أن يا ذبيح إنّا أرسلنا إليك من قبل لوحا ممتنعا منيع وفيه ذكر ما جعله الله حجّة على من في الملأ الأعلى وعلى من في ملكوت السّموات والأرضين أن اعمل بما فيه بسلطاني الّذي لا يزول وبإحاطة نفسي الّتي لن يفوت عنها شيء ولن يعزب منها علم ولا تخف من الّذين تجدهم كخراطين الأرض بل أحقر لأنّهم يقولون إنّا آمنا بِعَلِيٍّ مِنْ قَبْلُ فلمّا ظهر سلطانه وعظمته وكبريائه إذا كفروا به وكانوا من المعرضين
بلّغ يا عبد ما أمرناك به عبادنا المحتجبين ولا تأخّر أمر ربّك ولا تصبر فيه لأنّ الصّبر محبوب إلّا في ذكر اسمي العليّ العليم أن افتح شفتاك ثمّ أخرج منها لئالي ذكر ربّك ثمّ أنثرها على راوس المقرّبين لأنّ دون هؤلاء لم يكن لهم عين ليمتازوا اللّؤلؤ عن الحجر بل الحجر عندهم أحسن من لؤلؤ قدس ثمين
أن يا ذبيح تالله الحقّ لو أراد اليوم كلّ الأشيا بأن يطّلعنّ بما كان وما يكون ويصعدنّ إلى هواء قدس الملكوت ويعرجنّ إلى سدرة المنتهى مقرّ ظهور أسمائنا الحسنى ويشربنّ عن كاوس الحيوان من مظاهر اسم ربّك الرّحمن الرّحيم ليقدرنّ لأنّ شمس ذكر اسم ربّك قد أشرقت على شأن يتجلّي منها استضائت أهل السّموات والأرضين قل يا ملأ المنكرين أنتم وما عندكم عند من استوى بسلطانه على عرش عزّ عظيم لم يكن إلّا كعين بعوضة بل أحقر منها لو أنتم من الشّاعرين
أن يا ذبيح أن اشرب من كلمات ربّك خمر الحيوان في كلّ حين ليطهّرك عن كلّ ذي إشارة وعن كلّ ذي تمسّك وعن كلّ ذي حجاب عظيم وإن رأيت أحد من المعرضين فامدد يدك بسلطان يدي الّذي في قبضته ملكوت كلّ شيء ثمّ خذ أُذنه بيدك ثمّ تقرّب فمك من أُذنه قل يا أيّها العبد أما ادّعيت في نفسك بأنّك خرقت حجبات الملل وجعلت نفسك مطهّرا عن كلّ العلل وحسبت بأنّك أنت من الموحّدين واستدللت في إثبات دينك بالله المهيمن المقتدر العزيز العليّ القدير بما نزّل عليه من آيات ربّك الرّحمن وكذالك كنت مثبت دينك على دونك ويشهد بذالك نفسك إن أنت من المنكرين فلمّا بدّل قميص اسمه الأولى ولبس قميص اسم أُخرى من أسمائه الحسنى لِمَ أعرضت عنه وكنت من المنكرين فأُفٍّ لك وبما تكون عليه إذا يلعنك ذاتك ثمّ نفسك وروحك ثمّ كلّ من في السّموات والأرضين أتنكر الّذي قد قرّت بلقائه عيون ملأ الفردوس واستبرك بفناء بابه أهل ملأ العالين ومع ذالك حسبت أنّك محسن في فعلك لا فوربّ العما بل تكون كاذبا في نفسك ويشهد بذالك حينئذ لسان الله الملك النّاطق العليم
قل أن يا أيّها المشرك بالله هل بقت من حجّة ما ظهرت بالحقّ وهل من نعمة ما تمّت عليك بالفضل وهل من كلمة ما بلغت إلى قطب العما قل تالله قد اتى سلطان الكلمات على ظلل من الآيات إذا انصعقت كلمات كلّ مشرك عنيد هل تنظر في إثبات أمري بسوائي فوالله إذا ينكرك كلّ شيء ويكفّرك كلّ الذّرّات لو أنت من السّامعين
أن يا أيّها المعرض ما حجّتك في أمرك فأت بها تالله لا أنت تقدر ولا الّذي اتّخذته لنفسك ربّا من دون نفسي الرّحمن الرّحيم قد ذلّت كلّ الوجود لسلطنتي ومحت كلّ الآثار لدى آثاري واقشعرّت كلّ الوجود لهيمنتي وانعدمت الطّوريّون على سيناء الرّفيع عند ظهور أنوار وجهي المشرق المقدّس العزيز المنير هل دون ربّك يكفيك في شيء فأت به لو أنت من المستطيعين وهل من سويه يغنيك عن أمر لا فوجمالي الّذي خرّت عند تشعشع نوره أهل الفردوس ثمّ حقايق المرسلين قل اليوم لن يحمل عرش ربّك الرّحمن إلّا نفسه المقتدر العزيز المنّان وكذالك كان الأمر إن أنت من العالمين
قل أن يا مظهر البغضا إن كنت آمنت من قبل بمظهر نفس ربّك الّذي سمّي بعليّ قبل نبيل بما أشرق عن مشرق الأمر بآيات الله الملك المهيمن العزيز العليم تالله تلك آياته قد نزّلت من سماء القضا مرّة أخرى بعناية الّتي أشرقت عن أفق البها وهذا برهانه قد ظهرت على هيئة الحروفات وتشهده مرّة على بحر المعاني على هيئة السّفائن ثمّ مرّة تشهدها على هيئة الأمواج ثمّ مرّة على هيكل الحيتان إذا خف عن الله الّذي خلقك وسوّيك ثمّ عرّ جسدك عن كلّ الإشارات ثمّ ادخل في هذا البحر الحمرا بإذن ربّك العليّ الأعلى وخذ نصيبك منه ولا تكن من الصّابرين وإن كنت آمنت بالله بما ظهر منه من سلطنته وقدرته وإجلاله تالله الحقّ قد ظهرت قدرة ما ظهرت شبهها في الإبداع وأحاطت كلّ الممكنات من الأوّلين والآخرين ولم أَدْرِ يا أيّها المحتجب المردود بأي حجّة ثبت إيمانك وبأي برهان تنكر إيمان الّذينهم آمنوا بالله في هذا الظّهور الّذي ظهر بالحقّ وأحاط فضله العالمين وينبغي لك يا أيّها المعرض بأن تسئل من أمّك حالك لعلّ تطلع بنفسك الخبيث وتعرفها وتكون من العارفين
قل قد جرى بحر العظمة عن يمين العرش ويطهّر بقطرة منه كلّ العباد لو يكوننّ من الموقنين وأشرقت شمس الجود عن أفق الأمر بضياء يستضيء بنور منه كلّ العالمين وقد ارتفعت سحاب الفضل ويمطر في كلّ حين من آيات عزّ منيع تالله الحقّ بقطرة منها ينبت في أرض كلّ نفس شقايق البيان لو يكوننّ من المتوجّهين قل أتمنعون أنفسكم عن حرم القدس وتسمّون أنفسكم من الطّائفين قل إنّ هذا لحرم الله في الملأ الأعلى وكعبة القدس في جبروت البقا وحلّ الأمر في ملكوت الأسما ومشعر العزّ بين الأرض والسّما وبيت المعمور في سماء هذا الظّهور المشرق المنير
قل قد خرّت كلّ الكلمات لكلمة الله ربّك وكسفت كلّ الشّموس عند ضياء أشراق أنوار هذا الوجه الّذي كشف الحجاب بسلطانه وظهر أنواره بين العالمين وإن رأيت اسمي الها ذكّره بآيات ربّك لعلّ يكون من المقبلين إلى شطر الّذي من أقبل إليه فقد نجى ومن أعرض فقد هلك كذالك نطق الرّوح حينئذ بين السّموات والأرضين
قل أن يا عبد اسمع قولي تالله الحقّ لن تجد لنفسك ناصحا انصح منّي لا توقّف على الصّراط ثمّ مرّ كمرّ السّحاب وكذالك أمرناك من قبل ونأمرك حينئذ وإن لن تقبل منّي فسوف نأمرك بذالك من بعد ومن بعد بعد إلى أن تمرّ عنه بسلطاني الغالب المقتدر الحكيم شقّ حجبات الأوهام بذكري ثمّ باسمي ودع كلمّا يمنعك عن ورائك ثمّ اظهر بغتة بظهور ربّك ولا تكن من الصّابرين إيّاك أن لا يمنعك الرّياسة عن ذكر ربّك تالله الحقّ لو يسجدك كلّ من في السّموات والأرض ولم تكن في ظلّي لن ينفعك وبذالك يشهد روحك لو تكون من السّامعين أتحبّ بأن تكون من الّذينهم منعهم الرّياسة في أيّام الّتي شقّت فيه سماء الأمر وأتى على ظلل القدس شمس جمال ربّك العليّ العظيم واشتغلوا برياستهم وكفروا بالله خالقهم ومبدئهم إلى أن افتوا على قتله بعد الّذي جائهم بحجّه من لدى الله وبرهان عظيم
تالله يا أيّها العبد ما كان مقصودي إلّا تطهيرك عنكلّ ما لا ينبغي لك وكلمّا اصمت في ذكرك لسان الله ينطق على لساني ويأمرني بالتّبليغ عليك وما عليّ إلّا البلاغ المبين فكّر في نفسك أقل من آن هل سمعت ظهورا أعظم من هذا أو من آيات أكبر عمّا نزلت بالحقّ إذا فانطق على الصّدق الخالص وكن من الّذينهم توجّهوا إلى منظر الأكبر في يوم الّذي انقلبت فيه وجوه الخلايق أجمعين وان تخاف من إيمانك خذ هذا اللّوح ثمّ احفظه في جيب توكّلك وإذا دخلت موقف الحشر في يوم الّذي فيه يبعث كلّ الممكنات تلقاء وجه ربّك من نفحاته المنيع البديع ويسئلك الله بأيّ حجّة آمنت بهذا الظّهور إذا فاخرج اللّوح وقل بهذا الكتاب المنزل المبارك القديم ثمّ اقرء ما نزل فيه تلقاء وجه ربّك مقرّ الّذي تشهد فيه كلّ النّبييّن والمرسلين تالله إذا تمدّ أيادي الكلّ إليك ويأخذن اللّوح ويضعنّه على عيونهم شوقا للقائي وشغفا لحبّي ويجدنّ منه روايح قدس العزيز المنيع
كذالك فصّلنا لك الآيات لتطمئنّ في نفسك وتكون من المطمئنّين ولو يعذّبك الله بما آمنت بآياته في هذا الظّهور فبأيّ حجّة يعذّب الّذينهم ما آمنوا بعليّ من قبل ومن قبله بمحمّد رسول الله ومن قبله بعيسى ابن مريم ومن قبله بالكليم ومن قبله بالخليل إلى أن ينتهى الظّهورات إلى البديع الأوّل الّذي خلق بإرادة ربّك القادر المريد
أن يا اسمي إن الأمر أظهر من أن يخفى وأبين من أن يستر ويستضيء كالشّمس في قطب الزّوال وإنّك لو تخلّص نفسك عن الحجبات لتصل إليه أقرب من أن يرتدّ بصرك إلى نفسك وإن هذا لحقّ يقين واسمع قول من ينطق بالحقّ ولا تجادل بآيات الله بعد إنزالها ولو يأمرك بذالك كلّ العباد ولا تمنع نفسك عن فضله ولو يمنعك عن ذالك كلّ الثّقلين فانظر أمر ربّك ببصرك ثمّ اعرفه بنفسك وروحك لأنّ عرفان غيرك لم يكن دليلا لك وإعراض ما سويك لم يكن حجّة عليك إيّاك أن لن تحتجب عن الّذي لو تحتجب عنه أقل من آن ليحبط أعمالك ويصدّقني في ذلك كلّ ما نزّل من قبل من صحايف الله الملك المنزل القدير إنّ الّذين أعرضوا عن هذا الجمال لمّا شهدوا أنفسهم عجزآء عند قدرة ربّك لذا قاموا على المكر ويمكرون في كلّ حين بمكر جديد كذالك أنصحناك من قبل وحينئذ وإنّك فاتّخذ لنفسك ما تشاء وإنّ ربّك لغنيّ عن العالمين وإنّك أنت يا ذبيح بلّغ رسالات ربّك صدقا وعدلا ولا تخف من ذي قدرة ولا من ذي قوّة ولا من ذي شوكة عظيم فطوبى لنفس تدع كلّ شيء وتأخذ ما أشرق من هذا الفجر المشعشع الدّرّيّ المنير فيا حبذا لنفس تتقرّب بهذا البحر وتأخذ منه نصيبه ولا تجعل نفسه محروما عنه ولا تكون من الغافلين قل اليوم لو يملاء كلّ من في السّموات والأرض من كتب وصحف وزبر و يتمسّكن النّاس بها يغنيهم أبدا إلّا بعد اذن الله وكذالك رقم من اصبع الحقّ على ألواح عزّ حفيظ إنّ كلّ الزّبر دليل على أمره وكلّ الكتب سبيل إليه وإنّه لمّا ظهر بالحقّ إذا لن ينفع نفسا شيء إلّا بعد أمره كذالك أشرقت شمس الحكمة عن أفق ربّك المقتدر القدير
قل أفي الله شكّ أو في آياته أو في قدرته الّتي أحاطت كلّ الخلايق أجمعين ويا قوم لا تشركوا بالله ولا تتّخذوا الأصنام لأنفسكم إلهة من دونه اتّقوا الله وكونوا من المحسنين قل اليوم كلّما يمنعكم عن الله فهو أصنام ولو يكوننّ من أعلى الوجود لأنّ فضل كلّ ذي فضل كان في إقراره بالله واعترافه بنفسه والدّخول في ظلّه والسّجود لوجهه المتعالي العزيز المنيع ولو يجعل أحد نفسه محروما عمّا ألقيناه عليك ليكون من عبدة الأصنام عند ربّك وكذالك كتب اسمه على ألواح عزّ حفيظ
أن يا ذبيح اسمع قول من يناديك بالفضل وأحبّك لنفسك خالصا لوجه ربّك ولا تمسك لسانك عن الذّكر لأنّا خلقناه لهذا الفضل إن أنت من العارفين وإن لن تجد الحبيب على الأرض فألق ما نزّلناه على الّذي يمشي على قدمه وكن من المبلّغين كذالك أمرناك في لوح القبل ونأمرك حينئذ فضلا من عند ربّك عليك وعلى عبادنا المؤمنين الّذين لن يتجاوزوا عن حدود الله وأمره وتمسّكوا بعروة عزّ مبين ثمّ اذكر من لدنّا أخيك إنّا أرسلنا إليه من قبل كتابا كريم ليطمئنّ به نفسه ويستقسم على أمر مولاه ويكوننّ من الشّاكرين ثمّ ذكّر الّذين تجد من قلوبهم نفحات حبّي ومن وجوههم نضرة النّعيم ومن دون هؤلاء لن يذكر أسمائهم عند ربّك بل كانوا فقراء بحيث لم يكن لهم ذكر ولا اسم ولا رسم بين يدي ربّك المقتدر العالم العليم والضّياء الّذي أشرق عن أفق القدس عليك وعلى الّذين يسمعون قولك في أمر الله ربّك وربّ ما يرى وما لا يرى وربّ العالمين