سُبْحَانَكَ ٱلْلَّهُمَّ يَا إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِٱلَّذِينَ جَعَلْتَ صِيَامَهُم

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة الصيام (٢) الإفطار – حضرة بهاءالله – تسبيح وَتهليل، الصفحات ٦٤ - ٧٦

هَذَا دُعَاءٌ قَد نُزِّلَ حِيْنَ ٱلْإِفْطَارِ مِنْ لَدَى اللهِ ٱلْعَزِيزِ ٱلْمُخْتَارِ

﴿ هُوَ ٱلْآمِرُ ﴾

سُبْحَانَكَ ٱلْلَّهُمَّ يَا إِلَهِي أَسْأَلُكَ بِٱلَّذِينَ جَعَلْتَ صِيَامَهُمْ فِي حُبِّك وَرِضَائِك وَإِظهَارِ أَمْرِكَ وَٱتِّبَاعِ آيَاتِكَ وَأَحْكَامِكَ وَإِفْطَارَهُمْ قُرْبَكَ وَلِقَائَكَ فَوَ عِزَّتِكَ إِنَّهُمْ فِي أَيَّامِهِمْ كُلِّهَا صَائِمُوْنَ وَإِلَى شَطْرِ رِضَائِكَ مُتَوَجِّهُوْنَ وَلَوْ يَخْرُجُ مِنْ فَمِ إِرَادَتِكَ مُخَاطِبًا إِيَّاهُمْ يَا قَوْمِ صُوْمُواْ حُبًّا لِجَمَالِي وَلَا تُعَلِّقُهُ بِٱلْمِيقَاتِ وَٱلْحُدُوْد فَوَ عِزَّتِكَ هُمْ يَصُوْمُوْنَ وَلَا يأْكُلُوْنَ إِلَى أَنْ يَمُوْتُوْنَ لِأَنَّهُمْ ذَاقُوْا حَلَاوَةَ نِدَائِكَ وَذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ وَكَلِمَةِ ٱلَّتِي خَرَجَتْ مِنْ شَفَتَي مَشِيَّتِكَ.

أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِنَفْسِك ٱلْعَلِيِّ ٱلْأَعْلَى ثُمَّ بِظُهُوْرِكَ كَرَّةً أُخْرَى ٱلَّذِي بِهِ ٱنْقَلَبَ مَلَكُوْتُ ٱلْأَسْمَاءِ وَجَبَرُوْتُ ٱلْصِّفَاتِ وَأَخَذَ ٱلْسُّكْرُ سُكَّانَ ٱلْأَرَضِينَ وَٱلْسَّمَوَاتِ وَٱلْزَّلْزَالُ مَنْ فِي مَلَكُوْتِ ٱلْأَمْرِ وَٱلْخَلْقِ إِلَّا مَنْ صَامَ عَنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُهُ رِضَاكَ وَأَمْسَكَ نَفْسَهُ عَنِ ٱلْتَّوَجُّهِ إِلَى مَا سِوَاكَ بِأَنْ تَجْعَلَنَا مِنْهُمْ وَتَكْتُبَ أَسْمَائَنَا فِي لَوْحِ ٱلَّذِي كَتَبْتَ أَسْمَائَهُمْ وَإِنَّكَ يَا إِلَهِي بِبِدَايِعِ قُدْرَتِك وَسَلْطَنَتِكَ وَعَظَمَتِكَ ٱنْشَعَبَتْ أَسْمَائَهُمْ مِنْ بَحْرِ ٱسْمِكَ وَخَلَقْتَ ذوَاتَهُمْ مِنْ جَوْهَرِ حُبِّك وَكَيْنُوْنَاتِهِمْ مِنْ سَاذِجِ أَمْرِكَ وَمَا تَعَقَّبَ وَصْلُهُمْ بِظُهُوْرَاتِ ٱلْفَصْلِ وَٱلإِنْفِصَالِ وَمَا قُدِّرَ لِقُرْبِهِمْ بُعْدٌ وَلَا لِبَقَائِهِمْ زَوَالٌ إِنَّهُمْ عِبَادٌ لَمْ يَزَلْ يَحْكُوْنَ عَنْكَ وَلَا يَزَالُ يَطُوْفُوْنَ فِي حَوْلِكَ وَيُهَرْوِلُوْنَ حَوْلَ حَرَمِ لِقَائِكَ وَكَعْبَةِ وَصْلِكَ وَمَا جَعَلْتَ ٱلْفَرْقَ يَا إِلَهِي بَيْنَكَ وَبَينَهُمْ إِلَّا بِأَنَّهُمْ لَمَّا شَهِدُوْا أَنْوَارَ وَجْهِكَ تَوَجَّهُوْا إِلَيْكَ وَسَجَدُوْا لِجَمَالِكَ خَاشِعًا خَاضِعًا لِعَظمَتِكَ وَمُنْقَطِعًا عَمَّا سِوَاك.

أَيْ رَبِّ هَذا يَوْمٌ فِيهِ صُمْنَا بِأَمْرِك وَإِرَادَتِكَ بِمَا نَزَّلْتَهُ فِي مُحْكَمِ كِتَابِكَ وَأَمْسَكْنَا ٱلنَّفْسَ عَنِ ٱلْهَوَى وَعَمَّا يَكْرَهُهُ رِضَاكَ إِلَى أَنِ ٱنْتَهَى ٱليَوْمُ وَبَلَغَ حِينُ ٱلْإِفْطارِ إِذًا أَسْئَلُكَ يَا مَحْبُوْبَ قُلُوْبِ ٱلعَاشِقِينَ وَيَا حَبِيبَ أَفْئِدةِ ٱلْعَارِفِينَ وَيَا وَلَهَ صُدُوْرِ ٱلْمُشْتَاقِينَ وَيَا مَقْصُوْدَ ٱلْقَاصِدِينَ بِأَنْ تُطَيِّرَنَا فِي هَوَاءِ قُرْبِكَ وَلِقَائِكَ وَتَقْبَلَ عَنَّا مَا عَمِلْنَا فِي حُبِّك وَرِضَائِك ثُمَّ ٱكتُبْنَا مِنَ ٱلَّذِينَهُمْ أَقَرُّوْا بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَٱعْتَرَفُوْا بِفَرْدَانِيَّتِكَ وَخَضَعُوْا لِعَظمَتِكَ وَكِبْرِيَائِك وَعَاذُوْا بِحَضْرَتِكَ وَلَاذُوْا بِجِنَابِكَ وَأَنْفَقُوْا أَرْوَاحَهُمْ شَوْقًا لِلِقَائِكَ وَٱلْحُضُوْرِ بَينَ يَدَيْكَ وَنَبَذُوْا ٱلْدُّنْيا عَنْ وَرَائِهِمْ لِحُبِّكَ وَقَطَعُوْا ٱلْنِّسْبَةَ مِنْ كُلِّ ذِي نِسْبَةٍ مُتَوَجِّهًا إِلَيْكَ أَوْلَئِكَ عِبَادُ ٱلَّذينَ إِذَا يُذْكَرُ لَهُمُ ٱسْمُكَ يَذُوْبُ قُلُوْبُهُمْ شَغَفًا لِجَمَالِكَ وَتَفِيضُ عُيُوْنُهُمْ طَلَبًا لِقُرْبِكَ وَلِقَائِكَ. أَيْ رَبِّ هَذا لِسَانِي يَشْهَدُ بِوَحْدَانِيَّتِكَ وَفَرْدَانِيَّتِكَ وَهَذِهِ عَينِي نَاظِرَةٌ إِلَى شَطْرِ مَوَاهِبِكَ وَأَلْطَافِكَ وَهَذِهِ أُذُنِي مُتَرَصِّدَةٌ لِإِصْغَاءِ نِدَائِكَ وَكَلِمَتِكَ لِأَنِّي أَيْقَنْتُ يَا إِلَهِي بِأَنَّ ٱلْكَلِمَةَ ٱلَّتِي خَرَجَتْ مِنْ فَمِ مَشِيَّتِكَ مَا قَدَّرْتَ لَهَا مِنْ نَفَادٍ وَتَسْمَعُهَا فِي كُلِّ ٱلْأَحْيانِ آذَانُ ٱلَّتِي قَدَّسْتَهَا لِٱسْتِمَاعِ كَلِمَاتِكَ وَإِصْغَاءِ آيَاتِكَ وَإِنَّ هَذِهِ يَا إِلَهِي يَدِي قَد ٱرْتَفَعْتُهَا إِلَى سَمَاءِ مَكْرُمَتِكَ وَأَلْطَافِكَ أَتَطرُدُ يَا إِلَهِي هَذَا ٱلْفَقِيرَ ٱلَّذِي مَا ٱتَّخَذلِنَفْسِهِ مَحْبُوْبًا سِوَاكَ وَلَا مُعْطِيًا دُوْنَكَ وَلَا سُلْطَانًا غَيْرَكَ وَلَا ظِلًّا إِلَّا فِي جِوَارِ رَحْمَتِكَ وَلَا مَأْمَنًا إِلَّا لَدَى بَابِكَ ٱلَّذِي فَتَحْتَهُ عَلى وَجْهِ مَنْ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ لَا فَوَ عِزَّتِكَ أَنَا ٱلَّذِي أَكُوْنُ مُطْمَئِنًّا بِفَضْلِكَ وَلَوْ تُعَذِبُنِي بِدَوَامِ مُلْكِكَ وَيَسْئَلُنِي أَحَدٌ مِنْكَ لَتَنْطِقُ أَرْكَانِي كُلُّهَا بِأَنَّهُ لَهُوَ ٱلْمَحْبُوْبُ فِي فِعْلِهِ وَٱلْمُطَاعُ فِي حُكْمِهِ وَٱلرَّحْمَنُ فِي سَجيَّتِهِ وَٱلرَّحِيمُ عَلى خَلْقِهِ. فَوَ عِزَّتِكَ يَا مَحْبُوْبَ قُلُوْبِ ٱلْمُشْتَاقِينَ لَوْ تَطرُدنِي عَنْ بَابِكَ وَتَدَعُنِي تَحْتَ أَسْيافِ طُغَاةِ خَلْقِكَ وَعُصَاةِ بَرِيَّتِكَ وَيَسْئَلُنِي أَحَدٌ مِنْكَ يُنَادِي كُلُّ شَعْرٍ كَانَ فِي أَعْضَائِي بِأَنَّهُ هُوَ مَحْبُوْبُ ٱلْعَالَمِينَ وَإِنَّهُ لَهُوَ ٱلْفَضَّالُ ٱلْقَدِيمُ وَإِنَّهُ قَرَّبَنِي وَلَوْ أَبْعَدَنِي وَأَجَارَنِي وَلَوْ أَطْرَدَنِي وَلَمْ أَجِدْ لِنَفْسِي رَاحِمًا أَرْحَمَ مِنْهُ بِهِ ٱسْتَغْنَيتُ عَنْ دُوْنِهِ وَٱسْتَعْلَيتُ عَلَى مَا سِوَاهُ فَطُوْبى يَا إِلَهِي لِمَنِ ٱسْتَغْنى بِكَ عَنْ مَلَكُوْتِ مُلْكِ ٱلْسَّمَوَاتِ وَٱلْأَرْضِ وَٱلْغَنِيُّ مَنْ تَمَسَّكَ بِحَبْلِ غَنَائِكَ وَخَضَعَ لِحَضْرَتِكَ وَٱكْتَفى بِكَ عَمَّنْ سِوَاك وَٱلْفَقِيرُ مَنِ ٱسْتَغْنى عَنْكَ وَٱسْتَكْبَرَ عَلَيكَ وَأَعْرَضَ عَنْ حَضْرَتِكَ وَكَفَرَ بِآيَاتِكَ فَيَا إِلَهِي وَمَحْبُوْبِي فَٱجْعَلْنِي مِنَ ٱلَّذِينَ تُحَرِّكهُمْ أَرْياحُ مَشِيَّتِكَ كَيفَ تَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ فَلَك ٱلْحَمْدُ يَا إِلَهِي عَلى مَا وَفَّقْتَنِي بِٱلْصِّيَامِ فِي هَذَا ٱلْشَّهْرِ ٱلَّذِي نَسَبْتَهُ إِلَى ٱسْمِكَ ٱلْأَعْلى وَسَمَّيتَهُ بِٱلْعَلَاءِ وَأَمَرْتَ بِأَنْ يَصُوْمُوْنَ فِيهِ عِبَادُكَ وَبَرِيَّتُكَ وَيَسْتَقْرِبُنَّ بِهِ إِلَيكَ وَبِهِ ٱنْتَهَتِ ٱلْأَيَّامُ وَٱلْشُّهُوْرُ كَمَا ٱبْتَدئَتْ أَوَّلُهَا بِٱسْمِكَ ٱلْأَبْهَى لِيَشْهَدُنَّ كُلٌّ بِأَنَّكَ أَنْتَ ٱلْأَوَّلُ وَٱلْآخِرُ وَٱلْظَّاهِرُ وَٱلْبَاطنُ وَيُوْقِنُنَّ بِأَنَّ مَا حُقِّقَ إِعْزَازُ ٱلْأَسْمَاءِ إِلَّا بِعِزِّ أَمْرِكَ وَٱلْكَلِمَةِ ٱلَّتِي فُصِّلَتْ بِمَشِيَّتِكَ وَظَهَرَتْ بِإِرَادَتِكَ وَجَعَلْتَ يَا إِلَهِي هَذَا ٱلْشَّهْرَ بَينَهُمْ ذِكْرًا مِنْ عِنْدِكَ وَشَوْقًا مِنْ لَدُنْكَ وَعَلَامَةً مِنْ حَضْرَتِكَ لِئَلَّا يَنْسَوْنَ عَظَمَتَكَ وَٱقْتِدَارَكَ وَسَلْطَنَتَكَ وَإِعْزَازِكَ وَيُوْقِنُنَّ بِأَنَّكَ أَنْتَ ٱلَّذِي كُنْتَ حَاكِمًا فِي أَزلِ ٱلْآزَالِ وَتَكُوْنُ حَاكِمًا كَمَا كُنْتَ لَا يَمْنَعُكَ عَنْ حُكُوْمَتِكَ شَيءٌ عَمَّا خُلِقَ فِي ٱلْسَّمَوَاتِ وَٱلْأَرْضِ وَلَا عَنْ إِرَادَتِكَ مَنْ فِي مَلَكُوْتِ ٱلْأَمْرِ وَٱلْخَلْقِ. فَيَا إِلَهِي أَسْئَلُكَ بِٱسْمِكَ ٱلَّذِي بِهِ نَاحَتْ قَبَائِلُ ٱلْأَرْضِ كُلُّهَا إِلَّا مَنْ عَصَمْتَهُ بِعِصْمَتِكَ ٱلْكُبْرَى وَحَفِظْتَهُ فِي ظِلِّ رَحْمَتِكَ ٱلْعُظْمَى بِأَنْ تَجْعَلَنَا مُسْتَقِيمًا عَلَى أَمْرِكَ وَثَابِتًا عَلَى حُبِّكِ عَلَى شَأْنٍ لَوْ يَعْتَرِضُ عَلَيكَ عِبَادُكَ وَيُعْرِضُ عَنْكَ بَرِيَّتُكَ بِحَيثُ لَا يَبْقى عَلَى ٱلْأَرْضِ مَنْ يَدْعُوْكَ وَيُقْبِلُ إِلَيْكَ وَيتَوَجَّهُ إِلَى حَرَمِ أُنْسِكَ وَكَعْبَةِ قُدْسِكَ لَأَقُومُ بِنَفْسِي وَحْدَهُ عَلى نُصْرَةِ أَمْرِكَ وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِكَ وَإِظْهَارِ سَلْطَنَتِكَ وَثَنَاءِ نَفْسِكَ وَلَوْ أَنِّي يَا إِلَهِي كُلَّمَا أُرِيدُ أَنْ أُسَمِّيْكَ بِٱسْمٍ أَتَحَيرُ فِي نَفْسِي لِأَنِّي أُشَاهِدُ بِأَنَّ كُلَّ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِكَ ٱلْعُلْيَا وَكُلَّ ٱسْمٍ مِنْ أَسْمَائِكَ ٱلْحُسْنَى أَنْسِبُهَا إِلَى نَفْسِكَ وَأَدْعُوْكَ بِهَا تِلْقَاءَ وَجْهِكَ هَذَا لَمْ يَكُنْ إِلَّا عَلى قَدْرِ عِرْفَانِي لِأَنِّي لَمَّا عَرَفْتُهَا مَمْدُوْحَةً نَسَبْتُهَا إِلَيكَ وَإِلَّا تَعَالى تَعَالى شَأْنُكَ مِنْ أَنْ تُذْكَرَ بِدُوْنِكَ أَوْ تُعْرَفَ بِسِوَاكَ أَوْ يَرْتَقِي إِلَيكَ وَصْفُ خَلْقِكَ وَثَنَاءُ عِبَادِكَ وَكُلُّ مَا يَظْهَرُ مِنَ ٱلْعِبَادِ إِنَّهُ مَحْدُوْدٌ بِحُدُوْداتِ أَنْفُسِهِمْ وَمَخْلُوْقٌ مِنْ تَوَهُّمَاتِهِمْ وَظُنُوْنِهِمْ فآه آه يَا مَحْبُوْبِي مِنْ عَجْزِي عَنْ ذِكْرِكَ وَتَقْصِيرِي فِي أَيَّامِك لَوْ أَقُولُ يَا إِلَهِي إِنَّكَ أَنْتَ عَلِيمٌ أُشَاهِدُ لَوْ تُشِيرُ بِأصْبَعٍ مِنْ أَصَابِعِ مَشِيَّتِكَ إِلَى صَخْرَةٍ صَمَّاءٍ لَيَظْهَرُ مِنْهَا عِلْمُ مَا كَانَ وَمَا يَكُوْنُ وَلَوْ أَقُوْلُ إِنَّكَ أَنْتَ قَدِيرٌ أُشَاهِدُ لَوْ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ إِرَادَتِكَ كَلِمَةٌ لَتَنْقَلِبُ مِنْهَا ٱلْسَّمَوَاتُ وَٱلْأَرْضُ فَوَ عِزَّتِكَ يَا مَحْبُوْبَ ٱلْعَارِفِينَ كُلُّ عَلِيمٍ لَوْ لَا يُقِرُّ عِنْدَ عِلْمِكَ بِٱلْجَهْلِ إِنَّهُ أَجْهَلُ ٱلْعِبَادِ وَكُلُّ مُقْتَدِرٍ لَا يُقِرُّ بِعَجْزِهِ لَدَى ظُهُوْرَاتِ قُدْرَتِكَ إِنَّهُ لَأَعْجَزُ بَرِيَّتِكَ وَأَغْفَلُ خَلْقِكَ مَعَ عِلْمِي بِذَلِكَ وَإِيِقَانِي بِهَذَا كَيْفَ أَقْدِرُ أَنْ أَذْكُرَكَ بِذِكْرٍ أَوْ أَصِفَكُ بِوَصْفٍ أَوْ اُثْنِيَكَ بِثَنَاءٍ إِذًا مَعَ هَذَا ٱلْعَجْزِ قَدْ سَرِعْتُ إِلَى ظِلِّ قُدْرَتِكَ وَبِهَذَا ٱلْفَقْرِ قَدْ ٱسْتَظلَلْتُ فِي ظِلِّ غَنَائِكَ وَبِهَذَا ٱلضَّعْفِ قَدْ قُمْتُ لَدَى سُرَادِقِ قُوَّتِكَ وَقُدْرَتِكَ أَتَطرُدُ هَذَا ٱلْفَقِيرَ بَعْدَ ٱلَّذِي مَا ٱتَّخَذَ لِنَفْسِهِ مُعِينًا سِوَاك. أَتُبْعِدُ هَذا ٱلْغَرِيبَ بَعْد ٱلَّذِي لَنْ يَجِدَ لِنَفْسِهِ مَحْبُوْبًا دُوْنَكَ أَيْ رَبِّ أَنْتَ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَأَنَا لَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ ٱلرَّحْمَنِ فَٱرْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ ثُمَّ أَلْهِمْنِي مَا يَسْكُنُ بِهِ قَلْبِي فِي أَيَّامِكَ وَيَسْتَرِيحُ بِهِ نَفْسِي عِنْدَ ظُهُوْرَاتِ وَجْهِكَ أَيْ رَبِّ قَد ٱسْتَضَاءَ كُلُّ ٱلأَشْياءِ مِنْ بَوَارِقِ أَنْوَارِ طَلْعَتِكَ وَقَدْ ٱسْتَبَاحَ كُلُّ مَنْ فِي ٱلْأَرْضِ وَٱلسَّمَاءِ مِنْ ظُهُوْرَاتِ عِزِّ أَحَدِيَّتِكَ بِحَيثُ لَا أَرى مِنْ شَيءٍ إِلَّا وَقَدْ أُشَاهِدُ فِيهِ تَجَلِّيْكَ ٱلَّذِي مَسْتُوْرٌ عَنْ اَنْظُرِ ٱلنَّائِمِينَ مِنْ عِبَادك.

أَيْ رَبِّ لَا تَحْرِمْنِي بَعْدَ ٱلَّذِي أَحَاطَ فَضْلُكَ كُلَّ ٱلْوُجُوْدِ مِنَ ٱلْغَيبِ وَٱلشُّهُوْد أَتُبْعِدَنِي يَا إِلَهِي بَعْدَ ٱلَّذِي دَعُوْتَ ٱلْكُلَّ إِلَى نَفْسِكَ وَٱلْتَّقَرُّبِ إِلَيْكَ وَٱلتَّمَسُّك بِحَبْلِكَ أَتَطْرُدَنِي يَا مَحْبُوْبِي بَعْدَ ٱلَّذِي وَعَدْتَ فِي مُحْكَمِ كِتَابِكَ وَبَدَايِعِ آيَاتِكَ بِأَنْ تَجْمَعَ ٱلْمُشْتَاقِينَ فِي سُرَادِقِ عُطُوْفَتِكَ وَٱلْمُرِيدِينَ فِي ظِلِّ مَوَاهِبِكَ وَٱلْقَاصِدِينَ فِي خِيَامِ فَضْلِكَ وَأَلْطَافِك فَوَ عِزَّتِكَ يَا إِلَهِي إِنَّ صَرِيخِي يَمْنَعُ قَلَمِي وَحَنِينَ قَلْبِي قَد أَخَذَ ٱلزِّمَامَ عَنْ كَفِّي كُلَّمَا أُسَّكِنُ نَفْسِي وَأُبَشِّرُهَا بِبَدَايِعِ رَحْمَتِكَ وَشُئُوْنَاتِ عُطُوْفَتِكَ وَظُهُوْرَاتِ مَكرُمَتِكَ يَضْطَرِبُنِي ظُهُوْرَاتُ عَدْلِكَ وَشُئُوْنَاتُ قَهْرِكَ وَأُشَاهِدُ بِأَنَّك أَنْتَ ٱلْمَذْكُوْرُ بِهَذَينِ ٱلْإِسْمَينِ وَٱلْمَوْصُوْفُ بِهَذَينِ ٱلْوَصْفَينِ وَلَا تُبَالِي بِأَنْ تُدْعَى بِٱسْمِكَ ٱلْغَفَّارِ أَوْ بِٱسْمِكَ ٱلْقَهَّارِ فَوَ عِزَّتِكَ لَوْ لَا عِلْمِي بِأَنَّ رَحْمَتَكَ سَبَقَتْ كُلَّ شَيءٍ لَتَنْعَدِمُ أَرْكَانِي وَتَنْفَطِرُ كَيْنُوْنَتِي وَتَضْمَحِلُّ حَقِيقَتِي وَلَكنْ لَمَّا أُشَاهِدُ فَضْلَكَ سَبَقَ كُلَّ شَيءٍ وَرَحْمَتَكَ أَحَاطَتْ كُلَّ ٱلْوُجُوْد تَطمَئِنُّ نَفْسِي وَكينُوْنَتِي فآه آه يَا إِلَهِي عَمَّا فَاتَ مِنِّي فِي أَيَّامِكَ فآه آه يَا مَقْصُوْدِي عَمَّا فَاتَ مِنِّي فِي خِدمَتِكَ وَطَاعَتِكَ فِي هَذِهِ ٱلْأَيَّامِ ٱلَّتِي مَا رَأَتْ شِبْهَهَا عُيُوْنُ أَصْفِيَائِكَ وَأُمَنَائِكَ أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِكَ وَبِمَظْهَرِ أَمْرِكَ ٱلَّذِي ٱسْتَقَرَّ عَلَى عَرْشِ رَحْمَانِيَّتِكَ بِأَنْ تُوَفِّقَنِي عَلَى خِدْمَتِكَ وَرِضَائِكَ ثُمَّ أَحْفَظْنِي عَنِ ٱلَّذِينَ أَعْرَضُوْا عَنْ نَفْسِكَ وَكَفَرُوْا بِآيَاتِكَ وَأَنْكَرُوْا حَقَّكَ وَجَاحَدُوْا بُرْهَانَكَ وَنَبَذُوْا عَهْدَكَ وَمِيَثَاقَكَ كَبِّرِ ٱلْلَّهُمَّ يَا إِلَهِي عَلَى مَظْهَرِ هُوِيَّتِكَ وَمَطْلَعِ أَحَدِيَّتِكَ وَمَعْدَنِ عِلْمِكَ وَمَهْبَط وَحْيِكَ وَمَخْزَنِ إِلْهَامِكَ وَمَقَرِّ سَلْطَنَتِكَ وَمَشْرِقِ أُلُوْهِيَّتِكَ ٱلْنُّقْطَةِ ٱلْأُوْلَى وَٱلْطَّلْعَةِ ٱلْأَعْلَى وَأَصْلِ ٱلْقَديمِ وَمُحْيي ٱلْأُمَمِ وَعَلى أَوَّلِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَبِآيَاتِهِ ٱلَّذِي جَعَلْتَهُ عَرْشًا لِٱسْتِوَاءِ كَلِمَتِكَ ٱلْعُلْيَاءِ وَمَحَلًّا لِظُهُوْرِ أَسْمَائِكَ ٱلْحُسْنَى وَمَشْرِقًا لِإِشْرَاقِ شُمُوْسِ عِنَايَتِكَ وَمَطْلَعًا لِطلُوْعِ أَسْمَائِكَ وَصِفَاتِكَ وَمَخْزَنًا لِلَئَالِي عِلْمِكَ وَأَحْكَامِك وَعَلى آخِرِ مَنْ نَزَلَ إِلَيهِ ٱلَّذِي كَانَ وُفُوْدُهُ عَلَيهِ كَوُفُوْدِهِ عَلَيكَ وَظُهُوْرُهُ فِيهِ كَظُهُوْرِكَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ ٱسْتَضَاءَ مِنْ أَنْوَارِ وَجْهِهِ وَسَجَدَ لِذَاتِهِ وَأَقَرَّ لِعُبُوْدِيَّةِ نَفْسِهِ وَعَلَى ٱلَّذِينَهُمُ ٱسْتَشْهَدُوْا فِي سَبِيلِهِ وَفَدُوْا أَنْفُسَهُمْ حُبًّا لِجَمَالِهِ تَشْهَدُ يَا إِلَهِي بِأَنَّهُمْ عِبَادٌ آمَنُوْا بِكَ وَبِآيَاتِكَ وَقَصَدُوْا حَرَمَ لِقَائِكَ وَأَقْبَلُوْا إِلَى وَجْهِكَ وَتَوَجَّهُوْا إِلَى شَطْرِ قُرْبِكَ وَسَلَكُوْا مَنَاهِجَ رِضَائِكَ وَعَبَدُوْكَ بِمَا أَنْتَ أَرَدْتَهُ وَٱنْقَطعُوْا عَمَّنْ سِوَاكَ أَيْ رَبِّ فَأَنْزِلْ عَلَى أَرْوَاحِهِمْ وَأَجْسَادِهِمْ فِي كُلِّ حِينٍ مِنْ بَدَايِعِ رَحْمَتِكَ ٱلْكُبْرَى وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْمُسْتَعَانُ أَيْ رَبِّ أَسْئَلُكَ بِهِ وَبِهِمْ وَبِٱلَّذِي أَقَمْتَهُ عَلَى مَقَامِ أَمْرِكَ وَجَعَلْتَهُ قَيُّومًا عَلَى مَنْ فِي سَمَائِكَ وَأَرْضِكَ بِأَنْ تُطَهِّرَنَا عَنِ ٱلْعِصْيَانِ وَتُقَدِّرَ لَنَا مَقَرَّ صِدْقٍ عِنْدَكَ وَأَلْحِقْنَا بِعِبَادِكَ ٱلَّذِينَ مَا مَنَعَتْهُمْ مَكَارِهُ ٱلدُّنْيا وَشَدَائِدُهَا عَنِ ٱلتَّوَجُّهِ إِلَيْكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ ٱلْمُتَعَالِي ٱلْمُهَيمِنُ ٱلْغَفُوْرُ ٱلرَّحِيمُ وَٱلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ.

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV