اللّه من قبل ثمّ بِعَلِيٍّ قبل نبيل كذلك نطق منطق الطّور في هذا الرّقّ المنشور لتشهدوا صنع ربّكم وتكوننّ من الثّابتين
أن يا عليّ إنّك اطّلعت في سفرك هذا بما ورد عليّ وسمعت مقالات المشركين في حقّي وكنت من الشّاهدين إلى أن قاموا عليّ وافتوا على قتلي بعد الّذي بقيامي بين السّمٰوات والأرض ظهر أمر اللّه وارتفع ذكره بين العالمين وبذكري رفع ذكر هؤلاء وعلت أسمائهم واشتهرت آثارهم بين الخافقين إنّا كنّا نحفظهم عن ضرّ الّذين أرادوا قتلهم من ملل الأرض وجعلنا أهلي خدماء لأنفسهم في كلّ ساعة وفي كلّ حين وهم اشتغلوا في سرّ السّرّ على المكر في أمري وكانوا أن يوسوسوا في صدور الّذين مرّت على قلوبهم نسائم الرّحمٰن من هذا الرّضوان الّذي خلقت في ظلّ ورقة منها جنّات عزّ منيع إلى أن قاموا على قتلي وإنّا عفونا عنهم بعد قدرتي وسترت عنهم بعد سلطاني وتجاوزت بحلمي وأنا المقتدر على ما أشاء وأنا العزيز الكريم المتعالي الغفور الرّحيم ومع ما اطّلعت بكلّ ذلك سوف تشهد بأنّهم ينسبون كلّ ذلك وكلّ ما فعلوا بنفسي المقدّس العزيز المنير وينسب كلّ ذلك وما فعل بي بنفسه بحيث ينسب الظّالم نفسه إلى المظلوميّة الصّرفة إذا أنت تطّلع بكذبهم وتعرف ابتلائي في عشرين من السّنين كذلك نقصّ عليك من قصص الحقّ فسوف تشهد آثارها في الأرض وتكون من المتفكّرين
قل يا قوم خافوا عن اللّه ولا يغرّنّكم الأسماء تاللّه إنّها وملكوتها خلقت بما ظهر من قلمي على ألواح عزّ عظيم ولا تحرموا أنفسكم عن شمس الفضل والإحسان في أيّام ربّكم الرّحمٰن ولا تتّبعوا الشّيطان في أنفسكم وتكوننّ من الخاسرين قل يا قوم فعلتم بنفس اللّه ما لا يفعل أحد بأحد إلى أن ستر وجهه بعد الّذي لا زال كان مضيئا عن أفق القدس بضياء لائح مبين أن يا عَلِيّ قد اشتدّ عَلَيَّ الأمر على شأن ضيّعت حرمتي بين النّاس لعلّ يرفع بذلك أيادي البغضاء عن رأسي ولو إنّهم ما يرضون بشيء إلّا بأن يسفكوا دمي على الأرض ويحمرّ به خدائر الحوريّات على غرفات قدس منيع وبلغت في الذّلّة إلى مقام الّذي جلست في البيت وحيدا فريدا وترا بحيث أراد رئيس المدينة أن يحضر بين يدي الغلام وجد الباب مغلوقه وإذا فتحنا الباب على وجهه ما كان عندنا من أحد ليخدمه وبذلك بكت الأشياء كلّها وتقطّعت أكباد المقرّبين إنّ الّذين يتكلّمون بمثل الصّبيان ولا يقدرون أن يتكلّموا بين يدي ربّكم الرّحمٰن يعترضون على آيات اللّه وكبريائه بعد الّذي بحرف منها خلقت حقايقهم وما عندهم من كلمات المحتجبين قل اليوم لو يكوننّ كلّ ممّن في السّمٰوات والأرض مرايا منيرة وجواهر مستضيئة وكلّهنّ ينطقنّ بثناء بارئهم وعبادة موجدهم ولن يؤمنوا بهذا الجمال بعد الّذي استقرّ على عرش الجلال ليحبطنّ أعمالهم في الحين ويرجعنّ إلى هاوية السّفلى في أصل الحجيم قل اليوم لا يملك نفس لنفسه شيئا ولا يغني أحدا غناء السّمٰوات والأرض وما بينهما إلّا بأن يدخل في ظلّ هذا الأمر الّذي ظهر عن مشرق القِدم ومعه جنود الغيب الّتي لن تروها أبصر الخلائق أجمعين إلّا الّذين طهّروا النّظر عن حجبات أهل البغي والضّلال ودخلوا على سرر العزّ مقعد قدس لميع
أن يا إسمي تاللّه لو تطّلع بحزن قلبي لن تستقرّ على مقرّك وتفور منك نار الأحزان وتصعد إلى أن تبلغ ذيل الرّحمٰن في قطب الجنان لأنّي بذلت نفسي وما ملّكني ربّي لهؤلاء الّذين قاموا على قتلي في هذه الأيّام الّتي قامت عَلَيَّ كلّ الملك وحبسوني في هذه الأرض المظلم البعيد وكم من ليالي ما نمت على الفراش لحفظ أنفسهم وهم كانوا على فراش الغلّ لمن الرّاقدين وكم من أيّام نصبت صدري في مقابلة سهام الأعداء لئلّا يرد عليهم ما يجزعوا عنه ويكوننّ من المستصرخين وإنّا كنّا مجاهدا لابقاء أنفسهم وإنّهم سعوا لإفناء نفسي العزيز المطهّر الغالب القدير إلى أن بلغت الأيّام إلى هذه الأيّام الّتي أظهر اللّه خائنة أعينهم وما استحزنوا في صدورهم من غلّ هذا الغلام الّذي أشرق عن أفق الآفاق بسلطنة وكبرياء عظيم
قل يا ملأ الأحباب أترقدون على فراشكم وكان عين اللّه ناظرا إلى شطر القضاء وجسد اللّه كان مشبّكا من سهام المنافقين أتسيرون في الأسواق بعد الّذي حبس نيّر الآفاق مرّة أخرى بما اكتسبت أيدي أهل النّفاق بحيث لن يطأ قدماه موطئا وكان جالسا في البيت من دون ناصر ومعين أتفرحون يا قوم بفرح أنفسكم بعد الّذي انقطع فرح اللّه على شأن الّذي لن يفتح شفتاه بما مسّته البأساء من هؤلاء الظّالمين أتشتعلون السّراج في لياليكم بعد الّذي غاب سراج اللّه عن بينكم من همسات المذنبين
أن يا أحبّائي كيف تشهدون الشّمس وإشراقها بعد الّذي كسف شمس القدم من اكمام الغلّ والبغضاء بين الأرض والسّماء وبذلك بكت عين الكبرياء بمدامع الحمر في جنّة المأوى وتزلزلت أركان عرش عظيم أتمشّطون شعراتكم بعد الّذي كان شعر الغلام عرّيا عن قمص النّصر وينطق بأنّ هذا لهو المظلوم بين هؤلاء الظّالمين يا قوم أتنومون على المهاد بعد الّذي كان هيكل اللّه متبلبلا على البساط وكان جسده مجروحا من رماح الحاسدين
أن يا أحبّاء اللّه طهّروا قلوبكم عن الدّنيا وذكرها وما فيها ثمّ ضعوا وجوهكم على التّراب وقولوا أيّ ربّ هذا يوسف البقاء قد وقع تحت اظفار ذئاب البغضاء وما ارتدّ بصره إلّا إلى شطر مواهبك وإفضالك إذا فارحمه بجودك ثمّ احفظه بسلطانك ثمّ انصره ببدايع نصرك بجنود الّتي لن يروها أحد من المغلّين أيّ ربّ قد بلغ ضرّه إلى مقام الّذي بغى عليه عباد الّذينهم خلقوا بإرادته ورفعوا بأمره إذا يا إلٓهي فأنزل على أحبّائه ما يحفظهم عن دونك ثمّ اجعل لهم قدم صدق عندك ثمّ احرسهم عن جنود الشّياطين ثمّ أثبت يا إلٓهي أقدامنا على هذا الصّراط الّذي لن يستقرّ عليه إلّا أقدام المقرّبين الّذين لن يشهدوا في شيء إلّا بوارق أنوار شمس عزّ سلطانك ولن يتوجّهوا إلّا إلى لحظات أعين رحمتك وألطافك وبلغوا في الانقطاع إلى مقام الّذي لن يمنعهم شيء عن ثناء نفسك وذكر جمالك الظّاهر الأمنع البديع الكريم
أيّ ربّ فاشهد كيف ابتلي الخليل بين يدي النّمرود والكليم بين يدي الفرعون والرّوح بين يدي اليهود ومحمّد بين يدي بوجهل وعليّ بين ملأ الفرقان وهذا الحسين بين ملأ البيان أيّ ربّ فانصره بجنود أمرك ثمّ أرفعه عن هذا الجبّ الّذي لن يصل أحد إلى قعره وإنّك أنت القادر المقتدر السّلطان العزيز القدير كذلك علّمكم لسان الذّكر لتقومنّ بثناء بارئكم وتكوننّ من الذّاكرين
أن يا عليّ قم على خدمة اللّه ونصره ثمّ انطق بذكر نفسه بين العالمين ولا تخف من أحد تاللّه الحقّ روح الأعظم يؤيّدك في أمر مولاك وروح القدس ينطق على لسانك في حين الّذي يفتح شفتاك لثناء هذا المحبوب المظلوم بين يدي هؤلاء الظّالمين قل يا قوم أن اعرفوا اللّه باللّه لأنّ ما سويٰه يعرف به وهو لا يعرف بدونه سبحانه وتعالى عمّا يعرف بخلقه إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر كلّ عنده كعبد ذليل
قل يا أهل البهاء لا تحزنوا عمّا ورد علينا ثمّ اصبروا في البأسا وتوكّلوا على ربّكم الرّحمٰن الرّحيم ثمّ اركبوا على سفينة الحمراء باسمي الأبهى وسيروا في بحور الكبرياء ولا تلتفتوا إلى أهل الأرض والسّماء تاللّه كلّكم هلكوا في غمرات الفناء إلّا من تمسّك بهذا الفلك المقدّس المحكم العزيز المتين وإنّا لو نلقي عليكم ما يحزن به فؤادكم لم يكن مقصودنا إلّا اطلاعكم بما ورد علينا من عبادنا وإلّا فو الّذي بيده نفس البها بعوضة الّتي يطير في فناء أحد من أحبّائي ليكون غالبا على هؤلاء ومثلائهم بل لو يأذنها اللّه ليبلغ كلّهم بنفس واحد كذلك كان ربّك قادرا على كلّ شيء ومقتدرا على العالمين ولكن صبرنا وسترنا بما كنّا ناظرا إلى شطر القضاء في جبروت الإمضاء وما اطّلع به أحد من الخلائق أجمعين وليتم حجّة اللّه على خلقه وبرهانه على بريّته ودليله لأهل مملكته وإنّه لهو الحاكم على ما يشاء يحكم كيف يريد
أن يا عليّ فاشهد هذا الأمر أبدع من كلّ بديع بحيث لم يكن له شبه في الإبداع ولا نظير في الاختراع إن أنت ترتد البصر إلى منظر اللّه الأكبر لتعرف ذلك وتستجذب من نفحات هذه الأيّام ويأخذك جذب الغلام ويرفعك إلى فردوس ربّك العزيز العلاّم مقرّ الّذي لو يدخل أحد فيه ليطّلع بأسرار ما كان وما يكون ويشهد نفسه غنيّا عن كلّ من في السّمٰوات والأرضين وتشهد بأنّ اليوم لن ينفع نفسا إيمانها إلّا بعد عرفان ربّها ولو يأتي بكتب الأوّلين وزبر الآخرين مثلا فانظر في المشكوٰة لو يصنع ببلّور ألطف لطيف أو زجاجة أرقّ رقيق ولم يكن المقصود منها إلّا لاستواء السّراج عليها ولو يكون محروما عمّا هو المقصود هل ينفع أحدا لا فوربّ العالمين بل تجده آلة معطّلة في الملك لا يضرّ ولا ينفع أحدا من المالكين كذلك فاشهد في الآيات وإنّها لو تنزل بمثل الغيث عن غمام قدس رفيع ولم يكن فيها ذكر ربّك الرّحمٰن هل ينفعك في شيء لا فونفسي المنّان لو أنت من النّاظرين وإنّ الآيات يكون مشكوٰتا لسراج ذكر مالك الأسماء والصّفات لو يجعل محروما عنها ليكون مردودا إلى صاحبها ويطرح على الأرض كجسد الّذي لم يكن له روح وما حرّك من نسمات الرّبيع كذلك مثّلنا لك مثل القدس لتطّلع بأسرار الأمر وتستنشق رائحة الرّحمٰن من بحر هذا المسك الّذي رشح على هذا اللّوح الكافور في هذا الظّهور الّذي يطوف في حوله بقعة الطّور وسيناء النّور وظهر منه رقّ المنشور في هذا اللّوح المحبور ولكنّ النّاس أكثرهم في سكر عظيم
قل يا قوم إنّ الّذين اتّخذتموهم لأنفسكم أربابا من دون اللّه أولئك أسماء سمّيتموها أنتم وأبائكم وما قدّر اللّه لهم من أمر إن أنتم من العارفين أن يا عليّ عَرِّ نفسك عن كلّ الإشارات ثمّ اغمس في غمرات هذا البحر الموّاج الّذي ما ورد في ساحله أحد من النّاس من هؤلاء النّسناس إلّا من شاء ربّك العزيز العليم لتسمع من حيتان هذا البحر تسبيح ربّك العليّ الأعلى في هذا المظلوم الّذي إذا أراد اظهار نفسه في ملأ الأسماء اتّخذ اسما منها وسمّى هيكله به ليعرفه أهل الإنشاء بين الأرض والسّماء ولو إنّه تعالى مقدّس من أن يعرف بسواه ولكن هذا من فضله على عباده المريدين قل يا أشجار النّفوس لا تحرموا أنفسكم عن ربيع اللّه تاللّه الحقّ قد ظهر ربيع الرّحمٰن من هذا الرّضوان الّذي ظهر على صورة الإنسان وإنّا أخبرناهم به من قبل ولكن ما استشعروا به وكانوا من الغافلين ومن لن يثمر بثمرات الذّكر في هذا الذّكر الحكيم في هذا الرّبيع العزيز البديع ينبغي بأن يقطّع ويلقى في النّار لأنّ به لن ينتفع نفسه ولا أنفس النّاس من ملأ المقرّبين
أن يا اسمي سوف تسمع ضوضاء المشركين من كلّ شطر قريب وبعيد كما أخبرناكم بذلك في لوح الّذي نزل في العراق قبل أن يخرج منه نيّر الآفاق بسنهة لو أنت من السّامعين وإن لم يكن عندك فاطلبه ثمّ اقرئه في بعض الأيّام لتطّلع بأسرار القضاء الّتي رقمت من اصبع الإمضاء وما أحاطه علم أحد من العالمين ثمّ اشهد في هذا النّبأ كلّما شهدته في نبأ عليّ حين الّذي ظهر بملكوت عزّ مبين بل أعظم لأنّ هذا من أمر ما ظهر شبهه في الأرض ويشهد بذلك نفس الظّهور لو تكون من الشّاهدين فسوف يقومنّ عَلَيَّ ملأ البيان كما قام على عَلَيَّ ملأ الفرقان بل أشدّ لو أنتم في أمر اللّه لتكوننّ من المتفكّرين لأنّ هذه الأيّام أيّام الزّلزال الأفخم ونفخ في صور الأعظم والنّاقور الأكرم وتزلزلت فيها كلّ الأقدام واضطربت منها أكثر العباد وفيها يضرب على النّاقوس بهذا الإسم الّذي به ظهر جمال الأولى مرّة أخرى وطلع عن مشرق الجمال بسلطان العزّ والإجلال ودعا الكلّ إلى نفس اللّه العزيز المهيمن القدير ولكن إنّك لا تحزن بذلك فسوف يبعث اللّه قلوبا طاهرا وأنفسا زكيّا وخلقا بديعا ويسكنهم في ظلّ هذا الرّضوان ويسقيهم أنامل الرّحمٰن خمر الإطمينان بحيث يشهدنّ كلّ من في السّمٰوات والأرض كيوم لم يكن منهم أحد مذكورا فوجمالي نفس من هؤلاء في استقامتهم على الأمر ليكون عند اللّه خيرا عن عبادة العالمين مجموعا أولئك يستقرنّ على سرر القدس في فردوس الأعظم ويطوفنّ في حولهم غلمان الرّحمٰن كاؤس من ماء الحيوان ويسقون منها في كلّ الأحيان وكذلك رشح عليك بحر الأعظم الّذي يغنّ كلّ موج من أمواجه بأنّه أنا اللّه لا إله إلّا أنا وإنّي قد كنت في قلوب العالمين مذكورا لتقرّ بذلك عيناك وتستقرّ جسدك على كرسيّ الاستقرار وتكون بعنايات ربّك مسرورا ثمّ ألق من لدنّا ساذج الذّكر على أحبّائنا الّذين كانت أعينهم مترصّدا لبدايع رحمة ربّك ليستشرق عليهم أنوار البقاء عن شطر اللّقاء ويكوننّ بنعمة الجمال من سماء هذا الفضل مرزوقا
قل يا قوم فاصبروا على ما رشّ عليكم من رشحات بحر القضاء ثمّ اذكروا هذا الجمال الّذي وقع في بر الظّلماء بما اكتسبت أيدي الأشقياء ثمّ فتوكّلوا في كلّ الأمور على اللّه الّذي خلقكم بأمر من عنده وإنّه يحرسكم عن كلّ مشرك مردودا إيّاكم أن لا تختلفوا بينكم أن اتّحدوا على حبّ اللّه وأمره وكونوا كنفس واحدة تاللّه هذا أحبّ عند ربّكم عن كلّ أمر محبوبا وبذلك تضطرب أركان المشركين وينكسر ظهر كلّ فاجر مبغوضا إيّاكم إيّاكم عن الفساد والاختلاف لأنّ بذلك يرجع الضّر إلى سدرة قدس مرفوعا كونوا أدلّاء اللّه على أرضه وأمنائه في بلاده تاللّه الحقّ فسوف يفنى الملك وما فيه وعليه ويبقى لكم ما نصحتم به من قلم عزّ مشهودا قدّسوا أنفسكم عن كلّ ما يحث به النّفاق بينكم ليشهدكم اللّه مطهّرا عن كلّ دنس وعن كلّ ما لا يحبّه رضاه وهذا ما أمرتم به في ألواح قدس ممنوعا كذلك وصّاكم قلم الرّحمٰن حين الّذي أحاطته الأحزان من كلّ الأشطار وكفى باللّه على ذلك شهيدا
أن يا علِيّ ذكّر هؤلاء بما أذكرناك في هذا اللّوح لعلّ تحدث في قلوبهم ما يجمعهم على شاطئ اسم مبروكا وإن مسّتك البأساء في سبيلي أن اصطبر ولا تجزع وإنّه يكفيك بالحقّ ويرفعك إلى مقام قد كان بالحقّ محمودا وإن وجدت نفسك فريدا لا تحزن ثمّ آنس بنفسي وإنّا نكون معك في كلّ الأحيان وفي كلّ أصيل وبكورا تاللّه يا اسمي قد بلغت في الحزن إلى مقام الّذي يبكي قلمي على نفسي بما ورد عَلَيَّ من الّذينهم كفروا باللّه وكانوا عن حرم العدل محروما
قل يا ملأ البيان فنعم ما فعلتم بنفسي وبما وصّيتم به في كلّ الألواح من لدى اللّه تاللّه يا علِيّ ما ترك في لوح من الألواح إلّا وقد أخبرهم بأمري وبشّرهم بنفسي وحدّثهم بآثاري وعرّفهم بذكري مع ذلك فعلوا بنفسي ما لا فعل أحد بأحد وكفى باللّه على ذلك شهيدا بعد الّذي أظهرت نفسي بسلطان من القدرة والإقتدار ومن دون ذلك بحجّة الّتي كانت على العالمين محيطا
قل يا قوم تاللّه بعد ظهوري محت الآثار عن كلّ شيء إلّا لمن دخل في هذا الرّضوان الّذي كان على قطب الفردوس مشهودا وإنّهم لمّا أرادوا أن يوفوا عهد اللّه وميثاقه افتوا على قتلي وكانوا بذلك في أنفسهم مسرورا تاللّه الحقّ يا علِيّ يكذّبهم اليوم كلّ الذّرّات في كلّ ما يدعون بل أنفسهم وذواتهم ومن دون ذلك كلّ لسان صادق أمينا لأنّهم يدّعون بأنّهم آمنوا بِعَلِيٍّ وبما نزّلت عليه من آيات اللّه وإذا ظهر مرّة أخرى بآياته وسلطانه ثمّ عظمته وكبريائه إذا كفروا به وكانوا على أعقاب الإعراض منقلبا
ثمّ اعلم يا عليّ بأن حضر بين يدي اللّه كتاب عن أحد من أهل القاف الّذي توقّف في هذا الأمر من قبل وسئل فيه عن شأني وإنّا أجبناه في هذا اللّوح بكلمات الّتي تستجذب عنها أفئدة المقرّبين وإنّك إن وجدت رسولا فارسل به إليه لعلّ يأخذه بوارق اللّحظات من عنايات ربّه وينقطعه عن الإشارات ويدلّه إلى كوثر الفضل ويجعله من المخلصين الّذين إذا يستشرق عليهم شمس الآيات عن أفق الكلمات فيما نزل على القلم من جمال القدم يخرّن على الأذقان سجّدا لربّهم الرّحمٰن ويشقنّ ستر الحجب والأحزان شوقا للقاء ربّك العزيز المنّان ويكوننّ من الموقنين وإن لن تجد الرّسول فاصبر حتّى يأتي اللّه بأمره إنّه ما من مرسل إلّا هو يهبّ لمن يشاء ما يشاء ويمنع عمّن يشاء ما أراد وإنّه لهو المقتدر الكريم فسبحان الّذي نزّل الآيات من قبل كما نزل حينئذ بالحقّ ليكون حجّة وذكرى للعالمين شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو له الحقّ والأمر وكلّ إليه لراجعين يحيي ويميت ثمّ يميت ويحيي وإنّه هو حيّ لا يموت في قبضته ملكوت كلّ شيء يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد له الأمر والخلق يظهر في الملك ما يشاء ويمنع ما يشاء ويعطي لمن يشاء ما يشاء وإنّه لهو المعطي العزيز الكريم كذلك كان مقتدرا في سلطان أمره وملكوت حكمه لن يرده إعراض معرض ولن يبدله كفر كافر ولن يمنعه شرك مشرك ينطق في كلّ حين كما نزل في البيان بأنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا المهيمن العزيز القدير
مرّة أرسل آدم بالحقّ بآيات بيّنات وجعله رحمة للعالمين ومرّة أرسل النّوح بالحقّ ثمّ بعده هودا ثمّ بعده صالحا وأنزل معهم حجّة يعجز عنها الخلائق أجمعين إلى أن وصل الأمر إلى الخليل إذا أظهره عن مشرق القدس وأرسله ببرهانه ثمّ حجّته ثمّ دليله ثمّ آياته للعارفين ثمّ بعد ذلك ارسل الكليم بعد الّذي تجلّى عليه في برّية القدس على سيناء القرب عن شجرة المباركة الأبديّة الأزليّة الأحديّة بأنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا قد خلقتك بأمري اذهب إلى فرعون وملأه لعلّ يكوننّ من المتذكرين وآتاه تسع آيات بيّنات كما أذكرناها في صحف الأوّلين ومنها عصاء الأمر الّتي بها فلقناه البحر لموسى وأغرقنا فيه الّذينهم كفروا بآيات اللّه وكانوا على اللّه ربّهم لمن المستكبرين ثمّ بعد ذلك اصطفى الرّوح الّذي سمّاه في ملكوت الأسماء بابن مريم وأرسله إلى قوم آخرين وأمر كلّ هؤلاء بأن يذكّروا النّاس بأيّام اللّه تاللّه الحقّ هذه الأيّام من أيّامه لو أنتم من العارفين كما نزّل في الفرقان لموسى الأمر أن يا موسى أن اخرج القوم من الظّلمات إلى النّور فبشّرهم بأيّام اللّه وكذلك نزل من قبل إن أنتم من العارفين ثمّ بعد ذلك اصطفى محمّدا في الملأ الأعلى وأرسله عن مشرق الحجاز بسلطان مبين وأنزل معه فرقانا ليفرق به بين الحقّ والباطل وليذكّر النّاس بهذا النّبأ الأعظم الأقوم القديم ثمّ بعد ذلك ارتضى عَلِيًّا بالحقّ واصطفاه بين بريّته وانتخبه ثمّ انتجبه عن بين خلقه وأرسله بسلطان وأمر عظيم وبه انفطرت سموات العلم وتموّجت أبحر القدس وأندكّ كلّ جبل شامخ منيع وبه خلق كلّ الذّرّات ثمّ كلّ الكائنات وبعث كلّ شيء عن الأحداث إن أنتم من الشّاعرين وكلّ تزيّنوا بخلع اللّه من فضل الّذي ظهر معه وكذلك ينزل عليكم الآيات هذا القلم المقدس المتعالي المنير وبه فصّل كلّ أمر وظهر كلّ سرّ وتمّت كلّ نعمة وبلغت كلّ حجّة وأشرقت السّموات والأرضين وإذا نشهد بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا لرسوله الّذي أرسله بالحقّ على الخلائق أجمعين وإنّا آمنّا به وبما نزل عليه من لدى اللّه الملك الحقّ القديم
وإنّك أنت يا أيّها الموسوم بالهاء قبل دال قبل ياء فاجهد في نفسك بأن لا تكون مخالفا لهذا الإسم الّذي به سمّيت في ملأ الأسماء ولا تكن من الغافلين فاعلم بأنّ حضر بين يدينا كتاب من عندك وقرئناه وكنّا من الشّاهدين ولكن يحيّرنا عمّا سئلت لأنّ ذلك لن ينبغي لك إن أنت من العارفين هل ينبغي أن يسئل أحد من الشّمس أين شعاعك وظهورك؟ قل فافتح بصراك وإنّها قد أشرقت على العالمين بحيث أحاط الإشراق شرق الأرض وغربها ويشهد بذلك أهل ميادين البقاء ثمّ ملكوت الأسماء ثمّ كلّ ما كان وما يكون إن أنت من المنصفين وهل يسئل أحد من البحر أين تموّجاتك؟ قل فافتح عيناك ثمّ ابصر لتكون من الشّاهدين فإنّه تموّج في كلّ حين بتموّجات لو يلقي عليكم رشحة منها ليغرق كلّ من في السّموات والأرضين ولذا أمسكنا القلم في جوابك خمسين ألف سنة أو أزيد من ذلك لو أنت من العارفين ثمّ بعد ذلك سمعنا نداء اللّه عن وراء حجبات القدس بنداء الّذي تحيّرت عنه أفئدة العارفين بأن يا عبد خذ القلم ولا تأخّر في ذلك لأنّ بذلك أمرت في ذرّ البقاء إيّاك أن لا تنكث عهد اللّه ولا تنقض ميثاقه ثمّ وفّ بعهدك وكن من الشّاكرين للّه الّذي خلقك وأرسلك وأنزل معك حجّة اضطربت عنها سكّان السّمٰوات والأرضين إلّا الّذين لن يمنعهم منع مانع ولا يحجبهم حجبات الافكيّة ولا يطردهم طرد المعرضين وإنّ الّذين لن يجدوا في قلوبهم إلّا أرياح الغلّ والنّفاق يقّرون بألسنهم بأنّهم آمنوا باللّه وآياته ولكن اللّه يشهد بأنّهم لمن الكاذبين قل إن كنتم آمنتم باللّه فبأيّ حجّة أعرضتم عن الّذي به ظهر كلّ حجّة متعالي منيع وبه أشرقت الشّموس وأرفعت السّحاب وأمطرت الغمام وتموّجت البحار وأثمرت الأشجار وتزلزلت كلّ أرض باذخ رفيع
قل تاللّه يا ملأ المشركين إنّه لقهر اللّه عليكم ورحمته للموحّدين وإنّه لسلطانه لكم وشوكته فيكم وملكوته بينكم وجبروته على الخلائق أجمعين وكذلك نزّلنا عليكم الآيات وفصّلنا لكم تفصيلا لعلّ يهبّ عليكم رائحة الرّوح من هذا الرّضوان المقدس المنير ولعلّ تنقطعون عمّا عندكم وتحيون بهذا الكأس الّذي تفوض منه كلّ المياه وكذلك السّلسبيل والتّسنيم فهنيئا لمن يكون مرزوقا بها ويشرب منها ويكون من الشّاربين
وأمّا سئلت عن شأني وشأن الّذي بحرف منه خلقت السّموات والأرضين وبه نزلت مياه القدم من غمام قدس رفيع الّذي جعله اللّه مظهر جماله بين عباده ومطلع أسمائه في بريّته وسمّاه في جبروت الأسماء بعليّ قبل نبيل تاللّه بذلك شقّت ستر حجبات العماء في لاهوت البقاء وتزلزلت أراضي القدس واهتزّت أركان عرش عظيم وانفضّت كلّ الأسماء عن مسمّياتها وتفرّقت الصّفات عن زحفها إن أنتم من العارفين ولو عرفنا بأنّك تسمع ما يأمرك قلم الأعلى في هذا اللّوح المنير البيضاء لأمرناك بأن تعرّي جسدك وتخرج عن بيتك وتسكن في البراري والجبال جزاء ما سئلت وكنت من السّائلين أو تسقط نفسك عن شوامخ الشّناخيب إن أنت من العاملين ولكن لمّا شهد اللّه فيك من ضعف عفا عنك بفضله الّذي أحاط العالمين وإذا وصل إليك هذا اللّوح المحكم العزيز البديع ووجدت منه رائحة اللّه ربّك وقرّت بما فيه عيناك وقرئت ما غنّت به لسان اللّه الملك المقدّس العزيز الجميل قم عن مقامك ثمّ ضع هذا اللّوح على رأسك ثمّ ولّ وجهك شطر البيت وكن من المستغفرين فاستغفر ربّك تسعة مرّة ثمّ تب إليه وكن من الرّاجعين قل:
أي ربّ فاغفر لي بسلطان رحمتك وعنايتك ثمّ اجعل لي قدم صدق عند أحبّائك ثمّ اجعلني من عبادك المخلصين ثمّ اجعلني يا إلهي ناظرا إليك وبما يظهر من عندك ثمّ انقطعني عمّن سواك وإنّك أنت العزيز الكريم أي ربّ تجاوز عنّي وبما اكتسبت أيداي لأنّي ارتكبت ذنبا لا يقوم مع ثقله ثقل السّموات والأرضين لأنّي أردت عرفان نفسك بعد الّذي قدّست نفسك عن عرفان كلّ شيء وعرفان المقرّبين ثمّ اشهد بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ نقطة الأولى لنفسه وبهائه بين العالمين ولن يقترن بذكره ذكر أحد من الخلائق وهذا تنزيل من لدى اللّه العليّ العظيم ثمّ اقرء تسعة مرّة شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّ قبل نبيل لسلطانه ثمّ بهائه بين السّموات والأرضين ثمّ قل تسعة مرّة شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ منزل البيان هو نفسه وبهائه وكلّ خلقوا بأمره وكلّ عنده في لوح حفيظ ثمّ قل تسعة مرّة شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ الّذي ظهر في السّتين هو أمره وبهائه ثمّ عزّه وكبريائه بين الخلائق أجمعين ثمّ قل تسعة مرّة شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ طلعة الأعلى لبهائه وذاته الّذي جعله اللّه مقدّسا عن ذكر دونه وأرسله بالحقّ وجعله حجّة للعالمين ثمّ قل تسعة مرّة شهد اللّه أنّه لا إله إلّا هو وأنّ نقطة الأولى هو ذكر الأعظم بين العباد وبه أشرقت الشّمس ورفعت السّماء واستقرّت الأرض وخلقت البحار وجرت السّفن وصرفت الآيات وسخّرت الأرياح وأثمرت هذه الشّجرة المرتفع الرّفيع
كذلك يعلّمك قلم الأمر لئلّا تسئل عن أحد في أمر ربّك لأنّ دونه فقراء لا يسمن ولا يغني إن أنتم من النّاظرين أَمَا سمعت ( دليله آياته ووجوده إثباته ) وبها يستغني كلّ نفس عن دونها ويشهد بذلك كلّ قلب طاهر سليم قل بعد ظهوره لن ينفع أحدا شيء عمّا خلق بين السّمٰوات والأرضين إيّاك أن لا تفرّق كلمة الجامعة ولا تحرّفها عن مواضعها وكن في عدل مستقيم فافتح عيناك ثمّ انظر في آثار ربّك ثمّ تفكّر فيها وما كنز في سرّها لتطلع بما ستر عنك وتكون من الفرحين
أن يا عبد فانس نفسك ثمّ آنس ببهاء ربّك ولا تكن من الغافلين فاعلم بأنّي عبد آمنت باللّه ومظاهر نفسه ومطالع أمره ومخازن وحيه ومكامن علمه ومشارق هدايته واساكيب رحمته وغمام فضله على العالمين وبذلك يشهد لساني والّذين لم يكن في قلوبهم غلّ من هذا الغلام الّذي به أشرقت الآفاق والتفت السّاق بالسّاق وزلّت أقدام كلّ فاسق مريب
قل يا قوم تاللّه إنّي افتخر بعبوديّتي لنفسه الحقّ أن ارحموا يا قوم على نفسي وأنفسكم ولا تكوننّ من المفترين ويا قوم لا تفعلوا كما فعلوا العاد والثّمود بحيث اعترضوا على اللّه المهيمن العزيز القدير واتّقو اللّه ولا تفعلوا ما فعل أصحاب الرَّسِّ ومن دونها أصحاب الأحْقاف والأحدود كما سمعتم من نبأ الأوّلين ويا قوم لا تجادلوا بآيات اللّه إذا نزّلت بالحقّ ولا تكوننّ من المعرضين ويا قوم لا تتّبعوا هويٰكم أن اتّبعوا سنن اللّه في أنفسكم ولا تكوننّ من الغافلين ويا قوم لا تنكروا فضل اللّه بينكم ولا رحمته فيكم ولا حجّته بين العالمين ويا قوم كونوا ناظرا إلى اللّه ربّكم ليزيّن وجوهكم بنضرة النّعيم قل تاللّه لن يغنيكم السّؤال في تلك الأيّام الّتي أشرقت شمس الجمال عن أفق الإستجلال إلّا بأن ترجعوا إلى اللّه بخضوع مبين
قل يا قوم خافوا عن اللّه ولا تفتروا بعبده ولا تكوننّ من الظّالمين إيّاكم أن لا تجرّوا عَلَيَّ أسياف الغلّ والبغضاء ثمّ ارحموا على وحدتي بين هؤلاء المشركين ثمّ ارحموا على ابتلائي بين يدي الأعداء بحيث صرت مسجونا في هذا البئر العميق
قل يا ملأ البيان يكفيني ملل الأرض وما فعلتم بنفسي يا ملأ المنكرين قل إن كان تقصيري تلك الكلمات تاللّه إنّ الرّوح ارتكب ذلك إن أنتم من المنصفين احلّلت ما حرّمه اللّه عليكم أو حرّمت ما حلّل لكم إذا فانصفوا ولا تكوننّ من الجاحدين قل إنّا نعرف ذنبنا بينكم ويشهد بذلك لسان اللّه العالم العليم قل هو ما ينزل من قلمي وبذلك ملئت صدور المنافقين من غلّ هذا الغلام بعد الّذي كان سراج اللّه بين العباد واستضاء به ملكوت ملك السّموات والأرضين وبه رفعت أعلام المجد ورايات النّصر وبلغ الفضل إلى مقام الّذي لن ينكره إلّا كلّ مبغض شقيّ
وإنّك أنت ذكر القوم بما شهد الغلام على نفسه لعلّ يستريح عن أذى المشركين إذا فاشهد ما يشهد عيناي حينئذ بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا قبل نبيل لعبده وبهائه كلّ خلقوا بأمره وكلّ بأمره لمن العاملين ولكن تاللّه الحقّ إنّ عيناي يبكي ويقول فاستحيوا عمّا ظهر في الملك ثمّ اسعوا إلى رحمة اللّه وسلطانه يا ملأ المؤمنين ثمّ شفتائي يضجّ ويقول بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا قبل نبيل قد ظهر بالحقّ وأتى على سحاب القدس وفي حوله ملئكة المقرّبين كذلك يشهد بما شهد اللّه لنفسه بنفسه إن أنتم من السّامعين وأنّ لساني حينئذ ينادي وينطق ويشهد بما شهد اللّه لذاته بذاته قبل خلق السّمٰوات والأرضين بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا لسلطانه في مملكته وكبريائه بين عباده وحجّته بين بريّة قد أرسله بالحقّ بأمر انفطرت السّموات وانشقّت الأرض ونسف كلّ الأقنان وجفّ كلّ أبحر لجّي مبين ثمّ يشهد أيداي في سرّه وجهره بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا مظهر أسمائه ومظهر صفاته ومنزل آياته وبه بعث أهل القبور كما شهدنا ذلك وكنّا من الشّاهدين وأنّ رجلائي يشهد حينئذ بصوت الّتي يسمعها كلّ رجل سميع بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ نقطة الأولى للاهوته في الملك وجبروته في البلاد وملكوته بين العباد ومنه ظهر كلّما أراد اللّه لولاه ما ظهر شيء ولا نبت كلاء ولا ثمار ولا يعرف أحد شيئا إن أنتم من العارفين وإنّ قلبي يحنّ ويقول بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ نقطة الأولى لأوّله وآخره وظاهره وباطنه وكلّ خلقوا بأمر من عنده وكلّ إليه لمن الرّاجعين وأنّ فؤادي ينوح ويشهد بما شهد اللّه قبل أن يظهر الآدم من الماء والطّين بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا لظهوره وبطونه وأصله ومعدنه ومأويٰه كذلك يشهد إن أنتم من الشّاهدين ولكن حينئذ فاشهدوا يا ملأ الأنوار بما يشهد شعراتي فوق رأسي بتغنّيات الّتي تستجذب عنها أفئدة المقرّبين ثمّ أفئدة المسبّحين ثمّ أفئدة المقدّسين ثمّ أهل ملأ الأعلى ثمّ أهل جبروت البقاء ثمّ أهل قاب وقوسين أو أدنى ثمّ الّذينهم سكنوا عند سدرة المنتهى بأن يا قوم فاسمعوا نداء اللّه عن شجرة القصوى من هذا المنظر الدّرّيّ العليّ الأبهى بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ الّذي أرسله باسم عَلِيٍّ لسلطان الممكنات ومليك الموجودات وكلمة اللّه بين خلقه وكتاب اللّه بين عباده وقدر اللّه بين بريّته وإنّه لهو الحاكم بالحقّ يحكم بأمره ما يشاء ويفعل بإذنه ما يريد له ملكوت الأمر والخلق يحيي من يشاء ويميت من يشاء ويؤتي لمن يشاء ويمنع عمّن يشاء وإنّه لهو المقتدر العزيز الجميل
كذلك أقرّ العبد بعبوديّة وأثبتها بآيات الّتي تعجز عن عرفانها الخلائق أجمعين وإنّي بهذه الحجّة الّتي بها ثبت ربوبيّة اللّه بين خلقه وألوهيّته بين بريّته أثبت إيماني بين هؤلاء المسرفين فسوف تسمع بأنّهم لن يرضوا بذلك ويكفرون بآيات اللّه بعد الّذي نزلت بالحقّ من جبروت اللّه القادر المقتدر العليم الحكيم
قل أما سمعتم ما نزل من قبل لا يجادل في آيات اللّه إلّا القوم الكافرين وإنّك أنت لو تجد في نفسك سمعا أخرى فاستمع لما ينادي المناد في جبروت الأعلى فوق رأسي بنداء بديع منيع قل تاللّه إنّ الرّوح ينطق وينادي بأنّ هذا لهو المقصود إن أنتم من القاصدين وإنّه لجمال المعبود لو أنتم من العابدين يا أهل الأرض هذه أمانة اللّه بينكم إيّاكم أن لا تكوننّ من الخائنين وإنّه وديعة اللّه فيكم إيّاكم أن لا تعترضوا بها يا معشر المعرضين وإنّه لنفس اللّه بين عباده وظهوره في بلاده وكنزه لمن في السّموات والأرضين وإنّه لكتاب اللّه فيكم ورحمته عليكم ونعمته لكم وعزّه على الموحّدين وإنه لحرم اللّه في الأرض الّذي يطوفنّ في حوله ملئكة المقرّبين يا ملأ الأرض تاللّه إنّه لكلمة اللّه بين النّاس وضيائه في ملكوت الأمر والخلق وسلطانه على العالمين وقد ستر فيه كنوز من الأسرار الّتي لو يظهر حرف منها لتنفطر السّماء وتنشقّ الأرض وتخرّ الجبال وتسقط الأوراق وتضطرب أفئدة العارفين ويا قوم إنّه لظهور الأولى في هيكل الأخرى فسبحان الّذي خلقه وأرسله بسلطان مبين ويا قوم لا تمنعوا أنفسكم عن لقائه ولا تكوننّ من الغافلين ويا قوم فاغتنموا تلك الأيّام تاللّه ما رأت مثلها عيون المقدّسين ويا قوم إن تكفروا به فبأيّ حجّة يثبت إيمانكم بأحد من رسل اللّه فأتوا بها ولا تكوننّ من الصّابرين ويا قوم تاللّه من أعرض عنه فقد أعرض عن اللّه ومن أقبل إليه فقد أقبل إلى اللّه العزيز الرّفيع ويا قوم فاشربوا عن كوثر الّذي جرى من فمه وعن سلسبيل الّذي يسلي من هذا القلم المقدّس المنير ويا قوم لا تفعلوا به ما فعل الإبليس باللّه ربّه والنّمرود بإبراهيم والفرعون بموسى واليهود بعيسى وأبو جهل بمحمّد والسّفياني بعليّ قبل نبيل ويا قوم إنّه أنفق روحه لأمر اللّه بحيث ما حفظ نفسه في ساعة ويشهد بذلك كلّ شيء إن أنتم من الشّاهدين فيا قوم قد ورد عليه ما لا ورد على أحد من قبل وابتلي بين المشركين في عشرين من السّنين ويا قوم قد بقي أثر الحديد على رجله والأغلال عن عنقه إذا يبكي عليه كلّ من في الملأ العالين ويا قوم تذرّفت الدّموع عن عيون الطّاهرات في غرفات قدس منير ويا قوم أنتم كنتم ساترا وجوهكم تحت قناع النّساء خوفا لأنفسكم في مد السّنين أفمن يكون في مقابلة الأعداء كمن يفرّ عن نداء الحمير إذا فانصفوا في أنفسكم إن أنتم من المنصفين ويا قوم إنّه لسدرة اللّه فيكم قد ظهر منها نور لو يقابل بلمعة منه أهل السّموات والأرضين كلّ يستضيئنّ بضيائه فتعالىة عن هذا الضّياء المشرق المقدّس العزيز البديع إيّاكم أن لا تخمدوا هذه النّار ولا تطفئوا سراج اللّه بينكم ولو تعجز عن ذلك أنتم ومثلائكم وعن ورائكم الأوّلين والآخرين تاللّه لن يقبل اليوم من أحد شيء إلّا بعد حبّه وكفى اللّه بذلك لشهيد وخبير ولو أحد يعبد اللّه من أوّل الّذي لا أوّل له إلى آخر الّذي يعجز عن إحصائه المحصين ولم يكن في قلبه حبّ هذا الغلام لن يقبل أبدا بل يضربون الملئكة أعماله على رأسه إلى أن يرجعه إلى مقرّ المشركين في أسفل الحجيم ويا قوم أتنكرون الّذي يدعوكم إلى الرّضوان ويذكركم في كلّ حين بذكر اللّه العليّ العظيم وما أراد منكم جزاء ولا يريد بحول اللّه وقوّته إن أنتم من العالمين ويا قوم تاللّه نظرة إليه لخير عمّا في السّموات والأرض وعمّا قدّر في ملكوت الأمر والخلق ويعرف ذلك كلّ ذي بصر منير ويا قوم أتنكرون الّذي عرفتموه من قبل فويل لكم يا معشر المفسدين
أن يا إسمي كذلك يصح الرّوح فوق رأسي في كلّ حين وإنّي كلّما منعته عن ذلك واضع كفّ المنع على فمه لن يمتنع في نفسه وإنّا وجدناه على قدرة عظيم بحيث لن يمنعه شيء عمّا في السّموات والأرض كأنّ كلّه في قبضة قدرته ككفّ رماد خفيف وكأنّ السّموات والأرض كدرهم في كفّ عبيده يحرّكه كيف يشاء بأمر من ربّه العزيز السّلطان الفرد المقتدر القدير والقلم حينئذ يضّج بين أناملي بضجيج الّذي منه جرت دموع العارفين على خدود عزّ منير كلّما يريد أن يأخذ الزّمام ويحرّك كيف يشاء يمسكه أصابع القدرة لئلّا يرفع صريخ المنكرين إذا يبكي ويقول أي ربّ فارخ زمامي لالقي على الممكنات حرفا من أسرار المحجّبة المقنّعة المكنونة المخزونة لعلّ أهل العما يعرفون ما لا عرفه أحد من العالمين
أي ربّ لا تمنعني عن بدايع ذكرك ثمّ أءذن لي بأن اذكر ما خزن في نفسي من لئالئ علم بديع أي ربّ انّ المشركين ما عرفوك بعد الّذي أحاط سلطانك السّموات والأرضين أي ربّ لا تمسّك زمامي لأنّي أريد أن اشقّ ستر الحجاب عن وجه الممكنات لعلّ يستشعرنّ في أمرك أقلّ من أن يحصى لأنّهم عمياء في السّر وصماء في الجهر وإنّك أنت على ذلك لعليم خبير أي ربّ لا تمنعني عن اسقاء الممكنات عن كوثر العذب الّذي أجريته في سرّي قبل خلق الموجودات وما قدّرت له من نفاد لعلّ يقومنّ هؤلاء الغفلاء على ما فات عنهم من بدايع ذكرك البديع المنيع أي ربّ لا تحرمني عن نصرك فو عزّتك لمّا ما وجدت لنفسك في الأرض من ناصر أريد أن أنصرك من قدرة الّتي أودعتها في نفسي وما اطّلع بها أحد إلّا نفسك العليم الخبير فو عزّتك لالقف كلّ الموجودات بحركة من فمي وذلك لم يكن إلّا بعد إذنك وإنّك أنت الحاكم القادر المقتدر القدير أي ربّ أبكي ويبكي كلّ عين لوحدتك وبما ابتليت بين هؤلاء الّذين لن يعرفوا ولن يستشعروا بما في فنائك فكيف جمالك العزيز المنير فوعزّتك يا محبوبي تحيّرت في صبرك بعد قدرتك وفي حلمك بعد علمك المحيط وأنت الّذي يا محبوبي قدرت ماء الحيوان في فمي بحيث لو يبذل رشح منه على الكائنات ليقومنّ كلّهم على أمرك الغالب البديع أي ربّ لا تمنع الممكنات عن هذا العذب الممتنع العليّ الرّفيع ولا تبّعدهم عن جواهر فيض فضلك ثمّ ارحمهم بعنايتك ولا تدعهم بأنفسهم وإنّك أنت الفاعل المريد تفعل ما تشاء بسلطانك وتحكم بقدرتك ما تريد لن يمنعك شيء عن سلطانك وحكومتك ولن يعجزك شيء عمّا في السّموات والأرضين أي ربّ فارحم على أحبّائك لأنّهم يشربون في السّرّ من دماء قلوبهم وقطع أحشائهم ولا يقدرون أن يتنفّسوا في أمرك بين هؤلاء المغلّين أي ربّ إن لن تقهر على أعدائك فارحم على أصفيائك فأذن لهم بالظّهور في هذه الظّلمات الدّيجور وإنّك أنت الغفور الرّحيم أي ربّ اشتدّ الأمر على أحبّائك بحيث وقعوا بين الأشقياء ولن يقدرنّ أن يذكرنّ بدايع ذكرك الجميل أي ربّ فاخرج عن خلف الأحجاب من يذكرك بين السّموات والأرض بشأن الّذي لن يقدرنّ أن يمنعه أحد عمّا خلق في ملكوت الأعلى فكيف ما يحرّك على الأرض من هؤلاء المشركين أي ربّ أصفيائك مقهورة بين الأشقياء ويرد عليهم في كلّ حين ما يبدّل عنه فرح المقرّبين
أن يا قلم فامسك زمامك ثمّ اصبر واصطبر ولا تكن من الرّاكضين تاللّه الحقّ لو تلقى حرفا عمّا ألقيناك لتنصعق كلّ من في السّموات والأرضين وينفّضون عن حولي هذه الشّرذمة القليل أن يا قلم القدم فاقلع ما رشح من غمام علمك ثمّ ابلغ ما ظهر من لئالئ أسرارك لأنّ النّاس لن يعرفوا الشّمس عن الظّلّ ولا الخزف عن لؤلؤ عزّ ثمين وإنّك لا تحزن عن شيء فتوكّل على اللّه ربّك وكن من المتوكّلين فاكف بربّك ولا تلتفت إلى شيء ثمّ انقطع عن المنكرين طهّر بصرك عن الّذينهم كفروا وأشركوا فاعرض عنهم ثمّ أقبل إلى اللّه ربّك وإنّه يكفيك عن المشركين أن يا قلم لا تهتك ستر الممكنات ولا تشقّ ستر ثياب الّذين اتّخذوا الرّياسات لأنفسهم أربابا من دون اللّه ويفتون على ألف نبيّ لئلّا ينقص ذرّة من اعتزازهم بين العباد كذلك نلقي عليك لتطمئنّ في نفسك وتكون من الصّابرين أن يا قلم دع هؤلاء ثمّ ابك على وحدتي وغربتي في تلك الأيّام الّتي اجتمعوا عَلَيَّ أيادي نفس اللّه ويمكرون في كلّ حين على مكر عظيم ويضربون السّيف على نفسي ثمّ يبكينّ بأعينهم ويستنصرنّ من العباد ليشتبهنّ على العالمين تاللّه ما رأت عين الإبداع مثل هؤلاء يقتلون سلطان القدم ثمّ يحمّرون قميصهم بدم كذب ويرسلون إلى الّذي اتّخذوهم أربابا من دون اللّه ليرفع بذلك ضجيج المغلّين فوجمالي تحيّرت أهل ملأ الأعلى من مكرهم وبما يمكرون في العشيّ والإشراق وفي كلّ حين يقطعون عضد اللّه ثمّ يلقون على عضدهم خرقة وينادون قد ورد علينا الجرح من هؤلاء كذلك مكروا من قبل وحينئذ كما أنتم يا ملأ القرب شهدتم وتكوننّ من الشّاهدين
أن يا نبيل قبل عليّ إذا تمّت ربوات ربّك في هذا اللّوح وقد جعله اللّه قميص جماله بين العالمين ليجدنّ منه أهل الإطمينان روائح ربّهم الرّحمٰن ويستشعرنّ بما ورد على يوسف البيان من جنود الشّيطان ويكوننّ من العارفين وإنّك لو تريد فأرسله إلى كلّ الأشطار لعلّ به تقرّ عيون عبادنا الأخيار الّذين لن يزلّهم إشارات الفجّار في هذه الأيّام الصّيلم المظلم الشّديد كذلك أمرناك بالحقّ وما أمري إلّا باللّه وعليه اعتمادي ثمّ اعتصامي وتوجّهي واتّكالي وإنّه وليّ المخلصين إيّاك أن يا نبيل فانهِ عباد اللّه عن كلّ ما لا يرضى به رضاء ربّهم ثمّ أمنعهم عن الفساد بحيث لو يسبط عليهم أحد أيادي الظّلم لا يتعرّضوا به ولو يكون من أشقى النّاس ويكوننّ من الصّابرين
قل يا قوم توكّلوا في كلّ حين على اللّه ربّكم وإنّه يأخذ الّذينهم ظلموا وإنّه أشدّ المنتقمين والحمد للّه ربّ العالمين