سورة الأمين قد نزّلت من لدى العزيز الحكيم
هذا كتاب من لدى اللّه المهيمن القيّوم إلى الّذي منه ظهرت استقامة الكبرى في يوم فيه اضطربت أفئدة أولي النُّهى وانصعقت الأرواح والعقول * طوبى لك بما نبذت الورى عن وراك ونطقت بالحقّ إذ أحاطك المشركون قد وفيت بميثاق اللّه وعهده وادّيت ما ينبغي لك إنّك معي في سرادق الأبهى إنّ ربّك له والعزيز الودود * وينبغي لأهل العراق أن يفتخروا بك سوف يفتخرون ولكنّ اليوم لا يفقهون * لا يحزنك قول الّذينهم كفروا باللّه أولئك قوم لا يشعرون * قد قدّر لك مقام محمود سوف ترى ما عند ربّك باقيا والنّاس كلّهم ميّتين * أيحسبون أنّهم على أمر! وهل يظنّون أنّهم محسنون؟ لا وربّك الرّحمن ولكنّ اليوم لا يعلمون * قل فانصفوا يا قوم هل يقدر أحد من علمائكم أن يستنّ مع فارس المعاني في مضمار الحكمة والبيان أو يركض طرف طرفه في ميدان المكاشفة والشّهود عند تجلّي آية الرّحمن لا وربّك العزيز الغفور * يا قوم أن أمسكوا أقلامكم قد ارتفع نداء سرير القلم الأعظم من لدن مالك القدم ثمّ انصتوا وقد ارتفع نداء اللّه الأبهى في برّيّة الهدى إنّه لا إله إلّا أنا المهيمن القيّوم *
أن يا أمين قد بلّغت ما أمرناك في المنام وأخبرناك به في اللّوح إنّ ربّك له والحقّ علاّم الغيوب * قل يا ملأ الفرقان قد بكى محمّد رسول اللّه من ظلمكم أنتم الّذين اتّبعهم الهوى وأعرضتم عن الهدى سوف ترون ما فعلتم إنّ ربّي لبالمرصاد * وأفتيتم على من آمن باللّه في يوم الّذي فيه اسودّت الوجوه وسكرت الأبصار * أما سمعتم صوت الصّارخ الّذي نادى بين السّموات والأرض وبشّركم بهذا الظّهور الّذي منه أضائت الآفاق أنتم أعرضتم عنه كما أعرض الّذين قبلكم إذ أشرقت شمس العلم من أفق الحجاز قد أخذهم اللّه بذنبهم وتركهم آية لأولي الألباب * هل يظنّ رئيسهم أنّه هادي القوم؟ لا وربّ الأرباب سحقا لهم بما كفروا باللّه ونقضوا الميثاق * بظلمهم ناح روح القدس وصاح الرّعد وبكت السّحاب قل خافوا عن اللّه ولا تستكبروا على الّذي خلقكم بأمر من عنده أن ارجعوا إليه إنّه له والعزيز التّواب * قل أتفرحون بما ورد علينا من البلايا؟ تاللّه إنّا قبلناه في سبيل الله ومن تحت السّيف ندع العباد إلى مالك يوم المعاد لم يمنعنا من على الأرض عمّا أمرنا به من لدن ربّك المقتدر المختار * هل تمنعنا سطوة الخلق؟ لا ونفسي الحقّ ول ويعترض علينا كلّ ذي قدرة وسلطان أن اسمعوا قول من ينصحكم لوجه اللّه إن سمعتم لأنفسكم وإن أعرضتم إنّه له والغنيّ المتعال *
أن يا قلم الأعلى نبئ الأمين نبأ المهتاض إذ أخذته سكرة الموت وأحاطته ملئكة غلاظ ناديَه ملك عن يمين العرش: يا فؤاد هؤلاء ملئكة شداد * هل ترى لنفسك من مناص؟ قيل لا وربّ الإيجاد إلّا النّار الّتي منها يغلي الفؤاد * إنّه هو الّذي حكم علينا في هذه الكرّة إنّ ربّك له والعزيز العلاّم قد أخذناه كما أخذنا من قبله الأحزاب إنّه قويّ إذا أرادوا إنّه لشديد العقاب * كم من البيوت تركناها للعنكبوت وكم من الملوك أنزلناهم من القصور إلى القبور وجعلناهم عبرة لأولي الأنظار * ثمّ اعلم قد أخذنا قبضة من التّراب وعجّناه بمياه القدرة والإقتدار ونفخنا فيه روح الإطمينان وإذا كبر أشدّه أرسلناه إلى رئيس الظّالمين بكتاب منير * وفيه بلّغنا الملكين ما أراد ربّك العزيز الحكيم * قل إنّه لآية أخرى من لدى اللّه مالك الأسماء قد بعثناها بالحقّ وأرسلناها بسلطان مبين * إنّا قوّينا قلبه بكلمة من عندنا على شأن ل وأمرناه ليقابل من في السّموات والأرض إنّ ربّك له والمقتدر القدير ليعلما انّه لم يخوّفنا سطوتهم ولا من في السّموات والأرضين * إنّك كن كما كان موليك ولكن نأمرك بالحكمة قبل البيان إنّ ربّك له والغفور الرّحيم * كذلك صرّفنا الآيات ونزّلناها بالحقّ وأرسلناها إليك لتباهي بها بين العالمين * سوف يرفعك اللّه بالحقّ ويخذل الّذين كفروا بآياته أن اطمئن وقل أن الحمد لك يا إلٓه العالمين *