فقد كتب الله لكلّ قرية ينتشر فيها هذا اللّوح بأن يعيّدوا أهلها في ذلك اليوم ويهلّلوا ويكبّروا ويعيشوا بأعلى ما عندهم ويكوننّ من الشّاكرين.
فَسُبْحَانَ الَّذِي نَزَّلَ الآيَات بِالحَقِّ وينزل بِأَمْرِهِ كَيْفَ يَشَاءُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ العَزِيزُ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ * لن يمنعه شيء عن أمره وسلطانه يفعل ما يشاء في جبروت الأمر والخلق ويحكم ما يريد * وله يسجد كلّ من في السّموات والأرض يحيي ويميت ثمّ يبعث من يشاء من هذا الكوثر العذب المقدّس المنير * قل تاللّه إنّ روح الأمر قد ظهر بالحقّ وأشرق جمال الأحديّة عن مشرق القدس بسلطان مبين وبه امتحن اللّه كلّ من في ملكوت الأمر والخلق وإنّه لميزان اللّه بين السّموات والأرضين * قل إنّ شجرة الطّور في هذا الظّهور تنطق بالحقّ بأنّه لا إله إلّا أنا الرّحمن الرّحيم * قل يا قوم اتّقوا اللّه ولا تختلفوا في كلمة اللّه وإنّها قد ظهرت بالحقّ بأمر ينصعق عنه كلّ من في السّموات والأرض إلّا من شاء ربّك العزيز القادر المقتدر المقتدر الحميد * قل إنّها قد كانت بينكم وتتلي عليكم في كلّ حين من آيات اللّه وأنتم ما اطّلعتم بها بما أخذتكم الأوهام وكنتم على غفلة مبين * كذلك منع اللّه أبصاركم عن عرفان نفسه بعد الّذي كان بينكم بجمال الّذي ما أدرك شبهه أحد من الأوّلين * أن يا عبد اسمع نداء اللّه عن هذه الشّجرة الّتي ارتفعت على جبل القدس وتنطق بالحقّ بأنّه لا إله إلّا هو العزيز الجميل * قل هذا ندآء ما سمع شبهه أحد في أزل الآزال ولن يسمعه أحد إلّا بأن يدخل في هذه الرّضوان المرتفع المنيع *
أن يا محمّد أنت بسمع الرّوح اسمع نداء اللّه من هذه الورقة المنبتة المتحرّكة المرتفعة المغنّية على هذه الشجرة المرتفعة الأحديّة الإلٓهيّة ولا تلتفت إلى نفس فتوكّل على اللّه ربّك وربّ العالمين وتوجّه إليه ولا تخف من أحد ولا تكن من الغافلين * ثمّ اعلم بأنّا أمرناك حين ذهابك عن بين يدينا ووصيّناك بوصايا محكم عظيم * ومنها ما أمرناك بأن لا تزد عمّا رأيت في هجرتك مع اللّه ولا تنقص عمّا شهدت وإنّ هذا كان من أمري عليك ويشهد بذلك كلّ الوجود وعن ورائه لسان اللّه الملك العزيز القدير * وإنّك زدت في أوهام النّاس ونقّصت عمّا رأيت من قدرة اللّه ربّك وربّ آبائك الأوّلين * أن يا محمّد اتّق اللّه ولا تتّبع هويٰك ولا تغيّر نعمة اللّه على نفسك وعلى أنفس العباد ولا تكن من الجاهلين * اتّق اللّه في نفسك ثمّ اشهد أمر اللّه ببصرك ثمّ اخرق حجبات الوهم باسمي المقتدر العزيز الحكيم * وإنّك لو لن تخرق السّبحات عن وجه قلبك إلى أبد الآبدين إنّا ما نمسك زمام الأمر ونأمرك بذلك بدوام اللّه العزيز العليم إلى أن تخرق الأحجاب وتطّلع عن مشرق الأمر بقدرة وسلطان بديع *
أن يا محمّد بلّغ نفسك ثمّ بلّغ النّاس بما طلع الوجه عن خلف السّبحات بأنوار عزّ عظيم * ثمّ ذكّر النّاس بما أمرت من لدى اللّه ولا تأخّر فيه أقلّ من الحين فاشدد ظهرك بما أمرناك حينئذ في هذا اللّوح الدّرّيّ المنير * ولا تكن من الّذين ما يتّبعون إلّا بما يأمرهم هويٰهم ويكوننّ من الخاسرين * فاعلم بأنّ ربّك عالم بكلّ شيء وعنده علم السّموات والأرض وغيب ما في جبروت الأمر والخلق وإنّ هذا لحقّ إن أنت من العارفين * لن يشتبه عليه أمر ولن يحتجب عنه ما يخطر في صدور النّاس وإنّه لمحيط على العالمين * إيّاك إيّاك يا محمّد اسمع قولي ودع كلّ من في السّموات والأرض عن ورائك ثمّ استقم على الأمر باستقامة من عندنا وأمر من لدنّا ولا تضطرب في نفسك ولا تكن من الخائفين * أما رأيت وشهدت سلطان القدرة والقوّة وأما اطّلعت كيف ظهرت يد اللّه عن ردآء قدس كريم * أما رأيت كيف انقادت الأمور لسلطانه وخضعت له أعناق الفراعنة وذلّ عنده كلّ ذي شوكة عظيم مع الّذي كان بين يدى الأعداء في كلّ صباح ومسآء وفي كلّ بكور وأصيل * وأما شهدت اعتراف كلّ العلماء وعجزهم حين الّذي استشرقت عليهم أنوار العلم والحكمة من هذا الفم الدّرّيّ الأبدع البديع *
أن يا محمّد فانصف باللّه ثمّ تفكّر فيما أشرق بالفضل ولا تتّبع هواك ولا تكن من المعرضين * طهّر نفسك عن حدودات البشر ولا تجاوز عن حكم الإنصاف ولا ترتّد البصر عن منظر المشرق العليّ العظيم * إنّ اللّه ما جعل لرجل من قلبين وهذا ما نزّلناه على محمّد العربيّ من قبل وأظهرناه بلسان عربيّ مبين * صفّ مرآت قبلك لينطبع عليه جمال اللّه وإنّ هذا لنصحي عليك وعلى عبادنا المقرّبين * فواللّه قد تمّت نعمة اللّه عليكم وظهر سلطانه وطلع دليله وجاء برهانه وكملت حجّته إن أنتم من النّاظرين *
أن يا محمّد إنّا سترنا وجهنا عنكم في عشرين من السّنين ويشهد بذلك أنفسكم وأرواحكم ومن ورائكم كلّ من سكن في سرادق الخلد خلف لجج البقاء من هياكل المقدّسين * وكان النّاس مريبا في هذا الجمال بحيث ما عرفه أحد منهم بعد الّذي كلّ حضروا بين يديه في كلّ يوم وسمعوا آياته وشهدوا أنواره بحيث أحاطت على كلّ من في السّموات والأرض وعلى الأوّلين والآخرين *
أن يا محمّد قد كنت من قبل مبشّر النّاس بهذا الظّهور في التّسع بما بشّرهم اللّه في كلّ الألواح بل في كلّ صحف وزبر منير وإنّا منعناك عن ذلك لأنّ في تلك الأيّام ما تمّت ميقات اللّه وما جاء الوعد بما قدّر في ألواح قدس حفيظ * إذا لمّا تمّت الميقات وجاء الوعد أمرناك بما أردت من قبل لتكون من الذّاكرين أمر الّذي لن يقوم معه السّموات والأرض وهذا ما نزل حينئذ من جبروت اللّه العليّ العظيم *
أن يا محمّد أوّلا غسّل نفسك ثمّ روحك ثمّ ذاتك ثمّ جسدك ثمّ أركانك من هذا الكوثر الّذي جرى بالحقّ من هذا القلم الدّرّيّ القويم * ثمّ غسّل به النّاس بما استطعت ليطهّر به أفئدة العارفين * ثمّ اعلم بأنّ ربّك ليقدر أن يبدّل كلّ من في الملك بحرف من عنده وإنّه لهو المقتدر القدير ولكن تأخّر في ذلك بما قضى في الألواح وليمتاز الطّيّب عن الخبيث والسّعيد عن الشّقيّ ويفصّل به الموحّدون عن المشركين * قل تاللّه أنّ الفتنة قد جائت وبها ترجف أركان النّاس وتزلزلت عنها قلوب المقرّبين * قل إنّ الّذينهم استنكفوا عن عبادة ربّهم أولئك استحبّوا العمى على الهدى والظّلمة على النّور وأولئك لفي خسران مبين *
أن يا محمّد ذكّر النّاس بهذا الحلّ والحرم لأنّ هذا مقام الّذي جعله اللّه مقدّسا عن كلّ دنس ومطهّرا عن نظر المغلّين * وإنّك أنت فاصعد بهذا الجناح الّذي أكرمناك إلى مقام الّذي تجد كلّ الأرض ومن عليها في ظلّك ثمّ بلّغ النّاس بما أمرناك ولا تكن من الصّابرين * ثمّ امش بين النّاس بنور من لدنّا وإن وجدت مقبلا فاقبل إليه بتمامك وإن وجدت معرضا فاعرض عنه فتوكّل على اللّه الفرد المتعالي العليم الخبير * قل يا قوم فارحموا على أنفسكم وأنفس العباد ولا تسدّوا أبواب الفضل على وجوهكم ولا تكوننّ من الهالكين ويا قوم لا تفرحوا بما عندكم من الظّنون والأوهام بل فافرحوا بما عند اللّه وإنّ هذا لحكم اللّه عليكم إن أنتم من الشّاعرين * ثمّ اعلم يا محمّد بأنّ المشركين أرادوا أن ينقطعوا نسمات اللّه عن هبوبه ويبدّلوا كلمة اللّه بما أمرهم أنفسهم وهويٰهم ولذا حبسونا في هذه الأرض الّتي انقطعت عنها أيدي الآملين ثمّ أرجل القاصدين * قل اللّه غالب على أمره وقادر على فعله وأمره فوق أمركم وتقديره فوق تدبيركم يفعل ما يشاء ولن يمنعه شيء عن قدرته وسلطانه وإنّه لهو الباقي الدّائم العزيز القدير * فسوف يظهر أمره ويعلو برهانه ويرفع سلطانه إلى مقام الّذي ينقطع عنه أيدي المشركين * كذلك قصصناك من كلّ قصص وفصّلنا لك ما كنّا عليه ثمّ هذا النّبأ الأعظم العظيم لتقرّ بذلك عينك وعيون الّذينهم لن ينظروا إلّا بهذا المنظر الأعزّ الكريم *
أن يا محمّد فانفخ من روح الحيّ الحيوان على هياكل العالمين ثمّ انقطع نسبتك عن كلّ ذي نسبة وتمسّك بهذه العروة المحكم الدّرّيّ المنير لتهبّ منك أرياح الانقطاع على من في الأرض أجمعين * وإذا وردت أرض القاف ذكّر أهلها بما أمرناك في هذا اللّوح لتكون مبشّرا من لدنّا على المخلصين * ثمّ ذكّر من لدنّا حرف الهاء ليستبشر في نفسه ببشارات اللّه ويكون من الرّاضين * قل يا حرف الهاء إنّك سئلت اللّه ربّك في سنين القبل فيما أنزلناه بالحقّ بلسان أعجميّ منيع * وإنّا أمسكنا زمام القلم في جوابك لما وجدناك في غفلة وسكر عظيم * فواللّه بذلك بكت السّموات وتزلزلت أرض القدس واندكّت جبال العلم وضاقت صدور المقرّبين * قل أن يا هادي إنّك بأيّ شيء آمنت بِعَلِيٍّ من قبل ومن قبله بمحمّد رسول اللّه ومن قبله بابن مريم ومن قبله بموسى الكليم ومن قبله بخليل الرّحمن ومن قبله بنوح النّبيّ إلى أن يرجع الرّسالة ببديع الأوّل فأت به إن أنت من الصّادقين * إن كنت آمنت بهم بما نزل عليهم من آيات اللّه قل تاللّه هذا لعينها وهذا الجمال جمالهم فاشهدوه إن أنتم من الشّاهدين * ومن دون ذلك ملئت الآفاق من أنوار هذا الإشراق وظهر سلطان الأسماء بكلّ فضل منيع وقميص بديع * قل فواللّه يا حرف الهاء قد بكت روحك حين الّذي خرج هذا السّؤال عن فمك وجرى عن قلمك وإنّك ما عرفت وكنت من الغافلين * فاعلم بأنّ ربّك حين الّذي كان في سلطان غيبه لن يدركه الأسماء ولا الصّفات ولا أفئدة المرسلين وإذا استقرّ على عرش الظّهور يخدمه كلّ الأسماء والصّفات كعبد الّذي يخدم مولاه إن أنتم من النّاظرين * وهو بنفسه مقدّس عن كلّ ذلك وعن كلّ ما عرفتم وهذا ما نزل بالحقّ من جبروت عزّ رفيع * أما شهدتم بأنّ كلّ ذلك خلق بقوله وأنتم إن لن تشهدوا فإنّا شهدناه بالحقّ وكنّا على ذلك شهيد وعليم * فاشهد بأنّ الشّمس خلق بأمره وخلقها اللّه بالفضل وجعلها سراج عزّه بين السّموات والأرضين وكذلك فاعرف كلّ الأسماء في حوله إن أنت من النّاظرين * ومع ذلك كيف ما رضيت بأنّا نرجع إسما من الأسماء إلى نفسنا بعد الّذي أظهرنا عليكم الأمر بحجّة مبين * وإنّا خلقنا الأسماء وملكوتها بسلطان القدرة والقوّة وإنّك منعت موجدها عن اسم منها وكذلك فعلت إن كنت من الشّاعرين * وإنّا عفونا عنك أن تستغفر اللّه ربّك وتكون من التّائبين * يا عبد اتّق اللّه ثمّ افتح عيناك لتشهد أمر اللّه ببصرك فواللّه لن يكفيك اليوم شيء لو تتمسّك بالأوّلين والآخرين إلّا بأن تدخل في ظلّ اللّه وهذا ظلّه قد أحاط العالمين * قل تاللّه الحقّ بعد ظهوره لن يكفيكم شيء ولن يغنيكم أمر ولو أنتم تستدلّون بكلّ ماعندكم من تماثيل الغافلين * ثمّ اعلم بأنّ كلّما أنتم سمعتم قد ظهر بأمري حين الّذي كنتم في غفلة وحجاب غليظ * وكلّما أنتم أدركتم وعلمتم أو عرفتم واستدللتم به يرجع بقولي كما رجع في القرون الأوّلين * قل هل تريدون أن تستروا جمال الشّمس باكمام الغلّ والبغضاء وبسبحات ظنونكم يا ملأ المعرضين أو أن تمنعوا بحر اللّه عن أمواجه أو نار الأمر عن اشتعالها فبئس ما أنتم ظننتم في أنفسكم وساء ما أنتم فعلتم وتكوننّ عليه لمن العاكفين * إيّاكم يا ملأ البيان أن لا تشركوا باللّه وبما لا تعترضوا عليه بما عندكم ذكّروا ما وصّيتم به في الصّحف والألواح اتّقوا اللّه وكونوا من المتّقين * أما كان هذه من آيات اللّه وأما كان هذا الغلام عبده وجماله ثمّ عزّه وبهائه ثمّ أمره وضيائه وقد أشرق بأنوار الّتي خسف عند إشراقها كلّ الشّموس وكيف هؤلاء المظلمين * قل تاللّه إنّه نزل من سماء الأمر وفي يمينه ملكوت العزّة والإقتدار ويدعوا النّاس إلى رضوان القدس ولن يخاف من أحد ولو أحاطته المشركون من هؤلاء الكافرين * قل إنّه ظهر مرّة باسم بديع الأوّل ثمّ مرّة باسم الخليل ثمّ مرّة باسم الكليم ثمّ باسم الرّوح ثمّ باسم الحبيب ثمّ باسم عليّ بالحقّ ثمّ باسم الحسين في هذا الجمال المقدّس المشعشع المنير * كلّ ذلك نذكر لكم لما وجدنا النّاس في ضعف وإلّا فوالّذى نفسي بيده لألقيناكم من نغمات الّتي تستجذب عنها أفئدة ملأ الأعلى وينصعق عنها من في جبروت الخلق أجمعين *
قل يا قوم فارحموا على الّذي جائكم ببرهان اللّه وحجّته ويدعوكم إليه وبما نزل من عنده وإن لن تؤمنوا به دعوه بنفسه ولا تتعرّضوا عليه ولا تكوننّ من المعرضين * أما تشهدون كيف قام بنفسه وقام عليه كلّ الملل بكلّ ما عندهم أتنكرون هذا الفضل بعد الّذي شهدتم بعيونكم وتكوننّ من الشّاهدين * وهو بنفسه ما خاف من أحد ولن خاف بحول اللّه وقوّته وبلّغ الأمر إلى شرق الأرض وغربها وما بينهما من كلّ ذي شوكة وذي سلطنته واقتدار عظيم * لو أنتم تستطيعون فاظهروا عن أماكنكم ثمّ اخرجوا رؤسكم عن بيض الغفلة لتطّلعوا بقدرة اللّه وبما ظهر من عنده وتشهدوا عجزكم وعجز الخلائق أجمعين * أما ارتفعت أعلام النّصر وأما ملاء من هذا الإسم اسم اللّه بين السّماء والأرض وأما فديت نفسي في كلّ يوم وفي كلّ حين * قل تاللّه ما حفظت نفسي في أقلّ من آنٍ وكنت مشرقا كالشّمس فوق رؤس الأعداء وأنتم ما نصرتم اللّه في أقلّ من آن وكنتم قاعدا في بيوتكم وسترتم وجوهكم عن المحبّين وكيف هؤلاء الظّالمين * ومع ذلك اشتغلتم بظنونكم بما أمركم به نفسكم وهويٰكم وكذلك زيّن الشّيطان لكم أعمالكم وكنتم من العاملين *
قل يا قوم أفمن يطير في هواء الرّوح كمن هو يلعب بالطّين أفمن كان مشرقا في مقابلة الأعداء كمن يستر وجهه في الحجبات خوفا من نفسه إذا فانصفوا إن أنتم من المنصفين * أفمن كان ماشيا في فاران القدس كمن كان قاعدا في البيت فتبيّنوا يا ملأ الغافلين * قل تاللّه إنّ إقبال كلّ من في السّموات والأرض وإعراضهم عندي كنداء نملة في بيداء عزّ وسيع * قل لن يرفع إلى اللّه ضجيج أحد ولا صريخ نفس إلّا بهذا الإسم الأعظم الأقوم القديم * قل تاللّه الحق لن ينفعكم اليوم شيء عمّا كان وعمّا يكون إلّا بأن تاؤوا بهذا الرّكن المحكم الشّديد * قل أن يا حرف الها لو كنت مستطيعا لأمرناك بأن تنفق جزآء ما سئلت ألف ألف ألف ألف إلى أن ينقطع النّفس قنطارا من الماس بيض لأنّ من سؤالك قد هبّت روائح الكره وغبار الهمّ على العالمين * لأنّ كلّما نزل من عندي هذا ما استدللتم به بحجّيّة حجج اللّه في كلّ عهد وقرن وعصر وأنتم تشهدون بذلك ومن ورائكم كلّ ذي علم عليم * فلم قبلت منهم ما ظهر من عندهم وتركت ما ظهر منهم في قميص أخرى أتؤمن ببعض الكتاب وتعترض ببعض وإنّ هذا لظلم عظيم * فواللّه قد بكت عَلَيَّ عيون الغيب والشّهادة بما ظننتم في حقّي وكنتم من الظّالمين * وفي تلك الأيّام كنت ساترا نفسي عن المقبلين والمعرضين وسترت نفسي في ألف حجاب لئلّا يعرفني من أحد ولئلّا يرفع ضوضاء المنافقين * وكنّا بينكم كأحد منكم وبذلك امتحن اللّه أبصاركم ووجدكم من المحتجبين * قل إنّ مربّي الممكنات وموجدهم قد كان في ثوب الرّعيّة وأنتم ما رضيتم بذلك إلى أن سجن في هذا السّجن إذا ظهر بالحقّ وكشف النّقاب عن وجهه وأشرق عن فجر اللّه المهيمن العزيز السّلطان المقتدر القدير * فلمّا عادوا المشركون عدنا عليهم وأظهرنا نفسنا بالحقّ ليعلموا بأنّ اللّه لن يخاف من أحد ولن يشغله شأن عن شأن ولن يمنعه عن سلطانه إعراض المعرضين وسلطنته السّلاطين *
أن يا محمّد فأمر النّاس بما أمرك اللّه ثمّ علّمهم بما علّمك اللّه من عنده ثمّ انصره بقلبك ولسانك وكلّ مالك وعليك وله نصر السّموات والأرض ونصر ما يرى وما لا يرى ونصر العالمين * ثمّ قدّرنا في لوح القضاء من قلم الإمضاء لمن خطر في نفسه وتوقّف في هذا الأمر المبدع البديع *
وَلِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَوَجَّهَ إِلَى شَطْرِ القُدْسِ ويَحْضُرَ بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ العَزِيزِ العَلَيمِ ويَسْمَعَ نِدَاءَ اللّهِ ويَنْظُرَ جَمَالَهُ ويَسْتَنْشِقَ رَائِحَةَ اللّهِ العَزِيزِ المُقْتَدِرِ المُتَعَالِي الكَبِيرِ بِأَنْ يَخْرُجَ عَنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللّهِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي المَدِيْنَةِ الَّتِي سُمِّيَ بِدَارِ السَّلَامِ وإِذَا وَرَدَ فِيْهَا يُكَبِّر اللّهَ رَبَّهُ بِلِسْانِ السِّرِّ والجَهْرِ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى الشَّطِّ وإِذَا وَصَلَ إِلَيْهِ يَلْبَسُ أَحْسَنَ ثِيَابِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ كَمَا أَمَرَهُ اللّهُ فِي الكِتَابِ وإِذَا غَسَّلَ يَدَاهُ يَقُولُ:
أَيْ رَبِّ هَذَا مَاءُ الَّذِي أَجْرَيْتَهُ بِأَمْرِكَ فِي جِوَارِ بَيْتِكَ الحَرَامِ وكَمَا غَسَّلْتُ يَا إِلٓهِي مِنْهُ أَيْدَاي بِأَمْرِكَ غَسِّلْنِي عَنْ كُلِّ دَنَسٍ وذَنْبٍ وغَفْلَةٍ وعَنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُهُ رِضَاكَ وإِنَّكَ أَنْتَ المُقْتَدِرُ القَدِيرُ
ثُمَّ يَغْسِلُ وَجْهَهُ ويَقُولُ:
أَيْ رَبِّ هَذَا وَجْهِي الَّذِي طَهَّرْتُهُ بِإِرَادَتِكَ إِذًا أَسْئَلُكَ بِسُلْطَانِ عِزِّ فَرْدَانِيَّتِكَ وبَدَايِعِ أَسْمَاءِ مَظَاهِرِ أَمْرِكَ بِأَنْ تُطَهِّرَهُ عَمَّنْ سِوَاكَ ثُمَّ احْفَظْهُ عَنْ التَّوَجُّهِ إِلَى غَيْرِكَ والنَّظَرِ إِلَى الذَّيِنَهُم لَمْ يَقْصُدُوا جَمَالَكَ الظَّاهِرِ الطَّاهِرِ العَزِيزِ الكَرِيمِ
ثُمَّ يَعْبُرُ عَنِ الجِسْرِ بِوَقَارِ اللّهِ وسَكِيْنَتِهِ ويُكَبِّرُ اللّهَ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى آخِرِ الجِسْرِ إِذًا يَتَوَجَّهَ إِلَى شَطْرِ البَيْتِ ويَقُولُ فِي أَوَّلِ قَدَمِهِ:
أَيْ رَبِّ هَذِهِ أَوَّلُ خُطْوَةٍ وَضَعْتُهَا فِي سَبِيلِ رِضَائِكَ وأَوَّلُ قَدَمٍ حَرَّكْتُهُ بِإِرَادَتِكَ وقَدْ هَرَبْتُ يَا إِلٓهِي مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ إِلَى جِهَةِ فَضْلِكَ وإِفْضَالِكَ وفَرَرْتُ عَنِّي وعَنْ نَفْسِي وعَنْ كُلِّ مَا سِوَيٰكَ إِلَى شَطْرِ جُوْدِكَ وأَلْطَافِكَ إِلٓهِي لَا تُخَيِّبْ آمِلْيِكَ عَنْ سَحَابِ رَحْمَتِكَ وعِنَايَتِكَ ولَا تَمْنَعُ قَاصِدِيْكَ عَنْ غَمَامِ مَجْدِكَ وإِكْرَامِكَ فَهَا أَنَا يَا إِلٓهِي قَصَدْتُ بَيْتَكَ الَّتِي يَطُوْفُنَّ فِي حَوْلِهَا سُكَّانُ مَلَأِ الأَعْلَى ومِنْ دُوْنِهَا أَرْوَاحُ المُقَرَّبِينَ مِنَ الأَصْفِيَاءِ أَسْئَلُكَ بِهَا وبِهِمْ بِأَنْ لَا تَمْنَعَ بَصَرِي عَنْ بَدَايِعِ أَنْوَارِ قُدْسِ جَمَالِكَ ولَا تَحْرِمْ وَجْهِي عَنْ ظُهُورَاتِ هُبُوبَاتِ أَرْيَاحِ فَجْرِ لِقَائِكَ ولَا تَسُدَّ عَنْ قَلْبِي نَفَحَاتِ عِزِّ وَحْيِكَ وإِلْهَامِكَ وإِنَّكَ أَنْتَ ذُوْ الجُوْدِ والجَبَرُوتِ وذُوْ الفَضْلِ والرَّحْمَةِ والمَلَكُوتِ وإِنَّكَ أَنْتَ ذُوْ القُدْرَةِ والقُوَّةِ والعَظَمُوتِ وإِنَّكَ أَنْتَ لِمَنْ دَعَاكَ قَرِيبٌ مُجِيبٌ
ثُمَّ يُبَهِّيَ اللّهَ ويَشْرَعُ فِي الطَّوَافِ ويَطُوْفَنَّ حَوْلَ البَيْتِ سَبْعَةَ مَرَّاتٍ وإِذَا تَمَّ عَمَلُهُ وقَابَلَ بَابَ البَيْتِ يَقُوْمُ ويَسْتَغْفِرُ اللّهَ سَبْعِينَ مَرَّةً ثُمَّ يَقُولُ:
يَا إِلٓهِي وسَيِّدِي لَكَ الحَمْدُ عَلَى مَا أَكْرَمْتَنِي وأَنْعَمْتَنِي بِحَيْثُ أَقَمْتَنِي عَلَى مَقَامِ الَّذِي لَا يُرَى فِيْهِ إِلَّا شُئُونَاتُ عِزِّ سُلْطَانِ أَحَدِيَّتِكَ ولَا يُشْهَدُ فِيْهِ إِلَّا بَوَارِقُ أَنْوَارِ شَمْسِ جَمَالِكَ أَسْئَلُكَ بِكَ وبِنَفْسِكَ بِأَنْ تُخَلِّصْنِيْ عَنْ كُدُورَاتِ الدُّنْيَا وزُخْرُفِهَا وتَخْرِقُ عَنْ وَجْهِ قَلْبِي حُجُبَاتِ الَّتِي مَنَعَتْنِي عَنِ الدُّخُولِ فِي غَمَرَاتِ أَبْحُرِ عِزِّ تَوْحِيْدِكَ وأَحْجَبْتَنِي عَنِ الوُرُودِ فِي مَيَادِينِ قُدْسِ وَصْلِكَ ولِقَائِكَ أَيْ رَبِّ لَا تُرْجِعْنِي عَنْ بَابِ رَحْمَتِكَ خَائِبًا ولَا تَطْرُدْنِي عَنْ بَيْتِكَ خَاسِرًا أَيْ رَبِّ فَاغْفِرْ لِي ولِأَبَوَيِّ وإِخْوَتِي وأَهْلِي وعَشِيْرَتِي مِنَ الَّذِيْنَهُمْ آمَنُوا بِكَ وبِآيَاتِكَ الكُبْرَى فِي مَظْهَرِ جَمَالِكَ الأَعْلَى وإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ
ثُمَّ يَمْشِي بِكَمَالِ السُّكُونِ ويَتَبَهَّى اللّهَ إِلَى أَنْ يَصِلَ إِلَى البَابِ يَقُوْمُ وَيقُولُ:
إِلٓهِي هَذَا مَقَامُ الَّذِي رَفَعْتَ فِيْهِ صَوْتَكَ وظَهَرَ بُرْهَانُكَ وطَلَعَتْ آثَارُكَ وأَشْرَقَ جَمَالُكَ ونَزَلَتْ آيَاتُكَ ولَاحَ أَمْرُكَ ورُفِعَ اسْمُكَ وشَاعَ ذِكْرُكَ وكَمُلَتْ قُدْرَتُكَ وعَلَتْ سَلْطَنَتُكَ عَلَى مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرَضِينَ
ثُمَّ يُخَاطِبُ البَيْتَ وأَرْضَهَا وجِدَارَهَا وكُلَّ مَا فِيْهَا ويَقُولُ:
فَطُوْبَى لَكَ يَا بَيْتُ بِمَا جَعَلَكَ اللّهُ مَوْطِأَ قَدَمِهِ فَطُوْبَى لَكَ يَا بَيْتُ بِمَا وَقَعَ عَلَيْكَ مِنْ لَحَظَاتِ عِزِّ كِبْرِيَائِهِ فَطُوْبَى لَكَ يَا بَيْتُ بِمَا اخْتَارَكَ اللّهُ وجَعَلَكَ مَحَلًّا لِنَفْسِهِ ومَقَرًّا لِسَلْطَنَتِهِ ومَا سَبَقَكَ أَرْضٌ إِلَّا أَرْضُ الَّتِي اصْطَفَاهَا اللّهُ عَلَى كُلِّ بِقَاعِ الأَرْضِ بِمَا رُقِمَ مِنْ قَلَمِهِ الحَفِيظِ فَطُوْبَى لَكَ يَا بَيْتُ بِمَا يُفْصِّلُ اللّهُ بِكَ بَيْنَ السَّعِيدِ والشَّقِي مِنْ يَوْمَئِذٍ إِلَى يَوْمِ الَّذِي فِيْهِ يَتَجَلَّى الرَّحْمَنُ بِأَنْوَارِ قُدْسٍ بَدِيعٍ فَطُوْبَى لَكَ ثُمَّ طُوْبَى لَكَ بِمَا جَعَلَكَ اللّهُ مِيْزَانَ المُوَحِّدِينَ ومُنْتَهَى وَطَنِ العَارِفِينَ وجَعَلَكَ مُقَدَّسًا عَنْ عِرْفَانِ المُبْغِضِينَ والمُشْرِكِينَ بِحَيْثُ لَنْ يَدْخُلَ فِيْكَ إِلَّا كُلُّ مُؤْمِنٍ امْتَحَنَ اللهُ قَلْبَهُ لِلإِيْمَانِ ولَنْ يَقْدِرَ أَنْ يَتَقَرَّبَ إِلْيَكَ إِلَّا مَنْ يَهُبُّ مِنْهُ رَوَائِحُ السُّبْحَانِ فَطُوْبَى لَكَ بِمَا جَعَلَكَ اللّهُ مَخْصُوصًا لِلْمُقَرَّبِينَ مِنْ عِبَادِهِ والمُخْلِصِينَ مِنْ بَرِيَّتِهِ ولَنْ يَمَسَّكَ إِلَّا الذَّيِنْهَمُ انْقَطَعُوا بِكُلِّهِم عَنْ كُلِّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ ولَمْ يَكُنْ فِي قُلُوبِهِم إِلَّا تَجَلِّي عِزِّ وَحْدَانِيَّتِهِ وفِي ذَوَاتِهِم إِلَّا ظُهُورَاتِ تَجَلِّيَاتِ قُدْسِ صَمَدَانِيَّتِهِ وهَذَا شَأْنُ اخْتَصَّكَ اللّهُ بِهِ وبِذَلِكَ يَنْبَغِي بِأَنْ تَفْتَخِرَ عَلَى العَالَمِينَ فَطُوْبَى لَكَ ولِمَنْ بِنَاكَ وعَمَّرَكَ وخَدَمَكَ وسَقَى أَوْرَادَكَ ولِمَنْ دَخَلَ فِيْكَ ولِمَنْ لَاحَظَكَ ولِمَنْ وَجَدَ مِنْكَ رَائِحَةَ القَمِيصِ عَنْ يُوْسُفِ اللّهِ العَزِيزِ القَدِيرِ وأَشْهَدُ بِأَنَّ مَنْ دَخَلَ فِيْكَ يُدْخِلُهُ اللهُ فِي حَرَمِ القُدْسِ فِي يَوْمِ الَّذِي يَسْتَوِي فِيْهِ جَمَالُ الهُوِيَّةِ عَلَى عَرْشٍ عَظِيمٍ ويَغْفِرُ كُلَّ مَنِ التَجَأَ بِكَ ودَخَلَ فِي ظِلِّكَ ثُمِّ يَقْضِي حَوَائِجَهُ ثُمَّ يَحْشُرُهُ فِي يَوْمِ القِيٰمَةِ بِجَمَالِ الَّذِي يَسْتَضِيءُ مِنْهُ أَهْلُهَا مِنَ الأَوَّليِنَ والآخِرِينَ
ثُمَّ يَكُبُّ بِوَجْهَهُ عَلَى تُرَابِ البَابِ ويُنَادِي رَبَّهُ بِنِدَاءِ كُلِّ مُنْقَطِعٍ نَادِمٍ مُنِيبٍ ويَقُولُ:
أَيْ رَبِّ أَنَا الَّذِي تَعَدَّيْتُ عَلَيْكَ واعْتَرَضْتُ عَلَى جَمَالِكَ بِمَا شَغَلَتْنِي نَفْسِي وهَوَائِي وإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الخَبِيرُ أَيْ رَبِّ فَلَمَّا عَرَفْتُ نَفْسَكَ اسْتَغْفِرُكَ عَمَّا كُنْتُ عَلَيْهِ وعَمَّا ظَهَرَ مِنْ لِسَانِي وخَرَجَ عَنْ فَمِي وخَطَرَ فِي قَلْبِي ورَجَعْتُ إِلَيْكَ بِكُلِّي وإِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ أَيْ رَبِّ لَمَّا عَرَّفْتَنِي مَوَاقِعَ أَمْرِكَ وأَيْقَظْتَنِي عَنْ نَوْمِي وغَفْلَتِي إِذًا خَرَجْتُ عَنْ بَيْتِي مُتَوَجِّهًا إِلَى بَيْتِكَ وكُنْتُ نَاظِرًا إِلَى شَطْرِ عِنَايَتِكَ وغُفْرَانِكَ وإِنّكَ أَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ أَيْ رَبِّ قَدْ جِئْتُكَ بِذَنْبِ الَّذِي كَانَ أَثْقَلَ عَمَّا فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وأَكْبَرَ عَنْ خَلْقِ الكَوْنَينِ إِلَى أَنْ قُمْتُ بَيْنَ يَدَي بَابِ بَيْتِكَ الَّتِي مَا خَابَ عَنْهَا أَحَدٌ مِنَ المُذْنِبِينَ وسَجَدْتُ تُرَابَهَا خَاضِعًا لِجَمَالِكَ وخَاشِعًا لِسَلْطَنَتِكَ ومُتَذَلِّلًا لِحَضْرَتِكَ أَيْ رَبِّ فَارْحَمْنِي بِرَحْمَتِكَ وإِفْضَالِكَ ثُمَّ اجْعَلْ لِي مَقْعَدَ صِدْقٍ عِنْدَكَ وأَلْحِقْنِي بِعِبَادِكَ التَّائِبِينَ أَيْ رَبِّ فَاغْفِرْ جَرِيْرَاتِي وخَطِيْئَاتِي وعَنْ كُلِّ مَا اكْتَسَبَتْ أَيَدَايَ وإِنَّكَ أَنْتَ العَزِيزُ الكَرِيمُ
ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ ويَسْتَغْفِرُ اللهَ بِهَذَا الإِسْتِغْفَارِ العَزِيزِ العَظِيمِ
أَيْ رَبِّ اسْتَغْفِرُكَ بِلِسَانِي وقَلْبِي ونَفْسِي وفُؤَادِي ورُوْحِي وجَسَدِي وجِسْمِي وعَظْمِي ودَمِي وجِلْدِي وإِنَّكَ أَنْتَ التَّوَابُ الرَّحِيمُ واسْتَغْفِرُكَ يَا إِلٓهِي بِاسْتِغْفَارِ الَّذِي بِهِ تَهُبُّ رَوَائِحُ الغُفْرَانِ عَلَى أَهْلِ العِصْيَانِ وبِهِ تَلْبِسُ المُذْنِبِينَ مِنْ رِدَاءِ عَفْوِكَ الجَمِيلِ واسْتَغْفِرُكَ يَا سُلْطَانِي بِاسْتِغْفَارِ الَّذِي بِهِ يَظْهَرُ سُلْطَاُن عَفْوِكَ وعِنَايَتِكَ وبِهِ تَسْتَشْرِقُ شَمْسُ الجُودِ والإِفْضَالِ عَلَى هَيَاكِلِ المُذْنِبِينَ واسْتَغْفِرُكَ يَا غَافِرِي ومُوْجِدِي بِاسْتِغْفَارِ الَّذِي بِهِ يَسْرَعُنَّ الخَاطِئِينَ إِلَى شَطْرِ عَفْوِكَ وإِحْسَانِكَ ويَقُوْمُنَّ المُرْيِدِينَ لَدَى بَابِ رَحْمَتِكَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ واسْتَغْفِرُكَ يَا سَيِّدِي بِاسْتِغْفَارِ الَّذِي جَعَلْتَهُ نَارًا لِتُحْرِقَ كُلَّ الذُّنُوبِ والعِصْيَانِ عَنْ كُلِّ تَائِبٍ رَاجِعٍ نَادِمٍ بَاكِيٍ سَلِيمٍ وبِهِ يُطَهَّرُ أَجْسَادُ المُمْكِنَاتِ عَنْ كُدُورَاتِ الذُّنُوبِ والآثَامِ وعَنْ كُلِّ مَا يَكْرَهُهُ نَفْسُكَ العَزِيزُ العَلِيمُ
ثُمَّ يَدْخُلُ البَيْتَ بِوَقَارٍ وسُكُونٍ كَأَنَّهُ يَشْهَدُ اللّهَ فِي جَبَرُوتِ أَمْرِهِ ومَلَكُوتِ بَيْتِهِ إِلَى أَنْ يَدْخُلَ فِي الصَّحْنِ ويَحْضُرَ فِي مُقَابَلَةِ قُبَّةِ الَّتِي كَانَتْ مَخْصُوصُةً بِاسْتِوَاءِ عَرْشِ العَظَمَةِ عَلَيْهَا إِذًا يَرْفَعَ أَيْدَاهُ ثُمَّ يَتَوَجَّهَ طَرْفُهُ إِلَى شَطْرِ إِفْضَالِهِ ويَقُولُ:
أَشْهَدُ فِي مَوْقِفِي هَذَا بِأَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَحْدَهُ لَا شَرِيْكَ لَهُ ولَا شَبِيْهَ لَهُ ولَا نِدَّ لَهُ ولَا ضِدَّ ولَا وَزِيرَ ولَا نَظِيرَ ولَا مِثَالَ لَهُ وأَنَّ نُقْطَةَ الأُوْلَى عَبْدُهُ وبَهَائُهُ وعَظَمَتُهُ وكِبْرِيَائُهُ ولَاهُوْتُهُ وجَبَرُوتُهُ وسُلْطَانُهُ وعِزَّتُهُ ومَلَكُوتُهُ واقْتِدَارُهُ وعِزُّهُ وشَرَفُهُ وأَلْطَافُهُ وبِهِ أَشْرَقَ جَمَالُهُ وظَهَرَ وَجْهُهُ وطَلَعَ بُرْهَانُهُ وتَمَّ دَلِيْلُهُ وكَمُلَتْ حُجَّتُهُ ولَاحَتْ آيَاتُهُ وبِهِ حُشِرَ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وبُعِثَ مَنْ فِي مَلَكُوتِ الأَمْرِ والخَلْقِ وبِهِ هَبَّتْ نَفَحَاتُ القَدْسِ عَلَى العَالَمِينَ وأَشْهَدُ بِأَنَّ مَنْ يُظْهِرُهُ اللّهُ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيْهِ ويَأْتِي بِأَنْوَارِ قُدْسٍ مَنِيعٍ وبِهِ يُجَدَّدُ خَلْقُ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ وخَلْقُ الأَوَّلِينَ والآخِرِينَ فَهَنِئْيًا لِمَنْ يُدْرِكُ زَمَانَهُ ويَدْخُلُ بَابَهُ ويُشَرَّفُ بِلِقَائِهِ ويَطُوْفُ فِي حَوْلِهِ ويَسْجُدُ بَيْنَ يَدَيْهِ ويَزُورُ تُرْبَ قَدَمَيْهِ ويَقُومُ فِي مَحْضَرِهِ ويَكُونُ مِنَ القَائِمِينَ
ثُمَّ يَقُولُ:
أَيْ رَبِّ هَذَا بَيْتُكَ الَّتِي فِيْهِ هَبَّتْ نَسَمَاتُ جُوْدِكَ وعِنَايَتِكَ وفِيْهَا تَجَلَّيْتَ فِي سِرِّ السِّرِّ بِكُلِّ مَظَاهِرِ أَسْمَائِكَ ومَطَالِعِ صِفَاتِكَ ومَا اطَّلَعَ بِذَلِكَ أَحَدٌ إِلَّا نَفْسُكَ العَلِيمُ أَيْ رَبِّ هَذِهِ بَيْتُكَ الَّتِي مِنْهَا ظَهَرَتْ آيَاتُ فَضْلِكَ عَلَى العَالَمِينَ وفِيْهَا وَرَدَ عَلَيْكَ مَا وَرَدَ مِنَ المُقْبِلِينَ والمُعْرِضِينَ وإِنَّكَ أَنْتَ صَبَرْتْ فِي كُلِّ ذَلِكَ بَعْدَ قُدْرَتِكَ وسُلْطَانِكَ وإِنَّكَ أَنْتَ العَلِيمُ الحَكِيمُ القَادِرُ القَدِيرُ أَيْ رَبِّ هَذَا مَقَامُ الَّذِي فِيْهِ تَمَشَّيِتَ بِقَدَمَيْكَ القَدِيمِ وفِيْهِ رَفَعْتَ صَوْتَكَ ونَغَمَاتِكَ ثُمَّ نِدَائَكَ وتَغَرُّدَاتِكَ البَدِيعِ المَلِيحِ أَيْ رَبِّ هَذَا مَقَامٌ فِيْهِ اسْتَوَيْتَ عَلَى عَرْشِ المُمْكِنَاتِ وتَعَلَّيْتَ فِيْهِ بِسُلْطَانِ قُدْرَتِكَ عَلَى كُلِّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ والأَرَضِينَ أَيْ رَبِّ هَذَا مَقَامُ الَّذِي تَوَجَّهَ فِيْهِ طَرْفُكَ إِلَى شَطْرِ جُوْدِكَ وفِيْهِ تَمَوَّجَتْ أَبْحُرُ القُدْرَةِ فِي كَلِمَتِكَ المُكْنُونِ المَصُونِ الحَفِيظِ أَيْ رَبِّ هَذَا مَقَامُ الَّذِي كَانَ فِيْهِ أَمْرُكَ فِي سِرِّ السِّرِّ ومَا تَحَرَّكَ فِيْهِ شَفَتَاكَ عَلَى مَا أَرَدْتَ وسَتَرْتَ فِيْهِ وَجْهَكَ المُنِيرِ وكُنْتَ فِيْهِ فِي غَيْبِ الغَيْبِ وسِتْرِ السِّتْرِ بِحَيْثُ مَا عَرَفَ نَفْسَكَ أَحَدٌ مِنَ العَالَمِينَ أَيْ رَبِّ هَذِهِ بَيْتُكَ الَّتِي عَرَّوْهَا بَعْدَكَ عِبَادُكَ وغَارُوْا مَا فِيْهَا ونَهَبُوا مَا عَلَيْهَا وبِذَلِكَ هَتَكُوا حُرْمَتَكَ وحَارَبُوا مَعَكَ فِي سِرِّهِم ونَقَضُوا مِيْثَاقَكَ وكَسَّرُوا عَهْدَكَ وأَنْتَ سَتَرْتَ كُلَّ ذَلِكَ وتَجَاوَزْتَ عَنْهُمْ بِعَفْوِكَ البَدِيعِ أَيْ رَبِّ لَا تُعْرِنِي عَنْ جَمِيلِ سِتْرِكَ ولَا تَنْزِعْ عَنِّي بُرْدَ عِنَايَتِكَ وغُفْرَانِكَ ولَا تُبْعِدْنِي عَنْ جِوَارِ رَحْمَتِكَ ولَا تَحْرِمْنِي عَنْ كَوْثَرِ فَضْلِكَ المَنِيعِ أَيْ رَبِّ قَدِّسْنِي عَنْ دُوْنِكَ وقَرِّبْنِي إِلَى نَفْسِكَ وشَرِّفْنِي بِلِقَائِكَ وإِنَّكَ أَنْتَ القَادِرُ العَالِمُ المُدْرِكَ البَاعِثُ المُحْيِي المُمِيْتُ أَيْ رَبِّ وَفِّقْنِي عَلَى مَا أَنْتَ أَرَدْتَهُ لِعِبَادِكَ المُقَرَّبِينَ ثُمَّ قَدِّرْ لِي خَيْرَ مَا قَدَّرْتَهُ لِأَصْفِيَائِكَ المُقَدَّسِينَ
إِذًا يَسْكُنُ فِي نَفْسِهِ ويَسْكُتُ فِي ذَاتِهِ ثُمَّ يَتَوَجَّهُ بِقَلْبِهِ وسَمْعِهِ إِلَى شَطْرِ البَيْتِ إِنْ وَجَدَ رَائِحَةَ اللّهِ وسَمِعَ نِدَائَهُ يُوْقِنُ فِي نَفْسِهِ بِأَنَّ اللهَ كَفَّرَ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وتَجَاوَزَ عَنْهُ وتَابَ عَلَيْهِ ويَشْهَدُ نَفْسَهُ مِثْلَ يَوْمِ الَّذِي وُلِدَ مِنْ أُمِّهِ وإِنْ مَا وَجَدَ رَائِحَةَ اللّهِ العَزِيزِ القَدِيرِ يُكَرِّرِ العَمَلَ فِي هَذَا اليَوْمِ أَوْ فِي يَوْمٍ أُخْرَى إِلَى أَنْ يَجِدَ ويَسْمَعَ وهَذَا مَا قُدِّرَ مِنْ قَلَمِ عِزٍّ حَكِيمٍ عَلَى أَلْوَاحِ قُدْسٍ حَفِيظٍ كَذَلِكَ يَفْتَحُ اللّهُ أَبْوَابَ الفَضْلِ والجُوْدِ عَلَى وَجْهِ السَّمَوَاتِ والأَرْضِ لَعَلَّ النَّاسَ لَا يَمْنَعُونَ أَنْفُسَهُمْ عَنْ رَحْمَةِ اللّهِ وفَيْضِهِ وإِنَّ هَذَا لَهُدَى وذِكْرَى مِنْ لَدُنَّا عَلَى العَالَمِينَ
أن يا حرف الها اسمع ما يناديك اللّه في هذا السّجن ولا تلتفت إلى شيء فتوكّل عليه ثمّ ادخل في شاطئ اسم عظيم * ثمّ اعلم بأنّا لمّا أجبناك من قبل لذا أنصحناك في هذا اللّوح لتستنصح في نفسك وتطّلع بما هو المستور عن أنظر العالمين * فواللّه ما أردنا في ذلك إلّا تنزيهك عن حجبات التّقليد وورودك في هذا الرّضوان الممتنع المنيع ولتشهد الأمور بعينك وتعرف كنز اللّه الأكبر في هذه الكلمة العظيم * قل تاللّه يا قوم ما أنا إلّا عبد اللّه وبهائه وأدعوكم إلى اللّه وبما نزل من عنده وما أريد منكم جزآء وكان اللّه بيني وبينكم لشهيد * إيّاكم أن لا تتعرّضوا بالّذي جائكم بآيات اللّه وحكمه خافوا عن اللّه ثمّ عن حدوده لا تكوننّ من المتجاوزين * أن اتّبعوا ملّة اللّه ودينه ولا تختلفوا فيما نزل عليكم وكونوا من المتّقين * إذا قم يا عبد وتدارك ما فات عنك ليغفرك اللّه بجوده ويلبسك من رداء عزّ كريم * دع الدّنيا وما فيها وعليها في ظلّك ثمّ طيّر في هواء الرّوح ولا تخف من المشركين * أوّلا فانقطع في نفسك ثمّ ادع النّاس بالإنقطاع ليؤثّر قولك في قلوب الغافلين * قدّس نفسك عن الدّنيا ثمّ أمر النّاس بالتّقديس عنها كذلك تغطك الورقاء إن أنت من العاملين * فواللّه يا عبد لو تستنشق هذا القميص الّذي أرسلناه بأيدي المبشّرات من تلك الكلمات لتجد منه رائحة الله العزيز المغني الكريم * وتنقطع عن الملك وما عليه وتدخل مصر الإيقان حين غفلتك عن كلّ من في الأرض أجمعين وتشهد بهذا اللّوح كما شهد اللّه لنفسه بنفسه في جبروت أمره بأنّه لا إله إلّا هو وأنّ عليّا عبده وبهائه على من في السّموات والأرضين وإنّك أنت يا محمّد إذا كمل تبليغك على اسمنا تفحّص هناك لتجد الّذي سمّي بالحبيب ثمّ ذكّره من لدنّا وبشّره من عندنا ليفرح في نفسه ويكون من الفرحين قل يا عبد فاشكر اللّه بما حضرت بين يديه وفزت بلقائه وكنت من الفائزين * ولو إنّك ما عرفته حين الّذي كنت جالسا بين يديه ولكن اللّه قبل عنك طاعتك وقدّر لك في اللّوح أجرا عظيم * فواللّه لو تطّلع بما قدّر لك لتطير من الشّوق ولكن ستر ذلك عنك وعن عيون العالمين لحكمة الّتي كانت في علم ربّك وما اطّلع به أحد إلّا نفسه وهذا تنزيل من لدى اللّه العزيز الجميل * ثمّ ذكّر الأحباب في هناك من كلّ إناث وذكور ومن كلّ صغير وكبير ثمّ ذكّرهم بهذه الأيّام الّتي تغنّ فيها عندليب القدس في آخر أيّامه وتذكّرهم بأذكار قدس منيع * قل يا قوم فانتهوا ما نهيتم عنه ولا تتّعدوا عن حدود اللّه ولا تجاوزوا عمّا أمرتم به في الكتاب اتّقوا اللّه ولا تكوننّ من الخاسرين * ثمّ اجتمعوا على أمر اللّه وكلمته ولا تختلفوا في شيء ولا تشركوا باللّه وكونوا من الموحّدين * كذلك قضينا لكم وللّذين قضى نحبهم وكانوا أمم أمثالكم على أنّه لا إله إلّا هو العزيز الفرد الغالب القدير * وإذا جمعتم على مقاعدكم ذكروا حزننا وبما ورد علينا ثمّ سجننا في هذه الأرض الّتي منعت عن دخولها عبادنا المريدين * ثمّ اعلم يا محمّد إنّا جعلنا هذا اللّوح روحا حيّا حيوانا لتنفخ منه على كلّ أرض ومدينة على قدر ما استطعت عليه لئلّا يمسّك من ضرّ وتعب وإنّك فاعمل بما امرت على قدر طاقتك ولا تتعب نفسك فوق قدرتك وكن في حفظ وسلامة منيع * ثمّ اعلم بأن حضر بين يدينا ورقة من عندك وذكرت فيها أسماء الّذينهم أكرموك في رجوعك عن تلقاء الجمال بأمر اللّه العزيز الغالب العليم الحكيم * وبذلك رضينا عنهم وأثبتنا أسمائهم في لوح الّذي لن يغادر عنه ذرّة من أعمال الخلائق أجمعين ليشكروا اللّه في أنفسهم ويذكروه في أيّامهم ويكوننّ من الشّاكرين * كذلك منّنا عليك وعليهم رحمة من عندنا لهم ولعبادنا الصّالحين ثمّ اشكر اللّه في نفسك بما جعلناك حاملا لهذا الفضل الأكبر وانتخبناك لتبليغه على العالمين * وبذلك منّنا عليك وعلى نفسك وروحك وعلى آبائك إلى أن ينتهي إلى البديع الأوّل وإنّ هذا لفضل مبين * فاعرف شأنك في ذلك وبما سقيناك من خمر الّتي جعلها الله نورا ثمّ روحا ثمّ لذّة للشّاربين * فاثبت فيما أمرت ولا تضيع فيما قدّر لك وإن يمسّك فرح في الأمر فاشكر اللّه بارئك وإن يمسّك من حزن فاصطبر وكن في صبر جميل * إنّ اللّه يوفّي أجور الّذينهم صبروا في جنبه ابتغاء مرضاته وأنّه لا يضيع أجر المحسنين * وإنّا رتّلنا هذا اللّوح أحسن ترتيلا لك ولمن أراد اللّه لنفسه وهذا أحسن الفضل من لدنّا لعبادنا المؤمنين والرّحمة عليك وعلى كلّ من آمن باللّه وبما نزل من عنده في ألواح قدس مبين والحمد للّه ربّ العالمين *