لوح السّحاب قد نزل من لدى اللّه مالك الرّقاب
هذا كتاب من لدى الرّحمن إلى الّذينهم أقبلوا إلى قبلة من في السّموات والأرضين لتسرّهم آيات اللّه وتجذبهم إلى أفق الوحي وتقرّبهم إلى مقام ينطق فيه كلّ شيء إنّه لا إله إلّا أنا العزيز العليم
قم على الأمر بحول اللّه وقوّته قل يا ملأ البيان اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ كنتم في شفا حفرة النّسيان وأنزل عليكم من سماء التّبيان ما علّمكم به هذا السّبيل الواضح المستقيم
أن يا قلم القدم اذكر في اللّوح ما تفرح به أفئدة المخلصين ويوقن كلّ بصير بأنّي أنا المقتدر على ما أشاء لا يمنعني عمّا أردت من على الأرض كلّها وأنا العزيز الحكيم
قل إنّ المشركين نقضوا عهد اللّه وميثاقه وأدخلونا في السّجن بظلم مبين فلمّا وردنا أردنا أن نبلّغ الملوك رسالات اللّه المقتدر العزيز العظيم ومنهم ملك العجم كشفنا له جمال الأمر وعرّفناه نفسنا بعد الّذي أخترنا أحدا من الأخيار ونفخنا في قلبه روح القدرة والإقتدار وأرسلناه إليه ككرة النّار بلوح من لدن ربّك العزيز القدير وفيه بيّنا ما اكتسبت يداه وما ارتكبه ملك الرّوم ليعلما أنّ البلاء لن يمنع البهاء عمّا أراد مالك الأسماء ولم يخوّفنا سطوة الّذين كفروا باللّه العزيز الحميد وبه نفخنا في صور القدرة مرّة أخرى واضطرب منه كلّ جبّار عنيد وفيه نزل من النّصايح والمواعظ ما تستيقظ به أفئدة الرّاقدين قد نزّلنا فيه من كلّ شأن بيانا شافيا يا طوبى لمن يقرئه ويتفكّر في إشاراته لعمري إنّه يكفي العالمين لو نزلت كلمة منه على الجبال لتطير من الشّوق إلى اللّه العزيز الجميل إنّا ما أردنا منه إلّا إظهار سلطنة اللّه وعظمته وانتشار أمره وظهور استقلاله بين عباده المريبين وما تركنا فيه لأحد من عذر أن اقرء وكن من الشّاكرين
قل يا ملأ الارض تفكّروا إنّا نزلنا في اللّوح لرئيسكم بأن يجمعنا وعلماء العصر ليظهر أمر اللّه وحجّته لكم إنّه ارتكب ما ناح به سكّان الملكوت أنتم بعد ذلك بأيّ أمر تتمسّكون وإلى من تذهبون أن انصفوا ولا تكوننّ من الظّالمين وكذلك أردنا في العراق أن نجتمع مع علماء العجم لمّا سمعوا فرّوا وقالوا إنّ هو إلّا ساحر مبين هذه كلمة خرجت من أفواه أمثالهم من قبل وهؤلاء اعترضوا عليهم بما قالوا وهم يقولون اليوم مثل قولهم ولا يفقهون لعمري مثلهم كمثل الرّماد عند ربّك إذا أراد تمرّ عليهم أرياح عاصفات وتجعلهم هباء إنّ ربّك لهو المقتدر على ما يريد
تشّرفت تلك الدّيار بقدوم ربّك المختار ونطق كلّ حجر ومدر قد ظهرت غرّة الأيّام وأتى المقصود بجلال مبين قد أخذ الاهتزاز أرض الحجاز وحرّكتها نسمة الوصال تقول يا ربّي المتعال لك الحمد بما أحيتني نفحات وصلك بعد الّذي أماتني هجرك طوبى لمن أقبل إليك وويل للمعرضين أنار جبل الطّور من إشراق الظّهور وقال قد وجدت عرفك يا إله من في السّموات والأرضين تلك أرض فيها بعثنا النّبييّن والمرسلين قد ارتفع فيها نداء الخليل ثمّ الكليم ومن بعده الإبن كلّ أخبروا وبشّروا العباد بهذا النّبأ العظيم ووروده في تلك الدّيار كذلك نزل في الألواح من لدن منزل قديم والسّدرة تنادي يا أهل النّاسوت قد أتى مالك الملكوت واستوى على العرش وفي حوله من الملئكة المقرّبين دعوا الكنائس والمساجد أن أسرعوا إلى مطلع الوحي ولا تتّبعوا ظنّون الّذين غفلوا تاللّه قد طلع فجر اليقين إنّ المعابد لذكره قد أتى المذكور بسلطان عظيم إيّاكم أن تمنعكم الأذكار عن ربّكم المختار دعوا ما عند الأنام ثمّ أقبلوا إلى مطلع الإلهام هذا خير لكم إن أنتم من العارفين
قم على ذكري إيّاك أن يمنعك قول المشركين إنّ اللّسان خلق لذكر الرّحمن ذكر البريّة ولكن بالحكمة كذلك قضي الأمر ورقم من قلم إرادة ربّك العليم القدير أن اجمع أحبّائي ثمّ أمرهم من لدنّا بالبرّ والتّقوى كذلك أمرت من لدن ربّك الأبهى ولك اليوم عندنا مقام كريم إنّ الّذين يسدّون السّبيل ويأكلون أموال النّاس ويفسدون في الارض إنّني براء منهم واللّه على ما أقول شهيد
ليس ذلّتي سجني لعمري إنّه عزّ لي بل الذّلّة عمل أحبّائي الّذين ينسبون أنفسهم إلينا ويتّبعون الشّيطان في أعمالهم أَلَا إنّهم من الخاسرين لمّا قضي الأمر وإشرق نيّر الآفاق من شطر العراق أمرناهم بما يقدّسهم عن العالمين منهم من أخذ الهوى وأعرض عمّا أمر ومنهم من اتّبع الحقّ بالهدى وكان من المهتدين
قل الّذين ارتكبوا الفحشاء وتمسّكوا بالدّنيا إنّهم ليسوا من أهل البهاء هم عباد لو يردون واديا من الذّهب يمرّون عنه كمرّ السّحاب ولا يلتفتون إليه أبدا أَلَا إنّهم منّي ليجدنّ من قميصهم الملأ الأعلى عرف التّقديس ويشهد بذلك ربّك ومن عنده علم الكتاب ولو يردن عليهم ذوات الجمال بأحسن الطّراز لا ترتدّ إليهنّ أبصارهم بالهوى أولئك خلقوا من التّقوى كذلك يعلّمكم قلم القدم من لدن ربّكم العزيز الوهّاب
يا أيّها المقبل بلّغ رسالات ربّك لعلّ النّاس يضعون الورى ويأخذون ما أمروا به من اللّه فالق الأصباح قل لا تضيّعوا أمر اللّه بينكم ولا تتّبعوا الّذين كفروا باللّه مرسل الأرياح أن انصروا اللّه بألسنكم إنّ اللّسان سيف الرّحمن أن افتحوا به مدائن القلوب هذا شأن الإنسان أن اعرفوا يا أولي الأبصار
قل يا معشر العلماء هل يقدر أحد منكم أن يركض مع الفتى الإلهيّ في ميدان الحكمة والبيان أو يطير معه إلى سما المعاني والتّبيان لا وربّي الرّحمن كلّهم انصعقوا اليوم من كلمة ربّك كأنّهم أموات غير أحياء إلّا من شاء ربّك العزيز المختار إنّه من أهل العلم لدى العليم يصلّينّ عليه أهل الفردوس وأهل حظائر القدس في العشيّ والإشراق من كان رجله من الخشب هل يقدر أن يقوم مع الّذي جعل اللّه رجليه من الحديد لا ومنوّر الآفاق إنّ الّذين نقضوا ميثاق اللّه وعهده أولئك أخذتهم نفحات العذاب سوف يرون منازلهم في النّار فبئس مثوى كلّ متكبّر جبّار
قل يا قوم تفكّروا في القرون الّتي خلت قبلكم أرسلنا فيها رسلا كذّبوا بآيات ربّهم أخذناهم بذنبهم وتركناهم تذكرة لأولي الألباب أين الّذين اتّكأوا في القصور على وسائد الغرور قد أرجعناهم إلى القبور تلك البيوت تركوها للعنكبوت فاعتبروا يا أولي الأنظار قل أن انتبهوا يا قوم قد نادى المناد في برّيّة البيان وهذا يوم التّناد إلى متى ترقدون في مهاد الغفلة والهوى قوموا وأقبلوا ولا تتّبعوا كلّ مشرك مرتاب إنّا نزّلنا لك من قبل آيات بيّنات تلك مرّة أُخرى فضلا من لدنّا وأنا العزيز الغفّار لتقوم على خدمة اللّه وتشكره في الغدوّ والآصال كذلك صرّفنا الآيات وأرسلناها إليك إنّ ربّك لهو العزيز العلّام