هَذِهِ سُوْرَةُ اللّهِ قَدْ نَزَلَتْ بِالحَقِّ مِنْ جَبَرُوتِهِ المُقَدَّسِ العَزِيزِ المُنِيرِ
أن يا عَلِيّ بعد نبيل اسمع نداء ربّك حين الّذي يريد أن يخرج عن بينكم بما اكتسبت أيدي الظّالمين وبذلك غشت الأحزان كلّ الإمكان بحيث منع القلم عن ذكر الأسرار واللّوح عن الإظهار وغمام الفضل عن الأمطار وأشجار الفردوس عن الأثمار إن أنتم من العارفين
قل يا قوم تاللّه الحقّ قد أخذتكم الغشوات على مقام الّذي تخرجون اللّه عن بيته وتذكرون أسمائه في كلّ بكور وأصيل قل عمت عيون الّتي تفتح في الأصباح ولن تقع على جمالي العزيز المنير وصمّت أُذن تسمع الأصوات ولن تسمع نغماتي البديع المليح وبكمت لسان لن يتحرّك باسمي الغالب المقتدر العليم الحكيم وإنّك أنت فكّر في نفسك في مصابي وبما ورد عَلَيَّ تاللّه ما ورد على أحد قبلي ولن يحمله السّموات والأرضين واشتدّت عَلَيَّ الأمور عن كلّ شطر على شأن الّذي رضيت على نفسي ما لا يرضى لنفسه أحد من العالمين
قل يا ملأ البيان أحرّمت ما أحلّ اللّه عليكم أو حلّلت ما حرّم عليكم أو بدّلت حكما عمّا نزّل في ألواح اللّه المقتدر العزيز الكريم وإن كان جرمي ما ينزل عَلَيَّ من آيات اللّه تاللّه هذا لم يكن من عندي بل من لدن عزيز جميل فواللّه لست أنا أوّل من ارتكب هذا الذّنب بل ارتكبوا أكثر الأنبياء ومنهم عَلِيّ قبل نبيل ومن قبله محمّد رسول اللّه ومن قبله المسيح ومن قبله الكليم كلّ تكلّموا بما ألهمهم شديد الرّوح من ملكوت اللّه المهيمن القدير قل تاللّه ما ظهر في الإبداع شبهي وأنا الّذي ما رأت عيون مثلي وأنا المقتدر على ما أشاء وأنا الغفور الرّحيم من أنكر أمري فقد أنكر كلّ الرّسل ومن أعرض عن وجهي فقد أعرض عن وجه اللّه ويشهد بذلك حقايق الممكنات ثمّ ألسن الموجودات ثمّ هذا اللّسان العالم الخبير
قل يا ملأ البيان إنّا كنّا بينكم كأحد منكم وأنتم ما رضيتم بذلك لذا كشفنا حجبا من سبعين ألف حجاب عن وجه الأمر وأنتم أيضا ما رضيتم وإنّا كشفنا أيضا حجبا أخرى إلى أن بلغ الأمر إلى هذا المقام الممتنع الرّفيع وأنتم إن لن ترضوا بذلك ترفع الأحجاب بقوّة من لدنّا وسلطان من عندنا رغما لأنفكم يا معشر المغلّين وكذلك كان سنن المرسلين وسجيّة المخلصين إن أنتم من العارفين وأنتم لمّا أعرضتم عن جماله الأولى في هيكله الأخرى وأنكرتم آياته وكفرتم بنعمته إذا يخرج عن بينكم وحده حين الّذي يكون منقطعا عن كلّ من في السّموات والأرض ويشهد بذلك عملي لو أنتم من المنصفين قل إنّا وجّهنا وجهنا للّذي فطر السّمٰوات والعرش ولن أطلب ناصرا إلّا اللّه العزيز الحميد
قل يا قوم فاعلموا بأنّ ناصري قلبي ثمّ حصني توكّلي ثمّ مونسي جمالي وجندي ذكري وحزبي أهل ملأ العالّين قل تاللّه لمّا وجدنا النّاس عبدة الظّنون والأوهام من دون اللّه لذا اشتغلناهم بهم جزاء أعمالهم لعلّ يتنبّهنّ بذلك خلق آخرين إذا أنت فانصف في نفسك إنّ الّذينهم يتوجّهنّ إلى العدم هل ينبغي بأن يذكرن جمال القدم لا فونفسي الرّحمن الرّحيم لذا قدّس اللّه ذيل ردائه عن وسخ الإنكار من هؤلاء الأشرار وطهّره عن الأسماء والصّفات في السّرّ والإجهار ولكنّ النّاس ما التفتوا بذلك ويكوننّ من الغافلين
وإنّك أنت يا عليّ فاغمض عيناك عن مثل هؤلاء ثمّ حوّل النّظر عن كلّ من في السّموات والأرض ثمّ ذكّر النّاس بما يلهمك الرّوح في كلّ حين تاللّه لو تخلص نفسك عن الدّنيا وعن الّذين تجد منهم روائح الكفر إذا تجد نفسك في مقام الّذي لن يطيّر إليه أفئدة المقرّبين وتجد نفسك أعلم من كلّ ذي علم كامل حكيم إذا فاخرق الأستار باسمي المختار ولا تلتفت إلى الفجّار ثمّ اشرب تسنيم الأبرار من هذه الكأس المشعشع النّوّار ولا تخف من شيء فتوكّل على اسمي الغفّار العزيز الكريم دع الملك لطالبه ثمّ اخرج عن سجن الآمال ثمّ اقنع بحبّي وإنّه خير عن كنوز السّموات والأرض وعن كلّ ما كان وما يكون وإنّ هذا من أمري عليك ونصحي على المقدّسين تجنّب بقوّة الرّحمٰن عن الثّعبان الّذي خزن في قلبه ضغن المنّان ثمّ أعرض عنه ولو يقرء عليك كلّ ما نزل في صحائف القدس أو يتمسّك بألواح عزّ مبين
تاللّه يا عَلِيّ إنّا سمعنا بسمعنا عن خلف الجدار من الّذينهم سكنوا في البيت واستجاروا مقام الّذي كان أن يطوف حوله أهل الفردوس ثمّ أهل حجبات القدس ثمّ ملئكة المسبّحين تاللّه ما لا سمع أُذن أحد من الممكنات ومع ذلك سترنا الأمر على شأن الّذي ظنّوا في أنفسهم بأنّ اللّه كان غافلا عنهم قل بئس ما ظننتم إنّه يعلم غيب السّموات والأرض وإنّه بكلّ شيء عليم وكذلك كنت معذّبا بين هؤلاء وعن ورائهم كان غضف الغلّ عن ورائي ودياجن البغض عن يميني وكان اللّه على ما أقول شهيد إلى أن بلغ الأمر إلى هذه الأيّام الّتي فيها يريد أن يستر جمال القدس من سندس الأنس وينقطع عن كلّ إناث وذكور وعن كلّ صغير وكبير إلّا اللّواتي جعلني اللّه كفيلهنّ في الحيوة الدّنيا إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ عنده في لوح حفيظ ولكن فاعلم بأنّ علّة الخروج لم يكن ما ذكرناه لك في هذا اللّوح المنير بل إنّا وجدنا نفسنا رئيسا في الأرض وراعيا لهؤلاء لذا تركناه لمن يريد ومن قبل لمّا لم يكن بين النّاس من أحد وكانت الشّدائد والخوف والقتل لذا أظهرنا نفسنا بين السّموات والأرض وأشرقنا في قطب الآفاق بسلطان مبين إذا لمّا وجدنا الأرض ساكنا لذا عزلنا نفسنا وأودعناه لقوم آخرين فوعمري إنّ المحكوم أفضل من ألف حاكم والمرئوس أعلى من ألف رئيس والمظلوم خير من مدينة الظّالمين وإنّك فاقتد بحبيبك في ذلك ثمّ انقطع عن كلّ شيء ثمّ اخرج عن خلف حجبات الصّمت ثمّ انطق بالحقّ على لحني البديع المنيع ثمّ طير في ملكوت الانقطاع بجناحي المقدّس المتعالي الطّيّار اللّطيف الرّفيع