سورة اسمنا المرسل (سورة المرسل)

حضرة بهاء الله
النسخة العربية الأصلية

سورة اسمنا المرسل – حضرة بهاءالله – آثار قلم اعلى، جلد ٢، ١٥٩ بديع، الصفحات ٦١٦ - ٦٢١

هَذِهِ سُوْرَة إِسْمِنَا المُرْسَل قَد نَزَّلْنَا مِنْ جَبَرُوتِ الفَضْلِ لِيَكُونَ عَلَى العَالَمِينَ بَشِيرًا

﴿ هُوْ ‌الأَبْدَعُ ‌الأَقْدْسُ ‌الأَرْفَعُ ‌الأَبْهَى ﴾

هذا كتب من لدى البهاء إلى من أقرّ باللّه واعترف بسلطانه ثمّ استقرّ على مقرّ قدس رفيع وفيه ما يستقيمه على ما كان إن يسمع ما نزل فيه ولا يمنع أُذن القلب عن إصغاء كلمة اللّه المقتدر العزيز المنيع وقد تجلّى اللّه في هذا اللّوح باسمه المرسل على الممكنات لئلّا يمنع أحد من بدايع ما كنز في هذا الإسم المبارك البديع إنّا جعلنا هذا اللّوح مبدء ظهور هذا الإسم في العالمين ومنه بعثنا الرّسل من قبل الّذي لا قبل له وأرسلناهم إلى العباد أمرا من لدنّا وإنّا كنّا آمرين ونرسلنّ به الرّسل إلى آخر الّذي لا ‌آخر له بقدرة من لدنّا وإنّا كنّا قادرين وكان هذا اللّوح مسطورا من قلم القدرة ومحفوظا خلف حجاب العصمة إذ أظهرناه بالحقّ وبعثناه على أحسن الطّراز في ‌صور هذه الكلمات المشرق المقدّس المنير

أن يا هذا الإسم إنّا جعلناك مظهر رسلنا في ملكوت الأسماء وقدّرنا لك ما لا يحصيه أحد من الخلايق أجمعين وأرفعناك بالحقّ إلى مقام الّذي استظلّ في ظلّك كلّ المرسلين وبك نرسل الرّسل إلى كلّ عوالم من عوالم ربّك وهذا ما قدّرناه لك فضلا من لدنّا لعبادنا العارفين ومن الرّسل من نبعثه بالحقّ ونرسله إلى العباد بكتاب وحجّة مبين ومنهم من أنطقناه بفضل من عندنا وألهمناه حكمة الأمر من لدنّا وإنّا كنّا على كلّ شيء لمقتدر قدير و‌منهم من أوحينا إليه برسل من الملئكة و‌منهم من أنطقنا الرّوح في صدره بربوات قدس بديع و‌منهم من أظهرناه بكلّ ذلك و‌جعلناه مظهر كلّ الأسماء بين الأرض و‌السّماء و‌طهّرناه عن دنس المشركين وأيّدناه بروح الأعظم و‌جعلناه مظهر نفسنا لمن في ملكوت الأمر و‌الخلق و‌قدّرنا له خير العالمين كذلك فضّلنا بعضهم على بعض فضلا من عندي وأنا الفضّال القديم و‌من دون هؤلاء تجلّينا بهذا الإسم على كلّ من في السّموات و‌الأرضين و‌جعلنا هذا الإسم شمسا ليستضيء من أنوارها كلّ الوجود من الغيب و‌الشّهود و‌لا يعرف ذلك إلّا الّذينهم أوتوا بصر الرّوح من لدن عليم حكيم ولن يمنع أحد من تجلّي هذه الشّمس إلّا من يجعل حجابا بينه و‌بين أنوارها كذلك نلقي على العباد ما يقرّبهم إلى كوثر العرفان و‌يستبين سبل العرفان و‌كم من رسل تجلّى عليهم تجلّيات هذه الشّمس و‌لكن في أنفسهم لا يكوننّ من الشّاعرين مثلا إنّ الّذين يذهبون برسائل الملوك إلى الأقطار أولئك رسلا من عندهم وتجلّى عليهم هذا الإسم على شأنهم وعلى قدر تقابلهم لهذه الشّمس المشرق العزيز البديع و‌منهم من يحمل رسالات اللّه في ألواحه و‌لا يفقه في نفسه و‌يكون من الغافلين كما تشهدون إنّ الّذين يسمّون عندهم بالچاپار أولئك في الذّهاب والإياب يحملون آيات اللّه و‌كتابه و‌ينشرونها في الدّيار و‌لكن في أنفسهم يكوننّ من المحتجبين و‌كم منهم لو يطّلعون بذلك لن يقبلوا في أنفسهم و‌لن يحملواها بل يكوننّ من الجاهدين و‌أشرق عليهم تجلّي هذا الإسم حين غفلتهم عنه كذلك أحاط فضل ربّك العالمين و‌إنّا أرسلنا مع هؤلاء في كلّ ذهابهم ما لا يحمله أحد من العارفين فكيف دونهم و‌هذه من خفيّات رحمة ربّهم عليهم وعلى عبادنا المقرّبين أولئك اليوم يذكر أسمائهم عند اللّه ملئكة المرسلات وجعلناهم مبشّرات لعبادنا المريدين وأولئك يكوننّ في هذا الفضل إلى أن يظهر اللّه لهم أعمالهم وعدا من عنده إنّه خير المؤفين فسوف يبعثهم اللّه بسلطانه و‌يعرّفهم مظهر نفسه و‌يبلّغهم إلى فردوس القدس جزاء ما عملوا و‌كانوا من العاملين لن يضيع عند اللّه أجر أحد من عباده و‌إنّه لا يضيع أجر المحسنين و‌إنّا ألهمنا الملوك من قبل بأن يعيّنوا عبادا لهذا الأمر ليظهر منهم ما أراد اللّه في تلك الأيّام من انتشار آثاره كذلك نبيّن لكم قدرة ربّكم لتكوننّ في قدرته لمن الموقنين

أن يا ملوك البيان أنتم فأمروا رسلائكم عند ظهور شمس الإيقان عن مشرق السّبحان بأن يذهبوا بنبأ اللّه وألواحه في كلّ الدّيار ويخبرنّ النّاس بأنوار قدس بديع نبأوا هؤلاء بأن يحملوا آثار اللّه إلى كلّ الأشطار لتهبّ روائح القدس على العالمين وإنّا جعلناكم مظهر سلطنتنا لهذا و‌لعرفان موجدكم حين الظّهور تاللّه هذا خير لكم عن ملك السّموات و‌الأرضين أن ارتقبوا أيّام اللّه لكي تجدونها ثمّ اسعوا بعد استماعكم إلى مقعد القدس مقرّ عرش عظيم تاللّه توجّهكم إلى شطر السّبحان و‌قيامكم بين يدي عرش ربّكم الرّحمن لخير عن عبادة الثّقلين إيّاكم أن لا تحرموا أنفسكم عن فضل تلك الأيّام ثمّ ادخلوا حرم الفردوس جوار رحمة ربّكم الرّحمن الرّحيم تاللّه بذلك يستحكم سلطنتكم و‌يرفع قدركم و‌يعلو ذكركم و‌يثبت أسمائكم على ألواح قدس حفيظ و‌يأخذكم في ذلك الأيّام فضل بارئكم و‌يسلّطكم على من على الأرض أجمعين كذلك أمركم اللّه في هذا اللّوح لئلّا تحتجبوا حين الظّهور بما عندكم من زخارف الأرض و‌لا تمنعوا أنفسكم عمّا هو خير لكم بما خلق بين السّموات و‌الأرضين إن سمعتم نصح اللّه فلأنفسكم فإن أعرضتم فلكم وإنّه لغنيّ عن عباده المحتجبين وأنتم إن لن تفعلوا بما أمرتم به في اللّوح و‌إنّه يرسل ألواحه بيد ملئكة المبشّرين حين غفلتكم عن ذلك كما إنّا نرسلها بأيدي عبادكم حين غفلتكم و‌غفلتهم عنها كذلك كان ربّكم مقتدرا على ما يشاء و‌حاكما على ما يريد لن يمنعه أحد عن سلطانه و‌لن يعجزه شيء عمّا خلق في السّموات و‌الأرض إن أنتم من العارفين كما شهدتم و‌سمعتم كلّ ذلك من مظاهر نفسنا حين الظّهور بحيث كلّما منعوهم مظاهر الظّلم عن سلطانهم و‌قاموا عليهم بالإعراض إنّهم أظهروا بسلطانهم ما أردوا و‌أثبت الأمر بكلماتهم و‌قطع دابر الظّالمين كذلك فصّلنا في هذا اللّوح أسرار الأمر فطوبى لمن يقرئه و‌يتفكّر فيما سطر عليه و‌يخرج ما كنز فيه من لئالي علم منير

أن يا أيّها الملوك في البهاء لا تفعلوا كما فعلوا الملوك بنا في تلك الأيّام و‌منهم ملك العجم الّذي علّق هيكل الأمر في الهواء و‌قتله بظلم بكت عليه كلّ الأشياء ثمّ أهل الفردوس ثمّ أهل ملأ العالين وقتل أنفس معدودات من ذوي قرابتنا و‌غار أموالنا و‌جعل أهلنا أسارى بأيدي الظّالميين و‌حبسني مرّة بعد مرّة تاللّه الحقّ لن يقدر أحد أن يحصي ما ورد عَلَيَّ في السّجن إلّا اللّه المحصي العليم القدير ثمّ بعد ذلك أخرجني مع أهلي عن الدّيار إلى أن أدخلنا العراق بحزن مبين وكنّا فيه إلى أن قام علينا ملك الرّوم و‌دعانا إلى مقرّ سلطنته و‌إذا وردنا عليه جرى علينا ما استفرح به ملك العجم إلى أن دخلنا في هذا السّجن الّذي انقطع فيه عن ذيلنا أيدي المحبّين كذلك فعل بنا و‌لكن إنّا نشكر اللّه بما ورد علينا من محكم قضاياه و‌نحمده على ذلك رجاء ما عنده و‌إنّه لهو الغفّار الرّحيم

أن يا إسمنا المرسل و‌مظاهره إنّا عززناكم وأرفعناكم و‌جعلناكم مظاهرنا في ملكوت الأسماء إيّاكم أن لا يغرّنكم شيء عن بارئكم و‌لا يحجبنّكم ارتفاع ذكركم عن موجدكم خافوا عن اللّه و‌كونوا من المتقيّن

أن يا مرايا هذا الإسم لا تفعلوا بنفسي كما فعلوا المرايا في تلك الأيّام لأنّكم خلقتم بأمري و‌بعثتم بإرادة من قلمي إن أنتم من الشّاعرين هل ينبغي للأشباح بأن تنكر أنوار الشّمس أو تعترض عليها بعد الّذي خلقت بها لا فونفسي المهيمن العزيز القدير و‌إنّ إعراضهم عن الشّمس و‌إعتراضهم عليها كاعتراض الجعل على رائحة المسك و‌كذلك مثّلنا للعباد مثلا لعلّ النّاس كانوا بآيات ربّهم لمن الموقنين و‌من لن يبلّغ نفسه رسالات اللّه ربّه و‌لن يمنعها عن البغي والفحشاء وما نهى عنه في الألواح إنّه لمحروم عن تجلّي هذا الإسم و‌يكون من المحرومين

أن يا أهل البهاء بلّغوا أنفسكم رسالات ربّكم ثمّ بلّغوا العباد ليحيط بكم رسالات اللّه على العالمين إيّاكم أن لا تحرموا أنفسكم عن هذا الفضل الأمنع المنيع وإنّك أنت يا أيّها العبد قم عن رقدك ثمّ بلّغ النّاس بما أمرت من لدن ربّك الرّحمن الرّحيم ولا تنظر إلى أحد ثمّ انظر إلى وجه ربّك العزيز المنير فاكف بربّك عن دونه لتشهد نفسك غنيّا عن العالمين

إنّا نزّلنا هذا الرّضوان وأرسلناه إليك لتفكّر فيه وبما عليه وتشكر ربّك وتكون من الشّاكرين فانقطع عن الدّنيا و‌زخرفها ثمّ استعن باللّه في كلّ الأمور وكن من المتوكّلين ثمّ اجتمع النّاس على أمر ربّك وكن من المحسنين أن اطلع عن أفق اللّسان بصمصام البيان ثمّ غنّ على لحني بين السّموات و‌الأرضين و‌إن وجدت نفسك مخمودا فاشتعل من هذه النّار باسم ربّك المختار لتستجذب بك قلوب الأبرار من عبادنا المقرّبين وإن وجدت نفسك عليلا فاستشف باسمي الشّافي ليستشفي بك كلّ مريض وعليل كذلك قدّرنا لك وأمرناك به لتكون من العالمين وعليك أنوار ربّك باسمي الأبهى وعلى من معك من عبادنا الموقنين

المصادر
المحتوى
المرفقات
Tablet audio
OV