هذه سورة الذّبح قد نزّل من سماء الأمر للّذي سمّيناه بالذّبيح في ملكوت الأسماء لعلّ يخلّص وجهه للّه ربّ العالمين
أقرّ اللّه علی عرش العظمة والجلال بأنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا المهيمن القيّوم وأقرّ حينئذ علی ملكوت العزّ والإجلال بأنّه لا إله إلّا هو المهيمن القيّوم واعترف ذات القِدم علی جبروت القدرة والإستجلال بأنّي أنا اللّه لا إله إلّا أنا العزيز المقتدر المحبوب واعترف هذه الكلمة الأعظم بأنّه لا إله إلّا هو العزيز المقتدر المحبوب شهد اللّه في ذاته لذاته بذاته بأنّه هو اللّه لا إله إلّا أنا الظّاهر المشهود وأشهد في ذاتي لذاتي بذاتي بأنّي أنا اللّه لا إله إلّا هو الظّاهر الباهر المستور
أن يا جمال الأولى رشّح علی الممكنات من طمطام فيض فضلك لعلّ يأخذنّهم روائح القدس عن هذا الكافور الّذي ظهر هيكل الظّهور ويجري عن هذا السّلسبيل الّذي بعثه اللّه علی هيئة القلم وجعله آية علمه بين السّموات والأرض ولكنّ النّاس قليلاً منهم ما يشعرون
أن يا سلطان القِدم كيف ألقي علی الممكنات من آيات عزّ سلطنتك بعد الّذي أحاطتني المشركون من كلّ الجهات ووضعوا أيادي الغلّ علی هذا الفمّ الدّرّيّ العزيز المحبوب وإن أذكر بينهم من بدايع الأذكار يزداد البغضاء في صدور هؤلاء الفجّار وأنت العالم بما ورد علی نفسك وإنّك أنت الحقّ علاّم الغيوب
أن يا ذبيح فارفع رأسك عن النّوم ثمّ افتح اللّسان بالبيان بإسمي المقتدر المنّان ولا تخف من أحد إنّ ربّك يحرسك من الشّيطان ومظاهره ويحفظك بسلطانه العزيز المشهود وإن أردت أن تدخل في هذا المقام الّذي قامت علی فِنائه حقايق العالّين والملئكة الّذينهم كانوا في حول العرش أن يطوفون ينبغي لك بأن تنقطع عن كلّ من في السّموات والأرض وعن كلّ ما كان وما يكون وتجعل مصاحبك حبّي ومقصدك عرفاني وحصنك التّوكّل علی ربّك العلّام في هذه الأيّام الّتي كلّ أعرضوا عن جماله واتّخذوا لأنفسهم أربابًا من دون اللّه وكذلك كانوا أن يعلمون وإذا اتّصفت بما أمرناك به ليفتح اللّه عين فؤادك ونشهد ما لا شهد العباد وتعرف ما لا عرفه أحد من الّذينهم يدّعون في أنفسهم ما لا أذن اللّه لهم ويقولون ما لا يفقهون إذا دع المشركين وما عندهم ثمّ عرّج بقوادم القدس إلی فضاء الأنس لتصل إلی فردوس الأعظم في هذه الكلمة المكنون المخزون قل يا قوم تاللّه ما أنطق عن الهوى بل الرّوح ينطق في صدري وتلك برهاني إن أنتم تنصفون ويا قوم إن كان هذا جرمي فلست أنا أوّل من أجرم بين يدي اللّه بل عباد مكرمون خافوا عن اللّه ولا تدحضوا الحقّ بأفواهكم ثمّ انْظُرُوا بطرف الإنصاف فيما نزل بالحقّ من جبروت اللّه المقتدر المهيمن القيّوم وإن تجادلوا بتلك الكلمات تاللّة لن يصدق عليكم حكم الإيمان بما نزلت على عليّ من آيات ربّه ومن قبله على رسل اللّه إن أنتم تعرفون ويا قوم فارحموا علی أنفسكم ولا تقاسوا هذا الأمر بما عندكم وكونوا من الّذين إذا تتلی عليهم من آيات ربّهم يهتزّ أنفسهم شوقًا للقائه ثمّ علی وجوههم يخرّون
أن يا ذبيح تاللّه الحقّ إنّ الغلام قد وقع في جبّ البغضاء فيا ليت يكون من سيّارة ليدلي دلوا النّصر لعلّ يخرج به الغلام وليستضيء وجوه أهل السّموات والأرض وكذلك جرت سنّة القضاء علی ألواح عزّ محفوظ وكذلك يقصّ عليك هذا القلم الّذي شرب ماء الحيوان من كوثر الرّحمن ونبت علی أرض القدس في قطب الجنان ويجري منه كوثر السّبحان ولكنّ النّاس لا يكادون أن يفقهون ثمّ اعلم بأنّ ظهرت فتنة بها انفطرت سموات الوهم وأظلمت شمس الإبداع وظهر كذب الّذينهم ادّعوا في أنفسهم بأنّهم آمنوا بآيات اللّه المهيمن القيّوم
قل يا قوم هذه لآيات عليّ بالحقّ إيّاكم أن لا تستكبروا عليها وكونوا من الّذينهم يخضعون قل تاللّه قد ارتفعت سحاب الفضل وتمطر علی الممكنات ماء الحيوان وهذا من فضل ربّكم الرّحمن إن أنتم توقنون وهل رأيت فضلا أكبر من ذلك لا فونفس اللّه المهيمن العزيز المحبوب وهل أحصيت في الإبداع رحمة أوسع من ذلك لا فونفسي المنّان لو أنتم تعلمون ومن النّاس من سئل عن هذا النّبأ عن الّذين توهّم في نفسه بأنّهم مهتدون
قل يا قوم إنّه لن يحتاج في إثبات أمره بشيء عمّا خلق بين السّموات والأرض وإنّ ما دونه قد خلق بقوله لو أنتم في آياته تتفكّرون قل إنّه دليله نفسه ووجوده سلطانه ولا يعلم ذلك إلّا من توجّه بوجه القدس إلی وجه ربّه ويكون من الّذينهم في كلمات ربّهم يتفرّسون إيّاك أن لا توقّف في أمر ربّك ثمّ انظر بطرف القدس إلى حجج النّبييّن والمرسلين ليسهل عليك الأمر وتكسّر أصنام الأوهام بسلطان ربّك العزيز العلاّم وتكون من الّذينهم علی رفرف العزّ هم متّكئون ثمّ اعلم بأنّ كلّما جرى من قلم النّصح لم يكن إلّا من حبّي إيّاك وإلّا إنّ ربّك لغنيّ عن كلّ من في السّموات والأرض وإنّه لهو الحاكم علی ما يشاء يحكم كيف أراد بقوله كن فيكون فاسع في نفسك بأن لا يزّلك وساوس الشّيطان عن سبل الرّحمن ثمّ استقم علی أمر ربّك وكن من الّذينهم ببصر اللّه في أمره ينظرون
قل يا قوم كلّما عندكم وما أنتم تفتخرون به يثبت بآيات اللّه وتلك آياته نزلت من سماء البَداء إيّاكم أن لا تنكروها ولا تبطلوا بذلك أعمالكم ولا تكوننّ من الّذينهم يتّبعون كلّ ناعق ثمّ بآيات ربّهم يكفرو ثمّ اعلم بأنّا جعلناك سفيرًا من لدنّا لتبشّر النّاس بهذا الأمر الّذي فيه وضعت كلّ ذات حمل حملها وغشت حجبات القهر أبصار اهل السّموات والأرض إلّا عدّة معدود وهم استقرّوا خلف سرادق المجد واستقربوا إلی سيناء القرب أولئك في غمرات الأمر هم يسبحون عَرِّ نفسك عن كلّ شيء ليأخذك يد الفضل ويرفعك إلی مقعد عزّ محبوب ويلبسك ما يستنير به كلّ الموجودات وهذا من فضل ربّك عليك أن لن تحرقه بنيران الإشارات وتكون راسخًا علی أمر ربّك ولا تتّبع كلّ مشرك مردود إيّاك أن لا تجعل نفسك محدودًا بحدود الإشارات ولا محجوبًا بحجب الدّلالات فاخرق الحجبات بسلطان من لدنّا ثمّ احرق الإشارات بهذه النّار الّتي اشتعلت في سيناء القِدم وتجلّى علی هذا القلم بما يجتذب عنه أفئدة الّذينهم كانوا بآيات اللّه هم مقتدون تفكّر في أُمّة الفرقان وفي كلّ ما كان بين يديهم لعلّ تقدّس نفسك عن إشارات القوم وتكون علی استقامة محمود دع الملك ثمّ اصعد إلی هذا السّماء لتطّلع بما لا اطّلع به أحد إلّا من شاء ربّك المقتدر المتعالی المهيمن القيّوم وإنّك لو تخلّص نفسك وتفكّر فى هجرتي في سنة الّتي وردنا العراق تاللّه إنّه ليكفيك عن كلّ شيء ويجعلك من الّذينهم في آيات ربّهم يتفكّرون وبه تمّت حجّة اللّه علی عباده وبرهانه علی أصفيائه وكملت نعمته لأوليائه وأشرقت وجهه لبريّته ولكنّ النّاس لمّا أخذتهم حجبات الأوهام ما تفكّروا فيه بل كانوا عن أمر ربّهم غافلون
قل يا قوم لا تفعلوا كما فعلوا أُمّة الفرقان ولا تدعوا زمام عرفانكم بيد أحد أن اغتنموا الفضل في تلك الأيّام ثمّ بعيونكم فاشهدون وإذا تتلی عليكم آيات ربّكم لا تنقلبوا علی أعقابكم ولا تكوننّ من الّذينهم يعترضون بآيات اللّه ثمّ علی مقاعدهم يستهزئون
أن يا ذبيح قد ذبحت في كلّ حين في عشرين من السّنين ولا يعلم ذلك إلّا ربّك العزيز المحبوب ثمّ اعلم بأنّ ذبيح القبل إذا أراد مشهد الفنا جائه الفداء من سماء البَداء وهذا الذّبيح ما قبل الفداء وذبح بسيف البغضاء من هؤلاء الفجّار الّذين لا يشعرون ما يفعلون وإنّك لو تقدّس المنظر عن إشارات البشر وتصعد إلی منظر الأكبر لتشهد رأسه مرفوعًا على رمح النّفاق في شطر الآفاق وتبكي عليه كبكاء العاشقين الّذين منعهم مقادير القضاء عن الورود علی مقعد عزّ محبوب
أن يا ذبيح طهّر نظرك عن الأكوان وما فيها ومن الإمكان وما عليها لتعرف صنع اللّه الّذي أتقن خلق كلّ شيء وتدخل بيت الأسرار الّتي ما دخل فيها أحد إلّا من شاء ربّك العليم العالم المقتدر القيّوم ثمّ اعرف قدر تلك الأيّام الّتي ليستضيء وجه الغلام بينكم وتدارك ما فات عنك في عرفانه تاللّه هذا خير لك عن ملك السّموات والأرض وعن كلّ ما أنتم تعملون أو تعرفون فسوف تضع أصابع الحسرة بين أسنان الحيرة ولن تجد الغلام ولو تجسّس في أقطار السّموات والأرض كذلك يلقيك قلم البَداء من أسرار القضاء لعلّ يخرجنّ العباد من أجداث الغفلة وينقطعنّ عمّا يمنعهم عن الورود على مقرّ العرفان هذا الرّضوان الّذي جعله اللّه مقدّسًا عن ملاحظة الّذينهم كانوا بربّهم أن يشركون وإذا آتاك قميص الغلام بدم صادق ضعه علی وجهك ثمّ استنشق منه رائحة الرّحمن ثمّ أحمرّ به وجهك وكن صائحًا بوجه الحمراء بين الأرض والسّماء لعلّ أهل الحجبات يحرقنّ سبحات الأوهام ويخرجنّ عريا عن أثواب الإشارات ويصعدنّ إلی جبروت الأسماء والصّفات هذا المقام المتعالي العزيز المحمود
وإنّ ذبيح القبل لمّا أراد أن يدخل مقرّ القرب جبروت ربّه العليّ الأعلى إذا أظهر الشّيطان علی صورة الإنسان وأراد أن يمنعه عن الورود في حرم قدس مخزون فلمّا عرفناه أرجمه بأرجام الأحجار بسلطان من عندنا وقوّة من لدنّا وكذلك كان الأمر إن أنت من الّذينهم يعلمو وإنّك فاقتد به تمّ اعمل بمثل ما عمل بحيث لو تشهد بأنّ أحدًا أراد أن يمنعك عن حبّ هذا الغلام فاعلم بأنّه لهو الشّيطان قد ظهر علی هيئة الإنسان إذًا فاستعذ باللّه ثمّ اطرده بشهاب مثقوب إيّاك أن لا تلتفت إلی شيء ثمّ اقصد بقلبك إلى هذا الشّاطئ المقدّس المحبوب تاللّه يا ذبيح كلّما اسمعت من أوّل الأمر فقد ظهر من لدنّا ولكن إنّا سترناه لحكمة لا يعلمها إلّا المخلصون وبذلك بَغُوْا علينا أكثر العباد من حيث لا يشعرون وإنّا صبرنا في البلايا ونصبر بحول اللّه وقوّته إلی أن يأتي جمال القِدم بسلطان النّصر وينصر غلامه بنصر الّذي يعجز عنه كلّ ما كان وما يكون
* والرّوح والتّكبير والبهاء عليك * * وعلی الّذينهم في* * مرضات ربّهم* * يصبرون * *