سورة الأصحاب (لوح حبيب)

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

سورة الأصحاب (لوح حبيب) – حضرة بهاءالله – آثار قلم اعلى، ١٥٩ بديع، جلد ٤، الصفحات ٣٤٠ – ٣٥٩

إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا الرّحمن الرّحيم إنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا السّلطان العظيم إنّي أنا الّذي خلقت الموجودات بأمري وذرئت الممكنات جودا من عندي وأنا المقتدر على ما أشاء وأنا العليم الحكيم وبأمري أشرقت الشّمس عن أفق السّماء وغنّت عندليب القدس بأنّ هذا لجمال اللّه في ناسوت البَدَاء وظهور اللّه في ملكوت العُلى وبطون اللّه فى جبروت البقاء وساذج القدم فى هذا القمص المنير البيضاء كذلك كنت من أوّل كلّ أوّل إلها فردا أحدا وترا صمدا باقيا دائما حيّا مريدا مقتدرا عزيزا قيّوما وأكون سلطانا ملكا حكما عالما قادرا أزلا أبدا حيّا دائما كائنا معبودا.

﴿ بسم الله البهيّ الأبهى الأبهى ﴾

ح ب اسمع نداء اللّه عن جهة العرش بآيات مهيمن مقدم عظيم لعلّ تقلّب بكلّك إلى موليك وتصح بسلطان الأمر بين السّموات والأرضين ولتكون قادرا بنفسك بحيث لو يجادلك كلّ من على الأرض بأسياف شاحذ حديد إنّك تقابلهم ولن تخاف منهم وتستغني عنهم باسمي الغنيّ القادر المقتدر القدير. وإنّك أنت تعلم ما ورد علينا بما اطّلعت في سفرك بما لا ‌اطّلع أحد من العالمين. لأنّ لم يكن عندنا حين الّذي هاجرنا إلى اللّه المهيمن العزيز القدير من ذي بصر إلّا أنت لذا التفتت وعرفت ما لا عرفه أحد من هؤلاء المدّعين وهذا من خمر الّذي اختصّك اللّه بها فاشرب في نفسك سِرًّا لئلّا يطّلع بها أحد من هؤلاء الغافلين. ثمّ اشكر اللّه بما عرّفك ما لا عرفه أحد من الخلائق أجمعين. وأَخَذَ يدك بأيدي القدرة ونجّاك عن بئر الغفلة وإنّه ما من إلهٍ إلّا هو وإنّه لوليّ المقرّبين. تاللّه الحقّ لم يكن كأس السّرور أحسن عمّا قدّرناها لك إِذًا فاشرب عنها ثمّ استقم على الأمر و‌لا تكن من الخائفين. ثمّ انظر بطرف الطّرف إلى الّذينهم يدّعون بأنّا ‌آمنّا بآيات اللّه المهيمن العزيز القدير. فإذا نزلت مَرَّةً أُخرى باسمه العليّ المقتدر العظيم إِذًا فَرُّوا عنه ثمّ استكبروا عليه و‌كانوا أشدّ نِفَاقًا من أُمم القبل إن أنت من العارفين. قل تاللّه الحقّ قد حملنا ما لا حمله الجبال و‌لا السّموات و‌ما فيها و‌لا الأرض و‌ما عليها و‌لا حوامل عرش عظيم. قل تاللّه لن تطيقه الأمواج و‌لا الأبحار و‌لا الأشجار و‌لا الأثمار و‌لا ما كان و‌لا ما يكون و‌لا جنود الغيب من ملأ العالّين. قل تاللّه إِذًا قد يبكي عيون العظمة ثمّ عيون أهل البقاء ثمّ أهل جنّة الخلد في غرفات الحمراء ثمّ أهل سفائن الكبرياء خلف لجج المقدّسين.

أن يا حبيب فسوف تجد استدلال المعرضين بما استدلّوا به أُولوا الفرقان من قبل بل أدنى من ذلك و‌كفى اللّه على بذلك لشهيد و‌خبير. فسوف تسمع منهم ما لا سمع عن علماء الفرقان و‌لا من جهلائهم و‌لا من الّذينهم يكنّسون الأسواق تاللّه الحقّ إنّ هذا لظلمٌ عظيم. قل تاللّه إنّ هذا لهو الّذي ظهر من قبل وإنّ ما دوني قد خلق بأمري إن أنتم من الشّاهدين. قل هل تستكبرون بالّذي به ظهرت أسمائكم و‌علت رتبتكم تاللّه هذا بغي منكم على اللّه المهيمن العزيز العليم. أَمَا رأيتم سلطنة اللّه و‌قدرته ثمّ عظمة اللّه و‌كبريائه ثمّ سطوة اللّه وإجلاله. عمت أبصاركم يا ملأ المغلّين هل كان من ذي روحٍ ليقول لِمَ أو بِمَ أو ينطق بين يدينا لا فونفسي العزيز العليم. ذلّت كلّ الرّقاب لوجهي العزيز الجميل و‌خضعت كلّ الأعناق لسلطاني العزيز الجميل وخضعت كلّ الأعناق لسلطاني العزيز المنيع. قد كُنِزَ في هذا الغلام من لحن لو يظهر أقلّ من سمّ الإبرة لتندكّ الجبال و‌تصفّر الأوراق و‌تسقط الأثمار من الأشجار و‌تخرّ الأذقان و‌تتوجّه الوجوه لهذا الملك الّذي تجده على هيكل النّار في هيئة النّور و‌مرّة تشهده على هيئة الأمواج في هذا البحر الموّاج و‌مرّةً تشهده كالشّجرة الّتي أصلها ثابت في أرض الكبرياء و‌ارتفعت أغصانها ثمّ افنانها إلى مقام الّذي صعدت عن وراء عرش عظيم. مرّة تجده على هيكل المحبوب في هذا القميص الّذي لن يعرفه أحد من الخلائق أجمعين. و‌لو يريدون عرفانه إِذًا ينصعقون في أرواحهم إلّا من أتى ربّه بقلب سليم. وكذلك ينادي المناد عن يميني ثمّ ينطق النّاطق عن شمالي ثمّ يصح الصّائح عن ورائي والرّوي عن أمامي و‌يتكلّم لسان اللّه عن فوق رأسي بأنّ تاللّه إنّ هذا لهو المقصود من أوّل الّذي لا أوّل له وإنّ هذا لَوَجه الّذي اليه توجّهت كلّ الوجوه و‌لو‌هم حينئذ لا يكوننّ من الشّاعرين. تاللّه الحقّ من ينكر هذا الفضل الظّاهر الباهر المتعالي المنير ينبغي له بأن يسئل من أمّه حاله فسوف يرجع إلى أسفل الحجيم. قل هل تحسبون في أنفسكم بأنّكم لو تكفرون بهذه الآيات هل يصدق عليكم الإيمان بأحد من رسل اللّه أو بِعَلِيٍّ مِنْ قَبْلُ لا فوربّ العالمين. تاللّه الحقّ إِذًا يكذّبكم كلّ الذّرّات ومن ورائها لسان القدرة ثمّ لسان القوّة ثمّ لسان العزّة ثمّ لسان العظمة ثمّ لسان اللّه المقتدر العزيز الحكيم.

أن يا حبيب خذ ذيل السّتر بأنامل القدرة ثمّ أرفعه أقلّ عمّا يحصى إن سمعت ضوضاء المغلّين خذ أناملك و‌دعه على ما كان و‌كن في ستر جميل. ثمّ اصبر واصطبر ثمّ قرّب أصابع القوّة ثمّ اكشف به حجبات الممكنات أزيد عمّا كشفتها من قبل و‌إن ارتفع عوي المشركين ضعها ثمّ انهزم عن السّباع و‌كن في حفظ منيع. ثمّ اسكن بوقار اللّه و‌سكينته ثمّ أشدد ظهرك لخدمة اللّه ثمّ توجّه إليه بسلطان مبين. ثمّ انقطع عن كلّ من في السّموات و‌الأرض و‌عن مثل هؤلاء المشركين. ثمّ اخرج أنامل القدرة والقوّة عن جيب الّذي أعطيناك قبل خلق كلّ شيء حين الّذي كان الآدم بين الماء و‌الطّين. ثمّ اخرق سبحات القوم بسلطان الّذي به انشقّت كلّ الأستار و‌الحجاب عن كلّ شيء و‌كن على استقامة بديع. ليمحو بذلك إشارات المعرضين و‌سبحات الّذينهم اتّكاؤا عليها من دون أمر من لدنّا إن أنت من العاملين.

أن يا خليل كسّر الأصنام و‌لا تحزن عمّا يرد عليك و‌لا تخف من جنود الشّياطين. قل يا ملأ المنكرين إنّا ما نخاف منكم أنتم ان تموتوا أو تنصعقوا أو تنعدموا لن يرد أمر اللّه و‌قد ظهر بالحقّ رغما لأنفكم و‌أنفس المشركين و‌كلّ ما سترنا الأمر عنكم مرّة و‌كشفنا مرّة هذا من فضلنا عليكم و‌على العالمين. لأنّ النّاس بعضهم في رخوة و‌ضعف لن يستطيعنّ أن يشهدنّ أنوار الشّمس لرمد الّذي كان في عيونهم لذا دارينا معهم لئلاّ يكوننّ من الهالكين قل تاللّه لن ينفعكم اليمين و‌لا الشّمال و‌لا الجواب و‌لا السّؤال إن أنتم من الموقنين. قل فكّروا في أنفسكم حين الّذي أتى عَلِيّ بالحقّ عن مصر الرّوح بآيات اللّه العزيز القدير. هل نفع أحدا من أهل الفرقان ما عندهم لا فوربّك الرّحمن. كذلك فانظر في البيان إن أنت من النّاظرين. فوعمري ما نفعهم شيء عمّا عندهم لا سؤال أحد و‌لا جواب نفس و‌يعرف ذلك كلّ ذي ذكاء بصير. قل تاللّه قد ظهر ما لا ظهر من قبل و‌يأمركم بما أمرتم به في كتاب اللّه القادر العزيز العليم وكلّما عندكم قد خلق بقولي إن أنتم من العارفين قل اليوم لن يغني أحد إلّا بأن يفتقر بين يدي اللّه هذا المقام المقدّس المنير. ولن يذكر شيء إلّا بأن ينسى نفسه وما في الملكوت الأمر و‌الخلق فكيف ما خلق بين السّموات و‌الأرضين. قل أما سمعتم من قبل بأنّ دليله آياته و‌وجوده إثباته فويل لكم يا معشر الغافلين. تاللّه الحقّ لو يكشف الحجاب عن وجه الأمر أقلّ عمّا يحصيه أحد من العارفين ليرفع نداء أهل ملأ الأعلى ثمّ صياح أهل ميادين البقاء ثمّ لحن القدس عن مكمن الكبرياء بأنّ ما هذا بشرا في الملك إنّ هذا إلّا سلطان مقتدر عزيز بديع. كذلك تمّت حجّة اللّه و‌لكنّ النّاس في سكر من الغفلة بحيث لن يعرفوا الشّمال عن اليمين. هل بعد ظهور اللّه ينفع أحدا شيء عمّا في السّموات و‌الأرض لا فو ربّ العالمين.

أنت يا حبيب غنّ و‌رنّ و‌كفّ و‌دفّ في جبروت البقاء ثمّ في الملكوت العماء و‌لا ‌‌تلتفت إلى شيء إلّا جمالي المشرق المنير. كذلك ألقيناك ما يستغني بحرف منه كلّ من في السّموات و‌الأرضين لو يستقيمنّ على حبّهم موليٰهم العزيز الكريم و‌الرّوح عليك و‌على العارفين.

ثمّ ذكّر الجواد بما يذكره حينئذ قلم الأمر من ذكر الّذي به ارتفع خباء القدس و‌استقرّ الشّمس على عرش مجد عظيم. ثمّ اشربه من كأس الّتي أعطيناك ليطمئنّ بها قلبه ويكون من الشّاكرين. قل إنّا أريناك في المنام ما يطمئنّ به نفسك و‌روحك إن أنت من العالمين. عبّر رؤياك بما عبّر اللّه ثمّ عبّر عن الصّراط كمّر السّحاب و‌لا ‌تلتفت إلى أحد من المشركين. من لن تجد في قلبه حبّي فرّ عنه و‌تجنّب منه و‌كن في بعد عظيم. و‌إن يخالفك في ذلك نفسك فانقطع عنها و‌كن في إيقان منيع. قل تاللّه لم يكن الميزان إلّا حبّي وإنّ هذا ‌لرحمة على المقرّبين و‌نقمة و‌سياط على المشركين.

ثمّ ذكّر الرّحيم ببشارات اللّه العليّ المقتدر الحكيم. قل إنّك قد حضرت بين يدي اللّه وما عرفته وكنت من الغافلين. إِذًا فاسئل اللّه بأن يؤيّدك على عرفانه و‌يعرّفك مظهر ذاته ويخرجك عن هؤلاء المتوهّمين. أنت يا رحيم تجنّب عن مثل هؤلاء ولا تجانس معهم ولا مع أحد من المغلّين توجّه إلى أُفق الرّوح بقلبك ثمّ انقطع عن العالمين كذلك علّمناك ما يغنيك عن الخلائق أجمعين. و‌قد حضر بين يدينا ما أرسلته وقبلناه رحمة من لدنّا عليك لتكون من الشّاكرين.

ثمّ ذكر الزّمان بما يذكر الرّوح حينئذ من آيات ربّه ليسرّ في نفسه و‌يكون من المتّقين حين الّذي يخرجون أكثر النّاس عن ميادين التّقى بحيث يعرضون عن الّذي آمنوا به و‌كذلك يذكرهم الرّوح لئلاّ يكوننّ من المعرضين. قل يا عبد فاقرء ما نزّلناه عليك من قبل ثمّ استنشق عن مداده روائح المسك من غداير اللّه المهيمن العزيز. ثمّ اعمل بما فيه تاللّه به قرّت عيون أهل جنّة الفردوس ثمّ أهل جنّة القدس إن أنتم من العارفين.

ثمّ ذكّر الّذي سُمِّي بأكبر بعد عليّ ثمّ بشّره بما يبشّر الرّوح في هذا الصّدر الممرّد المنير الحميد. قل يا عبد قد أرسلنا إليك من قبل ما لا يعادل بحرف منه ما خلق بين السّموات و‌الأرضين. فاحفظه ثمّ اقرئه في أحيان الّتي تجد نفسك فارغا عن كلّ من في الأرض ليجذبك إلى مقرّ القدس مقعد عزّ منير. و‌قد حضر بين يدينا ما أرسلته من قبل فسوف يجزيك اللّه بأحسن ما عنده و‌إنّه هو وليّ المحسنين. ثمّ اعلم بأنّ اللّه ما يقبل من عباده هذا من فضله على بريّته وإنّه لغنيّ عن العالمين. إيّاك أن لا تعاشر مع الّذين تجد في قلوبهم ضغن من هذا الغلام ثمّ تجنّب عن مثل هؤلاء ولا تكن من المعاشرين. فاكف باللّه ربّك فانّه يغنيك عمّا سواه إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق و‌الأمر كلّ عنده في لوح حفيظ.

ثمّ ذكّر العليّ في القاف بما يأمرك ذات القدم في حين الّذي يطوفنّ في حوله كلّ من في لجج البقاء و‌كلّ ما كان و‌ما يكون إن أنتم من العارفين. قل يا عبد فاستقم لأمر اللّه و‌لا تخف من أحد فتوكّل على جمالي المشرق المقدّس المنير. وإن يخالفك في ذلك ذاتك فانقطع عنها و‌لا تكن من الصّابرين.

ثمّ ذكّر الحسن من لدنّا ليفرح بما رشح بإسمه هذا المداد المسكيّة البديعة المنيعة الأحديّة الأبديّة القدميّة البديع اللّميع. قل يا عبد فاعمل بما أُمرت به لوح المحفوظ الّذي أرسلناه إليك و‌لا تكن من السّاكتين. عرّج بروحك إلى معارج القدس و‌لا تخف من أحد فتوكّل على اللّه العزيز القدير. قل تاللّه الحقّ قد رجع المعراج بأسره لو أنتم من النّاظرين.

ثمّ ذكّر ابن النّبيل من عندنا إن تجد في وجهه نضرة النّعيم. قل يا عبد لا توقّف في هذا الأمر ولا تتّبع أحدا في ذلك ثمّ انظر بطرف البدء في حجج المرسلين. تاللّه الحقّ قد ظهر الّذي ظهر في سنة السّتّين وهذه من حجّته قد ملئت الخافقين. وإنّ أبيك لمّا توقّف في ذلك الأمر لذا ما فاز بما أراد و‌انقطعه اللّهُ عمّا عنده و‌رجعه إلى التّراب بحسرة عظيم وما فعل اللّه ذلك إلّا لتنبّهكم وأنتم ما استشعرتم في ذلك و‌كنتم من الغافلين و‌لكنّ اللّه غفر عنه جريراته و‌كفّر عنه سيّئاته و‌إنّه يغفر من يشاء و‌يعذّب من يشاء ان الحكم إلّا من عنده يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد. قل يا عبد فارحم على نفسك و‌لا تجادل بآيات اللّه و‌لا تكن من المشركين. قل تاللّه لو نكشف القناع عن وجه الأمر لتقطّعوا أبدانكم و‌لكن سترنا الأمر بما قدّر في الألواح من قلم اللّه المقدر العليم. وإنّك يا حبيب إن لن تجد منه روايح الحبّ فانقطع عنه و‌لا ‌تلتفت إليه و‌توجّه إلى وجه ربّك العزيز البديع.

ثمّ كبّر في وجه إسمعيل الّذي تدندن حول النّار بربوات الّتي تستجذب عنها قلوب الموحّدين. قل يا عبد عرّ نفسك عن كلّ الحجبات ثمّ ادخل في النّار وإنّها نورٌ ورحمةٌ لك و‌للمخلصين ثمّ كسّر أصنام النّفس و‌الهوى من الّذينهم كفروا و‌أشركوا بعد الّذي يدعون في أنفسهم الإيمان باللّه المقتدر العزيز الرّحيم. قل تاللّه إنّ لسانكم يلعنكم وأركانكم تبرء منكم يا معشر الغافلين. قل يا عبد بلّغ أمر مولاك و‌‌لا تحزن عن شيء و‌لا تسلك سبل المتوهّمين.

قل يا ملأ البيان تاللّه قد ظهر عَلِيّ في قميص أُخرى وإنّه قد سُمِّي في ملكوت الأسماء بالحسين و‌في جبروت البقاء بالبهاء و‌في لاهوت العماء بهذا الإسم الّذي ظهر على هيكل الغلام فتبارك اللّه أحسن الخالقين.

قل يا معشر البشر تاللّه الحقّ قد ظهر مظهر القدر في هذا المنظر الأكبر بطراز الّذي تحيّرت عنه أفئدة كلّ ذي ذكاء و‌نظر.

قل يا ملأ المشركين بأيّ جهة تفرّون باللّه لم يكن لأحد مفرّ إلّا بأن ينقطع عمّا عنده و‌يتمسّك بهذا الحبل الدّرّيّ الأنور. قل تاللّه إنّه لآية الكبرى بينكم و‌جمال اللّه فيكم وإنّه لسرّ مستتر. وإنّه لقهر اللّه على المشركين إنّ قهره أدهى و‌أمرّ. قل به يعذب اللّه الّذينهم كذبوا بآيات اللّه ثمّ بالقدر. قل ففرّوا إلى اللّه ربّكم و‌لا تشركوا به وإنّ إِلَيَّ المستقرّ. قل إنّا لو نريد لننشأ خلقا آخر وإنّا كنّا على كلّ شيء لقادر مقتدر. كلّ شيء في قبضة قدرتنا و‌يعرف ذلك كلّ ذي علم و‌فكر. قل يا قوم إن تكفروا بهذه الآيات فبأيّ حديث آمنتم بِعَلِيٍّ من قبل فتبيّنوا يا ملأ الحمر. قل لن يغنيكم اليوم شيء إلّا بأن تؤمنوا بالّذي كنتم به من قبل ثمّ بما نزل من عنده من الألواح والزّبر. فَالْقِ يا مُنِيب على ذلك العبد ما ألقى عليك هذا القلم المشتهر ليستقيم في نفسه بحيث لا يسدّه إعراض كلّ معرض و‌لا منع الّذي بغى على اللّه ثمّ كفر.

ثمّ ذكّر من عندنا الحبيب الّذي سافر إلى اللّه و‌حضر بين يديه و‌سمع نغماته و‌كان من أهل النّظر. قل طوبى لعيناك و‌لآذانك إن تعرف مقدارهما بما سمعا و‌رأى ما لا ‌‌رأت عيون الّذين أقبلوا إلى اللّه ثم أدبر وأعرضوا عمّا أشرق عن مشرق القدس بهذا الجمال المشرق المقدّس الأطهر. وإنّك أنت يا عبد لا تحزن حين الّذي يرتفع زماجير المشركين إيّاك أن لا تضطرب و‌لا تكن من أهل الفرر. قل تاللّه قد ظهر صور الأكبر في هذا النّاقور الّذي نطق بالحقّ ثمّ نقر. و‌ينطق بأعلى الصّوت بين السّموات و‌الأرض بأنّ إِلَيَّ المستقرّ. و‌يا قوم لا تفتروا على اللّه بارئكم و‌لا تجاحدوا بعد الّذي كشف النّقاب ثمّ ظهر. إيّاكم أن لا تشتغلوا بالدّنيا و‌لا يمنعكم شيء عن الورود في هذا الطّمطام اللّجّي الأغمر. إنّ الّذينهم آمنوا باللّه و‌آياته أُولئك صعدوا إلى اللّه و‌يتوارثون جنّات و‌نهر. و‌الّذينهم كفروا وأشركوا أُولئك يصلون في نار وسقر. و‌من وراء ذلك يأخذهم اللّه بقهر من عنده و‌يجعلهم كهشيم محتظر. كذلك قدّر اللّه ذنوبَهم جزاء ذنوبِهم فويلٌ لهم و‌لمن مكر و‌غدر. و‌نعيم لمن رضى برضاء ربّه و‌إذا تلى عليه آيات ربّه آمن و‌شكر.

ثمّ ذكّر الرّحيم بعد العبد بما أذكرناه في اللّوح لعلّ يتقرّب بذاته إلى شاطي القدس ويكون من أصحاب الفكر الّذين يتدبّرون في أمر اللّه و‌يتّبعون ما نزّل من عنده من حكمٍ و‌نذر. قل يا عبد فَالْقِ كلّ ما يمنعك عن الورود في حرم الكبريا وإنّ هذا خيرٌ لك عن كلّ ما خلق وقدّر. وكن صائحا بين السّموات و‌الأرض لتكون من الّذينهم جاهدوا في سبل اللّه ثمّ نصر. قل إنّا خلقنا السّموات و‌الأرض لأمرنا تاللّه إنّ هذا لأمرنا قد ظهر بالحقّ ولا يعرفه إلّا كلّ ذي فطن و‌عبر. كذلك ألهمناك و‌ألقيناك لتتّبع بما أُمرت في اللّوح و‌تكون من أصحاب النّظر.

ثمّ ذكّر الهاء في آخر الأسماء بما تنطق حمامة القدس لعلّ يستجذب من نغماتها وإنّا أذكرناه في الانتها ليصعد إلى سدرة المنتهى و‌يستظلّ في ظلالها. قل تاللّه قد غشت السّدرة كلّ من في السّموات و‌الأرض فطوبى لمن سكن في جوارها. قل‌ قد أشرقت الشّمس عن أُفق القدس و‌استضاء منها أهل ملأ الأعلى فطوبى لمن أضاء بضيائها. قل قد تضوّعت من تلال القدس عرف المسك و‌استعطرت منها هياكل القدم فهنيئا لمن تعطّر من نفحاتها. و‌قد لاح قمر الأمر في وسط السّماء و‌ظهر على هيئة البدرا بزهر البيضا وأنتم يا ملأ القرب فاستبهوا ببهائها. قل قد استقرّ العرش خلف خباء العظمة و‌في حوله يدورنّ قاصرات الجمال بكاؤس الحيوان فطوبى لمن فاز برشحاتها. قل قد كشف الجمال حوريّة الخلد بلحاظ فاتك الحشا فطوبى لمن يرى بلحاظها. قل قد ظهر صوت اللّه عن مكمن البقاء و‌استجذبت أفئدة العارفين من لحناتها.

قل أن يا اسمي أن استمع ما يوحى إليك عن شطر القدس من نغمات ربّك و‌لا تخف من أحد فتوكّل على اللّه ربّك إنّه يحفظك عن الشّياطين و‌ايذائها. إيّاك لا تمنع نفسك عمّا خلقت و‌لا تكن من الّذين كفروا بآيات اللّه بعد إنزالها. قل اليوم لا ينفع أحدا شيء إلّا بعد حبّي و‌بذلك يشهد أهل سرادق القدس و‌ألسن الّتي كانت عن ورائها. إنّ الّذينهم أعرضوا عن لمع الوجه أولئك يسحم اللّه وجوههم كخافية الغراب و‌يعذّبهم بنار البعد و‌لهابها. قل إنّه لهو الّذي خلق السّموات و‌الأرض ثمّ استقرّ العرش على الماء ثمّ علّق الماء على الهواء لتعرفوا صنع اللّه الّذي اتقن خلق كلّ شيء و‌تتفكّروا فيه و‌ما قدّر في الأرض من آلائها.

قل يا قوم إنّ هذا لخير الّذي وعدتم به في التّسع و‌به أخذ اللّه العهد عن كلّ الذّرّات فطوبى لنفس وفت بميثاقها. قل قد ارتفعت خيام القدم وأنتم يا ملأ البيان لا تحرموا أنفسكم عنها ثمّ اسكنوا في فنائها. تاللّه قد أثمرت سدرة البهاء في الرّضوان الّذي ظهر على هيكل التّربيع في هيئة التّثليث وأنتم يا أهل سفن البقاء تقرّبوا بها ثمّ تنعّموا من أثمارها.

قل يا قوم أتكفرون بآيات اللّه و‌تقرئون ما نزّل من قبلها فويلٌ لكم و‌بما زيّن الشّيطان لأنفسكم أعمالكم كذلك نلقي عليكم من آيات الأمر لعلّ تقومنّ عن تراب الغفلة وتزرقنّ بما نزل من غمام القدس و‌ما يمطر من مياهها. كذلك ينصح قلم الأمر كلّ نفس من أذكيائها قل قد استقرّت سفن البقاء على بحر الحمراء فطوبى لمن تمسّك بجمال القدس منها ليكون باقيا ببقائها.

قل تاللّه إنّ هذا البحر بَهَر على الممكنات و‌فيه تسرى سفينة القدس الّتي صنعها نوح الرّوح لهذا الغلام الّذي بإسمه يمسك زمام الفلك ثمّ اهتزازها. قل قد تموّجت بحور القدم في هذا البحر الأعظم و‌ما فاز أحد بساحلها فكيف إلى غمراتها إلّا الّذينهم تمسّكوا بما جرت عليها من سفائن القدس ثمّ اركبوا باسمي الرّحمن على مناكبها. قل قد ارتفعت سدرة الرّوح على سيناء البقاء و‌تغنّ بلبل القدم بأحسن الألحان على أفنانها إِذًا فاصمتوا يا هياكل السّبحان لاستماعها. قد جرى السّلسبيل من هذا التّسنيم الّذي انفجر من كوثر القدس عن هذا الفم الّذي منه ينزل مياه القدم فطوبى لمن يطفح عليه من طفحاتها. قل هذا نفس اللّه قد استوى على العرش و‌قدّس اللّه عن ‌مسّ المشركين ردائها.

إنّك يا حبيب فارزق كلّ نفس من نعمت الطّريّة الأحديّة الصّمديّة الّتي تنزل عن هذا السّماء الّتي ارتفعت بالحقّ إيّاك من لا تجاوز عن حدود النّاس فاعط كلّ نفس على مقدارها. إنّ الّذي بدّلت ذائقته لن يعرف حلاوة الحلو عن المُرِّ إلّا بأن يبرء دائه كذلك خلقنا النّفوس أطوارًا فطوبى لمن يعرف أطوارها. و‌الّذين ما طهّرت آذانهم لن يلتذّوا من نغمات القدس و‌كذلك نلقي عليك من كلّ حكم ابنائها وإنّك كسّر ختم آناء الرّحمن باسمي المنّان ثمّ أدر خمر الحيوان الّتي انعصرت من أنامل السّبحان لعلّ أهل الإمكان يصطلون من حرارتها و‌يستضيئون من أنوارها و‌لمعانها. كذلك نزّلنا الآيات و‌صرّفناها من شأن إلى شأن ونصرّفها كيف نشاء على تصريف أخرى لتشهد قدرة ربّك وتخرّ بين يديه على الذّقن قل تاللّه الحقّ لم يكن الفخر في تنزيل الآيات و‌أمثالها بل الفخر في ظهوري بين السّموات و‌الأرض و‌بين هؤلاء من أُمم المختلفة إن أنتم من أصحاب العين. وإنّك إن وجدت هؤلاء الّذين أذكرنا أسمائهم في اللّوح على روح و‌ريحان هبّ عليهم ما تضوّع من ريحان اللّه العلي القادر المؤتمن. و‌إلّا فاستحكم رأس آناء الرّيحان لئلّا يجد المشركون عرفه ثمّ اختمه بخاتم القدس أو بعقيق من هذا اليمن. إيّاك أن لا تنشر آثار اللّه بين يدي المشركين ثمّ أعرض عنهم ثمّ اصطبر و‌لا تحزن تاللّه هذا أمر ينصعق عنه كلّ من في السّموات و‌الأرض و‌تقشعرّ جلود المستكبرين و‌تنشق أراضي الفراعنة وتنسف شوامخ القنن. و‌تدع كلّ مرضعة عمّا ارضعت و‌تضع كلّ ذات حمل حملها و‌يأخذ السّكر سكان السّموات و‌الأرض إلّا من أتى اللّه بقلب ممتحن. وإنّك فاحمل كتاب اللّه بقوّة من عندنا وقدرة من لدنّا و‌لا تخف في حمله ولا تجزع عن ثقله وإنّه يحفظك بالحقّ ويحرسك عن كلّ بلاء وفتن. ما يمسّ العارفين من بلاء إلّا و‌قد يزداد به انقطاعهم إلى اللّه و‌اشتياقهم إلى مقام الّذي قدسه اللّه عن ريب الزّمن وإن تجد نفسك وحيدا بين السّموات و‌الأرض إذًا فارض عنها و‌عن الّذي خلقها و‌لا تكن في حزن و‌محن. تعزّب عن الّذين كفروا ثمّ تقرّب إلى اللّه وإنّ هذا لخير لك عن ملك السّموات والأرض و‌عمّا خلق في السّر و‌العلن. طهّر ذيلك عن عجاج الملك ثمّ اشرب عن كأس الحمراء عن غلام الأبهى ليجعل نفسك فارغا عن الدّنيا و‌ما فيها من الزّخارف و‌الفدن.

قل يا قوم لا تشهدوا الاختلاف فيما نزّل من لدنّا لأنّ الآيات كلّها نزلت من شديد القوى عن جبروت البقاء و‌يختلف باختلاف المقامات إن أنتم من أهل الفطن. كذلك نلقي عليكم من أسرار الأمر لئلّا تزلّ أقدامكم عن هذا الصّراط المرتفع المعتين. إنّك لا تستر أمر ربّك على مقام الّذي تخمد نار اللّه فيما سويٰه و‌لا ‌تجهر بشأن الّذي يمسّك الضّراء فابتغ بين ذلك سبيلاً مستبن. ثمّ اعلم بأنّ هذا الجمال قد ابتلي بين هؤلاء بحيث يريد أن يعزل نفسه عنهم أو يطير إلى معارج القدس في أصل الوطن. تاللّه قد وقعت في كلّ حين تحت مخاليب أولي الغلّ و‌البغضاء و‌لن أجد لنفسي ناصرا إلّا اللّه الّذي خلقني و‌كلّ شيء و‌أرسلني بسلطان الأمر على البَرِّ و‌البحر و‌على أهل المدن. قل إنّا لمّا قصصنا حرفا من الرّؤيا لأهل العما إذا ما حملوها وأوقعونا في الجبّ في هذا الجنح الظّلما كذلك نلقى عليك من أسرار الأمر عمّا ستر و‌خزن. ثمّ اعلم بأنّ الّذينهم كانوا في هناك منهم من أعرض عن اللّه و‌كفر بآيات اللّه و‌منهم من آمن بربّه و‌كان ممّن نجى و‌آمن. إنّ الّذينهم كانوا أن يستروا وجوههم في جلابيب النّساء خوفا من أنفسهم إذًا خرجوا عن خلف الدنان ثمّ اعترضوا على هذا الجمال الأظهر الأكمن.

قل يا قوم خافوا عن اللّه و‌لا تجادلوا بمظهر نفسه ثمّ توجّهوا إليه بخضوع حسن. تاللّه قد ظهر سرّ اللّه المكنون عن هذا المخزن و‌قد برز رمز اللّه المستور عن هذا المكمن. يا قوم فاشكروا اللّه الّذي خلقكم من ماء دافق و‌عرّفكم سبل القدس بما أنزل عليكم الشّرائع و‌السّنن. لتتّبعوا سبل الهدى في هذا السّبيل الّذي ظهر بالحقّ إيّاكم أن لا تختلفوا فيه و‌لا ‌تكوننّ في مريّةٍ عن لقاء ربّكم ثمّ تقرّبوا إليه بقلوبكم وإنّ هذا خير لكم عمّا ظهر و‌بطن.

تلك سورة الأصحاب قد نزّلناها بالحقّ و‌أرسلناها إليك لتقرّبها على الّذين تجد في وجوههم نضرة الرّحمن و‌إذا يسمعون آيات الله يطيرنّ إلى سدرة المنتهى في هذا الفناء المقدّس المزتين وإن رأيت كلمة النّصر ذكرّه في منتهى المنتهى بما نزّل حينئذ من جبروت العلى ليذكر في نفسه ويكون من الّذي آمن وهدى.

قل يا نصر فانصر ربّك بما استطعت في هذا النّصر الّذي ظهر على هيكل الغلام فتبارك اللّه الّذي خلق فسوّى أن استقم في أمر اللّه ربّك بحيث لا يمنعك شيء عمّا في السّموات والأرض لتكون من الّذي عهد ثمّ وفى. قل يا قوم أتمارون الرّوح عمّا شهد ورأى أو فيما سمع من نغمات اللّه في جبروت المقدّس الأظهر الأبهى. تاللّه إنّه استقام على شأنٍ لن يمنعه كلّ الورى و‌لم يكن كلّ من في السّموات و‌الأرض عنده إلّا ككفٍّ من الثّرى. قل انّه لو ينطق بحرف ليكون أعلى عمّا نزّل في جبروت الأمر والخلق ولايعلم ذلك إلّا أولي النّهى. قل إنّه قد استقرّ على العرش ثمّ استوى و‌هذا صعب على المشركين و‌على الّذي كفر و‌طغى ثمّ أعرض وأشقى. قل يا ملأ المغلّين موتوا بأضغانكم فقد أشرقت الشّمس بأنوار اللّه في وسط الضّحى و‌استضاء منها كلّ من في السّموات و‌الأرض إلّا كلّ دنيّ ضلّ و‌عمى. كذلك نقصّ عليكم من قصص الحقّ يا أصحاب الحجى. قل إنّ نظرة إليه خير عمّا في ملأ الأعلى و‌عن ملك الآخرة و‌الأولى فطوبى لمن حضر بين يدي العرش ونظر إلى منظر الأحلى وسمع عن لحن القدس من آيات ربّه الكبرى. أن يا نصر فاستمع لما يوحى إليك من جبروت القصوى إيّاك أن لا تخف من أحد فتوجّه إلى وجه ربّك و‌كن من الّذي نفعه الذّكرى. أن اصطبر حين الّذي تنفطر سماء الأمر و‌تنشقّ أرض الإرادة و‌يرفع ضجيج كلّ من أعرض فغوى. قل تاللّه من لم يكن قلبه مطهّرا عن كلّ ما يذكر عليه اسم شيء لن ينطبع فيه هذا الجمال الدّرّيّ الأصفى.

قدّسوا مرايا أنفسكم يا ملأ الأرض ثمّ اصعدوا إلى مقام الّذي جعل اللّه عن خلفه ذكر القوسين ‌أو أدنى. قل إنّه لينطق في كلّ حين بما نطق الرّوح في صدرة الممرّد الأزكى. قل تاللّه إنّه ما ينطق عن الهوى بل ينطق بما ‌يلهمهُ شديد الأمر من آيات ربّه الكبرى. قل إنّه حينئذ بالأُفق الأعلى و‌إنّه لجمال الأولى في قميص الأُخرى فسبحان نفسه الأعلى. و‌به رفعت أعلام الأمر في ملكوت الأسماء و‌نصبت خيام المجد في جبروت العما. قل يا قوم فارجعوا إليه وإنّ إليه المنتهى. تاللّه إنّه لجنّة المأوى عند سدرة القدس عند ظهور تجلّي الأنوار من هذا الجمال الدّرّيّ الأبهى. كذلك ما زاغ بصر الحديد عمّا شهد و‌رأى من سلطان ربّه الأظهر الأخفى قل إنّه لو كشف القناع عن وجه كلمة من عنده لتنشقّ الأرض و‌تنفطر سمٰوات العلى. و‌لكن يداري مع عباده لئلّا يتميّز صدورهم و‌يرجعوا إلى مقرّ القهر في هاويّة السّفلى. إنّك لا تخف من أحد ذكّر النّاس بآيات ربّك و‌هذا نصره في ملكوت السّموات والأرض وكذلك يؤيّدك بالذّكر وإنّ إليه يرجع الذّكر و‌كذلك فجّرنا في كلّ حرف من هذا اللّوح تسعة عشر نهرا فهنيئا لمن ظمأ واستسقى.

وإذا أتممنا اللّوح نزل من جبروت البقاء من آيات ربّك الكبرى تارة أخرى ليتذكّر بها كلّ عقل مستطاب و‌لنذكر في اللّوح ذكر بعض من أحبّاء اللّه الّذي ما أذكرناه من قبل ليكون فضل اللّه بالغة على كلّ الذّرّات و‌على كلّ ذي فضل و‌لباب.

إذّا ذكّر الّذين ما تحرّك قلم الأمر على أسمائهم إن تجدهم متذكّرا بذكر ربّهم وإلّا دعهم بأنفسهم ثمّ أعرض عن كلّ معرض مرتاب. قل يا هؤلاء فابشروا في تلك الايّام الّتي فيها أتى اللّه في ظلل من الرّوح وأشرق الوجه عن خلف النّقاب.

ثمّ ذكّر محمّدا قبل عليّ الّذي كان إسمه في كتابك بما أذكره قلم القضا في جبروت الإمضاء بين يدي ربّه العزيز الوهّاب ليصعد في نفسه إلى معارج القدس في هذا المعراج الّذي ظهر على هيكل الغلام و‌يكون ممّن خضع وأناب. قل يا عبد فانقطع عن كلّ ما تهوى به هويٰك ثمّ تمسّك بعروة الأعظم في نفسك وإنّ هذا خير لك عن ملكوت ملك السّموات والأرض ولا يعقل ذلك إلّا كلّ مؤمن ثابت ولا يعقلها إلّا أولي الألباب. قل سبّح باسم ربّك و‌كن في جذبٍ و‌ولهٍ عمّا أسقيناك خمر الحيوان في كاؤس قدس عجاب. إنّا جعلنا تلك الحروفات كاؤسا لبدايع الصّفات نسقى منها خمر الآيات ما نشاء من عبادنا قل منّا ظهَر الفضل وإلينا يرجع في يوم الاياب. بقطرةٍ منها يحيي هياكل الموجودات وكذلك سبقت رحمتنا كلّ شيء وأحاطت الذّرّات من على الفردوس إلى أن ينتهى إلى نقطة التّراب. إنّ الّذين ما فازوا برشحات القدس من هذه الكأس أولئك أحقر خلقا عند اللّه عن خلق الذّئاب. لأنّهم كفروا بنعمة اللّه و‌جادلوا بآياته بعد إنزالها و‌اتّبعوا كلّ مشرك كذّاب. قل يا قوم أتدعون الّذين ما جعل اللّه لهم سلطانا و‌تذرون ربّ الأرباب. فبئس ما اتّخذتم لأنفسكم أولياء من دون اللّه فسوف يعذّبكم اللّه بقهرٍ من عنده وإنّه لقويّ في الأخذ و‌شديد في العقاب. و‌من المشركين من كان هناك و‌ما رضي بأنّا نسمّي نفسنا باسم من الأسماء و‌كذلك بغى على اللّه الّذي خلقه و‌سوّاه و‌ما بغي المشركين إلّا في تباب. قل يا قوم إنّ الأسماء كلّها يرجع إلى ملكوتها الّتي يرجع إلى أمري الّذي خلق بقولي و‌يعرف ذلك كلّ نفس آمنت بيوم الحساب. قل قد أشرقت الشّمس عن أفق المجد وبها انفطرت سماء الكبر و‌انشقّت أرض الغلّ و‌مرّ جبل السّكون كمرّ السحاب. كذلك ألقينا عليك من كلّ نبأ لتذكر في نفسك و‌تذكرّ النّاس بما ألهمناك لعلّ تطهرنّ النّفوس عن الأمراض ثمّ تطاب.

قل يا ملأ الأرض فابتغوا النّصر في تلك الأيّام و‌لا ‌تخافنّكم كثرة المشركين كذلك يعظكم قلم العزّ من لدن عزيز جذاب. ثمّ اعلموا بأنّ النّصر لم يكن في اخراج السّيف بل في تطهير نفوسكم يا معشر الأصحاب. تاللّه لو تنقطع نفس عن كلّ من في السّموات و‌الأرض و‌تقوم على ما أراد اللّه لينصر اللّه بها المخلصين من أحبّائه و‌ينعدم رايات المشركين من كلّ الأحزاب.

قل تاللّه إنّ النّصرة انقطاعكم عمّا سوى اللّه و‌استقامتكم على حبّي في يوم الّذي تزلّ فيه أقدام البلغاء و‌يخرج عن أيكة النّفاق شرذمة من الذّباب الّذين كفروا وأعرضوا و‌كانوا في مِرْيَةٍ عن لقاء ربّهم بعد الّذي ظهر عن أفق القدس بصحائف و‌كتاب.

قل يا ملأ القدس أن اخرجوا سيف الحكمة عن غمد البيان ثمّ انصروا به ربّكم الرّحمن إيّاكم أن لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها خافوا عن اللّه الّذي إليه يرجع الأمور في المبدء والمآب. إن يزحفوا عليكم المشركون شرّدوهم بكلمة من عندنا لا ‌بسيوفكم و‌لا تحنثوا عمّا أمرتم به في الكتاب.

أن استقيموا يا قوم على الصّراط و کونوا علی الامر فی هذا الرّکن بنار و انجذاب قل انتم ان لن تستقيموا علی الصّراط فسوف يبعث اللّه قوما يستقيمنّ على الأمر و‌يذكرنّه بوله وشوق وانجذاب ولا يمنعهم شيء عمّا في السّموات والأرض أولئك يصلّون عليهم الملئكة و‌الرّوح ثم أهل ملأ القدس ثمّ الّذينهم كانوا في سرادق القرب عن خلف الحجاب. وإنّ من شيء إلّا يذكرنّ أسمائهم و‌يستقربنّ بها إلى اللّه قل تاللّه بأسمائهم تصحّ النّاقوس و‌تدلع ديك الفردوس وتغنّ الرّباب. إذا تمّت كلمات ربّك صدقا و‌عدلا و‌لا ‌مبدّل لكلمات ربّك و‌لن يفقه ذلك إلّا كلّ نفس باقىٍ مستطاب.

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV