أَنْ يَا فَتْحُ الأَعْظَمُ إِنَّا قَدْ أَحْصَيْنَا فِيْ نَفْسِكَ نَصْرَ نَفْسِنَا الْحَقِّ وَنَفَخْنَا فِيْكَ رُوْحًا مِنَ الْقُوَّةِ وَالاقْتِدارِ حِيْنَ الَّذِيْ حَضَرْتَ بَيْنَ يَدَيِّ الْعَرْشِ فِيْ الْعِراقِ وَكانَ اللهُ عَلى ذَلِكَ شَهِيدًا، فَوَجَمالِيْ لَوْ أَنْتَ تُرِيدُ بِقُدْرَةِ الَّتِيْ أَعْطَيْناكَ لِتَقْلِبَ الْعالَمِينَ إِلى وَجْهِ رَبِّكَ لَتَقْدِرُ بِسُلْطانِ الَّذِي أَحاطَ الْعالَمِينَ جَمِيعًا، أَنِ اسْتَقِمْ فِيْ أَمْرِ رَبِّكَ وَلا تَضْطَرِبْ مِنْ فِتْنَةِ الَّتِيْ اضْطَرَبَتْ مِنْها كُلُّ مَنْ فِيْ السَّمواتِ وَالأَرْضِ بِحَيْثُ وَضَعَ الإِمْكانُ حِمْلَهُ وَتَرَى النَّاسَ سُكَراءَ عَلى أَرْضِ الْفَناءِ وَهُيَمآءَ فِيْ بَرِّيَّةِ الْوَهْمِ وَالْهَوَى وَكَذلِكَ كانَ أَمْرُ رَبِّكَ عَلى الْحَقِّ شَدِيْدًا، وَإِنَّا أَرَدْنا حِيْنَ الَّذِيْ كُنْتَ تِلْقَاءَ الْعَرْشِ بِأَنْ نُلْقِيْ عَلَيْكَ مِنْ أَمْرِ الْمُقَنَّعَةِ الْمُغَطَّئَةِ المُحَجَّبَةِ عَنْ كُلِّ الأَنْظارِ وَلكِنْ صَبَرْنا إِتْمَامًا لِمِيْقَاتِ اللهِ فَلَمَّا تَمَّتِ الْمِيْقاتُ أَظْهَرْنا مِنْهُ رَمْزًا إِذًا تَزَلْزَلَتْ سُكَّانُ الأَرْضِ وَانْصَعَقَتِ الطُّورِيُّوْنَ عَلى سِيْنَاءِ الأَمْرِ وَضَجَّتْ أَفْئِدَةُ أُوْلِي النَّظَرِ مِنْ هَذا الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَأَظْلَمَتْ كُلُّ شَمْسٍ بازِغ ٍمُنِيْرًا، إِيَّاكَ إِيَّاكَ أَنْ تَمْنَعَ عَنْ نَفْسِكَ قُدْرَةَ رَبِّكَ ثُمَّ اتَّخِذْ فِيْ ظِلِّ عِصْمَةِ الأَمْرِ عَلى الْحَقِّ الأَكْبَرِ مَقامًا رَفِيْعًا، لِئَلاَّ يَأْخُذَكَ سَهْمُ الإِشاراتِ مِنْ أُوْلِي الْكَلِماتِ وَيَمْنَعَكَ عَنْ رَحِيْقِ الْحَيَوانِ فِيْ هَذا الرِّضْوانِ الَّذْيِ كانَ عَنْ يَمِيْنِ الْعَرْشِ مَشْهُوْدًا، دَعِ الإِشاراتِ عَنْ وَرَائِكَ ثُمَّ ارْتَدَّ الْبَصَرَ إِلى مَنْظَرِ اللهِ الأَكْبَرِ لِتَعْرِفَ رَبَّكَ بِنَفْسِهِ وَتَكُوْنَ مِنَ الْعارِفِيْنَ فِيْ أُمِّ الأَلْواحِ مِنْ قَلَمِ اللهِ مَرْقُوْمًا، أَنْ يا كَلِمَةَ الأَمْرِ فَلَمَّا نَزَلَتْ جُنُوْدُ وَحْيِ اللهِ بِالرُّوْحِ الأَعْظَمِ فِيْ قُمُصِ الآياتِ إِذًا ضاقَتْ صُدُوْرُ أَهْلِ الإِشاراتِ وَمَنَعُوا آذانَهُمْ عَنْ نَغَماتِ رَبِّهِمْ لِذا جَعَلْناهُمْ عَنْ شاطِئِ الْفَضْلِ مَحْرُوْمًا، أَذِّنِ النَّاسَ بِالْحَجِّ الأَكْبَرِ إِلى هَذا الْجَمالِ الَّذِي يَطُوْفُ فِيْ حَوْلِهِ بَيْتُ الأَعْظَمُ ثُمَّ الْحِلُّ وَالْحَرَمُ ثُمَّ هَياكِلُ الْقِدَمِ الَّذِيْنَ ما سَجَدُوا إِلاَّ لِوَجْهِ الَّذِيْ كانَ عَنْ أُفُقِ الْقُدْسِ مَشْرُوْقًا، ضَعْ قَدَمَكَ عَلى رَأْسِ الإِشاراتِ وَعَنْ كُلِّ ما يَمْنَعُكَ عَنِ الْوُرُوْدِ فِيْ ساحَةِ عِزٍّ مَحْبُوْبًا، قُمْ بِقِيامِ رَبِّكَ ثُمَّ انْصُرْ هَذا الْمَظْلُوْمَ وَلا تَخَفْ مِنَ الَّذِيْنَ يَقُوْلُوْنَ ما لا يَشْعُرُوْنَ وَيَحْسَبُوْنَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُوْنَ لا فَوَنَفْسِيَ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُنِ الْيَوْمَ عِنْدَ رَبِّكِ مَذْكُوْرًا، أَنَسِيْتَ ما أَلْقَى الرُّوْحُ عَلَيْكَ حِيْنَ الَّذِيْ دَخِلْتَ عَلى سُرَادِقِ الْخُلْدِ مَقامِ عِزٍّ مَبْرُوْكًا، تَاللهِ قَدْ جاءَ فَصْلُ الأَكْبَرُ وَفَصَلَ بَيْنَ كُلِّ الذَّرَّاتِ إِذًا انْصَعَقَتِ الأَرْواحُ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ إِلاَّ عِدَّةَ وَجْهِ رَبِّكَ وَهُمْ هَياكِلٌ مَعْدُوْدًا، تَاللهِ لَوْ تَرْتَدُّ بَصَرَ الَّذِيْ أَعْطَيْناكَ لَتَشْهَدُ بِأَنَّ السَّحابَ تَبْكِيْ عَلَيَّ وَالْغَمامَ يَنُوْحُ لِيْ وَالسَّماءَ تَحِنُّ لِنَفْسِي الَّتِيْ كانَتْ بَيْنَ الْعالَمِيْنَ مَظْلُوْمًا، وَوَرَدَ عَلَيْهِ ما لا يُحْصِيْهِ أَحَدٌ إِلاَّ اللهُ رَبِّيْ وَلَوْ كُشِفَ الْغِطاءُ عَنْ وَجْهِهِ لَتَنْقَطِعُ عَنِ الرُّوْحِ وَتَصِحُّ بَيْنَ الأَرْضِ وَالسَّماءِ بِصَيْحَةٍ كانَ عَلى الْحَقِّ عَظِيْمًا، وَلَكِنْ سَتَرْنا وَصَبَرْنا إِلى أَنْ يأْتِي اللهُ بِأَمْرِهِ وَيُظْهِرُ طَلائِعَ النَّصْرِ إِذًا يَنْصُرُ الْغُلامَ بِجُنُوْدِ الْغَيْبِ كَما نَصَرَهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ حِيْنَ الَّذِيْ كانَ فِيْ سِجْنِ الظُّلْمِ وَأَخْرَجَهُ بِالْحَقِّ بِسُلْطانٍ مِنْ عِنْدِهِ وأَنْزَلَ عَلَيْهِ سَكِيْنَةً مِنْ لَدُنْهُ وَكانَ نَصْرُ رَبِّكَ بِالْحَقِّ قَرِيْبًا، قُلْ يا قَوْمِ هَذا الَّذِيْ مِنْهُ اسْتَضاءَ كُلُّ الْمُمْكِناتِ وَطارَتْ طَيْرُ الأَمْرِ إِلى مَقامِ الَّذِيْ اسْتَظَلَّ فِيْ ظِلِّها كُلُّ الذَّرَّاتِ وَهَلْ يُنْكِرُ هَذا الْفَضْلَ أَحَدٌ لا فَوَالَّذِيْ نَفْسِيْ بِيَدِهِ إِلاَّ كُلُّ مُبْغِضٍ مَرْدُوْدًا، قُلْ يا قَوْمِ لا تَتَّبِعُوا هَوَيكُمْ أَنِ اتْبَعُوا مِلَّةَ الرُّوْحِ وَلا تَجْعَلُوا أَنْفُسَكُمْ بِحُجُباتِ النَّفْسِ مَحْجُوْبًا، فَسَوْفَ تُمْنَعُوْنَ عَنْ حُبِّ اللهِ وَمَظْهَرِ نَفْسِهِ وَتُدْعَوْنَ إِلى الْعِجْلِ وَهَذا مِنْ سِرِّ الْغَيْبِ أَخْبَرْناكُمْ بِهِ لِتَكُوْنُنَّ مِنَ الَّذِيْنَ أُوْتُوا بَصَرَ الْعِرْفانِ وَكانُوا عَلى الأَمْرِ خَبِيْرًا، إِيَّاكُمْ يا قَوْمِ لا تَكْفُرُوا بِآياتِ اللهِ إِذا نَزَلَتْ بِالْحَقِّ وَلا تُحارِبُوا مَعَ الَّذِيْ بِهِ اسْتَشْرَقَتْ شَمْسُ الْعِزِّ عَنْ أُفُقِ عِزٍّ مُنِيْرًا، وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ثُمَّ انْظُرُوا فِيْ كَلِماتِ اللهِ لأَنَّكُمْ خُلِقْتُمْ لإِصْغائِها وَإِنَّها تَسْتَضِيْءُ بَيْنَ كَلِماتِ النَّاسِ كَإِشْراقِ الشَّمْسِ بَيْنَ أَنْجُمٍ مَبْزُوْغًا، كَسِّرُوا أَصْنامَ التَّقْلِيْدِ بِقُدْرَةِ رَبِّكُمْ وَإِنْ وَجَدْتُمْ فِيْ أَنْفُسِكُمْ مِنْ ضُعْفٍ فَاسْتَقْدِرُوا بِسُلْطانِي الذِيْ كانَ عَلى العالَمِيْنَ مُحِيْطًا، قُلْ يا مَلأَ الْبَيَانِ إِذًا يَتَكَلَّمُ لِسانُ الله فِيْ أُفُقِ الأَعْلى وَيَقُوْلُ يا مِلأَ الأَرْضِ بِأَيِّ حُجَّةٍ آمَنْتُمْ بِعَلِيٍّ مِنْ قَبْلُ حِيْنَ الَّذِيْ جاءَ بِسُلْطانٍ مِنَ الأَمْرِ وَفِيْ حَوْلِهِ مِنْ جُنُوْدِ عِزٍّ مُبِيْنًا، إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِهِ بِما نُزِّلَ عَلَيْهِ مِنْ جَبَرُوْتِ الْبَقاءِ آياتُ قُدْسٍ بَدِيْعًا، تَالله هَذا نَفْسِيْ وَتِلْكَ آياتِيْ مَلَئَتِ الآفاقَ إِشْراقُها فَلِمَ كَفَرْتُمْ بِما آمَنْتُمْ بِهِ وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ الإِعْراضِ بَعْدَ الَّذِيْ وَصَّيْنَاكُمْ فِيْ كُلِّ الأَلواحِ بَلْ فِيْ كُلِّ سَطْرٍ حَفِيْظًا، بِأَنْ لا يَحْجِبَكُمْ حِيْنَ الظُّهُوْرِ شَيْءٌ عَمَّا خُلِقَ بَيْنَ السَّمواتِ وَالأَرْضِ وَأَنْتُمُ احْتَجَبْتُمْ بِكُلِّ شَيْءٍ وَأَعْرَضْتُمْ عَنْ جَمالِ عِزٍّ مَشْهُوْدًا، إِيَّاكُم يا قَوْمِ قُوْمُوا عَلى خِدْمَةِ اللهِ وَأَمْرِهِ ثُمَّ تَدارَكُوا ما فاتَ عَنْكُمْ وَكُوْنُوا عَلى صِراطِ قُدْسٍ مُسْتَقِيْمًا، وَيا قَوْمِ لا يُغْنِيْكُمُ الْيَوْمَ أَمْوالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ وَلا أَعْمالُكُمْ إِلاَّ بَعْدَ حُبِّيْ وَكَذَلِكَ نَطَقَ الرُّوْحُ عَنْ جِهَةِ العَرْشِ إِنْ أَنْتُمْ سَمِيْعًا، أَنْ يا اسْمِيْ كَذَلِكَ وَرَدَ عَليَّ مِنَ الَّذِيْنَهُمْ قامُوا تِلْقاءَ وَجْهِيْ وَخُلِقُوا بِأَمْرِيْ وَما اطَّلَعَ بِذَلِكَ إِلاَّ نَفْسِيَ الْحَقُّ وَكانَ اللهُ عَلى ذَلِكَ شَهِيْدًا، وَلَوْ وَجَدْنا ذا أُذُنٍ واعِيَةٍ لأَلْقَيْناهُ ما يَجْعَلُهُ بَصِيْرًا لِيَطَّلِعَ بِما هُوَ الْمَسْتُوْرُ عَنْ أَنْظُرِ الْعاقِلِيْنَ جَمِيْعًا، أَنْ يا اسْمِيْ دَعْ كُلَّما يَحْتَجِبُ بِهِ النَّاسُ ثُمَّ ادْعُ الْعِبادَ إِلى رِضْوانِ الأَعْظَمِ لَعَلَّ يَحْدُثُ فِيْ قُلُوْبِهِمْ ما يَجْذِبُهُمْ إِلى جَمالِ عِزٍّ مَعْرُوْفًا، دَعِ الْمُشْرِكِيْنَ وَما عِنْدَهُمْ وَلا تَقْعُدْ مَعَ الَّذِيْنَ تَجِدُ فِيْ قُلُوْبِهِمْ غِلِّ الْغُلامِ وَلا تَأْنَسْ بِهِمْ لأَنَّ مَثَلَهُمْ مَثَلُ الثُّعْبانِ بَلْ أَشَدُّ ضَرًّا إِنْ أَنْتَ بِذَلِكَ عَلِيْمًا، فَاجْعَلْ دِرْعَكَ حُبِّيْ وَحِصْنَكَ أَمْرِيْ وَذِكْرَكَ اسْمِيْ إِذًا لَنْ يَضُرَّكَ السُّمُوْمُ وَلَنْ تَحْرُقَكَ النَّارُ وَلا يُغْرِقُكَ الْمَاءُ وَلَنْ يُؤَثِّرَ فِيْكَ نَفَسُ كُلِّ مُلْحِدٍ بَغِيًّا، تَاللهِ إِذًا لَوْ يُجادِلُكَ كُلُّ مَنْ فِيْ السَّمواتِ وَالأَرْضِ لَيَجْعَلُكَ اللهُ غالِبًا عَلَيْهِمْ بِسُلْطانِهِ الَّذِيْ كانَ عَلى الأَمْرِ قَوِيًّا، إِيَّاكَ أَنْ يَمْنَعَكَ شَيْءٌ عَنْ حُبِّ مَوْلاكَ لأَنَّكَ سَمِعْتَ ما لا سَمِعَ أَحَدٌ وَرَأَيْتَ ما شَاخَصَتْ عَنْهُ أَبْصُرُ كُلِّ غافِلٍ مَمْنُوْعًا، قُلْ يا قَوْمِ إِنَّ هَذا لَوَجْهُ الله أَشْرَقَ فَوْقَ رُأُوسِكُمْ أَتَمْنَعُوْنَ الأَنْظارَ عَنْهُ وَإِنَّ هَذا لَظُلْمٌ على أَنْفُسِكُمْ وَكانَ الظُّلْمُ مَذْمُوْمًا، تَالله إِنَّ مَلَكُوْتَ الله يَمْشِيْ قُدَّامَكُمْ إِذًا فَاسْرُعُوا إِلَيْهِ وَلا تَكُوْنُنَّ عَنْهُ مَحْرُوْمًا، كَذَلِكَ أَلْقَيْناكَ وَأَلْهَمْناكَ مِنْ حِكْمَةِ الَّتِيْ كانَتْ تَحْتَ قِناعِ الله مَكْنُوْنًا.