فَوَعِزَّتِكَ لَوْ يَجْتَمِعُنَّ عَلَيَّ مَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

مناجاة الصيام (٩) – حضرة بهاءالله – تسبيح وتهليل، الصفحات ٣٧ – ٥٠

قَوْلُهُ تَعَالَى:

فَوَ عِزَّتِكَ لَوْ يَجْتَمِعُنَّ عَلَيَّ مَنْ عَلَى ٱلْأَرْضِ بِٱلْظُّلْمِ وَٱلْإِعْتِسَافِ لَيَنْطِقُ لِسَانِي بَيْنَهُمْ بِذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ وَلَوْ يَقْطَعُوْنَ لِسَانِي يَنْطِقُ قَلْبِي بِمَا أَلْهَمْتَنِي بِجُوْدِكَ وَإِحْسَانِكَ وَلَوْ يَقْطَعُوْنَ قَلْبِي لَيَذْكُرُكَ حَشَائِي وَأَرْكَانِي وَشَعْرِي يَصِيْحُ وَيُنَادِي أَيْ رَبِّ هَذَا بَهَائُكَ بَينَ طُغَاةِ خَلْقِكَ فَٱنْظُرْهُ بِلَحَظاتِ عِنَايَتِكَ أَيْ رَبِّ هَذَا هُوَ ٱلَّذِي كَانَ مَذْكُوْرًا فِي صَحَائِفِكَ وَكُتُبِكَ وَأَلْوَاحِكَ وَهَذَا لَهُوَ ٱلَّذِي نَزَّلْتَ ٱلْبَيَانَ لِعُلُوِّ شَأْنِهِ وَسُمُوِّ قَدْرِهِ وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِهِ وَٱرْتِفَاعِ أَمْرِهِ وَهَذَا لَهُوَ ٱلَّذِي أَصْبَحْتَ بِحُبِّهِ وَأَمْسَيْتَ بِذِكْرِهِ قُلْتَ وَقَوْلُكَ ٱلْأَحْلَى لَوْلَاهُ مَا نَزَّلْتُ ٱلْبَيَانَ وَقُلْتَ وَقَوْلُكَ ٱلْحَقُّ كُلُّ ذِكْرِ خَيرٍ نُزِّلَ فِي ٱلْبَيانِ مَا كَانَ مَقْصُوْدِي إِلَّا نَفْسُهُ وَجَمَالُهُ إِذًا فَٱنْظْرْهُ مَطرُوْحًا بَيْنَ أَيْدِي أَهْلِ ٱلْبَيانِ يَا مُنْزِلَ ٱلْبَيَانِ فَمَا أَحْلَى ذِكْرَكَ نَفْسِي وَذِكْرِي نَفْسَكَ أَنْتَ ٱلَّذِي ٱكْتَفَيتَ بِنَفْسِكَ عَنْ أَنْفُسِ ٱلْخَلَائِقِ كُلِّهَا أَنْتَ ٱلَّذِي أَرَدْتَ فِي ذِكْرِكَ نَفْسِي وَأَنَا ٱلَّذِي مَا أَرَدْتُ فِي ذِكْرِي إِلَّا نَفْسَكَ فَيَا إِلَهِي تَرَى بِأَنَّ قَلْبِي ذَابَ فِي حُبِّكِ عَلَى شَأْنٍ لَوْ يُصُّبُ عَلَيهِ بُحُوْرُ ٱلْعَالَمِينَ لَا يُخْمَدُ أَبَدًا لِأَنَّ كَيْنُوْنَتِي وَنَفْسِي وَرُوْحِي وَجَسَدِي وَجِسْمِي كُلَّهَا قَد خُلِقَتْ بِحُبِّكَ وَحُبُّكَ بَاقِي لَا يُفْنَى وَهَذَا مَقَامُ ٱلَّذِي أَعْطَيْتَنِي وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ أَنْ يتَصَرَّفَ فِيهِ أَبَدًا يَا مَنْ ذِكْرُكَ أَنِيْسِي وَفَرَحُ قَلْبِي وَقَضَائُكَ مُرَادِي وَبَلَائُكَ مُوْنِسِي فَيَا إِلَهِي تَشْهَدُ وَتَرَى إِنَّ ٱلَّذِينَ هَتَكُوْا حُرْمَتَكَ وَضَيَّعُوْا أَمْرَكَ وَنَقَضُوْا عَهْدَكَ وَحَرَّفُوْا آيَاتِكَ وَكَلِمَتِكَ وَنَبَذُوْا أَحْكَامَكَ وَتَرَكُوْا أَوَامِرَكَ وَٱعْتَرَضُوْا عَلَى هَذَا ٱلْعَبْدِ ٱلَّذِي أَنْفَقَ رُوْحَهُ فِي سَبِيلِكَ وَبِهِ ٱشْتَهَرَ أَمْرُكَ وَرُفِعَ ذِكْرُكَ وَلَاحَ وَجْهُكَ وَٱسْتُرْفِعَ فُسْطَاطُ حُكْمِكَ وَخِبَاءُ مَجْدِكَ وَبُنِيَ بَيْتُ أَمْرِكَ وَحَرَمُ قُدْسِكَ وَكَعْبَةُ جَلَالِكَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ يَا إِلَهِي إِفْكَهُمْ وَمُفْتَرِيَّاتِ أَنْفُسِهِمْ وَبَعْدَ مَا ٱرْتَكَبُواْ فِي دِيْنِكَ مَا نَاحَ بِهِ سُكاَّنُ مَدَائِنِ ٱلْبَقَاءِ وَأَهْلُ مَلَأِ ٱلْأَعْلَى كَتَبُواْ بِأَنَامِلِ ٱلْشِّرْكِيَّةِ فِي حَقِّي مَا يَلْعَنُهُمْ بِهِ كُلُّ ٱلذَّرَّاتِ ثُمَّ مَظَاهِرُ ٱلْتَّوْحِيدِ وَمَطَالِعُ ٱلْتَّفْرِيدِ وَمَكَامِنُ وَحْيِكَ وَمَخَازِنُ إِلْهَامِكَ وَبَلَغُواْ فِي ٱلْشِّقْوَةِ إِلَى مَقَامٍ كَتَبُواْ بِأَنَّهُ نَسَخَ ٱلْبَيَانَ بَعْدَ ٱلَّذِي بِنَفْسِي ظَهَرَ حُكْمُ ٱلْبَيانِ وَأَشْرَقَتْ شَمْسُ ٱلْتِّبْيَانِ وَبِذِكْرِي حُقِّقَ ذِكْرُهُ وَبِنَفْسِي فُسِّرَتْ كَلِمَاتُهُ وَكُشِفَتْ أَسْرَارُهُ وَبِقيامِي فُصِّلَتْ حُرُوْفَاتُهُ وَظَهَرَتْ كُنُوْزهُ وَبَرَزَ مَا خُزِنَ فِيهِ مِنْ لَئَالِي عِلْمِكَ وَجَوَاهِرِ عِلْمِكَ فَيَا إِلَهِي أَنْتَ تَعْلَمُ بِأَنَّهُمْ عَرَفُواْ نِعْمَتَكَ ثُمَّ أَنْكَرُوْهَا لِأَنَّكَ أَظْهَرْتَنِي بِحُجَّةِ ٱلَّتِي بِهَا يَدَّعُوْنَ ٱلْإِيمَانَ بِكَ وَبِمَظْهَرِ نَفْسِكَ إِذًا يَا إِلَهِي طَهِّرْ قُلُوْبَهُمْ وَنَوِّرْ أَبْصَارَهُمْ لِيعْرِفُوْكَ بِعَينِكَ وَيَنْقَطعُواْ عَمَّا سِوَيكَ وَلَوْ أَنِّي أُشَاهِدُ هُمْ يَا إِلَهِي أَحْجَبَ مِنْ مِلَلِ ٱلْقَبْلِ بِحَيثُ مَا أَحْصَيْتُ أَشْقَى مِنْهُمْ وَأَبْعَدَ عَنْهُمْ يَقْرَئُوْنَ ٱلْبَيَانَ وَيَكْفُرُوْنَ بِمُنْزِلِهِ وَيَفْتَخِرُوْنَ بِهِ وَيَعْتَرِضُوْنَ عَلَى ٱلَّذِي بِهِ نَزَلَتْ كَلِمَتُكَ وَصَحَائِفُ أَمْرِكَ فِي أَزلِ ٱلْآزالِ فَوَ عِزَّتِكَ يَا إِلَهِي إِنَّهُمْ مَا آمَنُواْ بِكَ وَلَوْ آمَنُوا مَا كَفَرُواْ فِي هَذَا ٱلْظُّهُوْرِ ٱلَّذِي بِهِ غَنَّتْ أَوْرَاقُ سِدْرَةِ ٱلْمُنْتَهَى بِذِكْرِ ٱسْمِكَ ٱلْعَلِيِّ ٱلْأَعْلَى وَفُتِحَتْ أَلْسُنُ كُلِّ ٱلْأَشْياءِ بِثَنَائِكَ يَا رَبَّ ٱلْآخِرَةِ وَٱلْأُوْلَى وَيَشْهَدُ كُلُّ كَلِمَةٍ نَزَلَتْ فِي ٱلْبَيانِ بِأَنَّهُ هُوَ ٱلنَّاظِرُ فِي ٱلْأُفُقِ ٱلْأَبْهَى سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ يَا إِلَهِي تَسْمَعُ ضَجِيجِي وَصَرِيخِي وَمَا يَرِدُ عَلَيَّ فِي كُلِّ ٱلْأَحْيَانِ مِنْ مَظَاهِرِ ٱلشِّيْطَانِ وَمَطَالِعِ ٱلطُّغْيَانِ وَمَعَادِنِ ٱلْحَسَدِ وَٱلْحُسْبَانِ فَٱنْظُرْ يَا مَنْ سَمَّيْتَ نَفْسَكَ بِٱلرَّحْمَنِ هَلْ تَرَى فِي أَرْضِكَ مَظلُوْمًا شِبْهِي أَوْ مَحْزُوْنًا مِثْلِي بَعْدَ ٱلَّذِي بِسُرُوْرِي طَارَ ٱلْعَاشِقُوْنَ إِلَى هَوَاءِ قُرْبِكَ وَٱبْتِهَاجِكَ وَٱسْتَعْرَجَ ٱلْمُشْتَاقُوْنَ إِلَى سَمَاءِ جَذْبِكَ وَعِرْفَانِكَ إِذًا ٱسْتَجَارَ يَا إِلَهِي هَذَا ٱلْمَظلُوْمُ فِي جِوَارِ عَدْلِكَ وَهَذَا ٱلذَّلِيْلُ فِي جُوَارِ عِزِّكَ وَهَذَا ٱلْفَقِيرُ فِي ظِلِّ غَنَائِكَ فَأَنْزِلْ عَلَيْهِ مَا يَنْبَغِي لِشَأْنِكَ وَإِنَّهُ مَا أَرَادَ إِلَّا أَنْتَ وَلَا يُرِيدُ إِلَّا أَنْتَ بِحَوْلِكَ وَقُوَّتِكَ يَا مَالِكَ ٱلْبَهَاءِ وَٱلْنَّاطِقُ فِي صَدْرِ ٱلْبَهَاءِ وَٱلذَّاكِرُ فِي قَلْبِ ٱلْبَهَاءِ فَأَنْزِلْ يَا رَبَّ ٱلْبَهَاءِ عَلَى قُلُوْبِ ٱلْعِبَادِ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَى لِيَقُوْمُنَّ عَنْ رَقْدِ ٱلْهَوَى وَيَتَوَجَّهُنَّ إِلَى ٱلْكَلِمَةِ ٱلْعُلْيَا يَا رَبَّ ٱلْعَرْشِ وَٱلثَّرَى فَيَا إِلَهِي وَسَيِّدِي وَرَجَائِي أَشْهَدُ بِأَنَّكَ كُنْتَ فِي أَزلِ ٱلْآزالِ آلِهًا وَاحِدًا أَحَدًا فَرْدًا صَمَدًا وَتْرًا بَاقِيًا دَائِمًا قَائِمًا قَيُّوْمًا مَا ٱتَّخَذْتَ لِنَفْسِكَ شَبِيهًا وَلَا شَرِيكًا وَلَا نَظِيرًا أَرْسَلْتَ سُفَرَائَكَ إِلَى عِبَادِكَ وَجَعَلْتَهُمْ مَهَابِطَ وَحْيِكَ وَمَخَازِنَ عِلْمِكَ وَأَنْزلْتَ إِلَيهِمْ كُتُبَكَ وَشَرَعْتَ فِيهَا شَرَايِعَ أَمْرِكَ وَأَحْكَامَكَ إِلَى أَنِ اِنْتَهَتِ ٱلْكُتُبُ إِلَى ٱلْبَيانِ وَٱلْرُّسُلُ بِٱلَّذِي سَمَّيتَهُ بِعَلِيٍّ فِي جَبَرُوْتِ ٱلْقَضَاءِ وَمَلَكُوْتِ ٱلْأَسْمَاءِ وَإِنَّهُ أَظْهَرَ نَفْسَهُ بِأَمْرِكَ وَدَعَى ٱلْنَّاسَ إِلَى نَفْسِكَ وَبَشَّرَهُمْ بِٱلَّذِي بَشَّرْتَهُ فِي مُحْكَمِ آيَاتِكَ وَمُتْقَنِ كَلِمَاتِكَ وَبِهِ قَدَّرْتَ مَقَادِيرَ أَمْرِكَ وَأَحْكَامِكَ وَبِهِ فَصَّلْتَ كُلَّ شَيءٍ تَفْصِيلاً مِنْ عِنْدِكَ وَمَنَعْتَ فِيهَاَ ٱلْعِبَاَد عَنْ سَفْكِ دِمَاءِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِكَ وَدَخَلُواْ فِي حِصْنِ أَمْرِك وَحِمَايَتِكَ وَكَذَلِكَ حَرَّمْتَ أَزْوَاجَ رُسُلِكَ عَلَى ٱلْأُمَمِ وَهَذَا مِنْ أَحْكَامِكَ ٱلْمُحْكَمَةِ وَحُدُوْدَاتِكَ ٱلْمُتْقَنَةِ بِحَيثُ نُزِّلَ فِي كُلِّ أَلْوَاحِكَ وَكُتُبِكَ وَزُبُرِك وَمَعَ هَذَا ٱلْحُكْمِ ٱلْمُبِينِ وَٱلْأَمْرِ ٱلْمَتِينِ نَقَضُواْ عَهْدَكَ وَنَكَثُواْ مِيثَاقَكَ وَتَرَكُواْ مَا أُمِرُواْ بِهِ وَأَمَرُواْ مَا نُهُوْا عَنْهُ وَبَلَغُواْ فِي ٱلْغَفْلَةِ إِلَى مَقَامٍ أَخَذَ ٱلْشَّهْوَةُ مِنْهُمْ زِمَامَ ٱلْسَّكِيْنَةِ وَٱلْحَيَا وَخَانُواْ فِي حَرَمِ نَفْسِكَ ٱلْعَلِيِّ ٱلْأَعْلي فَآه آه مِنْ فِعْلِهِ وَمَا ظَهَرَ مِنْهُ تَٱللَّهِ شُقَّ سِتْرُ حِجَابِ حُرْمَتِكَ بَينَ خَلْقِكَ وَنَاحَ رُوْحُ ٱلْأَمِينِ تِلْقَاءَ وَجْهِكَ وَتَذرَّفَتْ عَيْنُ ٱلْبَهَاءِ فِي هَذهِ ٱلْمُصِيبَةِ ٱلْكُبْرَى وَٱلْرَّزيَّةِ ٱلْعُظْمَى وَمَا وَرَد عَلى أَحَدٍ مِنْ سُفَرَائِكَ وَأَصْفِيَائِكَ مَا وَرَد عَلَى مَظْهَرِ أَمْرِكَ ٱلَّذِي جَعَلْتَهُ مَظْهَرَ سَلْطنَتِكَ وَمَطْلَعَ أُلُوْهِيَّتِكَ وَمَشْرِقَ رُبُوْبِيَّتِكَ إِذًا أَنُوْحَ وَيَنُوْحَ كُلُّ ٱلْأَشْيَاءِ عَمَّا خُلِقَ مِنْ كَلِمَتِكَ ٱلْعُلْيَا وَإِنَّكَ يَا إِلَهِي لَمْ تَزَلْ وَلَا تَزَالُ مَا شَرَعْتَ ٱلْشَّرَايِعَ وَمَا وَضَعْتَ ٱلْمَنَاهِجَ إِلَّا لِإِبْقَاءِ ذِكْرِكَ بَينَ خَلْقِكَ وَإِعْزَازِ أَمْرِكَ بَينَ بَرِيَّتِكَ وَإِنَّكَ بِنَفْسِكَ ٱلْحَقِّ كُنْتَ وَتَكُوْنُ مُقَدَّسًا عَنْ عَمَلِ ٱلْعَاملِينَ وَذِكْرِ ٱلْذَّاكِرِينَ وَإِنَّهُمْ يَا إِلَهِي مَا ٱسْتَحْيوْا مِنْكَ وَمَا رَاعَوْا حُرْمَتَكَ فِي مَمْلِكَتِكَ وَإِعْزَازِكَ بَينَ خَلْقِكَ هَلْ مِنْ ذِي بَصَرٍ يُعِينُنِي فِي بُكَائِي وَهَلْ مِنْ ذي قَلْبٍ يَنُوْحُ مَعِي فِيمَا وَرَد عَلَى حَبِيبِي وَمَحْبُوْبِي وَذَاكِرِي وَمَذْكُوْرِي وَهَلْ مِنْ مُنْصِفٍ ينْصِفُ فِيمَا وَرَد عَلَى مَظْهَرِ نَفْسِكَ مِنْ أَغْفَلِ عِبَادِكَ فَوَ عِزَّتِكَ يَا إِلَهِي لَوْ قُتِلْتُ بِأَسْيافِ ٱلْعَالَمِينَ لَكَانَ أَحَبَّ عِنْدِي مِنْ أَنْ أَكُوْنَ مُوْجُودًا وَأَرَى مَا لَا رَأَتْ عَيْنٌ يَا مَنْ بِيَدِكَ مُلْك ٱلْسَّمَوَاتِ وَٱلْأَرَضِينَ وَأَخَذهُ حُبُّ ٱلْرّيَاسَةِ إِلَى مَقَامٍ سَفَك دَمَ ٱلَّذي ٱخْتَصَصْتَهُ بَينَ بَرِيَّتِكَ وَجَعَلْتَهُ مَظْهَرَ أَحَدِيَّتِكَ وَسَمَّيتَهُ بِحَرْفِ ٱلْثَّالِثِ لِمَنْ أَظْهَرْتَهُ بِأَمْرِكَ وَنَزَّلْتَ فِي حَقِّهِ مَا لَا نُزِّلَ فِي حَقِّ أَحَدٍ دُوْنَهُ وَإِذْ سُفِكَ دَمُهُ غَلَبَتِ ٱلْظَّلْمَةُ عَلَى نُوْرِ ٱلْنَّهَارِ وَأَخَذَ ٱلْإِضْطِرَابُ وَٱلْإِضْطِرَارُ كُلَّ مَنْ سَكَنَ فِي ٱلزَّوْرَاءِ وَمَعَ ذَلِكَ مَا ٱسْتَشْعَرُواْ وَمَا تَنَبَّهُواْ وَبَلَغُواْ فِي ٱلْشِّقْوَةِ وَٱلْإِسْتِكْبَارِ إِلَى مَقَامٍ أَرَادُواْ قَتْلَ مَنْ يَذْكُرُوْنَهُ فِي ٱلْلَّيالِي وَٱلْأَنْهَارِ وَإِنَّكَ عَصَمْتَنِي بِقُدْرَتِكَ وَحَفِظْتَنِي بِجُنُوْدِ غَيْبِكَ إِلَى أَنْ خَرَجْتُ عَنْ بَينِهِمْ بِمَشِيَّتِكَ وَقَضَائِكَ فَلَمَّا خَيَّبْتَهُمْ بِسُلْطَانِكَ كَتَبُواْ فِي حَقِّي مَا يلْعَنُهُمْ بِهِ أَقْلَامُهُمْ وَأَنَامِلُهُمْ وَمِدَادُهُمْ وَأَلْوَاحُهُمْ وَحَقَايِقُ كُلِّ شَيءٍ إِذًا يَا إِلَهِي فَٱبْتَعِتْ قُلُوْبًا صَافِيةً وَأَبْصَارًا حَديدةً لِيتَفَرَّسُواْ فِي أَمْرِكَ وَمَا وَرَد عَلَيك آه آه يَبْكِي مِنْ أَفْعَالِهِمْ أَلْواحُ ٱلْبَيانِ وَعَينُ ٱلْمَعَانِي فِي كَلِمَاتِ ٱلْبَيَانِ وَمَعَ ذَلِكَ نَسُواْ نَفْسَهُمْ وَيقُوْلُوْنَ إِنَّ ٱلَّذِي أَظْهَرْتَهُ بِأَمْرِكَ إِنَّهُ نَسَخَ ٱلْبَيَانَ بَعْد ٱلَّذِي أُشْهِدُ كُلَّ ذِي دِرَايَةٍ بِأَنَّ لِنَفْسِي نَزَلَ ٱلْبَيَانُ وَبِظُهُوْرِي حُقِّقَ حُكْمُ ٱلْتِّبْيَانِ وَجَعَلْتَ كُلَّ مَا نَزَلَ فِيهِ هَدِيَّةً لِنَفْسِي وَمُعَلَّقًا بِإِذْنِي وَأَمْرِي فآه آه قَدْ تَكَدَّرَ ذَيْلُ ٱلْتَّقْدِيسِ مِنْ غُبَارِ مُفْتَرِيَّاتِ أَعْدائِك وَتَشَبَّكَتْ أَفْئِدةُ ٱلْمُقَرَّبِينَ بِمَا وَرَد عَلَى مَحْبُوْبِ ٱلْعَارِفِينَ مِنْ طُغَاةِ بَرِيَّتِكَ فَيَا إِلَهِي هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ فِيهِ فَرَضْتَ ٱلْصِّيّامَ لِأَحِبَّائِكَ أَسْئَلُكَ بِنَفْسِكَ وَٱلَّذي صَامَ فِي حُبِّكَ وَرِضَائِكَ لَا لِهَوَيهُ وَبِأَسْمَائِكَ ٱلْحُسْنَى وَصِفَاتِكَ ٱلْعُلْيا بِأَنْ تُطَهِّرَ عِبَادَكَ عَنْ حُبِّ مَا سِوَئكَ وَقَرِّبْهُمْ إِلَى مَطْلَعِ أَنْوَارِ وَجْهِكَ وَمَقَرِّ عَرْشِ أَحَدِيَّتِكَ وَنَوِّرْ قُلُوْبَهُمْ يا إِلَهِي بِأَنْوَارِ مَعْرِفَتِكَ وَوُجُوْهَهُمْ بِضِيَاءِ شَمْسِ ٱلَّتِي أَشْرَقَتْ مِنْ أُفُقِ مَشِيَّتِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْمُسْتَعَانُ ثُمَّ وَفِّقْهُمْ يَا إِلَهِي عَلَى نُصْرَةِ نَفْسِك وَإِعْلَاءِ كَلِمَتِكَ ثُمَّ ٱجْعَلْهُمْ أَيَادِي أَمْرِكَ بَيْنَ عِبَادك ثُمَّ أَظْهِرْ بِهِمْ دِينَكَ وَآثَارَك بَينَ خَلْقِك لِتَمْلَاءَ ٱلْآفَاقَ مِنْ ذكرِكَ وَثَنَائِكَ وَحُجَّتِكَ وَبُرْهَانِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُعْطِي ٱلْمُتَعَالِي ٱلْمُقْتَدِرُ ٱلْمُهَيمِنُ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحْمَنُ سُبْحَانَك يَا إِلَهِي كُلَّمَا أُرِيدُ أَنْ أَنْتَهِي ذِكْرَكَ أُشَاهِدُ أَنَّ حُبِّي لَا يَنْتَهِي فَلَمَّا إِنَّهُ لَا يَنْتَهِي كَيْفَ يَنْتَهِي نِدَائِي وَذِكْرِي وَضَجِيجِي وَحَنِينِي وَإِنَّكَ يَا إِلَهِي قَدَّرْتَ ٱلْمُنَاجَاتَ لِمَنْ فِي حَوْلِي وَجَعَلْتَ ٱلْآيَاتِ بَيِّنَاتٍ لِنَفْسِي وَظُهُوْرَاتٍ لِأَمْرِي وَلَكِنْ إِنِّي أُحِبُّ بِأَنْ أَذكُرَكَ مِنْ قِبَلِ ٱلْعَالَمِينَ وَبِمَا عِنْدَهُمْ مِنْ ذِكْرِكَ وَثَنَائِكَ يَا مَنْ فِي قَبْضَتِكَ مَلَكُوْتُ مُلْكِ ٱلسَّمَوَاتِ وَٱلْأَرَضِينَ أَيْ رَبِّ فَٱنْصُرْنِي بِبَدَايِعِ نَصْرِكَ وَإِنَّ نَصْرَكَ نَفْسِي وَعِنَايَتَكَ إِيَّايَ هُوَ ٱرْتِقَائِي إِلَى ٱلْرَّفِيقِ ٱلْأَعْلَى وَخُرُوْجِي عَنْ بَينِ هَؤُلَاءِ ٱلْأَشْقِياءِ ٱلَّذِينَ مَا كَانَ بَينَهُمْ إِلَّا ضَغِينَةٌ وَبَغْضَاء أَيْ رَبِّ فَاَصْعِدْنِي إِلَيْكَ يَا مَنْ بِحَرَكَةِ قَلَمِكَ خُلِقَ مَلَكُوْتُ ٱلْإِنْشَاءِ وَمَا كَانَ مَقْصُوْدي يَا إِلَهِي فِيمَا نَطَقْتُ بِهِ بَينَ يَدَيْكَ إِلَّا لِيَظْهَرَ عُبُوْدِيَّتِي بَينَ بَرِيَّتِكَ وَيَشْهَدُ كُلٌّ بِأَنِّي أَنَا ٱلسَّائِلُ وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمَسْئُوْلُ وَإِنِّي أَنَا ٱلدَّاعِي وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُجِيبُ وَإِلَّا فَوَ عِزَّتِكَ مُرَادي مَا أَرَدْتَ وَمَقْصُوْدِي مَا قَصَدْتَ وَأَمَلِي مَا قَضَيْتَ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَشِيَّتِي وَمَشِيَّتِكَ إِنَّهُ كَفَرَ بِكَ وَٱتَّخَذَ لَكَ شَرِيكًا فِي مُلْكِكَ وَبِمَشِيَّتِي أَظْهَرْتَ مَشِيَّتَكَ لَوْ لَا هِيَ مَا كَانَتْ هِيَ مُرَادِي فِدَاكَ يَا مُرَادَ ٱلْبَهَاءِ مَقْصُوْدِي فِدَاكَ يَا مَقْصُوْدَ ٱلْبَهَاءِ مَشِيَّتِي فِدَاكَ يَا مُضْرِمَ نَارِ ٱلْبَهَاءِ وَيَا أَيُّهَا ٱلْمُشْتَعِلُ فِي صَدرِ ٱلْبَهَاءِ وَيَا أَيُّهَا ٱلنَّاطِقُ بِلِسَانِ ٱلْبَهَاءِ إِذًا يَقُوْلَ مَحْبُوْبُ ٱلْبَهَاءِ تَٱللَّهِ لَوْلَا ٱلْبَهَاءُ مَا غَرَّدَتْ وَرْقَاءُ ٱلْذِّكْرِ يَا مَلَأَ ٱلْبَغْضَاءِ أَنْ ٱرْحَمُوا ٱلْبَهَاءَ مِنْكُمْ وَمِنْ ظُلْمِكُمُ ٱنْفَطرَتِ ٱلْسَّمَاءُ وَشُقَّ سِتْرُ ٱلْوَفَاءِ وَيَقُوْلُ ٱلْبَهَاءُ رَضِيْتُ بِقَضَائِكَ يَا إِلَهَ ٱلْعَالَمِينَ وَمَقْصُوْدَ ٱلْقَاصِدِينَ وَمَا أَرَدْتُ إِلَّا مَا أَنْتَ أَرَدَتَهُ لِنَفْسِي وَمَا أُرِيدُ إِلَّا مَا أَنْتَ تُرِيدُ فَوَ عِزَّتِكَ إِنِّي أَكُوْنُ خَجِلاً مِنْ بَدَايِعِ فَضْلِكَ وَمَا ٱخْتَصَصْتَنِي بِهِ بَيْنَ بَرِيَّتِكَ بِظُهُوْرِي فَصَّلْتَ بَيْنَ ٱلْمُمْكِنَاتِ وَأَخَذْتَ مِنْهَا جَوَاهِرَ خَلْقِكَ وَسَوَاذِجَ بَرِيَّتِكَ وَأَنْطَقْتَنِي يَا إِلَهِي بِكَلِمَةٍ مِنْ عِنْدِكَ وَجَعَلْتَهَا سَيفًا ذا ظَبَّتَينِ بِقُدَرَتِكَ وَٱقْتِدَارِكَ بِظَبَّةٍ مِنْهَا فَصَّلْتَ وَفَرَّقْتَ عِبَادَكَ وَخَلْقَكَ ٱلَّذِيْنَهُمُ ٱسْتَكبَرُواْ عَلَيْكَ وَتَوَقَّفُوْا فِي أَمْرِكَ ٱلَّذي مَا أَظْهَرْتَ أَمْرًا أَعْظمَ مِنْهُ وَبِظَبَّةٍ أُخْرَى جَمَعْتَ وَوَصَلْتَ وَبَلَّغْتَ وَرَبَطَتَ وَأَلَّفْتَ بَينَ ٱلَّذِينَ أَقْبَلُواْ إِلَى وَجْهِك وَآمَنُواْ بِآيَاتِكَ ٱلْكُبْرَى وَٱنْقَطعُواْ عَمَّا خُلِقَ فِي ٱلْأَرْضِ وَٱلْسَّمَاءِ شَوْقًا لِجَمَالِكَ وَطَلَبًا لِرِضَائِكَ وَإِقْبَالاً لِحَضْرَتِكَ وَإِظْهَارًا لِنِعْمَتِكَ وَإِنَّكَ جَعَلْتَهُمْ أَيَادِي أَمْرِكَ بَينَ بَرِيَّتِكَ وَبِهِمْ أَظْهَرْتَ مَا أَظهَرْتَ مِنْ شُئُوْنَاتِ أَحَدِيَّتِكَ وَظُهُوْرَاتِ فَرْدَانِيَّتِكَ طُوْبَى لِمَنْ أَقْبَلَ إِلَيهِمْ خَالِصًا لِحُبِّكَ وَسَمِعَ مِنْهُمْ آيَاتِكَ وَبَيِّنَاتِكَ ٱلَّتِي عَجَزتْ عَنِ ٱلْإِتْيَانِ بِمِثْلِهَا مَنْ فِي ٱلْسَّمَوَاتِ وَٱلْأَرَضِينَ إِذًا يَا إِلَهِي أَسْئَلُكَ بِكَ وَبِهَذَا ٱلْمَظْلُوْمِ ٱلَّذِي مَا شَهِدَ عَينُ ٱلْإِبْداعِ شِبْهَهُ بِأَنْ تُنْزِلَ مِنْ سَمَاءِ ٱلْإِبْداعِ مَا يَنْبُتُ بِهِ فِي قُلُوْبِ ٱلْمُشْتَاقِينَ نَبَاتُ حُبِّكَ وَعِرْفَانِكَ وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ ٱلْمُهَيمِنُ ٱلْقَيُّوْمُ فَيَا إِلَهِي أَسْئَلُكَ بِذِكْرِ ٱسْمِكَ ٱلْعَلِيِّ ٱلْأَعْلَى بِأَنْ تُشْرِبَ كُلَّ ٱلْعِبَادِ رَحِيْقَ عِنَايَتِكَ وَإِفْضَالِكَ لِيَعْرِفُنَّكَ كُلٌّ بِعُيُوْنِهِمْ وَيَدْخُلُنَّ فِي ظِلِّ سِدْرَةِ ٱلْتَّوْحِيدِ يَا مَنْ بِيَدِكَ مَلَكُوْتُ ٱلتَّقْدِيرِ عَزِيزٌ عَلَيَّ بِأَنْ تَجْعَلَ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ مَحْرُوْمًا عَنْ رَحْمَةِ ٱلَّتِي ٱخْتَصَصْتَهَا بِأَيَّامِكَ فَوَ عِزَّتِكَ أَنَّ عِبَادَكَ أَرَادُوْا ضُرِّي وَٱبْتِلَائِي وَإِنِّي أُرِيْدُ تَقَرُّبَهُمْ إِلَيْكَ وَدُخُوْلَهُمْ فِي جَنَّةِ ٱلْأَبْهَى وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ عَلَى مَا تَشَاءُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَإِنَّكَ أَنْتَ ٱلْمُقْتَدِرُ ٱلْعَالِمُ ٱلْعَزِيزُ ٱلْمَحْبُوْبُ.

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV