سورة القهير

حضرة بهاء الله
أصلي عربي

سورة القهير – حضرة بهاءالله

جناب اسم الله القهير

﴿ بسم الله الأعزّ الأمنع الأقدس الأبهى ﴾

هذا كتاب من لدن نقطة الأولى إلى الّذي آمن بالله وآياته ودخل بقعة الرّوح مقرّ الّذي استوى عليه عرش ربّه الرّحمن وسمع ما لا سمعه أحد من العالمين لعلّ يأخذه نفحات الرّوح على شأن لن يقدر أن يسكن على محلّه ويأخذ جذب الجبّار زمام الاختيار عن يده وينطقه ولو بالاضطرار بين السّموات والأرضين ويفتح اللّسان بالبيان وينظر جمال الرّحمن في هذا الجمال الّذي ظهر وأشرق ثمّ لاح وأبرق عن أفق الإمكان بسلطان لائح مبين وأنكروه ملأ البيان ورموا نحوه رمي الشّقاق عن كلّ الجهات بعد الّذي أتاهم على ظلل الكبرياء من سماء عزّ رفيع وأظهر لهم قدرة الله وسلطنته ثمّ أنزل عليهم في كلّ حين ما يحيى به أفئدة الممكنات ثمّ حقايق الموجودات ثمّ هياكل النّبييّن والمرسلين فلمّا شهدوا آثار الله وسلطنته ثمّ ظهور الله وقدرته إذا قاموا على الإعراض ثمّ افناء نفسه العليّ العظيم تالله قد ورد عليّ ما لا ورد على الّذينهم مضوا من قبل وإنّك لو تسمع لتصيح في نفسك وتبكي على هذا المظلوم الّذي بكت عليه عيون أهل ملأ الأعلى ثمّ عيون أهل لجج الحمرا ثمّ عيون العظمة عن خلف سرادق عزّ منيع وإنّك لو تسئل عنهم: يا قوم بأيّ حجّة أعرضتم عن الذي به ظهر أمر الله وسلطانه؟ تسمع منهم كما سمعت من ملأ الفرقان حين الّذي شقّت سماء الأوهام وجاء ربّك المقتدر العزيز العلّام على ظلل من الأنوار باسمه العليّ العظيم بل تجد هؤلاء أشدّ احتجابا عن ملل القبل كلّها لأنّ ظهور قبلي خرق كلّ الحجبات الّتي احتجبوا بها النّاس في كلّ عهد وعصر وكذلك نزل الأمر حينئذ من لسان الله الملك المقتدر العزيز القدير وإنّك لو تسئل من ملأ الفرقان من ربّكم؟ ليقولنّ الله الّذي خلقنا بأمر من عنده ولو تسئل من رسولكم؟ يقولنّ رسول الله الّذي بعثه بالحقّ وجعله خاتم النّبييّن وكذلك يعدّون من بعده أسماء أنت تعرفهم وكذلك يذكرن ويكوننّ من الّذاكرين وكانوا افتخروا بما عندهم على ساير الملل فلمّا ظهر الّذي بأمره ثبت إيمانهم ورفع أمرهم وحقّق دينهم إذا كفروا وكانوا من الكافرين إِذًا تفكّر هل نفعهم ما كان عندهم وتكلّموا عليه في مأتين وستّين بعد الألف؟ لا فونفسي الرّحمن الرّحيم لأنّهم عبدوا أسماء واعتكفوا عليها من دون بيّنة ولا كتاب منير وأتّخذوا الوهم لأنفسهم ربّا من دون الله لأنّهم لو عرفوا الله ما كفروا به في يوم الّذي ظهر كالشمس عن أفق عزّ قديم وكذلك فاعرف ملأ البيان لو تسئل عنهم بأيّ وجه تريدون؟ تسمع كما سمعت من ملأ الفرقان ويعدّون عدّة معدود من الّذينهم خلقوا بقولي المحكم المبرم المتين يفتخرون باسم من الأسما بعد الّذي خلقنا ملكوتها بقولي وكان الله على ذلك شهيد وعليم ومن المعرضين من قال بأنّ الظهور ظهر قريبا وما كان هذا من سنّة الله الّتي قد خلت من قبل قل ويلّ لكم يا ملأ المعرضين أأنتم مقتدرا على الله وأمره؟ أو هو قادر على ما يشاء؟ وأن أعترفتم قدرته وسلطانه هو أظهر نفسه كيف شاء وأراد ولا يسئل عمّا شاء وإنّه لهو الفرد المقتدر العزيز الحكيم قل فويل لكم أنتم تقرّون بألسنكم بأنّه يفعل ما يشاء ولا يسئل عمّا شاء فلمّا ظهر ما أراد بسلطانه إذا تعترضون عليه وتكوننّ من المعرضين

قل يا قوم فانظروا بنفس الأمر وما يظهر من عنده لا بما عندكم وبذلك أمرتم في كلّ الألواح إن أنتم من الموقنبن لأنّه لم يزل كان معروفا بنفسه وما سواه معروف بما حرّك على أسمائهم قلم الله المقتدر العزيز الحكيم يا قوم خافوا عن الله ولا تكفروا بالّذي آمنتم به بعد الّذي جائكم بكلّ الآيات وهذا النّبأ الأعظم العظيم ومن المعرضين من قال بأنّه ادّعى فوق مقامه وكذلك يوازن أمر الله بقسطاس نفسه يزيد وينقص ويكون من الخاسرين وإذا تتلى عليه من آيات الله بنغمات قدس بديع يرفع يده إلى لحاه ثمّ يسودّ وجهه وكذلك تشهد وتكون من الشّاهدين ومنهم من يقول هذه الألواح لن يبق على الأرض ولا هذا الإسم المقتدر المتعالي العليّ العظيم وبذلك يستشفي مرضه ويداوي غلّ صدره ويسكن نار حسده إنّه ما من محيط إلّا هو يعلم خائنة الأعين وما تخفي في صدور المغلّين قل تالله وجدناكم في وهم ما وجدنا شبهه في أمم القبل وكان الله على ما أقول شهيدو عليم قل موتوا بغيظكم تالله الحقّ كلّ إسم يبقى في الأرض هو بأمري لو أنتم من الشّاعرين وكلّ صفة يظهر بين السّموات والأرض فهو بعد إذني كذلك كان الأمر رغمّا لأنفكم يا ملأ المستكبرين وكلّ ذكر يرفع في الأرض ويصعد إلى السّماء هو ذكري العزيز الممتنع المنيع وكلّ السّجود في أيّ ملّة كان هو لجمالي المشرق العزيز المنير

قل إيّاكم يا ملأ البيان لا تقتلوني لأسياف غلّكم تالله هذا لم يكن من عندي بل من لدن عزيز جميل فوالله لو تلتفتون بعين الإنصاف لتجدن عن هذه الكلمات روايح قدس كريم يا قوم لا تشتبهوا الأمر على أنفسكم وأنفس العباد فو الله لن يشتبه نغمات الله بدونها ويشهد بذلك ألسن كلّ عارف بصير وكلّما أصمت في نفسي خوفا منكم ينادي المنادي فوق رأسي وينطق الرّوح في صدري ولذا يظهر منّي ما يكرهه أنفسكم وهويكم يا ملأ المشركين يا قوم لا تأخذوني بذلك لأنّ هذا لم يكن من عندي بل من الّذي أرسلني بالحقّ وجعلني هدى ورحمة للعالمين ويا قوم لا تجعلوا الإختلاف بين النّاس ولا تدحضوا الحقّ بسوء أنفسكم ولا تجادلوا بآيات الله بعد الّذي نزلت بالحقّ ولا تكوننّ من الجاهلين اتّقوا الله يا ملأ البيان هذه آيات الّتي بها احتجّ الله بكم يوم القيمة وبها استقرّ جمال الهويّة على عرش اسم عظيم وبها تمّت حجّة الله في كلّ عهد وعصر وظهر برهانه ثمّ دليله ونوره على العالمين فو الله يا قوم لن افتخر عليكم في شيء من تلقاء نفسي بل من لدن عزيز حكيم ويا قوم لا تظلموني بظلم أنفسكم فاقنعوا بما وردتم على جمالي من دون إذن من لدى الله الملك الحقّ العليّ العليم فو الله يبكي عَلَيَّ عيون الممكنات بما ورد عَلَيَّ من ظلمكم يا ملأ المشركين إذا تبكي البحار بأمواجها والأشجار بأثمارها والأوراق بحركاتها والأنوار بضيائها إن أنتم في أنفسكم لمن المتفكّرين وقد اضطرب كلّ شيء بما ورد عَلَيَّ ويبكي في سرّه إن أنتم من النّاظرين ويا قوم لا تجادلوا معي في آيات الله وإنّها نزلت بأمر من عنده إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قد أخذ الرّوح زمام الاختيار عنّي وينطق كيف يشاء في كلّ أركاني وجوارحي ثمّ حشائي وكبدي وعروقي وعظمي وشعري لو أنتم من العارفين ولو كان الاختيار بيدي أمسكت زمام القلم وما أطلقته ولكن أطلقه الله بأمر من عنده وإنّه لهو العليم الحكيم وأنتم لا تأخذوني بذلك ثمّ ارحموني يا ملأ المشركين تالله إنّه أرسلني في يوم الّذي كان سلطان الأيّام ويطوف في حول كلّ آن منه جبروت الزّمان وملكوت الأكوان فضلا من عنده عليكم إن أنتم من العالمين تالله هذا لهو الّذي ينطق في كلّ شيء بأنّه لا إله إلّا أنا المقتدر العليّ العظيم ولو كان الأمر بيدي ما تحمّلت اذاكم الّتي لن يحملها أهل السّموات والأرضين وكلّما سترت نفسي وكنت صامتا عن الذّكر أظهرني الله بالحقّ ونادى الرّوح فوق رأسي بأن تالله هذا ملك كريم وهذا جمال الله فيكم وظهوره بينكم وضيائه على الخلائق أجمعين ويا قوم فوالله لو كان الأمر بيدي لفررت عنكم إلى قلل الجبال كما فررت منكم أوّل مرّة وأنتم سمعتم وكنتم من الغافلين ولكن أخرج الأمر عن يدي وأياديكم إنّما الأمر بيد الله لا إله إلّا هو المقتدر العزيز المتعالي الغفور الرّحيم يا قوم أن ارحموني ثمّ ارحموا أنفسكم ولا تجادلوا بآيات الله ولا تدحضوا الحقّ بأفواهكم ولا تستهزئوا بحجّة الّتي بها ثبت إيمانكم وظهر عرفانكم وبها تفتخرنّ على ملّة الفرقان ثمّ ملل الأرض من أولي الزّبور والتّورية والإنجيل هل تدحضون ما ثبت به إيمانكم فويل لكم يا معشر الفاسقين وإنّي ما أخاف لنفسي بل على الّذي يأتيكم بعدي بسلطنة وإقتدر عظيم تالله أنتم يا ملأ البيان بعدي لا تبالون في شيء وتفتون على الّذي بحرف منه يبعث الأوّلين والآخرين وتقتلونه وتشربون دمه بل أزيد عن ذلك كما فعلوا أمّة الفرقان بعليّ قبل نبيل تالله أنتم أشدّ قسوة وأعظم شقاوة وإنّه لهو العالم بما في صدوركم ويعلم ما في صدور المغلّين فياليت أنّك أنت يا اسمي كنت معنا في حين الّذي خرج نيّر الآفاق عن شطر العراق وشهدت ما لا اطّلع به أحد من العالمين ورأيت الّذي حارب مع نفسي بعد الّذي أنت تعلم بأنّا حفظناه وربّيناه وعلّمناه وهو في نفسه كان مستورا خلف القناع خوفا من نفسه وإنّا كنّا في مقابلة الأعداء ونصرنا الله وحده إلى أن أظهرنا الأمر بعد الّذي كلّ الملل اجتمعوا على قتلي وأنت سمعت ما جرى عَلَيَّ من جنود المشركين وكنّا في مقابلة الأعداء في أيّام الّتي اضطربت فيها أنفس المحبّين لنفسي ثمّ قلوب العارفين لابتلائي تالله من فعلي تحيّرت ملأ الأعلى ثمّ الّذينهم يطوفنّ في حول عرش ربّك العليّ العظيم فلمّا أشرق جمال الأمر عن أفق العزّ والإقتدار وهبّت روايح العزّ عن شطر ربّك الرّحمن إذا خرجوا الّذينهم كان في قلوبهم ضغن من هذا الغلام كالثّعبان بعد الّذي ينبغي لهم بأن يشكروا الله فيما أيّدهم بالحقّ ونصرهم بهذا الغلام الّذي استقام على الأمر بشأن الّذي نطقت ألسن أهل البقا بأن تبارك الله من هذه الاستقامة الأمنع الأقدس الأعظم البديع فلمّا حفظني الله عمّا أرادوا في سفك دمي ونصرني بجنود الغيب إِذًا قاموا على الحيل والمكر وافتروا عَلَيَّ بكلّ ما استطاعوا عليه وأرادوا بذلك أن يستروا جمال الشّمس بحجبات الكذب والإفتراء وكذلك كانوا من الفاعلين وإنّك لو تفكّر في ضرّي لتنوح في نفسك وتبكي على هذا المظلوم الّذي وقع في بئر البغضا بما اكتسبت أيدي هؤلاء الأشقيا وإذا ينادي هل من ناصر ينصرني بالحقّ ويدفع عنّي شرّ هؤلاء المفترين؟ وهل من منادي ينادي بين السّموات والأرض على هذا الأمر الأبدع البديع؟ ثمّ اعلم بأنّا أجبناك من قَبْلُ وحينئذ وأذكرك في هذا اللّوح بنغمات المجتذبين ليجذبك نغمات الرّوح إلى سدرة المنتهى مقرّ عرش ربّك العليّ الأعلى وينقطعك عن الخلايق أجمعين إنّ الّذي كان في قلبه بغضك أراد أن يقع البغضا بيني وبينك ولكنّ الله أطرده بسلطانه وأشرق شمس الحبّ عن مشرق هذا الوجه المبارك المقدّس العزيز الكريم وأنزل عليك آيات الحبّ وأرسلها إليك ليفرح به فؤادك وتكون من الفرحين

أن يا أيّها العبد المذكور بلسان الله أن أخرق حجبات الوهم بسلطاني وقدرتي ثمّ اطّلع عن أفق البيان بحكمة الله المقتدر العزيز الحكيم ثمّ انفخ ثمّ انفخ في العباد روح الحيوان عمّا ألقاك الله لعلّ يقومنّ عن القبور ويبعثنّ بطراز الله المقتدر المتعالي العليم إيّاك أن لا تخف من أحد ولا تصبر في ذكر ربّك كما صبرت من قبل كذلك ينبغي لشأنك وشأن الّذينهم اتّخذوا إلى ذي العرش سبيل تالله إنّ الدّنيا سيفنى ولا يبقى منها من آثر وما يبقى هو ما قدّر لك من لدن مقضي عليم كذلك علّمك شديد الرّوح حين الّذي استعلى على الممكنات بسلطان العظمة والاستجلال ويستضيء وجهه كالشّمس في قطب الزّوال لتكون من العالمين قل يا قوم أن اعرفوا الله بالله وإنّ هذا مقام الّذي قدّره الله لكم وأنتم إن لن تصلوا إلى هذا المقام لن يذكر أسمائكم عند الله ويرجعنّكم ملئكة القهر إلى أسفل الجحيم أتذكرون المحبوب وتقتلون محبوب العالمين! أتدعون المقصود وتنسون مقصود العارفين! أتقرئون الآيات وتكفرون بمنزلها ومرسلها! فويل لكم يا ملأ الغافلين قل يا قوم طهّروا قلوبكم وأنفسكم من سلسبيل الّذي جرى من كوثر فم ربّكم الرّحمن ولا تمنعوا أنفسكم عنها ولا تكوننّ من المحرومين قل هذا لبحر الله بينكم قد تموّج في ذاته بذاته وما وصل أحد بساحله كيف غمراته إن أنتم من المنصفين إلّا من أيّده الله بسلطانه وأنقطعه عن كلّ من في السّموات والأرضين

قل يا ملأ البها قولوا بسم الله وبالله ثمّ اركبوا على سفينة البقا الّتي جرت على قلزم الكبريا باسم ربّكم العليّ الأعلى تالله من ورد عليها فقد نجى ومن تخلّف فقد غرق ولو يتمسّك بالأوّلين والآخرين قل اليوم لن ينفع أحدا شيء إلّا بأن ينقطع عن كلّ الجهات وتوجّه إلى هذا الشّطر المبارك العزيز الجميل دع الإشارات عن ورائك ثمّ الدّلالات عن يسارك وخذ كلمات الله بقوة وانقطاع ثمّ قدرة عظيم وبلّغ النّاس رسالات ربّك وإنّه يكفيك بالحقّ ويحفظك عن ضرّ الشياطين ثمّ اعلم بأنّ الّذين ما كانوا مقتدرا بأن يتكلّموا تلقاء الوجه إذا كتبوا ألواحا في ردّ الله ومظهر نفسه وكذلك سوّلت لهم أنفسهم وكانوا من الّذينهم اتّبعوا كلّ شيطانا مريد إنّ الّذي أعرض عن الله في سنين القبل وإنّك اطّلعت به وبما ورد على نفسي فلمّا تاب نزعنا عنه قميص العصيان وألبسناه رداء الغفران إلى أن وردنا في هذا السّجن إذا قام على الإعراض بما أمره نفسه وهواه وكان الله على ما أقول شهيد وعليم وإنّا لو نريد أن نفصّل لك ما ارتكب في نفسه لن يكفيه الألواح ولا المداد ولا الأقلام ولا ألسن أهل السّموات والأرضين آمن ثمّ كفر ثمّ تاب وأشرك بالله الّذي خلقه وسوّيه بقول من عنده إنّه ما من إله إلّا هو له الخلق والأمر وكلّ عنده في هذا الكتاب الّذي ظهر بالحقّ ورقم في صدره من إصبع عزّ قديم تالله إنّ هذا لحرم الله في الملأ الأعلى وكعبة القدس في مداين الأسما وحلّ الأمر في ملكوت البقا وبيت الله بين العالمين وبإسمه صعد المشتاقون إلى سدرة الوصال والعاشقون إلى مقرّ العزّ والجمال والمخلصون إلى مقعد الوصل واللّقا والمنقطعون إلى مكمن امن منيع

قل يا قوم اتّقوا الله ولا تجادلوا بالّذي به يرفع نداء المريدين إلى سماء عزّ رفيع وبه يمطر السّحاب وينبت الأرض ويفجّر ينابيع الحكمة والبيان ويفصل كلّ أمر حكيم إيّاكم أن لا تشركوا بالله ولا تكفروا به بعد الّذي جائكم عن مشرق الرّوح بنبأ وبسلطان مبين وأيّدكم على الأمر وبيّن لكم ما يقرّبكم إلى نفسه العليّ العظيم فاعلم يا اسمي بأنّ من النّاس من اعترض على الله وقال إنّه قد ادّعى في كلّ يوم مقاما ثمّ رتبة قل أي فونفس الله الملك المقتدر العليّ العليم إنّا قد أظهرنا نفسنا في كلّ يوم على شأن وسنظهر كيف نشاء في كلّ حين على شأن بديع قل موتوا بغيظكم يا ملأ البغضا أما سمعتم بأنّ الله ربّكم لن يشغله شأن عن شأن وإنّه كان في كلّ حين على شأن بل لو تصعدون إلى سموات العلم لتشهدون كلّ ما خلقناه في كلّ حين على شأن وتكوننّ من العارفين

أن يا اسم المذكور لدى العرش قل لهم يا ملأ البيان نمثل لكم مثلا لعلّ أنتم تجدن رايحة الرّوح عن شطر حكمة ربّكم وتكوننّ من الموقنين لو أن أحد يذهب إلى البحر يأخذ منه قدحا ثمّ أخرى غرفة ثمّ أخرى قطرة هل الختلاف برى في البحر أم في الّذين أخذوا على مقدارهم واستعدادهم؟ إذا فانصفوا يا ملأ الغافلين قل تالله إنّ البحر بحر قي ذاته وإنّ الشّمس شمس في نفسها ومشرق ذاتها يتجلّى على الممكنات على حدّ سواء ولم يزل كانت على حالة واحدة ولا يزال يكون على حالة واحدة ولكن أنتم تعرفون على قدر أبصاركم وأنظاركم طهّروا رمد عيونكم عن حجبات الوهم والهوى لتشهدوها ظاهرا لائحا طالعا مشرقا على العالمين كذلك نزل جنود الحكمة والبيان على سحاب حكمة ربّك الرّحمن لعلّ يأخذن المستضعفين من ملأ البيان إلى منظر السّبحان هذا المقرّ المشرق الدّرّيّ المنير قل تالله إذا نزلت سلطان الكلمات على ظلل الأسماء والصّفات وقضي الأمر من لدن سلطان مقتدر عليّ عظيم وانصعقت كلمات الّذينهم كفروا وأشركوا بالله الّذي خلقهم وكلّ شيء بأمر من عنده وإنّه لهو المقتدر القدير تالله يا اسمي إنّا لو نذكر كلمة لن نحبّ أن نذكرها مرّة أخرى وكان الله على ما أقول شهيد وكلّما كرّرنا الكلمات نريد في كلّ واحدة منهنّ معنى ما اطّلع به أحد إلّا نفسي العليم الخبير فو عمرك لو وجدنا النّاس بالغا ما كرّرنا الكلمات وتشهدن كلّ ما يخرج من قلمي في كلّ حين على شأن بديع وإنّا كلّما نزّلناه من ملكوت العزّة والإقتدار نزّلناه على شأن هذا الخلق ولو وجدناهم على بصيرة منير لنزّلنا عليهم في كلّ حين ما يجعلهم غنيّا عن كلّ من في السّموات والأرضين وعلّمناهم في كلّ يوم من بدايع العلم والحكمة ولكنّ لمّا وجدنا أنفسهم مستأنسا بالوهم والتّقليد لذا ينزل عليهم قلم الأمر ما يليق لشأن هؤلاء الضّعفاء وإنّ هذا لحقّ يقين تالله كلّما أنزلنا من أوّل الّذي لا أوّل له هذا شأن الخلق وشأن الله أعظم من هذا ولو ينزل ما ينبغي لشأنه ينصعق كلّ من في السّموات والأرض وتنعدم أركان الخلايق أجمعين أن استمع ما نزّلناه من قبل على لسان عَلِيٍّ قبل نبيل: (يا قرّة العين لا تجعل يدك مبسوطة على الأمر لأنّ النّاس في سكران من السّرّ وأنّ لك الكرّة بعد هذة الدّورة بالحقّ الأكبر هنالك فاظهر من السّرّ سرّا على قدر سمّ الإبرة في الطّور الأكبر ليموتنّ الطّوريّون في السّيناء عند مطلع رشح من ذلك النّور المهيمن الحمراء بإذن الله الحكيم وهو الله قد كان عليك على الحقّ بالحقّ حفيظا) مع أنّا أخبرنا العباد بظهورنا الأخرى وإظهار السّرّ أقلّ من أن يحصى واماتة الطّوريّون فلمّا أظهرنا نفسنا مرّة أخرى باسم الأبهى وأردنا أن نكشف السّرّ ومن قبل أن أظهرناه انصعقت الطّوريّون كما سمعت وكنت من السّامعين مع ذلك ما تنبّهوا هؤلاء في أنفسهم واعترضوا علينا كيف ينبغي أن يموتن الطّوريّون وكيف يجعل الحلو مرّا والمرات حجرا والأثمار ترابا كذلك بعدوا عن رياض العلم وكانوا من الغافلين قل فويل لكم إنّ الّذين انّخذتموهم لأنفسكم أربابا وتفتخرنّ بهم أولئك علت أسمائهم بما جرى عليهم قلم الله العزيز القدير ورفع ذكرهم بإيمانهم بالله بارئهم فلمّا أعرضوا أخذ عنهم كلّ ما عندهم ولن يقبل عنهم شيء ولو يأتون بعبادة الثّقلين وإنّك فكّر فيما نزّلناه عليك ثمّ في شأن هؤلاء الخلق الّذين يتكلّمون بما لا يستشعرون ضلّوا وأضلّوا النّاس بما أمرهم نفسهم وهويهم وإنّك تجنّب عن هؤلاء وكن في عصمة منيع تالله يا اسمي إنّ النّاس ما طّلعوا بأصل هذا الأمر لأنّا سترناه عنهم بما جرى عليه قلم الحكمة من إصبع عزّ عظيم وإنّا أردنا من قبل حين الّذي كنت حاضرا لدى العرش بأن نكشف لك ما ستر عن عيون الخلايق أجمعين ولكن صبرنا وسترنا إلى أن تمّت ميقات ربّك إذا ظهرت كلمة الله بطراز نفسه المهيمن المقتدر المتعالي العليم الحكيم

قل يا ملأ الغفلاء تالله لهذا الطّير نغمات بعد نغمات ثمّ لحنات بعد لحنات ثمّ ترنّمات بعد ترنّمات ولو يظهر من واحد منها على أقلّ من أن يحصى لينصعقنّ الرّوحيّون ثمّ الطّوريّون ثمّ النّوريّون ثمّ العمائيّون على تراب الغفلة والفنا إلّا من عصمه الله بيد الفضل من هذا الفتى الظّاهر باسم الأبهى في ملكوت الأسما وتنطق كلّ الذّرّات بثناء نفسه بأنّه لا إله إلّا هو قد خلق كلّ شيء بإرادة من عنده ثمّ بذكر من قلمه وكذلك كان سلطان ربّك محيطا على العالمين وإنّك أنت يا عبد طهّر قلبك عن الإشارات ثمّ ناد بندائي بين عبادي ليجذبهم عن أنفسهم وينقطعهم عن الدّلالات ويقرّبهم إلى منبع الفضل والإفضال ويرزقهم من هذه المائدة الأحديّة الأبديّة الإلهيّة ما تجد منه العارفون كلّ اللّذّات كذلك نزل الأمر من جبروت عزّ رفيع قل يا قوم دعوا ما عندكم من كلمات الّتي ينبغي أن يتكلّم بها الصّبيان ثمّ اصغوا كلمة الله الأعظم الأتمّ من هذا الفم الّذي جرى عنه كوثر الحيوان ويحيى به الممكنات إن أنتم من العارفين أن يا قهير اسمع نداء ربّك القهّار عن جهة اسمه المختار ولا تحتجب بالحجب والأستار فاخرج عريا عن كلّ ما سوى الله ثمّ انطق بين الأرض والسّماء بما نادى الرّوح على أفنان سدرة البقاء لعلّ يقومنّ العباد عن غفلة النّفس والهوى ويسرعنّ إلى شاطي عزّ بديع وإنّا سمّيناك قهيرا بلسان ظهور قبلي لتقهّر على المشركين في تلك الأيّام الّتي أعترضوا على الله مالك الأسماء والصّفات وأرادوا أن يقطعوا سدرة المنتهى بسيف الإعراض قل تالله يرتفع هذه السّدرة بماء إعراضكم ولكن أنتم لا تشعرون في أنفسكم وتكوننّ من الغافلين إنّا لم يزل ارتفعنا سدرات الأمر بماء الإعراض والدّم إن أنتم من العالمين إنّك أنت فاقهر على الّذينهم كفروا ولا تخف من أحد فتوكّل على ربّك الرّحمن ليحفظك عن الّذينهم ظلموا من ملأ البيان وينصرك بجنود لن تروها إنّا كنّا قتدرين وكلّما تريد أن تنصر ربّك يؤيّدك روح الأعظم بأمر من لدنّا أن استقم ولا تضطرب وكن من الثّابتين

تالله يا قهير إنّ نقطة البيان حينئذ من رفيق الأبهى يشهد ملأ البيان في سوء حالهم ويناديهم في كلّ آن ويقول أفّ لكم وبما فعلتم وارتكبتم وعلمتم وعملتم وعرفتم أما وصّيناكم في كلّ الألواح بأن يا قوم إذا آتاكم جمال القدم لا تتعرّضوا عليه ولا تتمسّكوا في عرفانه بشيء! وأنتم فعلتم ما لا فعل ملّة الفرقان بنفسي ولا ملة الإنجيل بمحمّد رسول الله ولا ملّة التّورية بإبني فسحقا لكم يا معشر الظّالمين أتمسّكتم بالّذي نزّلنا في حقّه بأنّ كلّما تغنّيت تغنّى ديك من ديك العما وكلّما ترنّيت ترنّى نحل من نحل السّنا وأعرضتم عن الّذي يطوفنّ العما بكينونتها وذاتيّتها وسرّها وجهرها وظاهرها وباطنها وديوكها ونحولها وطيورها في حول ورقة من أوراق شجرة الّتي غرست على فناء هذا الباب الّذي ينطق الرّوح تلقائه بأنّ تالله هذا لرضوان الّذي ما اطّلع أحد بما فيه من ظهورات الله وعظمته وشئونات الله وسلطنته ويطوفنّ في حوله حقايق النّبييّن والمرسلين في كلّ بكور وأصيل تالله يا ملأ البيان قد فعلتم ما لا فعل اليهود ولا المجوس ولا ملأ الفرقان ولا ملل القبل من أوّل الّذي لا أوّل له وأنتم تفرحون قي أنفسكم وتكوننّ من الفرحين فسوف يأخذكم عذاب الله من كلّ الجهات ولا تجدنّ لأنفسكم من ملجأ ولا من معين ولا من ناصر ولا من عاصم ولا من حافظ ولا من دليل أتّخذتم أمر الله هزؤا أو سخريا في أنفسكم تقرئون كلمات الصّبيان وتفتخرون بها وإذا يتلو عليكم أحد كلمات بحرف منها خلقت السّموات والأرض تنظرون إليه نظر المغشي ويأخذكم غبرة الجحيم خافوا عن الله يا قوم ثمّ توبوا واستغفروا ثمّ استرجعوا إلى الله الّذي خلقكم لهذا اليوم لعلّ يكفّر عنكم سيّئاتكم ويغفّر جريراتكم إنّه لهو الغفور الرّحيم وإنّك اسمع قولي ثمّ استنصح بنصح ربّك تالله ما نطق البها إلّا حبّا لنفسك أن احفظ نفسك وروحك وذاتك وكينونتك عن هؤلاء الّذين يلعبون بالطّين

كذلك أمرناك ونزّلنا عليك ما يجعلك غنيّا عن دوني وتكون على استقامة منيع والبهاء عليك وعلى من معك وعلى من أحبّك في الله ربّك ويسمع قولك في هذا الأمر الّذي منه اقشعرّت جلود المشركين والحمد لمحبوب العارفين ومقصود العالمين

المصادر
المحتوى
OV