سبحان الّذي يسبّح له كلّ من في السّموات والأرض وإنّه على كلّ شيء محيطا وله يسجد كلّ من في جبروت الأمر والخلق وإنّه بكلّ شيء قديرا وقدّر مقادير كلّ شيء في الألواح وبيّن لعباده ما يقرّبهم إلى جمال عزّ بديعا وأنزل من سماء الأمر آيات العظمة والإقتدار وجعلها برهانا من عنده على العالمين جميعا وأرسل الرّسل على أنّه لا إله إلّا هو وأنّ هذا الغلام لبهائه ثمّ عزّه وكبريائه لمن في السّموات والأرض وكذلك شهد الله بلسان القدرة والقوّة وإنّه على كلّ شيء شهيدا ومنهم من ألهمه بروح الأمين على قلبه ومنهم من نزّل عليه الوحي بإشارات قدس خفيّا ومنهم من نزّل عليه روح القدس على هيكل ملك سويّا ومنهم من كلّم الله معه ظاهرا من دون أن يذكر أحد وقد فقد الفصل وظهر سلطان الوصل من غير إشارة وكيفا ومنهم من أنطقه بنفسه لنفسه وجعله مقدّسا عن تأييد ما سواه فتعالى من هذا الفضل الّذي يعجز عن إدراكه كلّ عارف ذكيّا ومن ادّعى عرفان هذا المقام فقد كذّب في نفسه وكان من المفترين في ألواح الحفظ مكتوبا وما ينسب إلى نفسه تأييدات الرّوح هذا لضعف العباد وإنّه لم يزل كان عن العالمين غنيّا وإنّ روح القدس يؤيّد بأمر من عنده وروح الأمر يطوف في حوله وإنّ هذا أصل الأمر قد نطق به لسان صدق مبينا قل الله قد جعل كلّ الكلمات عرشا لكلمته إذا استوت على الأعراش بسلطان كان على الأمر قويّا قل قد استقرّت سلطان الكلمات على مقاعدها ولا يعلم ذلك إلّا من توجّه إلى ما نزّل عن جهة العرش ببصر طاهر منيرا قل لما تجلّى جمال المعاني المقنّعة الحجيّة المستورة في هذه الكلمةالمنيرة البالغة على طور الكلمات بين الأرضين والسّموات إذا انصعقت كلمات أهل الإشارات وخررن بوجوههنّ على التّراب ورجعن إلى مقرّ كان بالأصل محدودا كذلك أتى ربّ الكلمات على ظلل من المعاني وقضي الأمر من لدن مهيمن قيّوما إنّ الّذينهم كفروا بها أولئك في معزل من القهر وكانوا عبداء لأصنام النّفس والهوى وما كان اليوم أسمائهم لدى العرش مذكورا
قل يا قوم زيّنوا أنفسكم بقميص البرّ والتّقى بين الأرض والسّماء وهذا ما قدّرناه لكم في جبروت البقا من رحمة الّتي كانت على العالمين مسبوقا تالله يا قوم قد تموّج بحر الكبريا باسمي الأبهى عند مطلع النّور من هذا النّور الدّرّيّ البيضا وأنتم لدى مغرب الفنا قد كنتم على السّكر موقوفا أن أسرعوا إلى رضوان الله ورحمته وإنّ رحمته كانت على الفضل مبسوطا قل قد أشرق جمال الله فوق رؤسكم أتمنعون الأبصار عنه إذا يبكي عليكم عيون رحمتي على هذا المقام الّذي كان في أزل الآزال محمودا أن افتحوا أبواب القلوب على وجه ربّكم وإنّه قد كان قائما خلف الباب ويدعوكم بنداء حزينا ويقول يا قوم إنّا خلقنا القلوب لنزول تجلّي أنوارنا أأنتم تسدّون أبوابها على وجه صاحبها وإنّ هذا لظلم قد كان في اللّوح عظيما طهّروا بيتي عن ذكر دوني ليدخل فيه أنوار تجلّياتي لأنّي لن اجتمع مع غيري ولم يزل كنت مقدّسا عن سوائي وكان ذلك في كلّ الألواح من قلم الأمر مرقوما
أن يا عبد فاشكر الله بما نزّل عليك كتاب كان على الحقّ كريما وإنّه لصحيفة الله بين ملأ الإنشاء وكتاب العدل في ملكوت الأسما وزبر القيّم في جبروت الأعلى وسمّي لدى العرش بلوح كان بعصمة الله محفوظا ولن يمسّه إلّا الّذين طهّرهم الله عن ذكر ما سويه وبلّغهم إلى ذروة الفضل مقام قدس محبوبا ومن دون هؤلاء لن يفوز به أحد ولو يقرئه في كلّ الأحيان كذلك جرى الأمر عن جهة الرّحمن وكان الحكم من سحاب هذا الأمر بالفضل منزولا فهنيئا لمن يجد حلاوة ذكر ربّه في هذا اللّوح ويحدث في قلبه نار الّتي كانت في سدرة الرّحمن بإذن الله موقودا إن احفظ يا عبد هذا اللّوح ثمّ اقرئه بربوات أهل الفردوس ليجذبك إلى مقام عزّ منيعا
إيّاكم يا أهل البها لا تسمعوا قول المشركين في هذا الأمر ولا تقطعوا عضد الفضل بأسياف الإعراض وكونوا بجناحين الإنقطاع في هذا الهواء مطيورا ثمّ اشربوا كوثر المعاني من طلعات هذه الكلمات وقولوا سبحان الله الّذي اختصّنا لعرفان نفسه وشرّفنا بحبّه وسقانا خمر الحيوان الّتي كانت بحبّ الله ممزوجا كذلك علّمناك سبل الحقّ وفصّلنا لك الآيات وهديناك إلى فجر الهدى في هذا الصّبح الّذي كان عن جبين الأمر مشهودا والرّحمة الّتي ظهرت عن أفق البقا عليكم يا أهل البها وعلى من معكم من كلّ صغير وكبيرا أن اتّحدوا يا أحبّاء الله على أمره ثمّ اتّبعوا سنن الله ودينه ولا تكوننّ في الأرض جبّارا شقيّا قل اليوم لن يقدر أحد أن يدخل ملكوت الله إلّا بأن ينقطع عن كلّ من في السّموات والأرض ويطهّر نفسه عن إشارات الخلق وكذلك كان الأمر عن جهة العرش مقضيّا زيّنوا أنفسكم بما أراد الله لكم وإنّ هذا لهو المراد إن أنتم به عليما
أن استقيموا على حبّ الله في هذه الأيّام الّتي أخذت صاعقة القهر كلّ من على الأرض إلّا من دخل في ظلّ كان على الحقّ أمينا كذلك نطق الرّوح على أفنان سدرة العرفان من لدن عزيز حميدا قل اليوم لن ينفع أحدا شيء إلّا بعد حبّي وكان الله على ما أقول شهيدا