سورة الذِّكر

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

سورة الذكر – حضرة بهاءالله – آثار قلم اعلى، جلد ٢، ١٥٩ بديع، الصفحات ٥٤٩ - ٥٥٧

هذه سورة الذّكر قد نزلت بالفضل لعلّ ملأ البيان ينقطعنّ عمّا عندهم‌ ويتوجّهنّ إلى يمين العدل ويقومنّ عن رقد الهوى ويتّخذنّ إلى ربّهم العليّ الأبهى على الحقّ سبيلا

﴿ بسم‌ اللّه ‌الأقدس‌ العليّ‌ الأعلى ﴾

هذا كتاب نقطة الأولى إلى الّذينهم آمنوا باللّه الواحد الفرد العزيز العليم وفيه يخاطب الّذينهم توقّفوا في هذا الأمر من ملأ البيانيين لعلّ يستشعرنّ ببدايع كلمات اللّه ويقومنّ عن رقد الغفلة في هذا الفجر المشرق المنير

قل إنّا أمرناكم في الكتاب بأن لا تقدموا طائفة الّتي يظهر منها محبوب العارفين ومقصود من في السّموات والأرضين وأمرناكم إن أدركتم لقاء اللّه قوموا تلقاء الوجه ثمّ انطقوا من قبلي بهذه الكلمة العزيز المنيع عليك يا بهاءاللّه وذوي قرابتك ذكر اللّه وثناء كلّ شيء في كلّ حين وقبل حين وبعد حين وجعلنا هذه الكلمة عزّا لأهل البيان لعلّ بها يرتقون إلى معارج القدس ويكوننّ من الفائزين وإنّهم تركوا ما أمروا به حيث ما ظهر أحد منهم تلقاء الوجه بما أمرناهم في الألواح بل رموا نحوه من كلّ الآفاق رمي النّفاق وبذلك بكيت و‌بكت أهل جبروت العظمة ثمّ روح الأمين

قل يا قوم فاستحيوا عن جمالي إنّ الّذي قد ظهر بالحقّ إنّه لبهاء العالمين لو أنتم من العارفين وإنّه لبهاء اللّه عليه ذكر اللّه وثنائه ثمّ ثناء أهل ملأ الأعلى وثناء أهل جبروت البقاء وثناء كلّ شيء في كلّ حين إيّاكم أن تحتجبوا بما خلق بين الأرض والسّماء أن اسرعوا إلى رضوان رضائه ولا تكوننّ من الرّاقدين

قل إنّ جماله كان جمالي بالحقّ وإنّ نفسه نفسي وكلّما نزّلناه في البيان قد نزل لأمره المحكم البديع اتّقوا الله ولا تجادلوا بالّذي أخبرناكم به و‌بشّرناكم بظهوره وأخذت عهد نفسه قبل عهد نفسي ويشهد ‌بذلك كلّ شيء إن أنتم من المنكرين تاللّه بنغمة من نغماته قد ولدت حقايق كلّ شيء مرّة أخرى و‌بنغمة أخرى استجذبت أفئدة المقرّبين إيّاكم أن تحتجبوا بشيء عن الّذي كان لقائه ذات لقائي وفدى نفسه في سبيلي كما فديت في سبيله حبّا لجماله العزيز المنيع

قل لولاه ما ركّب الحاء بالباء وما استقرّ هيكل الهاء على الواو وما خلق ما كان وما يكون لو أنتم من الشّاعرين ولولاه ما ألقيت نفسي بين يدي المشركين وما علّقت بين الهواء تاللّه باشتياقي إليه وشوقي إلى نفسه قد حملت ما لا حمله النّبييّن والمرسلين و‌رضيت كلّ ذلك على نفسي لئلّا يرد عليه ما يحزن به فؤاده الألطف الأرقّ الطّيف المنيع و‌وصّيناكم في كلّ البيان بأن لا يحزن أحد أحدا لعلّ لا يرد عليه من حزن وإلّا ما لي وذكري لكم واشتغالي بكم يا ملأ التّاركين وإنّي ما أردت في البيان إلّا نفسه ولا من الأذكار إلّا ذكره ولا من الأسماء إلّا اسمه المبارك الأمنع الأقدس الأبدع البديع فو‌عمري لو ‌ذكرت ذكر الرّبوبيّة ما أردت إلّا ربوبيّته على كلّ الأشياء وإن جرى من قلمي ذكر الأُلوهيّة ما كان مقصودي إلّا إله العالمين وإن جرى من قلمي ذكر المقصود فهو كان مقصودي وكذلك في المحبوب إنّه قد كان محبوبي ومحبوب العارفين و‌إن ذكرت ذكر السّجود ما أردت إلّا السّجود لوجهه المتعالي العزيز المنيع وإن أثنيت نفسا ما كان مقصود قلبي إلّا ثناء نفسه وإن أمرت النّاس بعمل ما أردت إلّا العمل في رضائه في يوم ظهوره وبذلك يشهد كلّما نزّل عليّ من جبروت ربّي العليم الحكيم وعلّقت كلّ شيء بتصديقه ورضائه وإنّه لهو الّذي قد كان بنفسه إله العالمين ومقصود القاصدين وأنتم لو تدقّون الأبصار لتشهدنّ مظاهر يفعل ما يشاء في ظلّه لمن العابدين وأنتم قد فعلتم بنفسه ما لا فعل أمّة الفرقان بنفسي ولا ملأ اليهود بالرّوح

فآهٍ آهٍ من حرقة قلبي وحنين نفسي فيما ورد على محبوبي من ملأ المشركين أُفٍّ لكم ولوفائكم يا معشر الظّالمين إنّا خلقنا الوفاء والأدب لنفسه لعلّ عند ظهوره لا تفعلوا ما يجزع به حقيقتي وحقايق كلّ الأشياء وأنتم تجاوزتم عمّا حدّد في كتاب اللّه الملك العليّ العظيم وخرقتم حجبات الحياء ثمّ ستر الحرمة وعملتم ما يستحيي عن ذكره قلم الإنشاء بين الأرض والسّماء

فآه آه بما ورد منكم على هذا المظلوم الفريد الغريب ولم أدر ما تفعلون به من بعد لا فونفسي العليم بل اعلم وعندي علم كلّ شيء في لوح جعله اللّه محفوظا عن انظر المشركين وأخبرناه من قبل بما ورد عليه ويرد ولو إنّه قد كان بنفسه عالما بما في صدور العالمين لن يغرب عن علمه من شيء ولا يفوت عن قبضته ما خلق بكلمة من عنده لا إله إلّا هو الفرد الباعث المحيي المميت قل يا قوم إنّه لهو الّذي لو يريد أن يجعل كلّ من في السّموات و‌الأرض حجّة باقية من عنده ليقدر وإنّ هذا عنده سهل يسير وإنّه لهو الّذي قد خلق رضوان البيان لنفسه ومنه بدء كلّ شيء ويعود لو أنتم من العالمين وأنتم بالّذي كان في قبضته ملكوت الإبداع ما رضيتم بأن يسمّي نفسه باسم من الأسماء بعد الّذي إنّها وملكوتها قد خلقت بأمره العزيز المنيع

فآه آه عن غفلتكم يا ملأ البيان فآه آه من احتجابكم يا ملأ المشركين وأنتم لمّا اسرفتم في أنفسكم وبلغتم إلى معارج العرفان بزعمكم تذكرون الوصاية لأحد من أعدائه و‌تستدلّون بها على اللّه الّذي به شرعت شرايع الأديان في الأوّلين و‌الآخرين ورجعتم إلى ما استدلّ به أولو الفرقان بعد الّذي نهيناكم في ساحته عن كلّ الأذكار إلّا بعد إذنه وكان اللّه على ذلك لشهيد وخبير إذا فانظروا في شأنكم وعرفانكم فأفّ لكم ولعقولكم ثمّ درايتكم يا ملأ الأخسرين أَمَا علمتم بأنّا طوينا ما عند النّاس وبسطنا بساطا آخر فتبارك اللّه الملك الباسط العزيز الكريم قل يا قوم لا تفتروا على نفسي إنّي ما تكلّمت إلّا بذكر هذا الظّهور و‌ثنائه وما تنفّست إلّا بحبّه وما توجّهت إلّا بوجهه المشرق المنير وجعلت البيان وما نزل فيه ورقة من أوراق حديقة الرّضوان لنفسه المهيمن العزيز القدير إيّاكم أن تغصبوها وترجعوها إلى الّذي أراد سفك دمي مرّة أخرى بما اتّبع النّفس والهوى وكان من الحاربين قد فصّلنا البيان من كلمة ثمّ رجعناه إليها وأمرنا الكلمة بأن تحضر تلقاء العرش ليشهد خلق قبله ويفرح به نفسه العليم الحكيم إذا فانصفوا هل ينبغي أن تتصرّف فيها صاحبها ودونها فما لكم يا معشر المحتجبين إنّا أمرنا ملأ البيان بأن يلبس الحرير وينظّفنّ أنفسهم وأثوابهم لئلّا يقع عينه على ما لا يحبّه وكذلك في كلّ شيء فصّلنا تفصيلا في كتاب مبين كلّ ذلك لنفسه لو أنتم من المنصفين وخلقنا السّموات والأرض وما قدّر بينهما لأحبّائه فكيف جماله المشرق العزيز المنير وأنتم تمسّكتم بما قدّرناه له واعترضتم به على محبوبي فما لكم يا ملأ البغضاء وما يغنيكم اليوم يا معشر المفسدين وأنتم اعترضتم عليه وبكلّ ما ظهر من عنده بعدما وصّيناكم به في الألواح بأنّ كلّ من يخطر بباله ذكر اسمه الأعظم البديع يقوم عن مقرّه ويقول سبحان اللّه ذو الملك و‌الملكوت تسعة عشر مرّة ثمّ سبحان اللّه ذي العزّة و‌الجبروت تسعة عشر مرّة إلى آخر ما نزّلناه في لوح عزّ عظيم وأنتم كفرتم به وبآياته وما اكتفيتم بذلك وما لاحظتم حقوق اللّه في حقّه وما راعيتم أمر اللّه في نفسه العليّ العليم إلى أن اعترضتم بكلّ أفعاله واحدا بعد واحد وكنتم لمن المستهزئين ومنكم من قال إنّه يشرب الچاي ومنكم من قال إنّه يأكل الطّعام ومنكم من اعترض على لباسه بعد الّذي كلّ خيط من خيوطه يشهد بأنّه لا إله إلّا هو وإنّه لمقصود المقرّبين و‌إنّي أشهد بنفسي ما كان عند حضرته في بعض الأحيان من ثوبين ليبدل أحدهما بالآخر كذلك يشهد لسان صدق عليم وما كان في بعض اللّيالي ما يسترزقنّ به آل اللّه وإنّه ستر أمره حفظا لأمر اللّه المحكم المتين بعد الّذي خلق كلّ شيء لنفسه وعنده مفتاح خزائن السّموات والأرضين أفّ لحيائكم يا ملأ البيان تاللّه خجلت من فعلكم وإذا اتبرّء منكم يا ملأ الشّياطين

فآه آه من ابتلائه بينكم فآه آه عمّا ورد ويرد عليه في كلّ حين يا قوم فانصفوا ثمّ تفكّروا أقلّ من آن لو أنتم في تلك الحجبات لم أظهرت نفسي وما ثمر ظهوري يا ملأ المنافقين قد بعثني اللّه لخرق الأحجاب وتطهيركم لهذا الظّهور و‌أنتم فعلتم ما يتذرّف به عيناي وعيون المقدّسين قد ابيضّت وجوه ملل القبل من فعلكم لأنّكم احجب منهم و‌اغفل من ملأ التّورية والزّبور والإنجيل فيا ليت ما ولدت من أمّي و‌ما أظهرت نفسي بينكم يا ملأ الخائنين فوالّذي بعثني بالحقّ احصيت علم كلّ شيء وكلّما كنز في كنائز حفظ اللّه وما ستر عن انظر العالمين ولكن ما احصيت نفوسا أشقى منكم وأبعد عنكم لأنّا بعدما فصّلنا في الألواح وما نصحنا به أنفسكم في كلّ الأوراق ما ‌ظنّنا بأن يظهر في الملك أحد أن يعترض على اللّه الّذي في قبضته ملكوت ملك السّموات و‌الأرضين إذا تحيّرنا من خلقكم ولم أدر بأيّ كلمة خلقتم يا من تحيّر فيكم ومن فعلكم أفئدة أهل ملأ العالين ثمّ أفئدة المخلصين والمقرّبين

كذلك قصصنا لك يا عبد في هذا اللّوح ما تغرّدت به حمامة البيان حينئذ لدى عرش ربّك العزيز الحميد وإنّك أنت فاقرء ما نزل فيه ثمّ احفظ لؤلؤ المعاني عن كلّ خائن سارق من ملأ الشّياطين وإن وجدت من ذي بصر فانشره أمام عينه ليشهد ويكون من الفائزين لعلّ أولي الأبصار من عبادنا الأخيار يطلعنّ بما ورد على جمال المختار من هؤلاء الفجّار الّذين اتّخذوا العجل لأنفسهم ربّا من دون اللّه ويسجدونه في العشيّ والإبكار ويكوننّ من الفرحين وإنّك أنت لا تحزن عمّا ورد علينا ثمّ اصبر كما صبرنا وإنّه لخير ناصر ومعين أن اذكر ربّك في اللّيالي والأيّام ثمّ انطق بثناء نفسه بين عباده لعلّ بثنائه تحدث نار حبّه في قلوب المحسنين و‌كلّ يقومنّ على ثناء اللّه ربّهم وربّ ما يرى وما لا يرى وربّ آبائكم الأوّلين

إنّا أنزلنا عليك الآيات من قبل وأرسلناها إليك بيد أحد من عبادنا الّذي سمّي بمحمّد إنّا كنّا مرسلين ولن يعادل بكلمة منها ما خلق بين السّموات والأرضين إن رأيت محمّدا ذكّره من لدنّا وإنّ ربّك خير ذاكر وعليم قل يا محمّد إنّا وصّيناك في الكتاب بأن لا تتجاوز عن العدل والصّدق إيّاك أن تكون من المتجاوزين أن اشكر اللّه بما شرّفك بلقائه ثمّ احفظ نفسك لئلّا يظهر منها ما يحبط به عملك كذلك نوصيك بالحقّ رحمة من لدنّا عليك وعلى عباد المقبلين ثمّ كبّر من لدنّا على وجوه أبنائك وذوي قرابتك الّذينهم اتّخذوا لأنفسهم إلى اللّه سبيل

ثمّ اذكر أخيك الّذي سمّي بأحمد قل إيّاك أن تكون متوقّفا في أمر ربّك اسمع قولي ثمّ مر عن الصّراط كمرّ السّحاب هل سمعت في الإبداع ظهورا أعظم من هذا الظّهور الّذي ظهر بالحقّ لا فوربّك ويشهد بذلك أولو الألباب وإنّ هذا لهو الّذي تنطق فوق رأسه لسان العظمة والكبرياء أن يا أهل الأرض والسّماء هذا ظهوري وبهائي ثمّ عظمتي وبرهاني توجّهوا إليه بخضوع وإناب قل إنّ الّذين يدّعون حبّك أولئك يحبّك لأنفسهم ولكن اللّه أحبّك لنفسك ودعاك بلسان هذا الغلام ثمّ من قبل بألسن سفرائه اتّق اللّه الّذي إليه يرجع حكم المبدء و‌المآب

ثمّ ذكّر من لدنّا الّذي سمّي بأحمد وحضر تلقاء الوجه في العراق لعلّ ينقطع عمّا سوى اللّه ويتقرّب إلى نفس الرّحمن أن يا أحمد إنّا نريك متوقّفا حول النّار اسمع قولي ثمّ ادخل فيها بإذن ربّك تاللّه إنّها لنور لمن انقطع عن كلّ شيء وتمسّك بعروة أمر اللّه المقتدر العزيز المنّان أن يا أحمد فكّر فيما عندك ثمّ في حجج النّبييّن من قبل وما نزل في البيان لعلّ تنقطع بكلّك عن كلّ شيء وتتوجّه إلى حرم القرب مقرّ الّذي فيه تستضيء أنوار الوجه بضياء تستضيء منها حقايق أهل الأكوان لا مفرّ لأحد إلّا بأن ينكر رسل اللّه من قبل أو يتّبع هذا الأمر الّذي أشرق عن أفق القدس بقدرة و‌سلطان أن يا محمّد بلّغه رسالات ربّك ليستقيم على أمر ربّه ولا يكون محتاطا في هذا الأمر الّذي يطوف في حوله الحجّة والبرهان من اقبل إلى اللّه فلنفسه ومن أعرض فعليها وما ‌لك إلّا بأن تبلّغ النّاس أمر ربّك وتدعوهم إلى الرّضوان إيّاك أن تحزن من شيء وإنّ ربّك معك في كلّ الأحيان وقد قدّر لك عند ربّك مقام ما اطّلع به أحد إلّا اللّه المقتدر العزيز السّبحان لا تستقر في مقامك ولا تصمت عن ذكر ربّك أن اذكره بين عباده لعلّ يحدث في قلوبهم حرارة محبّة اللّه كذلك أمرت من لدن ربّك العزيز الرّحمن

كبّر من قبل الغلام على وجوه الّذينهم آمنوا ثمّ اجتمعهم في ظلّ هذا الفردوس الّذي خلقه اللّه فوق الجنان قل يا قوم أن اعرفوا قدر تلك الأيّام ولا تكوننّ من الّذينهم نبذوا أمر اللّه عن ورائهم وكانوا من أهل الخسران أن اشكروا اللّه بما أيّدكم على عرفان نفسه وأنزل عليكم الآيات من سماء الفضل ليقرّبكم إلى مقام الّذي جعله اللّه مقدّسا عن عرفان أهل الطّغيان الّذين تجاوزوا عن حدود اللّه و‌نسوا عهده وميثاقه تاللّه إنّ هم إلّا من أصحاب الضّلال و‌البهاء عليك و‌على من تمسّك باللّه وتجنّب عن الشّيطان

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV