هذا كتاب يذكر فيه ما ألهمني الرّوح وإنّه لتنزيل من الله وآية ذكره للّذينهم أقرّوا بالله وآياته ويهديهم إلى الصّراط ولا يزيد المشركين إلّا خسران مبين وإنّ هذا لصراط الله في السّموات والأرض وكتابه المكنون لمن في ملكوت الأمر والخلق وصحيفة المخزون لمن في جبروت الأبهى ولوح المشهود لمن على الأرض أجمعين وبه تمّت نعمة الله على خلقه ووسعت رحمته العالمين أن يا ملأ الأرض اسمعوا ما يعلّمكم الله في الألواح ولا تتّبعوا سبل الأرذلين أن اعملوا بما أمرتم به في الكتاب ثمّ اجتنبوا سبل المفسدين الّذين إذا وجدونا على سلطنة وإقتدار قالوا آمنّا بالله وبما نّزل عليك وإذا دخلنا السّجن أعرضوا وكفروا وكانوا من المشركين قل الله غالب على خلقه وقاهر فوق بريّته ولن يعزب عن علمه من شيء وإنّه بكلّ نفس رقيب قل أتكفرون بآيات الله بعد الّذي لن يمحو الله آثاره ويذهبنّ ما أوتيتم من الآيات إذا لن تجدن لأنفسكم سبيلا ولا دليل اتّقوا الله يا قوم ولا تكفروا بحجّته الّتي بها عرفتم صراط الله الملك العزيز القدير قل يا قوم إنّا لمّا وجدناكم على غفلة عن أمر الله وحسد في أنفسكم خرجنا عن بينكم وبدّلنا قميصنا لتستريحوا على مقاعدكم ولا ترتكبنّ ما يضيع به حرمة الأمر وإعزازه بين العباد وكذالك كنّا من العالمين وأنتم ما استحييتم في أنفسكم وافتريتم على جمال الرّحمن بما أوحى الشّيطان في أنفسكم وكنتم من المفترين وجرى منكم ومن قلمكم ما تبرّء به عنكم أهل السّموات والأرضين ونسبتموني بكلّ شرّ بعد الّذي جعلني الله مقدّسا عن كلّ الأشياء ومطهّرا عمّا سواه وأرسلني عن مشرق القدس بسلطان مبين قل خافوا عن الله إن لا تؤمنوا به وبمظهر نفسه لا تحاربوا معه وكونوا من المتّقين ولا تنسبوا ما في أنفسكم إلى نفس الله ولا تسلكوا سبل الّذينهم أعرضوا عن مظاهر الأمر وكفروا بهم إلى أن قتلوهم بظلم عظيم
أن يا أهل البها أنتم تجنّبوا عن مثل هؤلاء ولا تتولّوا قوما غضب الله عليهم وأخذهم بقهر من عنده وإنّه لأشدّ المنتقمين أن أسرعوا رضوان الله ورضائه ثمّ استقرّوا مقرّ الآمن من هذا الرّكن الشّديد إيّاكم أن لا تقرّبوا إلى الّذينهم كفروا بكلّ الآيات وكانت أعينهم في غطاء عن ذكري وسمعهم في حجبات عن إصغاء كلماتي المنزل المقدّس البديع قل إنّا لمّا وجدنا أرض القلوب هامدة عن نبات العلم والحكمة إذا أنزلنا من سحاب الفضل ما اهتزّت به وزيّنت وأنبتت من كلّ زوج كريم أن ادخلوا يا ملأ البيان في هذا الرّضوان الّذي ظهر على قطب الجنان ولا تحرموا أنفسكم عمّا قدّر لكم من بدايع علم منيع وما أنا إلّا عبد آمنت بالله وآياته وأذكّركم بما ألهمني الله بفضله وأهديكم سبل المقرّبين فمن آمن به وأقبل إلى الله فلنفسه ومن أعرض فلها وما عليّ إلّا البلاغ المبين
ويا قوم فوالله الّذي لا إله إلّا هو إنّي لأنفقت نفسي وروحي لأمر الله ربّي وربّ العالمين وأرفعنا الأمر إلى مقام الّذي انقطعت عنه أيادي الضّرّاء ثمّ أيدي المشركين كذالك حقّق الله الأمر بكلماته ثمّ بسلطانه وبطل عمل المفسدين وإنّ أخي لمّا ما شهد بأنّ شمس الإطمينان أشرقت عن أفق البيان من هذا الغلام الّذي قام على قطب الأكوان بطراز الرّحمن خرج عن خلف السّتر والكتمان وقام بالمحاربة على جمال السّبحان وكان من المحاربين إلى أن أفتى عليّ بما أمره النّفس والهوى إذا نزّل جنود النّصر عن جهة عرش عظيم وظهرت طلايع الحفظ عن أفق العزّ وحفظني الله بها بالحقّ ونصرني بسلطان القدرة والإقتدار وكان نصره على المحسنين قريب وإنّه لمّا وجد نفسه خائبا عمّا أراد وخاسئا فيما شاء إذا قام بمكر أخرى وبذالك اضطربت كلّ الأسما في ملكوتها وبكت كلّ الوجود من الغيب والشّهود بما ورد على نفسي وكان الله عليه وعليّ شهيد فلمّا وجدناه على ما هو عليه خرجنا عن بينهم وحدة متّكلا على الله المقتدر القدير وإنّه لمّا شهد بأنّ الأمر اشتهر بين الّذينهم آمنوا من هؤلاء المهاجرين كتب إلى البلاد ألواحا وذكر فيها ما ارتكبه في نفسه ليدخل بذالك بغض الغلام في قلوب الأنام فياليت كان مكتفأ بذالك في نفسه ويكون من المستريحين وبعد ذلك اشتكى من الغلام عند كلّ نفس ليشتبه الأمر على العباد وبذالك ضيّع حرمتي وحرمة الله المقتدر العلّي الحكيم
أنتم يا ملأ البيان فانصفوا في أنفسكم وتكلّموا بالصّدق الخالص وكونوا من الصّادقين وقد عاشر معي أكثركم واطّلعتم بسجيّتي هل شهد أحد منّي ما يكدّر به فقد فاز بكلّ الخير ومن أعرض عنهما إنّه لن يذكر عند الله ولا يعده وهذا من عرفان الّذي لن يتغيّر بدوام الله ومن دون ذالك يتغيّر بمشية الله وأمره كذالك نطق الورقاء ثمّ أغرد إيّاكم أن لا تحتجبوا حين الظّهور بشيء عمّا خلق بين السّموات والأرض ولا تكونوا من الّذينهم احتجبوا بحجبات التّحديد وبها منعوا عن مقرّ التّفريد وكانوا ممّن جعل نفسه محروما عن لقاء الله وفرّ عن رحمته ثمّ بعد أن يا أحبّاء الله دعوا كلّ من في السّموات والأرض عن ورائكم أولم يكفكم الله الّذي خلق كلّ شيء بأمر من عنده إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وفي قبضته مقادير كلّ شيء ينزلها على قدر محدّد إنّ الّذينهم كفروا بآيات الله وبرهانه ثمّ بعظمته وسلطانه أولئك لم يكن لهم شأن عند الله فسوف يعذّبهم في عمد ممدّد إن احفظوا يا قوم أنفسكم عن مسّ الشّيطان ومظاهره وإنّهم انتشروا في الأرض وقعدوا على كلّ شيء سبل مرصد أن اعتصموا بفضل الله ورحمته ليحفظكم عن جنود الإعراض إنّه ما من حافظ إلّا هو يحفظ من يشاء بسلطان من عنده وينصر الّذينهم آمنوا بجنود مجنّدة لن يعزب عن علمه من شيء وعنده علم السّموات والأرض وعلم ما كان وما يكون في كتاب رقم بإصبع القضا وما قدّر فيه لا يبيد ولا ينفد
يا قوم آمنوا بالله وآياته وإذا استشرق عليكم شمس البها عن أفق الكبريا في أيّام ربّكم العليّ الأعلى خرّوا بجوهكم سجّدا لله وكونوا ممّن خضع وسجد ثمّ اعلموا بأنّ كلّما أمرتم به في آثار الله وكتابه في عرفان نفسه واتّباع أوامره هذا ما ينتفع به أنفسكم في الآخرة والأولى وإنّه لغنيّ عن كلّ من في السّموات والأرض ومقدّس عن كلّ ما يذكر ويشهد هل خلق في الإمكان شيء أحلى من ذكر ربّكم العليّ الأعلى لا فونفس البها إذا انقطعوا يا قوم عن كلّ الأشياء وآنسوا بذكر الأعظم ولا تمسّكوا بكلّ مشرك كفر بالله ثمّ عند كذالك بينّا لكم الحقّ وفصّلنا لكم الآيات لئلّا تكونن من الّذين اتّخذوا لأنفسهم أمرا واعتكفوا عليه على شأن لو يلقي عليهم الرّوح ما لم يكن عندهم يقومنّ على الإعراض ويكونن ممّن كفر وألحد قل الله يعلّم من يشاء ما يحفظه عن رمي الجهل ويقرّبه إلى معين الحكمة والفضل ليكون ممّن عرف ربّه ثمّ حمد
قل يا قوم تخلّقوا بأخلاق الله ثمّ زيّنوا أنفسكم وهياكلكم بأثواب العلم والآداب ثمّ العفو والإنصاف وكونوا متّحدا على أمر الله وسننه وإذا أوتي أحد شيء في الدّين والدّنيا أنتم فارضوا به ولا تكوننّ من أهل البغي والحسد إنّ الحسد نار يحترق بها الحاسد أوّلا ثمّ الّذينهم يستقربون إليه ولم يكن في الأرض نار أحرّ منها ويوقن بذالك كلّ من اطّلع بما ورد على جمال القدم ثمّ شهد ويا قوم فارضوا بما قضي من لدى الله ثمّ اغتنموا بما نزّل عليكم من سحاب الفضل مائدة العلم ولا تكونوا ممّن عرف نعمة الله ثمّ اجحده تالله قد ورد عليّ من سيوف الحسد ما لا يحصي عدّتها أحد إلّا الله الّذي أحصى كلّ شيء وإنّه لهو العالم بالحقّ يعلم ما يخطر في قلوب العباد وما يخفي صدور الّذينهم كفروا وأشركوا في أزل الآزال إلى أبد الأبد
قدّسوا يا قوم صدوركم عن الغل والحسد ثمّ أنظاركم عن كلّ حجب ورمد لتشهدوا صنع الله الّذي اتقن خلق كلّ شيء في هذا اللّوح المقدّس المطهّر المجد كذالك أشرقت عن أفق التّبيان شمس الحكمة والبيان لتعرفوا سبل الحقّ وتشهدوا في سرّكم وجهركم بأنّه لا إله إلّا هو الواحد الفرد الوتر الأحد الصّمد والرّوح والعزّ والبها عليك وعلى الّذينهم أخذوا كتاب الله بقوّة من عنده وكانوا ممّن ركع وسجد