هذه سورة البيان قد نزلت من جبروت الرّحمن للّذي آمن باللّه وكان من المهتدين في الألواح مكتوبا
ذكر اسم ربّك عبده إذ دخل بقعة الفردوس مقرّ الّذي استشرقت عليه أنوار الوجه عن مشرق الجمال بآيات مبين وقام تلقاء العرش منظر اللّه العليّ الأعلى وسمع نغمات ربّه الرّحمن الرّحيم وفاز بكلّ الخير حين الّذي هبّت عليه نفحات القدس عن رضوان اللّه العليّ المقتدر العزيز العظيم *
أن يا جمال القِدم بشّر الّذي كان واقفا بين يدي العرش بما قدّر له في صحائف قدس حفيظ * قل إنّ ورودك على شاطئ الكبريا مقام الّذي فيه تموّج بحر الأسماء باسم اللّه العليّ الأعلى لخير عمّا خلق بين السّموات والأرضين *
أن يا أيّها المسافر إلی اللّه خذ نصيبك من هذا البحر ولا تحرم نفسك عمّا قدّر فيه وكن من الفائزين * ولو يرزقنّ كلّ من في السّموات والأرض بقطرة منه ليغنيّن في أنفسهم بغناء اللّه المقتدر العليم الحكيم * خذ بيد الإنقطاع غرفة من هذا البحر الحيوان ثمّ رشّح منها علی الكائنات ليطهّرهم عن حدودات البشر ويقرّبهم بمنظر اللّه الأكبر هذا المقرّ المقدّس المنير * وإن وجدت نفسك وحيدا لا تحزن فاكف بربّك ثمّ استأنس به وكن من الشّاكرين * بلّغ أمر مولاك إلی كلّ من في السّموات والأرض إن وجدت مقبلا فاظهر عليه لئالئ حكمة اللّه ربّك فيما ألقاك الرّوح وكن من المقبلين * وإن وجدت معرضا فأعرض عنه فتوكّل علی اللّه ربّك وربّ العالمين * تَاللّهِ الحَقِّ من يفتح اليوم شفتاه في ذكر اسم ربّه لينزل عليه جنود الوحي عن مشرق اسمي الحكيم العليم وينزلنّ عليه أهل ملأ الأعلى بصحائف من النّور وكذلك قدّر في جبروت الأمر من لدن عزيز قدير * وللّه خلف سُرادق القدس عباد يظهرن في الأرض وينصرنّ هذا الأمر ولن يخافنّ من أحد ولو يحاربنّ معهم كلّ الخلائق أجمعين * أولئك يقومنّ بين السّموات والأرض ويذكرنّ اللّه بأعلی ندائهم ويدعون النّاس إلی صراط اللّه العزيز الحميد * أن اقتدِ بهؤلاء ولا تخف من أحد وكن من الّذين لا يحزنهم ضوضاء النّاس في سبيل بارئهم ولا يمنعهم لومة اللاّئمين * اذهب بلوح اللّه وآثاره إلی الّذينهم آمنوا وبشّرهم برضوان القدس ثمّ أنذر المشركين * قل يا قوم تاللّه قد جئتكم عن جهة العرش بنبأ من اللّه المقتدر العليّ العظيم * وفي يدي حجّة من اللّه ربّكم وربّ آبائكم الأوّلين أنتم وزنوها بقسطاس الحقّ بما عندكم من حجج النّبيّين والمرسلين * إن وجدتموها على حقّ من عند اللّه إيّاكم أن لا تجادلوا بها ولا تبطلوا أعمالكم ولا تكوننّ من المشركين * تلك آيات اللّه قد نزّلت بالحقّ وبها حقّق أمره بين بريّته وارتفعت رايات التّقديس بين السّموات والأرضين * قل يا قوم هذه لصحيفة المختومة المحتومة الّتي كانت مرقومة من إصبع القدس ومستورة خلف حجب الغيب وقد نزّلت بالفضل من لدن مقتدر قديم * وفيها قدّرنا مقادير أهل السّموات والأرض وعلم الأوّلين والآخرين * لن يعزب عن علمه شيء ولن يعجزه أمر عمّا خلق ويخلق إنّ أنتم من العارفين * قل قد جائت كرّة الأخرى وبسطنا يد الإقتدار علی كلّ من في السّموات والأرض وأظهرنا من سرّنا الأعظم علی الحقّ الخالص سرّا أقلّ عمّا يحصى * إذا ماتت الطّوريّون عند مطلع هذا النّور الحمراء علی بقعة السّيناء وكذلك جاء جمال الرّحمن علی ظلل البرهان وقضي الأمر من لدى اللّه العزيز الحكيم * قل للحوريّة الفردوس أن أخرجي من غرف القدس ثمّ البسي من حرر البقاء كيف تشاء من سُنْدُس السّناء باسمي الأبهى ثم اسمعي نغمات الأبدع الأحلى عمّا ارتفع عن جهة عرش ربّك العليّ الأعلى ثمّ اطلعي عن أفق النّقاب بطراز الحوراء ولا تحرمي العباد من أنوار وجهك البيضاء * وإن سمعتِ تشهّق أهل الأرض والسّماء لا تحزني دعيهم ليموتنّ علی تراب الفناء وينعدمنّ بما اشتعلت في نفوسهم نار البغضاء ثمّ غنّي علی أحسن النّغمات بين الأرضين والسّموات في ذكر اسم مليك الأسماء والصّفات وكذلك قدّرنا لك الأمر وإنّا كنّا قادرين * إيّاكِ أن لا تخلعي عن هيكلك الأطهر قميص الأنور ثمّ زدي عليه في كلّ حين من حلل البقاء في جبروت الإنشاء ليظهر منكِ طراز اللّه في كلّ ما سواه وتيّم فضل ربّك علی العالمين * وإن وجدتِ من أحد رائحة حبّ ربّك أن افدي نفسكِ في سبيله لأنّا خلقناكِ له ولذا أخذنا عنكِ العهد في ذرّ البقاء عند معشر المقرّبين * ولا تجزعي عن رمي الظّنونات من أهل الإشارات دعيهم بأنفسهم لأنّهم اتّبعوا همزات الشّياطين ثمّ صحي بين الأرض والسّماء تاللّه الحقّ إنّي لحوريّة خلقني البهاء في قصر اسمه الأبهى وزيّن نفسي بطراز الأسماء في الملأ الأعلى وإنّي لقد كنت محفوظة خلف حجبات العصمة ومستورة عن أَنْظُرِ البريّة اذا سمعت أبدع الألحان عن شطر أيمن الرّحمن شهدت بأنّ الجنان تحرّكت في نفسها شوقا لإستماعها وطلبا للقائها كذلك نزّلنا في قيّوم الأسماء علی لحن البقاء وعلی لحن الأحلی في هذا اللّوح المبين * قل إنّه لهو الحاكم فيما يشاء بسلطانه يحكم ما يريد بأمره ولا يُسئل عمّا شاء وأراد وإنّه لهو المختار القادر الحكيم * إنّ الّذينهم كفروا باللّه وسلطانه أولئك غلبت عليهم النّفس والهوى ورجعوا إلی مقرّهم في النّار فبئس مقرّ المنكرين وإنّك زيّن نفسك بحبّي ثمّ قلبك بذكري ثمّ لسانك بتبليغ أمري وكذلك قدّر لك في ألواح عزّ حفيظ * ثمّ امشِ بين النّاس بوقار اللّه وسكينته ليظهر منك آثاره بين العالمين أن اشتعل في نفسك من هذه النّار الّتي أوقدها اللّه في قطب الجنان ليحدث منك حرارة الأمر في أفئدة الّذينهم آمنوا باللّه وكانوا من المؤمنين * أن امشِ علی أثري ولا تكلّم إلّا علی الصّدق الخالص ثمّ اخضع لعباد اللّه الموحّدين * كذلك يَعِظُكَ لسان الأمر أن استمع بما أُمرت ثمّ اعمل به لتكون من الفائزين * إنّ الّذين لن يظهر منهم آثار اللّه في أوامره أولئك لن يصدق عليهم حكم الإيقان ولكنّ النّاس أكثرهم احتجبوا عن أمر اللّه وكانوا من قوم سوء أخسرين * قل يا قوم هل ينبغي لأحد أن ينسب نفسه إلی ربّه الرّحمن ويرتكب في نفسه ما يرتكبه الشّيطان لا فو طلعة السّبحان لو أنتم من العارفين * قدّسوا قلوبكم عن حبّ الدّنيا ثمّ ألسنكم عن ذكر ما سويٰه ثمّ أركانكم عن كلّ ما يمنعكم عن اللّقا ويقرّبكم إلی ما يأمركم به الهوى اتّقوا اللّه يا قوم وكونوا من المتّقين * قل يا قوم أنتم إن تقولوا ما لا تفعلوا فما الفرق بينكم وبين الّذينهم قالوا اللّه ربّنا فلمّا جائهم علی ظلل القدس إذا كفروا به وكانوا من المنكرين * خلّصوا أنفسكم عن الدّنيا وزخرفها إيّاكم أن لا تقرّبوا بها لأنّها يأمركم بالبغي والفحشاء ويمنعكم عن صراط عزّ مستقيم * ثمّ اعلموا بأنّ الدّنيا هي غفلتكم عن موجدكم واشتغالكم بما سويٰه والآخرة ما يقرّبكم إلی اللّه العزيز الجميل * وكلّما يمنعكم اليوم عن حبّ اللّه إنّها لهي الدّنيا أن اجتنبوا منها لتكوننّ من المفلحين * إنّ الّذي لن يمنعه شيء عن اللّه لا بأس عليه لو يزيّن نفسه بحلل الأرض وزينتها وما خلق فيها لأنّ اللّه خلق كلّ ما في السّموات والأرض لعباده الموحّدين * كُلُوا يا قوم ما أحلّ اللّه عليكم ولا تحرّموا أنفسكم عن بدايع نعمائه ثمّ اشكروه وكونوا من الشّاكرين *
يا أيّها المهاجر إلی اللّه بلّغ النّاس رسالات ربّك لعلّ يمنعهم عن شطر النّفس والهوى ويذكّرهم بذكر اللّه العليّ العظيم * قل يا قوم اتّقوا اللّه ولا تسفكوا الدّماء ولا تتعرّضوا مع نفس وكونوا من المحسنين * إيّاكم أن لا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها ولا تتّبعوا سبل الغافلين * ومنكم من أراد أن يبلّغ أمر مولاه فلينبغي له بأن يبلّغ أوّلا نفسه ثمّ يبلّغ النّاس ليجذب قوله قلوب السّامعين ومن دون ذلك لن يؤثّر قوله في أفئدة الطّالبين * إيّاكم يا قوم لا تكوننّ من الّذين يأمرون النّاس بالبرّ وينسون أنفسهم أولئك يكذّبهم كلّما يخرج من أفواههم ثمّ حقايق الأشياء ثمّ ملئكة المقرّبين * وإن يؤثّر قول هؤلاء في أحد هذا لم يكن منهم بل بما قدّر في الكلمات من لدن مقتدر حكيم * ومثلهم عند اللّه كمثل السّراج ليستضيء منه العباد وهو يحترق في نفسه ويكون من المحترقين * قل يا قوم لا ترتكبوا ما يضيّع بهحرمتكم وحرمة الأمر بين العباد وتكوننّ من المفسدين * ولا تقربوا ما ينكره عقولكم أن اجتنبوا الإثم وإنّه حرّم عليكم في كتاب الّذي لن يمسّه إلّا الّذين طهّرهم اللّه عن كلّ دنس وجعلهم من المطهّرين * أن اعدلوا علی أنفسكم ثمّ علی النّاس ليظهر آثار العدل من أفعالكم بين عبادنا المخلصين * إيّاكم أن لا تخانوا في أموال النّاس كونوا أمناء بينهم ولا تحرموا الفقراء عمّا آتاكم اللّه من فضله وإنّه يجزي المنفقين ضعف ما انفقوا إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر يعطي من يشاء ويمنع عمّن يشاء وإنّه لهو المعطي الباذل العزيز الكريم *
قل يا ملأ البهاء بلّغوا أمر اللّه لأنّ اللّه كتب لكلّ نفس تبليغ أمره وجعله أفضل الأعمال لأنّها لن يقبل إلّا بعد عرفان اللّه المهيمن العزيز القدير * وقدّر التّبليغ بالبيان لا بدونه كذلك نزل الأمر من جبروت اللّه العليّ الحكيم * إيّاكم أن لا تحاربوا مع نفس بل ذكّروها باليبان الحسنة والموعظة البالغة إن كانت متذكّرة فلها وإلّا فأعرضوا عنها ثمّ اقبلوا إلی شطر القدس مقرّ قدس منير * ولا تجادلوا للدّنيا وما قدّر فيها بأحد لأنّ اللّه تركها لأهلها وما أراد منها إلّا قلوب العباد وإنّها يسخّر بجنود الوحي والبيان كذلك قدّر الأمر من أنامل البهاء علی لوح القضاء من لدن مقضيّ عليم * أن ارحموا علی أنفسكم ثمّ علی ذوي القربى ثمّ عباد اللّه المخلصين * وإن وجدتم من ذليل لا تستكبروا عليه لأنّ سلطان العزّ يمرّ عليه في مدّ الأيّام ولا يعلم كيف ذلك أحد إلّا من كان مشيّته مشيّة ربّكم العزيز الحكيم *
أن يا ملأ الأغنياء إن رأيتم من فقير ذي مرتبة لا تفرّوا عنه ثمّ اقعدوا معه واستفسروا منه عمّا رشح عليه من رشحات أبحر القضاء تاللّه في تلك الحالة يشهدنّكم أهل ملأ الأعلى ويصلينّ عليكم ويستغفرنّ لكم ويذكرنكم ويمجّدنّكم بألسن مقدّس طاهر فصيح * فيا طوبى لعالم لن يفتخر علی دونه بعلمه ويا حبّذا لمحسن لن يستهزء بمن عصى ويستر اللّه عليه جريراته وإنّه هو خير السّاترين * كونوا يا قوم ستّارا في الأرض وغفّارا في البلاد ليغفركم اللّه بفضله ثمّ اصفحوا ليصفح اللّه عنكم ويلبسكم برد الجميل * وإن استجاركم أحد من المؤمنين وكنتم مستطيعا فاجروه ولا تحرموه عمّا أراد ليجركم اللّه في ظلّ رحمته في يوم الّذي فيه يغلي الصّدور ويشتعل الأكباد ويضطرب أركان الخلائق أجمعين * قل يا قوم عليكم بالصّدق الخالص لأنّ به يزيّن أنفسكم ويرفع أسمائكم ويعلو مقداركم ويزداد مراتبكم بين ملأ الأرض وفي الآخرة لكم أجر كان علی الحقّ عظيم * كذلك أنصحنا الّذينهم آمنوا لعلّ يسمعنّ ما نصحوا به في كتاب اللّه ويجدنّ إلی ذي الفضل سبيل *
أن يا أيّها الوارد بالمنظر الأكبر قد تمّت ميقات وقوفك لدى العرش قم بإذن اللّه وخذ كتاب الفضل ثمّ اذهب به إلی الدّيار وبشّر أهلها برضوان اللّه الملك العليّ العظيم * ولكن حرّك من هذا الفردوس بنفحات الأنس لتحيى بها قلوب الّذينهم انصعقوا من صاعقة الأمر ليقومنّ عن قبور الغفلة وينطقنّ بما نطق الرّوح يومئذ في فردوس الأعلى بأنّه لا إله إلّا هو والّذي جاء باسم عَلِيٍّ قبل نبيل مظهر سلطانه ومطلع آياته ومنبع فضله وإقتداره لمن في السّموات والأرضين * ثمّ الّذي ينطق حينئذ إنّه لعزّه وشرفه وكبريائه ثمّ عظمته وبهائه علی الخلائق أجمعين * كذلك ينبغي لك والّذينهم استقرّوا علی مقرّ الأمر وشربوا رحيق المختوم من هذه الكأس المقدّس المنير * وإذا وصلت أرض التّاء فانشر هذا اللّوح بين يدي إسمنا الجواد لتقرّ به عيناه ويفرح في نفسه ويكون من الفرحين * ثمّ بين يدي الّذينهم خرجوا عن ظلمات الوهم واستقرّوا علی مقرّ اليقين وفي هناك تسمع ضوضاء الّذينهم كفروا وأعرضوا وكانوا من المشركين * قل يا قوم أكفرتم باللّه الّذي خلقكم وسوّاكم وعرّفكم مظهر نفسه وجعلكم من العارفين * إيّاكم يا قوم لا تمنعوا أنفسكم عن بحور المعاني ولا تتّبعوا كلّ شيطان مريد * فانظروا بطرف القدس إلی ميزان اللّه لتعرفوا ميزانه الحقّ المستقيم * قل اليوم حقّ لكلّ نفس بأن يطهّر قلبه عن التعلّق عمّا خلق بين السّموات والأرض ويقدّس أُذنه عن كلّ ما سمع ويرجع البصر إلی ما كان بين يديه من حجج الّتي بها أظهر اللّه أمره في كلّ عهد وعصر ثمّ في حجّة الّتي ظهرت يومئذ بسلطان مبين * ويتفرّس في آثار اللّه ويتفكّر فيها تاللّه إذا يستشرق عليه شمس الإيقان عن مطلع بيان ربّه وليستضيء بها قلبه ويكوننّ من الموقنين * قل صنع اللّه لن يشتبه بصنع أحد من النّاس ولكنّ النّاس يشتبهنّ علی أنفسهم فما لهؤلاء لا يكادون يفقهون حديثا من اللّه العزيز الخبير * قل بعد إشراق الشّمس وضيائها هل يبقى ضياء لا فونفس اللّه المهيمن العزيز القدير * كذلك أذكرنا الأمر وأتممنا الحجّة علی من علی الأرض كلّهم أجمعين * ونشهد اللّه وأصفيائه ثمّ ملئكته بأنّي ما قصّرت في كلّ ما أمرت به وبلّغت رسالاته إلی شرق الأرض وغربها وكفى به وبهم عليّ شهيد وعليم * وإذا وردت أرض الزّا ذكّر عباد الّذين هم كانوا هناك بهذا الذّكر العظيم * قل يا قوم آمنوا باللّه وبما نزّل من عنده ولا تتّبعوا الّذينهم كفروا بآيات الرّحمن وسلطانه ثمّ يذكرونه في كلّ بكور وأصيل * قل مثلكم كمثل الّذينهم كانوا أن يذكروا اللّه في العشيّ والإشراق فلمّا جائهم اللّه علی ظلل اسمه العليّ كفروا به وكانوا من المشركين * قل يا قوم أن انصروا اللّه بأنفسكم وأموالكم ثمّ استقيموا علی أمره علی شأن لو يحاربكم كلّ من علی الأرض لن يزلّ أقدامكم عن صراط اللّه العزيز القادر العليم * أن استقيموا يا قوم حين الّذي يدخل عليكم الشّيطان ومعه ما يمنع به النّاس عن حبّ اللّه ويدعوهم إلی طاغوت الأكبر وكذلك نخبركم لتكوننّ من العارفين * تَاللّهِ الحَقِّ كلّما سمعتم في هذا الأمر قد ظهر من أمري الغالب البديع وإنّا أشرناه إلی غيري هذا الحكمة من لدنّا لئلّا يتوجّه قلوب المشركين إلی مقرّ واحد وليكون الأمر محفوظا عن ضرّ كلّ ذي ضرّ عنيد * فواللّه الّذي لا إله إلّا هو إنّ الّذينهم كانوا أن يستروا وجوههم عن كلّ ذي بصر إذا قاموا عليّ بظلم الّذي لن يقاس بظلم الأوّلين * وإذا رأيت محمّدا قبل عَلِيٍّ بشّره من لدنّا ثمّ ذكّره بما نزل عليه ألواح عزّ حفيظ * قل يا عبد أن استقم علی الأمر ولا تشرك باللّه ثمّ اكف به عن كلّ ما سويٰه وكن علی استقامة منيع فانقطع عن دوني وآنس بذكري ولا تكن من الممترين * قم علی عبوديّة الصّرفة لأنّ بها يثبت أمر اللّه ربّك وتنزل الرّحمة علی العالمين * قل يا قوم لا تقاسوا أمر اللّه بما سوّلت لكم أنفسكم ولا تجاوزوا عن حدّكم ولا تكوننّ من المفسدين * ومن يتّعد اليوم عن حدّه لن يذكر عند اللّه ويكون من المعتدين * أن اسجدوا اللّه ربّكم وإذا أشرقت عليكم شمس الحكمة عن مشرق البيان خرّوا علی التّراب خضّعا لربّكم الرّحمن وكذلك ينبغي لكم يا ملأ المقرّبين * ومن وجد لذّة العبوديّة وحلاوتها لن يبدّلها بشيء عمّا خلق بين السّموات والأرضين وبها تستضيء وجوهكم وتطهّر صدوركم وتقدّس أنفسكم وتعلوا آثاركم بين العالمين * ثمّ اعلموا بأنّ أكرمكم عند اللّه أخضعكم وأتقاكم كذلك نزلّنا من قبل وحينئذ وإنّا كنّا منزلين * أن اسمعوا يا قوم ما يأمركم اللّه به في ملكوت أمره ولا تكوننّ من الّذينهم فرّطوا في جنب اللّه وتجاوزوا عمّا قدّرنا لهم فبئس مثوى المتجاوزين *
يا أيّها الحاضر بين يدي العرش عاشر مع النّاس بالحكمة ثمّ احفظ نفسك لئلّا يصبك من ضرّ ويرجع إلی سدرة قدس منيع * تجنّب عن أمور الّتي تحدث منها الفتنة ثمّ ابتغ فضل ربّك في كلّ حين إيّاك أن لا تنس هذه الأيّام تاللّه لن يعادل بآن منها زمن الأوّلين والآخرين * ولن يفوز أحد بلقائها إلّا من شاء ربّك كذلك قدّرنا الأمر وإنّا كنّا مقدرين * ولا تنس أحيان الّتي كنت حاضرا تلقاء العرش في فردوس الأعظم واستشرقت عليك شمس جمال ربّك في كلّ حين بأنوار بديع وشربت خمر الآيات من كوثر الرّحمن ورزقت بنعمة اللّه المنعم المعطي الكريم * وإذا رأيت مقبلا إلی حرم اللّه ليدخل مقرّ عرش عظيم فامنعه من لدنّا لأنّ بذلك تضطرب النّفوس ويرجع الضّرّ إلی نفسي العزيز العليم * أن لا توجّهوا إلی شطر اللّه إلّا بعد إذنه وكذلك ظهر الحكم عن أفق أمر حكيم * ثمّ بلّغ أمر موليك في كلّ مدينة إن وجدت منقطعا بشّره برحمة اللّه وجوده ثمّ اذكر له ما ورد علينا من جنود الشّياطين * قل تاللّه قد ورد علينا ما لا ورد علی أحد من العباد وبذلك ارتفعت ضجيج كلّ عارف بصير * وما خلق في الإبداع شيء إلّا وقد يبكي علی كربتي بل ما في علم اللّه إنّ أنتم من العارفين * إنّ الّذينهم خلقوا بإرادة قلبي قد كفروا بنفسي وكتبوا في ردّي ألواحا بها بطل أعمالهم ولا يكوننّ من الشّاعرين * وبذلك محت آثار الفضل وانقطعت مياه الرّحمة ومنعت سحاب الجود وانقطعت هبوب أرياح القدس عن العالمين * وإنّك فاقصص من قصص الغلام علی ما عرفته ولا تزد ولا تنقص وكن علی صراط صدق مستقيم * ثمّ نبّاء النّاس بمفتريات أنفس الّذينهم كفروا وأشركوا قل تاللّه ما أرادوا بها إلّا بأن ينصرفوا العباد عن جهة العرش تاللّه إن هم إلّا علی ضلال مبين * وإذا وردت أرض الباء من الخاء ذكّر من لدنّا أهلها من القانتين والقانتات ليستبشرنّ في أنفسهم ويكوننّ من الفرحين * قل تاللّه قد ظهر سرّ الأعظم بطراز القِدم وحرّك شفتاه بكلمة إذا انفضّوا عن حوله هياكل المقرّبين وأنتم يا قوم أن استقيموا علی أمر اللّه وسلطانه ولا تكفروا بالّذي آمنتم به من قبل كذلك ينصحكم العبد حين الّذي أحاطته الضّرّاء عن كلّ الجهات من مظاهر المشركين وجلس في السّجن ولن يجد لنفسه معينا إلّا اللّه المقتدر العزيز الحكيم * تاللّه الحقّ قتلت في كلّ حين بكلّ الأسياف ولا يعرف ذلك أحد إلّا اللّه المحصي العليم *
أن يا ايّها المسافر قد نزل من قبل للقانتات لوح سمّيناه بلوح البهاء وفيه ذكر ما ورد علينا بالتّلويح أنت خذ سواده ثمّ اذهب به إليهنّ ثمّ اقرء عليهنّ ليتذكرنّ بما ورد علی الغلام من جنود الشّياطين * قل يا أحبّاء اللّه أن احفظوا أنفسكم لئلّا يصدنّكم الشّيطان عن ذكر الرّحمن ثمّ اذكروه بنغمات المجتذبين لأنّ بذكره تطهّر القلوب وتهذّب النّفوس وتجتذب أفئدة المحبّين * وإذا بلغت الخاء ذكّر في هناك عباد اللّه المخلصين وبلّغهم من لدنّا ذكرا ورحمة ونورا ثمّ اذكر لهم نبأ الغلام ليكوننّ من الذّاكرين * ثمّ اذكر اسم اللّه ص الّذي كان من بقيّة آل الحسين بين السّموات والأرضين الّذينهم انفقوا أرواحهم في سبيل اللّه بارئهم وكانوا من المجاهدين * أولئك الّذين جاهدوا بأموالهم وأنفسهم تلقاء الوجه إلی أن ادخلوا جنّة الرّحمن وكانوا فيها لمن الآمنين إذا يحبرنّ في جنّة الأعلی ويطوفنّ عليهم غلمان الأبهى بكاؤس البقاء ويخدمنّهم حوريّات العزّ في بكور وأصيل * كذلك يجزي اللّه الّذينهم استشهدوا في سبيله ويوفّي أجور الّذين أصابتهم الشّدائد في أمره فنعم أجر المجاهدين * ثمّ توجّه إلی شطر إسمنا الأعظم بلوح اللّه وأثره ثمّ ادخل عليه ببشارة عظيم * ثمّ ذكّره بما ألقى عليك الرّوح من هذا المنظر الكريم * ثمّ أخبره من قصص الغلام ليطّلع بما ورد علينا في هذا السّجن البعيد ليكون شريكا في مصائبنا ويذكر ما ورد علينا في هذه الأيّام ويكون من الذّاكرين *
قل يا أيّها النّاظر إلی منظر الأكبر لا تنس ذكر ربّك قم علی الأمر باستقامة من عندنا وقدرة من لدنّا وبلّغ النّاس ما أمرت به ولا تكن من الصّابرين * فاستعن في كلّ حين من اللّه ربّك ثمّ اخرق حجبات المتوهّمين * كذلك أمرناك من قبل ونأمرك حينئذ بآيات مبين * ثمّ ذكّر الّذينهم كانوا هناك من عباد اللّه المنقطعين * قل يا قوم قوموا علی أمر اللّه ودينه ثمّ انصروه وكونوا من النّاصرين * ثمّ اعلموا بأنّه لغنيّ عمّا سويٰه وما يأمر به النّاس هذا من فضله عليهم لأنّ بذلك يصعدنّ إلی مقرّ القرب في فردوس الأعلى ويشهد بذلك كلّ ذي بصر حديد * كذلك أمرناك وقدّرنا لك أن اعمل بما أُمرت وكن علی عدل مبين * فسوف يجزي اللّه عمل الّذينهم بلّغوا أمره وما منعهم لومة لائم ولا شمامة مشمت ولا منع مانع ولا كثرة المغلّين * وإذا رأيت أخيك الّذي سمّي في ملكوت الأسماء بأحمد ذكّره بذكر اللّه ربّه ثمّ اذكر له ما ورد علينا في هذه الأرض البعيد * قل يا عبد إيّاك أن لا تجزع في نفسك حين الّذي يجزع فيه أنفس العباد من كلّ صغير وكبير * طهّر بصرك عن الحجبات لتشهد ما أشرقت عن أفق كلمات ربّك شمس المعاني والبيان وتكون من العارفين * أن اثبت علی أمر مولاك ولا تلتفت إلی اليمين والشّمال وإنّ هذا لفضل كبير * أن استقرّ في ظلل الشّجرة وذق من أثمارها وكن من الشّاكرين * كذلك أمرناك لتدع ما يأمرك به هويٰك وتأخذ ما أمرك به مولاك تاللّه هذا خير لك إن تكون من العاملين *
وإنّك أنت يا أيّها الحاضر لدى العرش والنّاظر إلی منظر الأكبر بشّر نفسك بما سمّيت في ملكوت الأسماء بمحمّد وفي جبروت الأعلی بمبلّغ ولدى العرش بمحمود وكذلك يختصّ اللّه بفضله من يشاء وإنّه لهو العزيز الكريم * فطوبى لك بما فزت بكلّ الخير وأصله ومنبعه وكنت من الواصلين * وشربت تسنيم الفضل عن منبعه وكنت من الفائزين * فسوف يظهر اللّه فضل ما فزت به ويجزيك ما عملت في سبيله إن تكون عاملا بما أمرت من لدن عليم حكيم * وكذلك تمّت حجّة ربّك عليك وعلی الّذينهم آمنوا باللّه وآياته وعلی كلّ من في السّموات والأرضين * إذا سكن قلم الأمر عن حركته لحكمة الّتي ما اطّلع بها أحد إلّا اللّه العزيز الجميل والحمد له في كلّ الأحوال إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ إليه لرّاجعين *